صحيفة الحقيقة العدد”393″:القول السديد :دروس من خطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله بمناسبة جمعة رجب

 

القول السديد

إن إيماننا يفرض علينا أن نكون أحراراً وأن نكون أعزاءً، أن نواجه التحديات والأخطار بكل عز وبكل إباء وبكل شرف وبكل رجولة، وأن لا نستكين ولا نجبن ولا نخضع ولا نخنع ولا نركع إلا لله سُبْحَـانُـهُ وَتَعَالَى..

الإيمان نور.. وعي وبصيرة

عندما نعود إلى جانب من جوانب هذا الانتماء الإيماني في إطار هذه العلاقة بالله -سبحانه وتعالى- وهو يتجه إلى جانب مهم جدًّا من أهم الجوانب على الإطلاق: هو جانب الوعي، والبصيرة، والنور، القرآن الكريم يؤكِّد لنا هذه الحقيقة كواحدةٍ من أهم ما نستفيده من إيماننا بمفهومه القرآني، بمنظومته المتكاملة كما كررت كثيراً، الله -جلَّ شأنه- قال في كتابه الكريم: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة: 257]، الله -جلَّ شأنه- قال في كتابه المبارك: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[الحديد: من الآية9]، هو -جلَّ شأنه- من قال عن كتابه: {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: من الآية57]، هكذا يعبِّر عنه في كل أثره- {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[النمل: الآية2]– أثره وفائدته وأهميته بما يمثله للمؤمنين من كتاب ككتاب هداية، {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، هُدًى يهتدون به، هو بالنسبة لهم مفاهيم، فكر، ثقافة، هو بالنسبة لهم هداية بكل ما تعنيه، وإرشاد إلى كل خير، إلى كل حكمة، إلى ما يحقق رضا الله -سبحانه وتعالى- إلى ما فيه الخير، إلى ما فيه الفوز، إلى ما فيه النصر، إلى ما فيه الفلاح، إلى ما به السعادة… إلى غير ذلك من العناوين المهمة بالنسبة لهذا الإنسان.

فنجد هذا الإيمان عنصر قوة، الأمة اليوم وهي تواجه الكثير من الفتن والمشاكل والتحديات والمخاطر في أول ما تحتاج إليه الوعي، الحاجة الملحة، الحاجة الماسَّة جدًّا إلى الوعي، عندما تتوفر كل هذه العناصر: النور في كل ما يعنيه من وعيٍ، وبصيرةٍ، وفهمٍ صحيح، وثقافةٍ صحيحة، وفكرةٍ سليمة، ورؤيةٍ صحيحةٍ وسليمة، والعزة، والرحمة، والكرامة، وتلك القيم، وتلك المبادئ، وذلك الاستقلال، وتلك القوة المعنوية، وذلك التوجه لبناء حضارة صحيحة بكل تلك القيم التي تتحول إلى ممارسة عملية، بل حتى إلى عادات وتقاليد ونمط حياة، وسلوك يعيشه الإنسان استناداً إلى تلك القيم، انطلاقاً من تلك الأخلاق، تجسيداً لتلك المبادئ، هذا- في نهاية المطاف- يمثل عاملاً مهماً لإنقاذنا، للحفاظ علينا، لتماسكنا.

النتيجة الحتمية لفقدان الهوية الإيمانية

نحن في هذا العصر كأمةٍ مسلمة إذا فقدنا هويتنا الإيمانية، فالنتيجة الحتمية المؤكدة هي الضياع، لا يحمي لنا كأمةٍ مسلمة كياننا ووجودنا كأمة، ويحفظ لنا وجودنا كأمة، ويحمينا كأمة، ويدفع عنا المخاطر والتحديات التي نعيشها كأمة، إلا الحفاظ على هذه الهوية، إلا الالتزام بهذا الانتماء بمفهومه الصحيح، والتمسك به بمفهومه الصحيح، وتنقية واقعنا حتى يتطابق مع هذا المفهوم بشكله الصحيح، هذا شيءٌ نحتاج إليه، حالة الاستهداف وما يمتلكه أعداؤنا من إمكانات تؤثر على الكثير من أبنائنا في كل شؤون حياتهم، إمكانات إعلامية هائلة، إمكانيات للغزو الثقافي والفكري، وللتضليل وللإفساد، تؤثر على الكثير من أبناء أمتنا في مفاهيمهم، في ثقافاتهم، في تفكيرهم، وحتى في نمط حياتهم، وفي سلوكهم، وفي أعمالهم؛ ثم بالتالي في واقعهم، حالة خطيرة جدًّا، حالة تساعد العدو على أن يسيطر علينا.

العدو إذا سيطر على أفكارنا، العدو إذا سيطر على مفاهيمنا، العدو إذا أثَّر علينا في سلوكياتنا وحياتنا وعاداتنا وتقاليدنا، العدو إذا تغلغل إلى واقع حياتنا وأصبح متحكماً بتفكيرنا وبسلوكياتنا وأعمالنا؛ حينها سيكون- بلا شك- مسيطراً علينا، ومتحكماً بنا، ومسيطراً على واقعنا بشكلٍ تام، حينها نضيع، نصبح أمةً مستغلة، وهل العدو يريد لنا الخير؟ |لا| هم كما قال الله عنهم: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران: من الآية119]، هم كما قال الله تعالى عنهم: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: من الآية105]، لو استطاعوا أن يقطعوا عنا حتى الأكسجين في هذه الدنيا لأوقفوه عنا وقطعوه عنا، لو استطاعوا لحجبوا عنا نور الشمس، لو استطاعوا لسلبوا منَّا كل خيرٍ حتى من الله، فكيف يمكن أن يريدوا لنا الخير من أنفسهم ومن عندهم، كل سياساتهم، كل برامجهم، كل توجهاتهم التي يستهدفوننا بها هي تصب في اتجاهٍ واحد، ولتحقيق هدفٍ واحد: هو السيطرة التامة علينا، عندما يسيطرون على الأفكار، على الثقافات، على المفاهيم، حتى على نمط الحياة، والبعض يندهش لهم، يتأثر بهم، ينبهر بهم، ثم يسعى لتقليدهم، ثم يتقبل كل ما هو آتٍ من عندهم، وهو في هذه الحالة يصبح تحت سيطرتهم، السيطرة عليه تحققت بشكلٍ تلقائي، في مثل هذه الحالة نعيش حالة الضياع، لا نستطيع حتى أن نبني لنا حضارة إذا فقدنا هويتنا الإيمانية؛ لأنهم لا يريدون لنا أن نكون أمةً قوية، لا يريدون لنا أن نكون حتى في واقعنا الاقتصادي أمةً قويةً في اقتصادها، متمكنةً في اقتصادها، انظروا حتى إلى أولئك الذين يوالونهم ويقفون في صفهم ما هو حالهم؟ ما هو وضعهم الاقتصادي؟

.

اليمن في ظل ترسخ الهوية الإيمانية

لاحظوا، بقدر ما بقي لنا من هذه الهوية، واستفادتنا الكبيرة منه في مواجهة هذا العدوان الذي نعاني منه، العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الإسرائيلي الغاشم، عندما نعود إلى أهم عامل لتماسك شعبنا في مواجهة هذا العدان، بالرغم من حجم هذا العدوان، أقول لكم بكل ثقة، بكل يقين: أن أهم عامل هو الانتماء الإيماني، وما بقي لنا في هويتنا الإيمانية، ما بقي لنا من آثار إيجابية معنوية ونفسية وعملية، من أثر على المستوى الاجتماعي، هو الذي مثَّل عامل قوة، هو الذي جعلنا نطمئن ونثق بالله -سبحانه وتعالى- ونعتمد على الله -سبحانه وتعالى- كشعب في مواجهة هذه التحديات وهذا العدوان بالرغم من الظروف الصعبة.

ولاحظوا، في ظل هذا التوجه الذي عليه شعبنا حالياً، في ترسيخ هذه الهوية الإيمانية، في الانطلاقة على أساس هذه المنظومة المهمة من المبادئ والقيم والأخلاق والتعليمات الإيمانية، كيف نزداد قوةً يوماً بعد يوم بالرغم من حجم إمكانات أعدائنا الهائل، بالرغم مما يمتلكونه، بالرغم من مستوى هذه التحديات والأخطار، بالرغم من حجم الصعوبات؛ إلا أننا نرى في الهوية الإيمانية في منظومتها المتكاملة، في مبادئها وقيمها وأخلاقها وأسسها، عامل قوة يبنينا بالفعل، حتى يبني قدراتنا العسكرية.

في الماضي والنظام السابق في هذا البلد كان يحرص على أن ينافس الآخرين في الولاء لأمريكا، ويتقرب إلى أمريكا، ويتودد إلى أمريكا، ويقدم نفسه كحليف لأمريكا، وموالٍ ولاءً تاماً لأمريكا، ثم ما الذي حدث؟ هل حل هذا المشاكل الاقتصادية في البلاد؟ أم أنها تفاقمت مع ذلك؟ هل رسَّخ أمناً واستقراراً في البلاد؟ أم أن المشاكل الأمنية تفاقمت؟ سواءً النظام ما قبل المبادرة الخليجية، أو النظام ما بعد المبادرة الخليجية، ما قبل وما بعد المبادرة الخليجية الحالة الرسمية في البلد كانت قائمةً في سياستها على أساس الولاء لأمريكا، وعلى أساس الاستجابة التامة لأمريكا في كل ما تريده أمريكا، وفي كل ما تطلبه أمريكا، وفي كل ما تحدده لهم أمريكا، لدرجة أن كان السفير الأمريكي في صنعاء هو المسؤول الأول فوق الرئيس، فوق أي مسؤول في هذا البلد، تتنافس السلطة والأحزاب في التودد إليه، في أخذ المكاسب والتنافس على المكاسب السياسية بالاعتماد عليه، يرون فيه القوة الأكبر، ويتعاملون معه باستجابةٍ تامة [ المادة مقتبسة من خطابات السيد عبد الملك بمناسبة جمعة رجب]

قد يعجبك ايضا