فبركة السعودية هدفاً لسخرية واسعة ممتدة من صنعاء إلى بيروت : تحالف العدوان يفقد السيطرة على إفلاسه: محاولة لتحقيق إنجاز وهمي تنتهي بمهزلة فاضحة
تحالف العدوان يفقد السيطرة على إفلاسه: محاولة لتحقيق إنجاز وهمي تنتهي بمهزلة فاضحة
مقاطعُ مفبركة بشكل بدائي تجعل النظام السعوديّ هدفاً لسخرية واسعة ممتدة من صنعاء إلى بيروت
توازياً مع تصعيده الإجرامي المُستمرّ والذي انحصرت نتائجُه على قتل وجرح المواطنين وتدمير الأحياء السكنية والبُنية التحتية المدنية، بدا لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ أنه بحاجةٍ إلى غطاءٍ إعلاميِّ يصرِفُ الأنظارَ عن تخبطه وإفلاسه، وعجزه العسكري الكامل عن تغيير معادلات الميدان التي تنفرد صنعاء بفرضها وتثبيتها وجني مكاسبها، فلجأ إلى الإعلان عن “اختراق” استخباراتي للصف الوطني والحصول على “أدلة تثبت مشاركة حزب الله في اليمن”، لكن النتائج كانت عكسية بشكل فاضح للغاية.
“الاختراقُ” الذي حرص إعلامُ العدوان على إحداث ضجيج واسع حوله قبل أن يتم “عرضه”، قوبل بموجة سخرية أوسع، امتدت من صنعاء إلى بيروتَ؛ لأَنَّ “الأدلة” التي عرضها ناطق العدوان تركي المالكي، خلال مؤتمر صحفي، كانت ملفقة ومفبركة بشكل شديد الوضوح والرداءة، ولا تكفي لأن يتم التعامل معها بأدنى قدر من الجدية.
رجل يصلي، وجهاز كمبيوتر محمول عليه ملصق شعار حزب الله، وحائط غرفة عليه صورة للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وأُخرى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، وثالثة للسيد حسن نصر الله.. أشياء يمكن رؤيتها ببساطة داخل الكثير من البيوت والمجالس اليمنية وفي الشوارع والمظاهرات والمساجد، لكن المالكي حاول تقديمها كأدلة سرية للغاية على أن قيادات من حزب الله تقود المعارك في اليمن، وكإنجاز استخباراتي غير مسبوق!
على رأس قائمة هذه “الأدلة” المثيرة للسخرية، كان مقطع فيديو زعم ناطق التحالف أنه يوثق لحظة تلقِّي اللواء عبد الله الحاكم رئيس الاستخبارات العسكرية، توجيهاتٍ من قياديٍّ في حزب الله اللبناني، خلال معركة الحديدة.
المقطع تم تداوُلُه بشكل واسع وخُصُوصاً بين النشطاء اللبنانيين، ولكن ليس لأهميته، بل لمحتواه المضحك وتركيبه البدائي جِـدًّا؛ لأَنَّ “القيادي” المزعوم، لم يكُنْ في الحقيقة سوى رجل مجهول يتلكم بلهجة “سورية” ويرتدي نظارة شمسية وهو بداخل مجلس لا يظهر فيه اللواء الحاكم ولا أيٌّ من قيادات أَو جنود الجيش واللجان الشعبيّة، كما أن حديثه كان يحوي الكثير من الفجوات المنطقية والزمنية الفاضحة.
وعلّق الباحث والصحافي اللبناني علي مراد على ما عرضه ناطقُ تحالف العدوان ساخراً: “إن فريقَ محمد بن سلمان لا يعرفُ الفرقَ بين اللهجة السورية واللهجة اللبنانية”.
المقطعُ تضمَّنُ أَيْـضاً صورة جانبية للقيادي المزعوم، ليتضح لاحقاً أنها صورةٌ للصحفي اللبناني حسين مرتضى الذي سخر من لجوء تحالف العدوان إلى الاستعانة بإحدى صوره للحصول على إنجاز استخباراتي وهمي.
واكتظت مواقعُ التواصل بمقاطع الفيديو والصور المركَّبة التي تسخر من “الأدلة” التي عرضها ناطقُ تحالف العدوان.
هكذا تحوَّلَ “الاختراقُ” الذي حرص تحالُفُ العدوان على صُنْعِ هَالةٍ إعلامية كبيرة حوله، إلى فضيحةٍ مدويةٍ، أعادت قذفَ النظام السعوديّ ورعاته باتّجاه حقائق الواقع المخزية التي حاولوا الهروبَ منها من خلال نشر المقاطع المفبركة، وعلى رأس تلك الحقائق أن تحالفَ العدوان مفلِس تماماً، وعاجزٌ بشكل كامل عن تحقيق أية إنجازات أَو مكاسب في اليمن، سواء حقيقية أَو وهمية.
ولم يقف الأمر عند “الأدلة” المضحكة، فحديثُ ناطق تحالف العدوان خلال مؤتمره الصحفي كان في مجمله أَيْـضاً برهانًا واضحًا على الإفلاس والتخبُّط وانعدام الحيلة وسقوط كُـلّ الذرائع والمبرّرات.
وفي هذا السياق، علق عضو الوفد الوطني، عبد الملك العجري، قائلاً إن “مجملَ حديث المالكي كان عن طرفين رئيسين في الحرب وعلى حسب كلامه فَـإنَّ عاصفةَ الحزم هي معركة بين السعوديّة والحوثي وهكذا طوال المؤتمر يتحدث عن نحن وهم وغياب واضح لحكومة الفنادق”، وأضاف: “أرادوا فضحنا فانفضحوا وباعترافهم حرب طرفاها السعوديّة واليمن وبمعنى أصح عدوان سعوديّ على اليمن”.
وتابع العجري ساخراً: “لو أن المالكي أخذ معه أحدُ مرتزِقة الفنادق ليكشفَ معه أي شيء، حتى ولو موقعَ اليمن على الخريطة، على الأقل نتأكّـد أنهم لا زالوا يعرفون أين تقعُ اليمن”.
وقال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي: إن المؤتمر الصحفي الفاضح للمالكي قد يتسبب بإقالته ليلحق بسلفه العسيري الذي جلب على النظام السعوديّ وتحالف العدوان الكثير من الفضائح المماثلة.
تصعيدُ الابتزاز.. اختلاقُ مبرّرات لتدمير مطار صنعاء وميناء الحديدة
وبدا بوضوح من خلال حديث ناطق تحالف العدوان أن النظام السعوديّ ورعاته يحاولون جاهدين البحثَ عن مبرّرات ودعايات لاستهداف المؤسّسات المدنية، وبصورة خَاصَّة مطار صنعاء وميناء الحديدة، حَيثُ ركَّز المالكي بشكل كبير على تكرار مزاعم استخدام المطار لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة نحو العمق السعوديّ، في تجاهل وقح حتى لتصريحات المسؤولين الأمميين، وآخرُهم نائبُ المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، والذي أكّـد، أمس الأول، على ضرورة فتح المطار للرحلات المدنية والإغاثية، وتعهَّد بالعمل على الإفراج عن المعدات والأجهزة التابعة للمطار والتي يحتجزها تحالفُ العدوان بشكل تعسفي وبدون أي حق في جيبوتي؛ مِن أجلِ إغلاق المطار وإخراجه عن الجاهزية لمضاعفة الحصار.
ويأتي ذلك في إطار حملة ممنهجة يشنها تحالف العدوان ضد مطار صنعاء منذ بداية التصعيد الأخير، من خلال محاولة تكريسه كهدفٍ عسكري وتكثيف الغارات الجوية عليه.
وظهر من خلال المقاطع المفبركة أَيْـضاً أن تحالفَ العدوان يسعى لاختلاق ذرائعَ لاستهداف ميناء الحديدة وتدميره ووقف عمله الإنساني على غرار مطار صنعاء.
ويكشفُ هذا التركيزُ الملفت ُعلى تبرير استهداف المطار والميناء عن مساعٍ سعوديّة أمريكية حثيثة لتصعيد الابتزاز بالمِلَفِّ الإنساني إلى مستوى أعلى، بعد أن رفضت صنعاءُ صفقةَ المساومة التي تقايض “تخفيف القيود” عن المطار والميناء بمكاسب عسكرية وسياسية منها وقف التقدم في مأربَ ووقف عمليات الردع المشروعة العابرة للحدود.
ويبرهن هذا بدوره على أن واشنطن والرياض تواجهان اليوم، أكثر من أي وقت مضى، حقيقةَ فشلهما الذريع وعجزهما الكامل عن تغيير معادلات الميدان، الأمر الذي يثبت مجدّدًا انفرادَ صنعاء بالقدرة على فرض المتغيرات وجني المكاسب، وثبوت محدّدات السلام الفعلي التي أعلنتها القيادة السياسية والعسكرية الوطنية، في مقابل تلاشي كُـلِّ المراوغات السعوديّة الأمريكية والضغوط التي حاول تحالف العدوان حشدها لدعم موقفه.
كما يؤكّـدُ لجوءُ تحالف العدوان إلى هذا الأُسلُـوب مجدّدًا، صحةَ ما أكّـدته صنعاء على لسان عضو وفدها الوطني المفاوض عبد الملك العجري، الذي أوضح أن “التصعيدَ لن يحقّق أيَّةَ مكاسب للعدوان”، وهو ما يعني تفاقُمَ المأزق السعوديّ الأمريكي؛ لأَنَّ الأمرَ لا يتوقفُ فقط عندَ الفشل في تحقيق المكاسب، فالتصعيدُ يضاعفُ وتيرةَ ومستوى الردع اليمني، وقد أعلنت القواتُ المسلحةُ، أمس الأول أنها بصددِ “الانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ في التصدي للعدوان”، ومن شأن ذلك أن يضاعفَ تضييقُ مساحة المراوغة على السعوديّة والولايات المتحدة.
صحيفة المسيرة