صنعاء: ترسم لوحة نبوية هي الأكبر في التاريخ!..بقلم/فضل الصباحي

 

النبي محمد أعظم إنسانًا في التاريخ، أسمى من أن ينتهي اليه الوصف، بقدومه خرج العرب من براثين الظلم والجهل إلى العلم والرقي والتقدم، وقيادة العالم!

بولادته أضأت الدنيا فرحًا، وتساقطت النجوم على الأرض لتضيء للعالم أجمع درب الحق والهداية، إنَّه يومًا مباركًا ومقدسًا عند جميع المسلمين!

اليمن: يتحول إلى لوحة فنية رائعة الجمال رسم فيها اليمنيون عشقهم، ومحبتهم، لرسول الله، هذه اللوحة الايمانية، يصل طولها لأكثر من ثلاثمائة الف كيلوا مترًا مربعًا هي الأكبر في تاريخ  البشرية!

النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هو الحقيقة التي اوجدها الله من نوره ليضئ بها العالم، مكانته عند أهل اليمن مقدسة، ورفيعة، لا يشبهه أحدا من الأنبياء، والرسل، والعظماء، يذكره اليمنيون في كل أوقاتهم، وتفاصيل حياتهم اليومية، من الفلاح البسيط حتى رئيس الدولة، وخروج الشعب اليمني بأكمله يحتفلون بمولد النبي محمد، ماهو إلا دليلًا على صدق المحبة، ونداءً روحيًا من شعب مظلوم يشكوا جراحه إلى نبيًا يحبهم ويحبونه.

وصدق رسول الله الذي قال: “يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب هم خيار من في الأرض أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية أهل اليمن هم مني وأنا منهُم”. وقوله “فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنتُ امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبًا، وسلكت الأنصار شعبًا لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار”. وأهل اليمن هُم اول من يشرب من حوض النبي يوم القيامة.

القيادة المحركة هي التي تحدث الفارق!

المحبة المتبادلة بين الشعب اليمني والنبي محمد ليس لها علاقة بالسياسة وصراع المذاهب إنها الفطرة الإنسانية، والدينية الاسلامية العربية المتأصلة في وجدان كل يمني، ومن يحدث الفارق هُم القيادات التي تُبرز تلك المحبة من خلال الاحتفالات الشعبية، والرسمية، لتقول للعالم نحن اليمانيون أنصار النبي محمد وحملة رسالته إلى البشرية، نفتخر بمولده الذي اضاء بنوره الدنيا ومحبته ستظل راسخةً في قلوب كل اليمنيين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

إنه النبي محمد الذي وصفه الكاتب الانجليزي تومس كاريل بقوله”محمد ليس كاذبًا او طالب ملك إنما هو قطعة من الحياة تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع، ظهر الإسلام فاحترقت فيه وثنيات العرب، ذلك أمر الله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم”.

في هذا المقال سوف اسرد باختصار قصة الملك تبع والملك سيف بن ذي يزن، ومحبتهم للنبي محمد قبل ظهوره، وماذا فعلوا لنصرته وتهيئة موطن حُكمه في المدينة.

أولًا: الملك تبع أول من كسا الكعبة وبناء بيتًا لنبي آخر الزمان!

ملوك اليمن قبل مئات السنين بشرو بظهور النبي محمد ومناصرته، وإتباع دينه، والثابت تاريخيًا بأن الملك تُبع الحميري ملك اليمن هو أول من كسا الكعبة كاملة قبل الإسلام، وصنع للكعبة باباً ومفتاحاً، ووضع أموالًا لخدمتها، وهدم الأوثان حولها وجعل قوم جرهم أوصياء عليها، وتوارثه بقية ملوك اليمن في كسا الكعبة.

الملك اليمني تبع اسعد الحميري عندما توجه لغزو يثرب اخبره حبرًا يهوديًا بأن يثرب ستكون موطن هجرة نبي آخر الزمان، وتكون دار إقامته، وأنصاره قومًا من اليمن، فتوقف عن غزوهم، وأمر  ببناء بيتًا لنبي آخر الزمان حتى إذا هاجر يسكن فيه، وأحضر مجموعة من العلماء، وعددهم أربعمائة عالم وأعطى لكل عالم منهم بيتًا، وجارية، ونفقة، وأمر بإحضار النخيل من اليمن وغرسها في يثرب المدينة حاليًا، وفتح الآبار وحرث الأرض وأجرى عليهم النفقة من اليمن، وأمرهم أن يسكنوا في هذه البلدة، حتى إذا جاء هذا النبي، آزروه ونصروه، وترك لهم رسالة كُتبت على قطعة من النحاس بماء الذهب يسلمونها إلى النبي مكتوب فيها :

شهدت على أحمد أنه … رسول من الله بارى النسمّ

فلو مدَّ عمرى إلى عمره …  لكنت نصيراً له وابن عمّ

وجالدت بالسيف أعداءه …  وفرّجت عن صدره كل غمّ

البيت الذي بناه الملك أسعد، وسكن فيه اجداد ابو أيوب الأنصاري، هو الذي وقفت ببابه ناقة النبي محمد عندما هاجر إلى المدينة، وعندما دخل النبي منزله طلب من ابو أيوب تلك الرسالة، التي تركها الملك أسعد ولم يكن يعلم عنها ابو ايوب فأخبره النبي بأن يبحث بين أمانات اجداده فوجدها ورائحة المسك تفوح منها فقرأها النبي وتعجب من أهل اليمن وملوكها، ودعاء لهم.

ثانيًا: ملك اليمن بشر عبد المطلب بظهور نبي آخر الزمان.

الملك اليمني الحميري سيف بن ذي يزن، كان له قصة مع عبد المطلب ابن هاشم جد النبي محمد والتي ذُكرت في كتب التراث، وأكدها المؤرخون الكبار وهي دليلًا على عظمة ملوك اليمن وشموخهم، وبحثهم عن حقيقة الكون والديانات السماوية.

عندما انتصر ملك اليمن سيف بن ذي يزن على الأحباش أتته وفود العرب وشعراؤها تهنئه وتمدحه، من بينهم وفد قريش، يرأسهم عبد المطلب بن هاشم، استقبلهم الملك ذي يزن في قصر غمدان الذي بناه سام بن نوح، ويعتبر من معجزات العمارة في العالم حيث يبلغ ارتفاعه عشرين طابقًا الطابق العشرين مسقوفًا برخامة واحدة شفافة، من يجلس فيه يستطيع أن يميز الطير في السماء، وتحيط بالمجلس مجسمات أسود مصنوعة من النحاس عندما تهب الرياح تصدر أصواتًا كأنه زائير الأسود!

عندما اذن الملك ذي يزن لعبد المطلب بالكلام قال عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلًا رفيعًا صعبًا منيعًا شامخًا باذخًا، وأنبتك منبتًا طابت أرومته، وعذيت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه فى أكرم موطن وأطيب معدن، فأنت ملك العرب وربيعها الذى تخصب به البلاد، ورأس العرب الذى له تنقاد، وعمودها الذى عليه العماد، ومعقلها الذى يلجأ إليه العباد، وسلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن يخمد من هم سلفه، ولن يهلك من أنت خلفه.

قال له الملك: إنى مفض إليك من سر علمي فليكن عندك مطوياً حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره، إنى أجد فى الكتاب المكنون، والعلم المخزون، الذى اخترناه لأنفسنا، دون غيرنا، خبرًا عظيمًا، وخطرا جسيمًا، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة للناس عامة، ولرهطك كافة، ولك خاصة، ولد بتهامة غلام به علامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة، هذا حينه الذى يولد فيه، أو قد ولد، واسمه محمد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه، ولدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارًا، يُعزبهم أولياءه، ويذل بهم أعداءه، ويضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم أهل الأرض، يكسر الأوثان، ويخمد النيران، يعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله، والبيت ذى الحجب، والعلامات على النقب، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب، فخر عبد المطلب ساجدًا فقال: ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئًا مما ذكرت لك؟

فقال عبد المطلب: أيها الملك كان لى ابن، وكنت به معجبًا، وعليه رفيقًا، فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام سميته محمدا، فمات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه.

قال الملك: إن الذى قلت لك، فاحتفظ بابنك، واحذر عليه اليهود، فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإنى لست آمن أن تدخل لهم النفاسة، من أن تكون لكم الرياسة، فيطلبون له الغوائل، وينصبون له الحبائل، فهم فاعلون أو أبناؤهم، ولولا أنى أعلم أن الموت مجتاحى قبل مبعثه، لسرت بخيلى ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته، فإنى أجد فى الكتاب الناطق، والعلم السابق، أن بيثرب استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أنى أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه، ولكني صارفً ذلك إليك، عن غير تقصير بمن معك.

وعندما غادر الوفود أمر الملك ذي يزن لكل رجل منهم بعشرة من العبيد، وعشرة من الاماء، وبمائة من الإبل، وحلتين من البرود، وبخمسة أرطال من الذهب، وعشرة أرطال فضة، وكرش مملوء عنبرا، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك، وقال لعبد المطلب: إذا حال الحول فأتني، فمات الملك سيف ابن ذى يزن قبل أن يحول الحول.

الخلاصة:

ما يقوم به الشعب اليمني من تعبير عن محبة النبي محمد إنما هو امتداد لما قام به ملوك اليمن العظماء الباحثين عن حقيقة الكون والديانات السماوية، وما ذكرناه في هذا المقال ويؤكد مدى إرتباط، وتبعية عرب الجزيرة العربية، باليمن الكبير موطن الملوك ومنبع الحضارات، البلد الذي بداء محركاً للتاريخ، وسوف يعود إلى وضعه الطبيعي مهما مرت عليه المحن والأزمات، أهل اليمن في عناية الله وسوف يخرجونَ من حطام الحروب إلى رحاب المستقبل أكثر قوة قادرين على قلب صفحات التاريخ نحوا مستقبل مشرق؛ حينها سوف تنطوي لهم الأرض، وتفرح السماء بعودة أحباب النبي وأنصاره الذين فتحوا الأرض من مشرقها إلى مغربها يحملون رسالة السلام والخير إلى العالم!

وختامًا لن أجد أبلغ من هذه الأبيات الرائعة التي تأخذنا إلى عنان السماء، والتي كتبها شاعر اليمن الكبير معاذ الجنيد.

نحنُ اليمانين يا من ليس يعرفنا

‏لو لم نكُن نحنُ.. هذا الكون ما كانا

‏بعزمنا شيّدَ الإسلامُ دولتهُ

‏وباسمنا سُمّيَ الإيمانُ إيمانا

‏سَلِ الرسولَ عن الأنصارِ يُنبئكُم

‏عنّا… وعن بأسنا فاسأل (سليمانا)

‏لما جهلنا.. عبدنا الشمسَ شامخةً

‏وما عبدنا تماثيلًا  وأوثانا.

 

قد يعجبك ايضا