صنعاء تنكأ الجرح الأكثر إيلاما للرياض

 

لم يكن قتال، بل جيش يمتلك مختلف أنواع القوة يفر أمام كر مقاتلين لا يحملون سوى الكلاشنكوف وقنابل يدوية.

هذا ما أظهرته المشاهد التي عرضتها صنعاء لقواتها في محور جيزان، موثقة عملية السيطرة على قرابة 40 موقعا، آخرها يطل على مدينة الخوبة، حيث بدا الجيش السعودي أكثر ضعفا وأقل معنوية، ليس مقارنة بقوات صنعاء، بل بوضعه قبل عدة أعوام، فحينها على الرغم  من وصفه من قبل  معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بـ “نمر من ورق“، كان على الأقل يظهر بشكل نمر وإن ورقيا، لكن مشاهد اليوم تظهر أنه ورق متطايرة في الهواء بما تشتهي إرادة رياح صنعاء.

أبعد من هذا، هو التوقيت الذي اختارت فيه صنعاء هذه العملية التي مكنتها من قرابة 40 موقعا سعوديا آخرها يطل على مدينة الخوبة في عمق جيزان، في ظل المشاورات السياسية التي لم تراوح مكانها في العاصمة العمانية مسقط، حيث يصر المبعوث الأمريكي على مقايضة الملف الإنساني بالعسكري.

لقد اختارت صنعاء التوقيت الذي يوصل رسالة للسعودية، وأكثر من ذلك لحلفائها، أن الرياض في الموقف الأضعف، والأكثر حاجة لوقف شامل للحرب، فليس سهما واحدا تتقيه، بل رماح كثيرة، وهي تتعرض لكل هذا بجسد ممزق، ودروع مهترئة، رماح تقضي على سيطرتها ونفوذها في الداخل اليمني، بالعمليات العسكرية في مأرب، وأخرى تتهاوى على منشآتها النفطية والحيوية بطائرات صنعاء المسيرة وصواريخها الباليستية، واليوم تعيد صنعاء إشهار رماح ثالثة في الحدود، وهذه هي الأشد إنكاءً لجراحها والأكثر إيلاما.

نكأة قاسية في خاصرة رخوة

لقد ظلت السعودية تتحدث أنها أكبر دولة تتعرض لصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وتناشد العالم حمايتها والتضامن معها متعلقة بأستار الأعيان المدنية المزعومة، وتلقي باللوم على الأمريكيين خفية وتعريضا لرداءة منظوماتهم الدفاعية، لكن عودة المواجهات إلى الحدود، وتوغل قوات صنعاء هو ما تخشاه السعودي كخشية ولي عهدها من إنقلاب يدبره أفراد العائلة الحاكمة، ولذلك حرصت أن تغطي على هذا الجانب وإن إعلاميا، فاستأجرت مقاتلين يمنيين وسودانيين لوضعهم خطوطا أمامية، وبقي جيشها تحت مكيفات المدرعات في الخطوط الخلفية، كمظهر وجود لا أكثر، وهذه شهادة لضابط بريطاني نشرتها صحيفة دايلي ميل منذ عامين.

ولأن الجراح الغائرة لا يمكن إخفاءها وإن حاول الجريح ذلك بالمهدئات فسرعان ما تعلو صيحاته ويستشعر حجم الألم حين ينكأ أحد ما هذه الجراح، اختارت صنعاء التوقيت المناسب لتنكأ الجراح السعودية بقسوة، لتوجه رسالة أن الهدوء في الخاصرة الرخوة للجسد السعودي بات أمرا ماضيا، وتم تدشين المرحلة الأكثر إيلاما، وربما ما وصفته صنعاء سابقا بـ “الوجع الكبير”

ولا تقتصر الرسالة على إسقاط 40 موقعا سعوديا، بل كانت لإطلالة قوات صنعاء على مدينة الخوبة، إشعار أن المعركة لن تقف على حدود معينة، وقد تصل إلى مدن سعودية طالما أصرت السعودية على التعامل مع الحرب في اليمن كمناطق منفصلة، وثمة رسالة أخرى تتعلق بمعركة مأرب، مفادها، لم تستطيعوا حماية مدنكم أيها السعوديون، ونحن نطل عليها اليوم، وكذلك لن تستطيعوا حماية القوات الموالية لكم في مأرب، واستماتتكم هناك، قد تفقدكم السيطرة هنا، ولا أكثر تعبيرا على ذلك من إطلاق إعلام صنعاء الحرب شعار #موعدنا_الحدود

 

زمنيا، أن تأتي هذه العملية بعد سنوات من الهدوء المتقطع، ظنت السعودية خلالها أن أخفت وجعها في الحدود إعلاميا، حيث لا تزال قوات صنعاء في مواقعها المطلة على مدينة نجران، وعمق جيزان وعسير،  تؤكد صنعاء أن قواتها في العام السابع من الحرب هي من تدير المعركة وتختار زمانها ومكانها، وهي في موقف الفعل، بينما السعودية في موقف رد الفعل، وليس أمام الرياض سوى خيار واحد، هو التسليم بالأمر الواقع، والنزول من أعلى الشجرة على سلم صنعاء، أو الانتحار قفزا كما أظهرت المشاهد جنودها ينتحرون من المرتفعات الشاهقة في جيزان.

 

زكريا-الشرعبي

الخبراليمني

قد يعجبك ايضا