في المحافظات المحتلة .. السلاح مقابل الغذاء

 

في ظل المساعي الحثيثة التي يبذلها قادة المرتزقة ومن يندرجون في مسارهم، لكسب الولاء السعودي او الاماراتي بغية تحقيق المزيد من المصالح الشخصية، يعيش أبناء المحافظات المحتلة واقعاً مريراً نتيجة تردي الخدمات الأساسية وانتشار الأوبئة والتدهور الاقتصادي الكبير.

وكانت تقارير أممية كشفت عن ارتفاع عدد الأشخاص الذين سيواجهون مستوى أعلى من الأزمة الغذائية في مناطق جنوب البلاد الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان الأمريكي السعودي إلى أكثر من ثلاثة ملايين نسمة.

وأكد تقرير أعده برنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) نهاية يوليو المنصرم، على زيادة مقلقة في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول نهاية العام الحالي، محذرين من الصدمات الاقتصادية والصراعات والفيضانات والجراد.

وحلل التقرير وضع 7.9 ملايين شخص في 133 منطقة في المحافظات الجنوبية المحتلة، وتوقع حدوث زيادة مزعجة في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من مليوني شخص (25 لكل في المائة من السكان) إلى 3.2 ملايين (40 في المائة من السكان) في الأشهر الستة المقبلة.

ورغم اتهام حكومة المرتزقة للمنظمات التي اعدت التقرير، بمحاولة ابتزاز الداعمين بغية الحصول على المزيد من الدعم بما يعود بالنفع على تلك المنظمات، الا أن التقرير المشترك قد أوضح أن بقاء المستويات الحالية للمساعدة الغذائية لن يغير الوضع الصعب في المناطق المحتلة، وهو ما يدل على خطورة المجريات في الجنوب، سيما مع استفحال الصراع بين مرتزقة العدوان، وامتداده الى عدد من المحافظات المجاورة ومنها تعز.

نشاط التنظيمات التكفيرية يعود الى الواجهة

ويرى مراقبون في تصريحاتهم لموقع “أنصار الله”، أن دول العدوان تسعى الى تأزيم الأوضاع في المحافظات المحتلة من أجل الدفع بالمزيد من المقاتلين للالتحاق بصفوف قوات المرتزقة، سواء المحسوبة على حكومة المرتزقة أو المحسوبة على ما يسمى بالمجلس الإنتقالي من اجل ضمان استمرار الصراع، ناهيك عن فتح المجال أمام التنظيمات التكفيرية لاستقطاب المزيد من المقاتلين، وهو ما أكده تقرير حديث اعده خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن حيث أكد التقرير أن ما يسمى بتنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية يعاود تشاطه في محافظات البيضاء وشبوة ومأرب وأبين وحضرموت وعدن ولحج.

واشار التقرير الى أن فرق الرصد التابعة للجنة العقوبات رصدت مساعي التنظيمات التكفيرية في مناطق سيطرة مليشيات الاصلاح على تجنيد المحاربين القدامى والمقاتلين الجدد، والسعي إلى تعزيز التجنيد من خلال التواصل مع الشباب وتوفير الخدمات العامة في المناطق الخاضعة لسيطرته”.

وشهدت الاشهر الماضية عدة عمليات استهدفت مجندين تابعين لما يسمى بالمجلس الانتقالي من قبل عناصر القاعدة في محافظتي ابين وشبوة التي وجد فيها التنظيم الاجرامي ارضا خصبة له منذ سيطرة مليشيات حزب الاصلاح عليهما.

ويثبت عودة نشاط الجماعات التكفيرية في الجنوب عن العلاقة الوثيقة بين تلك التنظيمات وبين تحالف العدوان والتنظيمات التكفيرية في اليمن، حيث لفت تقرير أعدته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن الصراع الذي خلقته الادارات الأمريكية في اليمن قد وفر أرضًا خصبة وقوية للجماعات التكفيرية أو من اسمتهم بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

واقرت المجلة بقيام التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بأبرام صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة، في حين أن الأسلحة الأمريكية المباعة للسعودية والإمارات سلمت للجماعات التكفيرية (القاعدة).

تدهور الوضع

ويؤثر القلق الأمني وحالة الصراع في الجنوب المحتل على الحالة المعيشية للمواطنين حيث أن حالة الصراع ادى الى تفاقم المعاناة بالذات بعد رفض حكومة المرتزقة صرف رواتب معظم موظفي المحافظات الجنوبية ، وهو ما زاد من تفاقم الأوضاع المأساوية بالمناطق الخاضعة للاحتلال، خاصة مع استمرار حكومة هادي في طبع كميات من العملة الجديدة بدون غطاء نقدي والمصير الغامض بشأن عائدات بيع المشتقات النفطية .

وما زاد من سوء الأوضاع قرار الإدارة الذاتية الذي أصدرته رئاسة ما يسمى بالانتقالي والذي اعلنت لاحقا عن تراجعها في العمل به الا انه أدى إلى حالة من الشلل في القطاع الحكومي الرسمي خاصة ما يتعلق بالتعاملات المالية والحسابات البنكية بين بنك عدن المركزي والمؤسسات الإيرادية التي تم مصادرة إيراداتها وتحويلها من عدن إلى حسابات بالبنك الأهلي بموجب توجيهات لجنة الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية التابعة للانتقالي.

وتتضح حالة الانهيار وتردي الاوضاع في الجنوب من خلال مشكلة الكهرباء والمياه التي تعد من بين أزمات كثيرة تعصف بالمحافظات الخاضعة للعدوان، تليها الرواتب وارتفاع الأسعار وحتى اسعار الصرف، لكن الازمة الاكبر تكمن في الانهيار الاخلاقي مجتمعا مع تفشي المخدرات، ناهيك عن الجرائم البشعة التي بدأت تطفو للسطح كاغتصاب طفل في الساحل الغربي من قبل مرتزقة طارق عفاش واغتصاب 3 مجندين في تعز لطفل لا يتعدى الثالثة من العمر وذبح شاب في عدن لعمته واثنتين من بناتها.

وقد شهدت المحافظات المحتلة عدة مظاهرات احتجاجية كان اخرها خروج العشرات من محافظة عدن امس الاول الاثنين احتجاجًا على تردي الخدمات.

واغلق المحتجين الطرقات العامة في أحياء كريتر والمعلا والتواهي وأضرموا النيران في الإطارات احتجاجا على انقطاع المياه.

ورفع المحتجون شعارات غاضبة ضد قوات الاحتلال.

وفي الأسابيع الماضية، شهدت عدن احتجاجات شعبية تنديدًا بتردي الخدمات في المدينة وانتشار عمليات الفساد.

ومع تردي الوضع المعيشي في المناطق المحتلة لجأت مليشيات المرتزقة الى محاولة الاستحواذ على عدد من المؤسسات الإيرادية والتوسع الى مناطق خارج سيطرتها، مما ادى الى نشوب صراع بين فصائل المرتزقة ومليشياتها، كما هو الحال في محافظة تعز التي شهدت مناطقها المحتلة اشتباكات عنيفة بين مرتزقة الامارات ومليشيا الاصلاح تسببت بسقوط ضحايا من المدنيين الابرياء وترويع الساكنين بما فيهم النساء.

الموقف السعودي الاماراتي

ما يحدث في المناطق المحتلة من انفلات أمني واقتتال متواصل بين فصائل المرتزقة هو أحد السيناريوهات المطروحة من السعودية والامرات ليتسنى لهما تنفيذ مخططاتهما ، حيث تركز السعودية على بناء معسكراتها وقواعدها العسكرية في محافظة المهرة، بينما اختارت الإمارات ثلاثة مواقع استراتيجية في جزيرة سقطرى اليمنية , لاقامة معسكرات لمرتزقتها .

وقالت مصادر اعلامية جنوبية ان ضباط من قوات الاحتلال الاماراتي زاروا الجزيرة وحددوا ثلاثة مواقع متفرقة على سواحل الجزيرة لاقامة معسكرات وهي منطقة “رأس قطينان”، جنوب غرب سقطرى، باتجاه جزيرتي سمحة وعبد الكوري والقرن الأفريقي , ومنطقة “جمجمه مومي”، شمال شرق سقطرى، وهي من المواقع المرتفعة المطلة على البحر .

واوضحت المصادر ان المندوب الاماراتي في الجزيرة خلف المزروعي حاول منذ وقت طويل شراء تلك الاراضي واغراء سكان ومشايخ المنطقة بالشقق السكنية في الامارات ومنحهم الجنسية الاماراتية والسيارات والاموال , قبل ان توجه مرتزقتها مؤخرا بالسيطرة على تلك المواقع بالقوة , واعتبارها مواقع عسكرية .

ولضمان تجنيد المئات من ابناء المحافظات الجنوبية فقد تعمدت دول العدوان على ايقاف العمل في الموانئ والمطارات، ترافق ذلك مع عمليات بسط ونهب لأراضي المستثمرين والتجار والمواطنين من قبل متنفذين ومسلحين ومحسوبين على قوى وتشكيلات عسكرية وأمنية تابعة للعدوان.

قد يعجبك ايضا