غزوة بدر.. زهوق الباطل وانتصار الحق

الزمان: 18 / رمضان/ السنة الثانية للهجرة النبوية

المكان: وادي بدر{إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42

طرفي المواجهة: المسلمون بقيادة الرسول الأكرم محمد بن عبدالله أهل الشرك بقيادة أبو جهل لعنه الله

الدافع والمحفزات: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ{7} لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ{8}

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{43} وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ{44}

التدخلات الإلهية امدادا وتأييدا: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ{9} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{10} إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ{11} إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ{12} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{13} ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ{14}

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِي عٌ عَلِيمٌ{17} ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ{18}

تعليمات وتوجيهات: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ{15} وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{16}

يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ{45} وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{46} وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{47}

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{57} وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ{58} وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ{59} وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ{60} وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{61} وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ{62}

النقلة:  وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{26}

النصح والتحذير للأعداء: إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ{19}

الواقع السابق: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{30} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ{31} وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{32}

السنة الإلهية: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ{36} لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{37}

فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ

{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} أي إذا ظفرت بهم في حرب معينة {فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} يعني هؤلاء الذين لا يفهمون ولا يعون ولا ينتفعون من مجريات الأحداث، بما فيها من عبر ودروس كثيرة ومتنوعة كافية في أن يفهم الإنسان أنه لا جدوى له في استمراره في عناده ومعارضته للحق وصده عن سبيل الله، الحل معهم ضربات قوية جدا {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} فمثلا قوى العدوان ومرتزقتهم الذين يصرون على مواصلة الحرب ويسعون باستمرار لارتكاب المزيد من جرائم وقتل ودمار لم يتعظوا من الأحداث بكل ما فيها من عبر ودروس ولم يستفيدوا من دعوات قيادتنا الحكيمة ومدها يد السلام والتسامح مع الكل فهؤلاء لن يبقى شيء ينفع معهم سوى ضربات قوية جدا تردعهم وتجعل منهم عبرة للآخرين(لعلهم يتذكرون).

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه

لقد أمرنا الله بقتال كل من يتحركون لإطفاء نوره والصد عن سبيله والوقوف بوجه الحق واستعباد الناس، وإغوائهم عن الاهتداء والتمسك بالحق، {فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} بصير بدسائسهم ومؤامراتهم ومكائدهم فلن تنجح ولن تفلح {وَإِن تَوَلَّوْاْ}وأصروا على أن يستمروا في مسارهم العدائي للحق وحروبهم وعدوانهم وجبروتهم {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ} الذي يتولى أمركم، ونصركم، وتدبيركم، وهدايتكم، ومعونتكم، {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} لأنه القوي العزيز القاهر المهيمن نعم السند الذي حينما يكون معكم سيحقق لكم النصر وهو القائل {إن ينصركم الله فلا غالب لكم} ثم بعد هذه الطمأنة, يجب أن تكون آمالنا متوجهة إلى الله وثقتنا به كبيرة وتوكلنا عليه عظيم مهما كان عناد عدونا وشقاقه ومؤامراته ومكائده وإصراره على عدوانيته وإجرامه.

يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ

الفرار من الزحف من أكبر الذنوب لأنه يشوه الدين ويقدم صورة سلبية عنه وكأنه شيء لا يستحق أن تثبت لأجله أيضاً يسيئ إلى الله سبحانه وتعالى الذي تقدم نفسك على أنك من جنوده ولكن تهرب من أولياء الشيطان كما يرفع من معنويات العدو أيضا، وله أثره السيئ في واقع الناس، فهزيمتك تؤثر على ثبات الآخرين وتمثل عامل ضغط عليهم نفسيا وميدانيا؛ والفرار قد يكون نتيجة لعدة عوامل أهمها  الخوف من القتل والشهادة وحرصك على الاستمرار في الحياة الشعور بالضعف أمام العدو سواء من حيث العدد والعدة أو من الخبرة، وكذلك الانبهار بالعدو، أنه كبير وأنه يمتلك إمكانات هائلة وأسلحة فتاكة.

غزوة بدر الكبرى ملحمة الإسلام الأولى

الأسباب والنتائج

بعد وفاة أبوطالب (رضي الله عنه)، سعرت قريش نار حقدها وغضبها ضد رسول الله وأصحابه، ورأت أن الفرصة سانحة للقضاء عليهم، بدأ برسول الله(صلوات الله عليه وعلى آله) محاولة منهم لإطفاء نور الله في مهده، وعندها أذن الله لرسوله بالهجرة نحو المدينة المنورة، ولحقه من تبقى من المسلمين خاوي الوفاض، لأن قريشا صادرت ممتلكاتهم وأموالهم، ولما علمت قريش أن الرسول وأصحابه ينعمون بالأمن والاستقرار في يثرب غاظها ذلك، فقررت أن تبعث بقافلة تجارية ضخمة، يخصص ربحها لتجهيز جيش كبير يقضي على المجتمع الإسلامي المتنامي في يثرب، وجعلوا على رأسها أشدهم مكرا أبو سفيان بن حرب, فلما بلغ رسول الله الخبر، قرر إفشال خطتهم بالاستيلاء على القافلة عند عودتها، ومصادرتها عوضا عن ممتلكات المهاجرين بمكة، وعندما قربت من يثرب خرج الرسول وأصحابه لملاقاتها، ولكن أبا سفيان سلك بها طريقا آخر، وكان قد كتب إلى قريش يحرضها على غزو المدينة، فخرجت بكل قوتها وإمكاناتها، ولما بلغ رسول الله إصرارها على المواجهة، خرج بأصحابه للقائها، وبالعدوة الدنيا من وادي بدر نزل منتظرا، حتى نزلت قريش بالعدوة القصوى منه، وتقدم رؤوس الكفر من قريش يطلبون المبارزة من بني هاشم، فأمر الرسول(صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، والحارث بن عبيدة بن عبد المطلب، وأسفرت المبارزة عن قتل الخارجين من صف الباطل، وعندها ارتفعت معنويات المؤمنين، فحملوا على أهل الشرك والوثنية، وتهاوت رؤوس الباطل تحت سيوف الحق، وفرت فلول قريش مخلفة سبعين قتيلا بقليب بدر من ساداتها وصناديدها، ورجعت مكة تتجرع مرارة الهزيمة والذل والخسران، بينما عاد رسول الله وأصحابه فرحين مستبشرين بنصر الله.

الدروس والعبر المستفادة منها

  1. معركة بدر تدل على زهو ق الباطل وضعفه أمام الحق مهما تظاهر بالعظمة

  2. تدل على مصداقية الوعد الإلهي لعباده بالنصر والغلبة مهما كانت الظروف والإمكانات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد7

  3. تدل على عظمة المعية الإلهية وأن الله لن يتخلى عن عباده المؤمنين في وقت الشدة{إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ * وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلّا بُشرىٰ وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكُم ۚ وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال: 9-10]

  4. تدل على جدوائية التحرك بالإمكانات المتاحة وفاعليتها.

  5. تبرهن على أنه في مقدور الأمة أن تنتصر على الاستكبار العالمي إذا ما أنضوت تحت القيادة الحكيمة وسارت على المنهج صحيح.

  6. تدل على أن التحرك مطلوب من الجميع فلم يعفى حتى رسول الله وهو على ما هو عليه من كمال الإيمان.

  7. قدمت لنا درسا مهما حول الغاية التي رسمها الله من وراء الجهاد {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ }الأنفال7

  8. عرفنا من خلالها أن الحق لا يتحول إلى حقيقة قائمة في واقع الحياة يعمل به يلتزم به ويطبق ويعتمد عليه إلا بعمل لن يأتي بالأماني بل هو طريق تكتنفه الشدائد ويحتاج إلى تحمل مسؤولية وإلى تضحيات {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} الأنفال5

  9. علمتنا أن محاولة ثني القيادة عن قراراتها المصيرية نابع من رؤية قاصرة وفهم محدود {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ }

  10. استفدنا منها أنه حتى أنبياء الله كانوا أشد الناس عداوة للظالمين ومعاداة من قبلهم{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال30

  11. مطلوب أن نتأسى بالرسول في كل الأحوال {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ}التوبة من آية120

  12. كشفت لنا أن المنافقين هم أكثر الناس تثبيتا وتخذيلا وتشكيكا لأولياء الله {إِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ غَرَّ هٰؤُلاءِ دينُهُم ۗ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال:49]

  13. علمتنا أن لا نفقد الأمل بالله سبحانه وتعالى ألا نفقد ثقتنا بنصر الله حتى لو حصل تراجعات أو هزائم هي لخلل في الواقع العملي.

معركة بدر الأخطاء والمعالجات

حينما نعود إلى سورة الأنفال التي تحدثت عن هذه المعركة العظيمة فإننا نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى تحدث في سياقها عن بعض الأخطاء التي وقعت من المجاهدين  أو وقعوا فيها ومن تلك الأخطاء.

التعلق بالجانب المادي

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{1} هنا ذكر الله أبرز عامل قد يؤثر على الأخوة الإيمانية وهو الجانب المادي والذي يكون الكثير من ضعفاء الإيمان عرضة للوقوع فيه وبين لهم أنه جانب خطير الخوض فيه يمحوا الأجر ويجلب الإثم وهذا واضح من خلال دعوة الله للمجاهدين إلى التقوى وإصلاح ذات البين بالإعراض عن هذا الجانب والتسليم لله {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الأنفال41 وهنا يأتي الحل من عند الله بتوضيح من له الحق في هذه الغنائم طالبا التسليم لأن من لوازم الإيمان التسليم العملي.

معالجات تربوية (أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً)

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ{4} هذه الآيات عالجت قضية تربوية هامة وهي أن الإيمان لا يتمثل في الادعاءات وإضفاء الألقاب على بعضنا بعض وإنما هو مشاعر وأحاسيس ومواقف أساسها معرفة الله(سبحانه وتعالى)  ومصداقيتها الخوف منه واستشعار رقابته والبذل والعطاء لأجله والسعي المستمر نحو كمال الإيمان به أما ألقاب وامتيازات بعيدا عن هذه المعايير التي ذكرها الله فلن تجدي شيئا لأن المؤمن المجاهد هو من تزيده الأحداث قناعة بالحق وترسخ عنده حقائق من الحق وهذا يظهر في  تقبله, وإذعانه في مجال العمل.

مخالفة القيادة (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ)

{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ{5} يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} الأنفال{6} عندما يصطفي الله القيادة فإنه يؤتيها الحق الذي يؤهلها لتكون بمستوى المسؤولية وعندها ليس مخول لأحد الاعتراض عليها أو محاولة ثنيها عن قراراتها المصيرية فهذا يضعف موقفها ويؤثر على خططها فمتى ما انضويت تحت هذه القيادة فلا يسعك إلا التسليم لأنها لن تردك عن هدى ولن تدلك على ردى ولأن مثل هذه الاعتراضات لا تصدر إلا من قاصري الوعي وناقصي الإيمان فالإيمان قائم على أساس الالتزام لله والطاعة له.

الأهواء والمزاجيات (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ)

{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ{7} لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ{8} عندما تكون مجاهد في سبيل الله فأعلم أنك جندي في منظومة الجيوش الإلهية الهائلة إن صح التعبير {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }الفتح7وهذاشرف عظيم يترتب عليه التسليم المطلق بكل رغبة لتوجيهات هذه القيادة العظيمة ومن يمثلها في أرض الواقع حتى وإن لم توافق تلك التوجيهات رغبتك وهوى نفسك لأنها توجيهات حكيمة أتت من حكيم هدفها إحقاق الحق وإبطال الباطل.

إمداد الله وتأييداته مرهون بالارتباط به (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ)

{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ{9} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{10} إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ{11} إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ{12} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{13} ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ{14} كل قوة لا تكون في إطار الاستجابة لله لا أثر لها ولا قيمة لها فهي وجميع التأييدات والإمدادات الإلهية فقط لرفع المعنويات وتسهيل وتيسير العمليات والأخذ بالأسباب وإلا فالنصر هو من الله وحده والمطلوب في أرض المعركة هو الاستغاثة بالله والتنكيل بأعداء الله (فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) ليس غضبا لأنفسنا ولكن لأنهم (شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ) فتكون عداوتنا لهم منطلقة من هذا المنطلق لأنهم انحرفوا عن الحق , وهذا مثل نقطة ضعف كبيرة  عليهم سببت لهم سخط كبير من الله , فيسلط عباده المؤمنين ومنحهم قوة لمعاقبتهم.

الفرار من الزحف

{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ{15} وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{16} حالات الشعور بالضعف والخوف , والقلق والاضطراب تأتي نتيجة غفلة الإنسان عن الله واعتماده على غيره، لكن تربية القرآن , تجعلنا على مستوى عالي من الثبات, تصنع فينا معنويات عالية, واندفاع كبير واستعداد عالي للتضحية لأن المجاهد في سبيل الله يجب أن يقدم في موقفه شهادة على عظمة هذا الدين الذي ينتمي إليه فالفرار من الزحف جريمة كبيرة  تسيء إلى الدين , وإلى سمعة الدين , وتطمع الأعداء.

الغرور

{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{17} ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ{18}

أبرز مقومات الجانب المعنوي وأهميته

 يمثل الجانب المعنوي الجانب الرئيسي في المعركة والصراع ومواجهة التحديات ويعطيه القرآن أهمية كبرى وكذلك البشرية ومن أبرز ما يؤثر على هذا الجانب، الإمكانات الإعلامية حيث تعتبر سلاحا رئيسيا تعتمد عليه قوى الاستكبار في إعطاء خطواتها العسكرية تأثيرات كبيرة في الساحة فتأثير به على الواقع المعنوي والنفسي لدى الناس فتتغير مواقفهم ويتحركون في اتجاه خاطئ مما يكسر الروح المعنوية عندهم ويزرع حالة الإحباط واليأس ويعزز نظرة الانبهار بهم كما أن التدابير الإلهية هي من أهم ما يرفع المعنويات لدى المؤمنين فيساعدهم على الثبات (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) والأهم من ذلك أن الجانب المعنوي عماده وأساسه الثقة العظيمة بالله سبحانه وتعالى والوعي بطبيعة التقلبات في الميدان وعدم فقدان الأمل بالله سبحانه وتعالى وبإمكانية نصر الله حتى لو حصل أحياناً تراجعات أو هزائم هي لخلل في الواقع العملي لكن لا تنظر إلى المسألة أنها مسألة معادلات حتمية لا يمكن كسرها، لا، كن دائماً الواثق بالله وبنصره دائماً هذه مسألة إيمانية إذا خسرها الإنسان خسر إيمانه إذا ساء ظنك بالله سبحانه وتعالى وبوعده بالنصر أصبح عندك مشكلة إيمانية. ولذا يجب أن نعي أهمية هذا الجانب وأن نشتغل عليه فالإنسان المؤمن المرتبط بهدى الله سبحانه وتعالى هو في المقدمة يستفيد هذه الطاقة المعنوية وهذه المعنويات العالية التي  تساعده في مواجهة هذه التحديات {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ }الأنفال12لأن الجانب المعنوي هو الأساس فمتى توفر فإنها تتغير المعادلة.

                                   

الأخذ بعوامل النصر المعنوية والعملية  سبب لهزيمة العدو مهما كانت قوته

يقول السيد عبد الملك (يحفظه الله) الشواهد على مر التاريخ وفي زمننا هذا عشناها وشاهدناها ورأيناها في واقعنا وفي واقع غيرنا تثبت أنه يمكن هزيمة العدو الأقوى عدةً والأكثر عدداً إذا توفرت في واقع المؤمنين والمستضعفين أسباب وعوامل النصر المعنوية والعملية، إذا أخذوا بتلك الأسباب انتصروا، إذا فرطوا إذا قصروا إذا حصل عندهم خلل إذا حصل عصيان إذا حصل سبب من تلك الأسباب العملية هذا يؤثر عليهم في الواقع هذه مسألة في غاية الأهمية على مستوى الرؤية والفكرة على مستوى النفوس الإباء والعزة والقوة النفسية والكرامة والإحساس بالكرامة هذه مسألة مهمة جداً يربي عليها القرآن ويربي عليه الإسلام النفس البشرية حتى يكون الإنسان في نفسه المتشبعة بالكرامة ونفسه المتربية على الإباء غير قابل بالانكسار غير قابل للهزيمة غير قابل للضعة والهوان والإذلال وكذلك على مستوى مكارم الأخلاق وكذلك على مستوى وعي الإنسان بحقيقة الأحداث وخلفياتها ونتائجها كذلك على مستوى ارتباط الإنسان بالمدد الإلهي حتى بالحالة التي يشعر فيها بالضعف والوهن يرجع إلى الله يستمد منه على الدوام الطاقة المعنوية يطلب منه أن يفرغ عليه الصبر ربنا أفرغ علينا صبراً يستمد منهُ العون على الدوام وهكذا يحظى بهذه الرعاية الإلهية.

ومن أبرز عوامل النصر

إعداد المستطاع من القوه في شتى المجالات، والصمود والثبات والطاعة والصبر{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}(البقرة: من الآية249)، والتنظيم والانضباط ، والالتزام والتقوى{أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}(التوبة: من الآية36) فلا نصر بدون تقوى والحذر من التنازع، ثم الرعاية والمدد الإلهي و التأييد الإلهي بالسكينة، التي تجلب الاطمئنان والهدوء والراحة النفسية إلى القلب، وتذهب حالة الفزع والقلق والاضطراب والارتباك من النفوس والقلوب ثُمَّ أَنَزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}

 

المصدر:أنصارالله

قد يعجبك ايضا