صفحات عز من تأريخ أبطال الجيش واللجان الشعبية يكتبها الدكتور /مصباح الهمداني

حقل ومصفاة الشيبة!

لا أجدُ شيئًا يمكن التعبير عنه وأنتم تقرؤون العنوان إلا أن أقول لنفسي ولكم؛ فلنرفعِ الرؤوسَ عاليًا كيمنيين أولاً وعربٍ ثانيًا وكمسلمين ثالثًا، وكأحرارٍ رابعًا، وكمستضعفين خامسًا، وأن نسجد لله شكرا، ونسبحه بكرةً وأصيلا…

أن تنطلقَ عشرُ طائرات؛ قاطعةً مسافة أكثر من ألف كيلومتر، فهذه لوحدها معجزة، وأن تنزل بكل حمولتها في حقل ومصفاة الشيبة فهذه معجزة أخرى، وأن تعمى عنها أبصار الأمريكان والصهاينة، وبصيرة الأذيال السعاودة؛ فهذه معجزة ثالثة…

حقل الشيبة يا أعزاء؛ هو حقلٌ متنازع عليه؛ بين السعودية والإمارات، ويقع على حدود الدويلة، ولا يبعد عن منفذ الغويفات إلا خمسة كيلومترات تقريبًا، لكنَّ السعودية أخذته بالقوة، وقامت الإمارات في 2009 بطباعة بطاقات الهوية لمواطنيها والوافدين، ورسمت خريطتها على البطاقات وأدخلت في الخريطة حقل الشيبة، فجُن جُنون المملكة السعودية يومها، وتم استدعاء شيوخ أبوظبي إلى الرياض؛ وإهانتهم بشكل كبير من قبل نايف عبد العزيز والذي كان يومها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وتم إيقاف تلك البطاقات وسحبها وحذف الخريطة..

وقبل ذلك التاريخ أي في عام 2005 قامت الإمارات بعقد اتفاق مع قطر لمد جسر بحري بينهما بعد موافقة السعودية، لكن المملكة أفشلت المشروع وغيرت رأيها، وهددت دويلة الإمارات بالاجتياح إن تم تنفيذ المشروع، فصمتت الدويلة على مضض.

ويُعد حقل الشيبة من أغنى الحقول النفطية والذي يصل انتاجه اليومي حوالي نصف مليون برميل، ويقدر الاحتياطي فيه بخمسة عشر مليار وسبعمائة ألف برميل.

إنَّ وصول الطائرات إلى هذا الموقع الحساس والهام، والذي تصفه صحيفة الجارديان “بمنجم الذهب” يُعد انتصارًا كبيرًا في عالم التقنيات قبل أن يكون انتصارًا بالمقياس العسكري.

ألف كيلومتر، تتحرك فيه سربٌ من عشر طائرات يمنية، دونَ أن يعترضها أحد، أو يشعر بمسيرها رادار، ودون أن يُرحِّبَ بها باتريوت واحد، لهو أمرٌ يثير الجنون في رأسِ نتنياهو قبل ترامب، وفي أوردة ابن سلمان قبل شرايين ابن زايد…

ستربكهم العملية أيما إرباك، وسترفع بينهم منسوبَ الشك والريبة، وسيتبادلون التُهم الصامتة، وسيُفكر ابن سلمان في خيانة ابن زايد المؤكدة، وسيَرمي التهمة ابن زايد على قطَر، وسيجول سوء الظن مع القرائن، وسيبدأ بنو سعود بتقليب أوراق الحدود منذ 1974 وحتى 2009 ومرورًا ب2005 وسيراجعون التسجيلات والتهديدات ورفض الإمارات استضافة السعودية لمقر المصرف الخليجي وإفشال المشروع بشكل نهائي…

سيقول البعض منكم؛ لماذا أدخلتنا في هذه المتاهة فيما بينهم، وأفسدتَ علينا روح الفرحة، وبُشرى الضربة، وشموخَ النجاح؟

والحقيقة التي يعلمها العالمون ببواطن الأمور؛ أن ضرب حقل الشيبة بهذا الكم من الطائرات، وفي هذا المكان الحساس، وفي هذه الظروف الملتهبة بين نعلي ترامب؛ إنما سيُشعِلُ حرائقًا كبيرة، وسينبشُ قبورًا مدفونة، وسيُدحرجُ رؤوسًا ضخمة…

وفوق بُشرى حرائق مكائن وخزانات وآبار النفط، ستشتعلُ حرائق كُبرى تلتهمُ اقتصاد المملكة العجوز، ودويلة الساحل المتعرية، وما إشعال حقل الشيبة إلاَّ نزع اللباس الأخير من أجساد العملاء الثمانية!

شُكرًا لسيدنا القائد، وقد حذَّر الإمارات وأنذر المملكة!

وها هما يشاهدان عملية الردع الأولى؛

تلتهمُ ذراع المملكة الأبعَدْ في حقل ومصفاة الشيبة…

وتدفئ حقول الأمارات في المرفأ والرويس الكبيرة، وترشُّ بعض الرذاذ الساخن على خط أنبوب حبشان الفجيرة!

وسلام اللهُ على قواتنا الجوية، وعلى العظماء المجهولين في كل وِجهة،

وفي كل معملٍ ومصنعٍ وجبهة!

ثاقب وفاطر!

ليسَ هُناك ما هو أقوى من الأيَّام لكشف اللئام، وتمييز الحثالة من الكرام، ولم يعد المرتزقة بحاجةٍ إلى سؤالنا “ما هو مشروع الحوثي؟” ولم يعُد من المُفيد أن نسألهُم “ماذا يُريد التحالف؟” فلقَد كشفت لنا ولهُم السنوات كل الخافيات، وأضحى اللعب على المكشوف، وبات أغبى الأغبياء من يتعامى عن الحقيقة.

اليوم أصبحَ مشروع التحالف هو التشرذُم والتقسيم، وتجزيئ المُجزأ، وضرب النعال بعضها ببعض، وجلب اليمنيين كمرتزقة لحماية حدوده، ولطم حثالات حزب الإصلاح، بأرخص أدوات الأوساخ، واستبان المخفي، فلم يكُن اسم الشرعية إلا غطاء، لاحتلال الجزر والموانئ والنفط بدهاء، وغدَا التحالف يضربُ مرتزقته ببعضهم، ويتلذذ بسفك الدم اليمني في عدن وأبين وشبوة، وغدًا في حضرموت ومارب، علاوةً على الجثث المنسية المتراكمة في حدوده الجنوبية.

غبيٌ جدًا من لم يفهم اللعبة جيدًا، وغبيٌ جدًا من يظُن أن لهُ قدرًا وقيمة عند السعودية أو الإمارات، وغبيٌ جدًا من يظُن أن هناكَ خلافٌ بين الدولتين على سفك الدم اليمني…

لربما يكون هناكَ اختلاف في وجهات النظر بين الإمارات والمملكة على كيفية ذبح اليمنيين وإدخال الفتنة العميقة إلى أعماق أعماقهم، إلى أصقاع أرضهم، إلى مرحلة اللاعودة، إلى دس الحقد في كل عرق وجنس ولون ومنطقة.

أغبياءٌ جدًا أولئك القابعُون في فنادق الرياض، وهم يتفرجون على أسوأ سيناريو يُبيدْ أنصارهُم، ويسلبُ أرضهُم، ويُخجل أحفاد أحفادهم…

وبالمُقابل كُنَّا على بينة منذ الوهلة الأولى، وبصيرة تامة منذ اليوم الأول، فقد كان قائدنا العلَم؛ صادقًا في قوله، شجاعًا في فعله، مقدامًا في معاركه، واضح الرؤية، قوي الحُجة، واثقُ الخطوة، رسمَ طريق العزة بعزم، وقادَ الأمة بحزم، والتفَّ الناس حوله، لمواجهة أعتى قوة، فما زادتنا الأيام والسنوات إلا التحاما، وما زادنا الحصارُ والحربُ إلا معرفةً وعرفانا، وكم راهنت أمريكا وأذيالها على الفُرقة، ولكنَّ رهاناتها خابت وخسرت، وأصبحت الملايين من كل القرى والمدن والسهول؛ تلتحمُ بقائدها القدوة التحامًا يُحير العقول.

وكم راهنتْ امريكا على نفاد مخزون الرصاص؛ ففاجأها اليمنيون الأحرار بصناعاتٍ حربية تتجاوز الطلقات، بمئات الخطوات، وآخر الصناعات المُحيرة للعقول الأمريكية هي صواريخ ثاقب وفاطر، والتي ما إن تم تفعيلها؛ حتى أُصيبَ الأمريكي بالجنون، والهذيان، ولم يكَد يُصدِّق حتى شاهَدَ بنفسه طائراته الحديثة المتطورة؛ تتساقط كالفراش، وتلجأ بعضٌ منها لإطلاق البالونات الحرارية لكي تنجو بنفسها من صواريخ ثاقب وفاطر اليمنيان، لم يكُن يخطُر ببال أمريكا أن أحدًا فوق هذا الكوكب يستطيع إسقاط طائرته( إم كيو تسعة )بهذه المهارة والدقة والسرعة، ولقد رأى العدو الصواريخ اليمنية وهي تلاحق الأباتشي، وتعترض طائرات air tractor

وتُسقط طائرات ch4

وطائرات wing long

لقد بدأت منظومتي ثاقب وفاطر في التصدي لطائرات إف15 وإف16 وميراج وتايفون وإجبارها على الهروب بعد إطلاقها بالونات حرارية.

وهكذا تتجلى الصورة النهائية؛ ونجدُ قيادتنا هي القيادة اليمنية الإيمانية الأصيلة؛ والتي لا يختفُ عليها اثنان، وبكلمةٍ واحدة من قائدنا السيد العَلم تقفُ الجبهات وتقعُد ولا يتخلف ولا يختلف عن أمره أحد…

بينما رأينا العجَب وما زلنا نرى العجائب مما أخرجه التحالف الشيطاني من فرقةٍ وشتات بين مرتزقته، ومن قتلٍ واختلاف بين نعاله، ومن تشرذمٍ وتشظي بين أذياله…

ولقد عُدتُ إلى حديثٍ للسيد القائد في بداية العدوان، وهو يرسم الطريق ويحدد ملامح المستقبل، ويُخبرنا منذ الأيام الأولى بأن التحالف الشيطاني سيحمل التشرذم والتقسيم والفتنة والفوضى، ووعدنا بالصبر والعمل والجد والمواجهة والعطاء، وأنَّ الصبر سيعقبه النصر، وأن الشدة سيعقبها الفرج، وقد صدقنا ما وعدَنَا ورأينا أفعاله تسبقُ أقواله، فهل صدقَكُم التحالف أيها المرتزقة في وعوده، وهل ترونَ أين أوصلكم بإماراته ومؤامراته، وهل آن لكم أن تراجعوا أنفسكم وتنقذوا أتباعكم من الركلة الأخيرة في مستنقع الغرق والخيانة، فما تزال سفينة الوطن قادرة على إنقاذكم من ورطتكم التي لا نهاية لها ولا مخرجَ منها…

“وما النصرُ إلا من عند الله”

عشرة صواريخ!

—————

لم يكُن اليوم في مقاييس الحرب إلا زلزالاً مدمرًا، وكابوسًا مرعبًا، ليس لمملكة العائلة السعودية فحسب، وإنما لأمهم ومالكة أمرهم أمريكا…

دعونا نتوقف بكل هدوء وتعُقُّل، ونراقب شريط الأحداث بتأمل…

في الصباح الباكر يستفتحُ سلاح الطيران المُسيَّر يومه، ويستهدفُ مطار أبها، وقاعدة الملك خالد بعسير، وبعدَ تلك الضربات اليمنية المُسددة؛ تُطلقُ القواعد العسكرية الأمريكية والسعودية؛ صواريخها من الأرض على كل طائرٍ يطير، وعلى كل كيس فارغ في الهواء، ثم تنطلق الطائرات الأمريكية والإسرائيلية لتملأ الأجواء، وتبحثَ عن طائرةٍ هُنا او طائرٍ هُناك، وترصد الأرض شبرًا شبرا علَّها تجدُ أثرًا لمرابض الطائرات المُسيرة، أو إشارةً للتكنولوجيا اليمنية المُحيرة، ولم تكَدْ تمر ثمان ساعات؛

حتى جاءت المفاجأة الثانية من نجران، وصعدَتْ ألسنة اللهب في العدة والعتاد، وهي تُسابقُ استغاثات الضباط والجنود، من العبيد والأسياد، كان الصاروخ الجديد نكال؛ ينكل بهم في شراهة ونهَمْ، وأحرقَ أجسادهم وعدتهم وعتادهم، ولَم يكَدْ ناطق المملكة يمسحُ ماكياجه، ويتوقف عن هذيانه وهياجه، وأكاذيبه وادعاءاته؛

حتى عاد الطيران المسير من جديد؛ ليجدد ضرب القاعدة في عسير، ويُشعل في قاعدة الملك خالد الجوية؛ شُعلةً كبيرة ذهبية، تترافقُ معها أصوات انفجاراتٍ حية، سمعها الغريب وأصحاب التابعيَّة، والصدمة الكُبرى، والفاجعة العظمى؛

أن طائرات أمريكا الحديثة، وطائرات إسرائيل الخبيثة؛ لم ترصُد إلا الحرائق، ولم تُشاهِد إلا البوائق، ولم تُقدم لمملكة بني سعود؛ إلاَّ الوهم والوعود، والحلب عند كل طلعةٍ ووقود.

وبينما يحاول العملاء وأسيادهم إطفاء القاعدة الجوية، ودفن الفضيحة العسكرية، وقبلَ أن يجف عرقُ عمال الإطفاء، من الأجانب والحقراء، وبعدَ ساعةٍ بالضبط، جاءت الضربة الكبرى، والقاصمة العظمى، والتي تحدث لأول مرة، منذ الحرب القذرة…

عشرة صواريخ دفعة واحدة؛ تنطلقُ من الأرض السعيدة، لتدك مطار جيزان، ومواقع الغدر والبهتان، ومرابض الطائرات، ووكر ضباط الولايات، ومواقع عسكرية أخرى…

صدقوني لو أنَّ العشرة الصواريخ انطلقت فجأة وبلا مقدمات؛ لقلنا أنها ضربةٌ مسددةٌ مباغتة، ولكن أن تنطلق هذه الحُزمة من الصواريخ المسددة، بعد يومٍ مليء بضربات الطيران المسدد وصاروخ نكال، فإنها معجزةٌ كبيرة، وحالةٌ متقدمة مثيرة، لأنَّ العدو يأخذُ حذره بعدَ كل ضربة فما بالكم بثلاث ضربات سبقت هذه الزخَّات…

سيتساءل المتسعودون بحرقة؛

كيف استطاع اليمنيون أن يضربوا ضربتهم الأولى والثانية والثالثة ثم القاصمة ولم تتمكنوا من صدِّ واحدة؟

سيرتفعُ همس أصحاب التابعية؛

ما فائدة إطلاق صواريخ الباتريوت والتي تجاوز عددها الثلاثون صاروخًا؛ بعدَ أن وصلت الصواريخ العشرة اليمانية، ما فائدة هذه الصواريخ الأمريكية الحديثة؛ وهي عاجزة عن صد الصواريخ اليمنية البدائية؟

سيبكي الضحايا المتسعودون تحت بطانياتهم وهم يرددون؛

صواريخ اليمانيين نزلت في المطار والقواعد العسكرية؛ لكن صواريخ الباتريوت سقطت في منازلنا ومزارعنا؟

إن ضربات اليوم والتي كان ختامها عشرة صواريخ؛

هي من أقوى وأشد وأصعب الضربات، وهي تُشير إلى دلائل عسكرية وتقنية واستخباراتية عالية جدًا تفوقت على الخبرات الأمريكية والفرنسية والصهيونية.

ليس الأمر بالسهل ولا باليسير أن يتم تعطيل رادارات العدو كلها ليوم كامل، وأنْ يتم ضربه كرة وكرتين وثلاث وأربع، وهو يقفُ عاجزًا خاسئًا ذليلاً لا يدري ما يفعل؛ سوى أن يرفع رجله، ويرخي ضرعه لكي يتم حلبه أكثر، وينتظر ضرباتٍ أخرى.

وسيستمر ضرب رأس البقرة الحلوب بالطائرات المسيرة وبالصواريخ المدمرة، وبالأعداد الكثيرة؛ حتى تعود إلى جادة الصواب، ولن تجد المملكة المستعبَدة لهذه الأخطار؛ إلا أن تقرأ الطريق والمسار، فيما كتبه رئيس الوفد الوطني بقوله:

(إعادة تفعيل مطارات وموانئ اليمن رهنٌ بتعطيل المنشآت المماثلة لدى العدو)

وختامًا؛

نسجُدُ لله شكرا، ونرفعُ التهاني والتبريكات، بهذا النصر الكبير، والتطور الخطير، إلى سماحة القائد العلَم، وإلى الأبطال العظماء، والأقيال الفضلاء، في القوات الجوية، والطيران المسير، والقوة الصاروخية، والتصنيع، والجنود المجهولين في كل سهل ومصنعٍ وجبل…

“وما النصرُ إلا من عند الله”

قد يعجبك ايضا