في اليمن .. شعب يعشق الشهادة والاستشهاد .. ويأبى الذل والاستسلام

منذ الوهلة الأولى لإطلاق شعار الصرخة في جبل مران بمحافظة صعدة حتي توالت المؤامرات وشنت الحروب خدمتاً لأمريكا واسرائيل , سقط فيها شهداء عظماء خلال هذه الحروب, بعد أن احست ـ امريكا ـ واسرائيل ـ بالخطر الذي سيوجههم من أنتشار هذا المشروع القرآني , الذي اعلنه الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله علية .

والان ونحن على مشارف العام الثالث من العدوان الأمريكي السعودي على اليمن ، وحلول ذكري الشهيد لهذا العام 1438هـ , يقدم شعبنا اليمني المزيد من الشهداء من فلذات أكبادهم في سبيل لله والدفاع عن الدين والعرض .

وفي هذه الأيام تمر علينا ذكري الشهيد السنوية بالتزامن مع الاستبسال والانتصارات التي يسطرها  اليمنيون بالفداء والتضحية والشهادة في سبيل الله لمواجهة عدوان همجي شارف على انهاء عامة الثاني , قدمت خلالها الألاف من الشهداء الابرار الذين صدقوا ما عاهدا الله علية , وسط اعتزاز وافتخار من اهليهم وشعبهم , قل له نظير في هذا العالم , ومن هنا سنتطرق إلى عظمت الشهادة عند الله عز وجل ومكانته وفضلة وكذا إلى نماذج من التضحيات ومظاهر الاعتزاز في استقبال الشهداء , وغيرها من المواضيع ذات العلاقة.

 

الحقيقة / جميل مسفر الحاج

 

 التجارة الرابحة

هنا سنكتب عن تجارة رابحة ليست كباقي التجارات الموجودة على هذه الارض , هذا التجارة يكون اصحابها رابحون في الدنيا والاخرة , وقد دعاء الله في كتابه العزيز (القران الكريم) المؤمنين إلى هذه التجارة التي ستنجيهم في الحياة الدنيا والاخرة , فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

هكذا يشبّه القرآن الكريم القتال في سبيل الله والشهادة بالتجارة مع الله تعالى، إنَّها دعوة للجهاد بأسلوب يبيّن حقيقته، ويشير إلى نتيجته العظيمة , إنَّها معاملة تجاريّة من أروع المعاملات، الطرف الأوّل هو الله تعالى الغنيّ عن العالمين، الطرف الثاني هم المؤمنون بالله واليوم الآخر، الثمَّن: الجنّة الخالدة، الثمن، أنفس المؤمنين وأموالهم، ثمَّ يشير تعالى إلى نتيجة هذه المعاملة: “ذلك هو الفوز العظيم”.

كما أكَّد القرآن الكريم على فضل الشهداء ومكانتهم وأجرهم ونورهم، يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.

وهذه الآية تبيّن ذلك المقام الشامخ للشهداء، لأنَّ القرآن الكريم لا يصفهم فقط بكونهم أحياء، بل يبيّن أنّ لهم مقام “العنديّة” “عند ربِّهم” حيث يحيون في ذلك المقام، ويأتيهم رزقهم فيه، وينعمون بالأجر الوفير.

إنَّ للشهيد منزلة عظيمة عند الله تعالى، وقد أشارت آيات عديدة وروايات كثيرة إلى منزلته، من قبيل أنَّه تغفر ذنوبه وتكفَّر عنه سيّئاته، ويكون له المقام الرفيع يوم القيامة، ويكون له أجره ونوره، يقول تعالى: ﴿وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾.

 

سلاح الأيمان يتغلب على سلاح الحديد

ما أن بدء العدوان الأمريكي السعودي في ارتكاب المجازر الوحشية بحق أبناء اليمن دون استثناء , وأمعن في تدمير البنية التحتية لشعب اليمني , وفرض حصار برياً وبحرياً وجوياً , وتضيق الحناق على المواطن اقتصاديا , وانكشف المشروع الاستعماري الذي يستهدف اليمن , حتي هب المومنيين إلى ميادين الجهاد والفداء لدفاع عن دينهم ووطنهم والاخذ بحق الأطفال والنساء الذين قتلتهم نيران العدوان وغارته .

هؤلاء المجاهدون ليسوا كغيرهم من المقاتلين في بلد في العالم , انهم اناس تسلحوا بسلاح الايمان وسلاح الحديد , وهو ما جعلهم يحققون ما كان يعتبر مستحيل في السابق , وما هو مستحيل الان عن اغلب جيوش العالم المزودة بالمعدات الحديثة.

أنطلق المجاهدون إلى ميادين الجهاد سوء في الجبهات الداخلية والخارجية , بعد أن تزود بالثقافة القرآنية , متوكلين على الله ومستمدين قوتهم منه عز وجل وبأن الله أكبر من كل قوة في هذا الكون , مجاهدين باعوا من الله انفسهم بأن لهم الجنة مقابل التضحية بالنفس والشهادة في سبيل الله تعالي .

وبدماء الشهداء الطاهرة تحقق لليمنيين العزة والكرامة , وكسرو بتضحياتهم غطرست الظالمين ومن معهم من شذاذ الافاق , واسقطوا المشروع الأمريكي في اليمن والمنطقة العربية ككل , ونالوا ما يتمناه كل مؤمن صادق وهي الشهادة في سبيل الله , وأن يكونوا أحياء عند ربهم يرزقون في جنة الله خلدون فيها في مقابل تقديم أرواحهم الطاهرة .     

 

نفسية المجاهد قبل استشهاده

أن الشهيد يضحّي بأغلى ما لديه في سبيل القرب من الله تعالى والحصول على رضوانه، لذا فإنَّ روح المجاهد قبل استشهاده تكون قد ضاقت بعالم المادّة والماديّات، وهو يترك كلّ ما في عالم الدنيا من مغريات، لآنه يريد الوصول سريعاً إلى الله تعالى ليصل إلى مقام اللقاء الخالد.

وفي بلادنا المعتدي علية , الذي وصفة الله بالأرض الطيبة وقال عنة الرسول الكريم الأيمان يمان والحكمة يمانية , فبعد انطلاق المؤمنون إلى ميادين الجهاد في الجبهات الداخلية والخارجية لمواجهة العدوان , كان لابد من التضحية والفداء والفوز بالشهادة في سبيل الله , فما أن يسقط المجاهد شهيداً في ميادين الاستبسال حتي ترفع روحه الطاهرة إلى بارئها , ليتسابق المجاهدون لانتشال جثمانه , وأخرجها ليستقبلها أسرت الشهيد بالزغاريد واطلاق الالعاب النارية ابتهاجاً واعتزازا بما قدموا في سبيل الله والوطن والمستضعفين , وما هي الا لحظات حتي يزف اهلي وذو الشهيد شهيدهم بالتهليل والتكبير وبأصوات الطبول التي يصاحبها البرع الشعبي .

وبعد أن يوآراء جثمان الشهيد الثراء , تقوم جهة مختصة بأخذ بيانات أسرت الشهيد وتدوينها في كشوفات خاصة بأسر الشهداء ليتم اعاله أسرته وتقديم المعونات المالية والمادية  لها بشكل منتظم ومستمر , وذلك وفاءاً وعرفناً لما قدمه الشهيد . 

 

الشهيد يقهر العدو .. حتي وهو يشيع

بعد استقبال اسرت الشهيد شهيدها بالزغاريد وأطلاق الالعاب النارية في الهواء اعتزاز بنيل أبنهم الشهادة في سبيل الله , يزف اقارب الشهيد وسكان منطقته جثمان شهيدهم إلى مثواه الأخير بجوار اصحابه الذين سبقوه في الشهادة .

ولكن هنا يشعر العدو بالقهر والغيض عندما يري مراسيم استقبال الشهيد ومشاعر الاعتزاز, وحين يتم تشيع جثمان الشهيد وسط فرحة وابتهاج وتكبير وتهليل , يليها قرع الطبول مصحوبه بالبرع الشعبي اليمني , بهذا يشعر العدو بالإحباط ويدرك أنه في مواجهه مع شعب يعشق الشهادة والاستشهاد في سبيل الله , ويلاحظ العالم كل هذا بتعجب وانبهار ليكون لهم نماذجا يحتذاء به عبر الاجيال.  

 

ذكري الشهيد

في ذكري الشهيد السنوية يخصص اليمنيون أسبوعاً لهذه الذكري , يتم فيه أعانة اسر الشهداء وتلمس احتياجاتهم وتنظيم معارض لصور الشهداء في أغلب المناطق والمحافظات اليمينة , وتزين مقابر الشهداء , وتنظيم المهرجات وتزين الشوارع بالزين وصور الشهداء , وذلك وفاءً لما قدمه الشهداء في سبيل عزة وكرامه اليمنيون .

كما تنظم زيارات جماعية رسمية وشعبية لزيارة مقابر الشهداء والدعاء للشهداء , لما لذلك من اهمية في ترسيخ قيم الدين الحنيف وما يتطلبه من عطاء وتضحيات , لكي تحيي هذه الامه غزيزه مكرمة وفق ما يريده الله لعبادة من عزة وكرامه, ومحاربه الظالمين والطاغين والمتكبرين , ورفع الضيم والظلم عن المستضعفين .    

وفي ذكرى الشهيد، يجب أن نستذكر جميعاً مناقبه، وأن نربّي الأجيال على أن يكونوا مثله، وأن نتذكّر تضحياته وشجاعته، ومكانته عند رب العالمين، فالله تعالى يغفر له جميع ذنوبه في أول دفقةٍ من دمه، ويرى مقعده من جنة الفردوس، فالشهيد في أعلى مراتب الجنة، مع الأنبياء والأولياء والصالحين. الشهادة هي أعلى مراتب الحياة بعد الموت، وهو سببٌ لفخر أيّ أسرةٍ تقدم شهيداً، وفخرٌ لوطنه، وأصدقائه، وأحبته، وجميع معارفه، فقد يكون الشهيد هو الأب، أو الأخ، أو الزوج، أو الصديق، أو الحبيب، وأيّاً كان، فهو على كل حالٍ رمز الشرف والتضحية، فالشهادة كرامةٌ وفضلٌ لا يؤتيه الله تعالى إلا لمن يصطفي من عباده.

كل ما ذكرناه سابقاً يجب أن لا تمر ذكري الشهيد الا وقد تعلمتها الاجيال , بما فيهم أبناء الشهداء , لكي نربي جيل قراني يعمل بتعاليم الدين الاسلامي , الذي يحرر الانسان من عبودية العباد إلى عبادة رب العباد , وعدم الخضوع لغير الله , للأن الله يأبي لنا الذلة والهوان , والرضوخ وعدم القبول بتولي اليهود والنصارى من دون المؤمنين , وأن نعرف الاجيال القادمة بفضل الشهادة في سبيل الله والمكانة التي ينالها الشهيد عند الله وخلقة .

قد يعجبك ايضا