قراءات في خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة المولد النبوي الشريف للعا 1445 هـ -2023 م


قراءات في خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة المولد النبوي الشريف للعا 1445 هـ -2023 م

خطاب الانتصار من صنعاء   
كتب/علي خيرالله شريف 

الخطاب الجامع للسيد عبدالملك الحوثي خيب آمالهم  
 كتب/   جمال عامر 

 ” ملامح المرحلة القادمة ”.        
  كتب/  يحيى المحطوري

قائدٌ يحملُ هَــمَّ أُمَّـة.. وخطابٌ لإنقاذ البشرية 
كتب /زكريا الشرعبي   

 التغييرُ الجذري: ثورةُ السيد القائد في مفاصل الدولة 
  كتب/  حسام باشا       

 فوَّضناه بكُلِّ ما أُوتينا من يقين
  كتب/  سند الصيادي
                                               
من وعي وقيم ومشروع كلمة السيد القائد بمناسبة المولد النبوي الشريف 1445هـ                      
كتب /عبدالفتاح حيدرة

 

نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1445هـ

 

” ملامح المرحلة القادمة ”.

 يحيى المحطوري

عبثا يحاول البعض التكهن بأسماء رئيس وأعضاء الحكومة القادمة ، وذلك بعد خطاب تاريخي دشن أول خطوات التغيير الجذري.

ليست حكومة الكفاءات وحدها هي الملفت للنظر في الخطاب ، بل كان خطابا نوعيا تضمن رسما واضحا لملامح المرحلة القادمة ، بالاستناد على ثورة الشعب وصموده ووحدة وتلاحم أبنائه.

وخلافا للجميع ، لن أخوض في الحديث عن الأسماء ، بل سأحاول التركيز على ما تضمنه الخطاب من موجهات مهمة ، عن كيف يجب أن تكون الحكومة ؟ وما هو دورها في المرحلة القادمة؟

وكيف ركز على تأكيد التوجه القادم في الحفاظ على مبدأ الحرية والاستقلال إنطلاقا من تعزيز مبدأ العبودية لله؟

وماذا تضمن في الإشارة إلى حقوق المرأة والطفل واليتامى ، ومسؤوليات المجتمع تجاههم ؟

وكيف قدم الرؤية الصحيحة لبناء المجتمع ؟

وبماذا أكد على ترسيخ مبدأ الشورى ومنع الاستبداد والظلم ؟

وما هو التوجه القادم في بناء العلاقات الخارجية ؟

وهل قدم الضمانات لحماية الجبهة الداخلية ؟

وهل تحدث عن دعوات السلام وإنهاء الحرب ودفع المرتبات ؟

وما هي أسس النجاح وضمانات التنفيذ للمرحلة الأولى من التغيير الجذري ؟!!

وما هي أبرز التهديدات في المرحلة القادمة ؟؟

إضافة إلى توضيحه

للخطوات العملية الأولى في التغيير الجذري بإعادة تشكيل الحكومة بحكومة كفاءات، والعمل على تصحيح وضع القضاء، ومعالجة اختلالاته،

وسنعرض هنا التفاصيل الواردة في الخطاب عن كل نقطة من النقاط التي تحدثنا عنها :

بناء المجتمع

وفي بناء المجتمع أوضح أن في القرآن الكريم الأسس، والتوجيهات، والتعليمات، والتفاصيل، التي شرعها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لعباده، والتي تبني المجتمع البشري بناءً راقيًا، على أساسٍ من العدل والخير، والمحبة والرحمة، والتعاون والتضامن، بدءًا من اللبنة الأولى للمجتمع، وهي الأسرة، وفيه أيضا أرقى الأسس للبناء الحضاري، الذي يتجه فيه الإنسان لعمارة الأرض، ويؤدي دوره كمستخلف استخلفه الله تعالى فيها،

ترسيخ مبدأ الشورى ومنع الاستبداد والظلم

وفي القرآن الكريم الأسس والتعليمات القيِّمة والحكيمة، والهداية الواسعة التي تنظم إدارة شؤون المجتمع على أساسٍ من المبادئ الإلهية والقيم والأخلاق والضوابط الشرعية، وضمن المهام المقدَّسة لتنفيذ تعليمات الله تعالى، وإقامة القسط وبناء الحياة، وتحمي المجتمع من التسلط والطغيان الفردي والفئوي، وتحرم الظلم ولا تعطي شرعية للظالمين، وتمنع الاستبداد وترسخ مبدأ الشورى في إطار الالتزام بتوجيهات الله تعالى، كما قال “جَلَّ شَأَنُه”: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى: من الآية38]، وقال تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة: من الآية124].

وكما قدم القرآن الكريم المفهوم الصحيح للمسؤولية كمسؤولية جماعية تتكامل فيها الأدوار، ولا يمتلك فيها أحدٌ صلاحية مطلقة بل الكل ملزم بتعليمات الله تعالى وحدود المسؤولية،

العلاقات الخارجية

وأيضًا أتى في القرآن الكريم تنظيم العلاقة والمعاملة مع أبناء المجتمع الإنسانيِّ على أسسٍ صحيحة، تفرِّق بين المسالم والمعادي المحارب حتى من الكافرين، كما قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة: الآية8].

وكذلك قوله :

نؤكد ثبات شعبنا في تمسُّكه بقضايا أمته الكبرى، وإدانته لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، ووقوفه المبدئي والديني والأخلاقي مع الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأبطال، ومقاومته الباسلة، مع أحرار الأمة، ومحور المقاومة، لتحرير فلسطين والمقدسات، وعلى رأسها الأقصى المبارك، والقدس الشريف.

الجبهة الداخلية

نؤكد التمسك بالشراكة الوطنية، والمفهوم الإسلامي للشورى، ووحدة الشعب اليمني، والمفهوم العام للمسؤولية، الذي تتكامل فيه الأدوار، ولن نقبل بالاستبداد، ولا بالتسلط الفردي، ولا الحزبي، ولا الفئوي.

الخطوات العملية الأولى:

إنَّ المرحلة الأولى في التغيير الجذري: هي بإعادة تشكيل الحكومة بحكومة كفاءات، تجسد الشراكة الوطنية، ويتم فيها تحديث الهيكل المتضخم، وتغيير الآليات والإجراءات العقيمة والمعيقة، ويتم فيها تصحيح السياسات وأساليب العمل، بما يحقق الهدف في خدمة الشعب، ويساعد على التكامل الشعبي والرسمي في العمل على النهوض بالبلد، ومعالجة المشاكل الاقتصادية.

وكذلك

والعمل على تصحيح وضع القضاء، ومعالجة اختلالاته، ورفده بالكوادر المؤهلة من علماء الشرع الإسلامي، ومن الجامعيين المؤهلين، وفتح مسارٍ فعَّالٍ لإنجاز القضايا العالقة والمتعثِّرة إن شاء الله.

دعوات السلام وإنهاء الحرب ودفع المرتبات

أنصح تحالف العدوان، بإنهاء عدوانهم على الشعب اليمني، وإنهاء الحصار، والكف عن حرمان الشعب اليمني من ثروته النفطية والغازية، التي هو في أمسِّ الحاجة إليها؛ للمرتبات، وللصحة والتعليم، والاحتياجات الإنسانية والخدمية والتنموية، وكذلك إنهاء الاحتلال، ومعالجة ملفات الحرب؛ بإنجاز تبادل الأسرى، وإعادة الإعمار، وإلَّا فإن الإصرار على مواصلة الحصار والعدوان والاحتلال ستكون عواقبه وخيمةً على التحالف، فشعبنا العزيز يمتلك من عناصر القوة- والتي أولها: اعتماده على الله تعالى، وقيمه الإيمانية، وتمسكه بقضيته العادلة- ما يؤهله بمعونة الله تعالى للنصر والتنكيل بالأعداء، ولذلك فإن المصلحة الحقيقية لدول التحالف هي: الاستجابة لمساعي السلام، التي تقوم بها سلطنة عمان.

 أسس النجاح

1

إن أساس النجاح- بعد معونة الله تعالى وتوفيقه- هو تعاونكم، وتفهمكم، ووعيكم، وحذركم من مساعي الأعداء لإعاقة كل مشروعٍ بنَّاء، وحذركم من الحاقدين المفترين.

2

فيا أمَّة الإسلام عودي إلى الله تعالى، إلى نوره وهديه، إلى كتابه ورسوله، فلا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

3

وإنَّ مسار التغيير الجذري لإصلاح مؤسسات الدولة يعتمد على الانتماء الصادق والهوية الإيمانية لشعبنا العزيز، ويستنير بنور الله تعالى وكتابه الكريم، والاتباع لرسوله الأكرم “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” .

4

أنَّ البناء الصحيح لابدَّ له من أساسٍ صحيحٍ وجامعٍ، يؤمن به كلّ اليمنيين، ويعزز الشراكة فيما بينهم، وتجتمع كلمتهم على الإقرار به: هو القرآن الكريم، نور الله العظيم، وله الاعتبار فوق كل المقررات والقرارات، وهو الأساس الذي نعتمد عليه في مسار التغيير الجذري.

ضمانات التنفيذ

وسنبقى- إن شاء الله تعالى- في مواكبةٍ مستمرةٍ، بالمتابعة العملية، وبالكلمات، حتى الإنجاز للمرحلة الأولى، وقد حرصنا على تقديم أهمِّ ما تجتمع به الكلمة، ويصلح به الوضع، في حال التفهم والتفاعل والتقبّل، وبنصحٍ صادقٍ، وحرصٍ أكيد، على شعبنا الذي نحبه، ونسعى لخدمته قربةً إلى الله تعالى،

التهديدات في المرحلة القادمة

يا شعبنا العزيز، ويا أمتنا الإسلامية، إنَّ حجم الظلمات والهجمة الظلامية الشيطانيَّة، التي يقودها اللوبي اليهودي الصهيوني، وأتباعه في الغرب الكافر، ومن يحذو حذوهم قد وصلت إلى مستوى خطير في امتهان الكرامة الإنسانية، والإفساد في الأرض، والظلم والطغيان والإجرام، والاستهتار بالأخلاق، ومن ذلك إعلانها العداء لله تعالى ولرسله وأنبيائه وكتبه وإحراقها للمصاحف، وترويجها للشذوذ الجنسي، والفاحشة الجنسية، في حملة مكثفة تتبناها الأمم المتحدة بمختلف مؤسساتها، والمنظمات الدولية، وأمريكا وإسرائيل، والأنظمة الأوروبية؛ لتفكيك المجتمع البشري وتهديد النسل، وتدمير الأسرة.

اليمن الحديث في فكر قائد الثورة

حمل الخطابُ التاريخيُّ الذي ألقاه قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام الكثير من المضامين الجوهرية للتحول التحرّري الحضاري الذي يمضي فيه اليمن نحو عهد جديد يمارس فيه دورًا قياديًّا ومؤثرا على مستوى المنطقة والعالم بأَسَاسات قوية، سواء على مستوى الرؤية العملية والنظام الداخلي الجامع والمنتج، أَو على مستوى المواجهة مع الأعداء.

الخطاب طرق الكثير من النقاط المهمة والأَسَاسية فيما يتعلق بالهُــوِيَّة الجامعة التي ينتمي إليها الشعب اليمني بشكل أصيل وخاص، والتي يشترك فيها أَيْـضاً مع شعوب العالم الإسلامي، وهي هُــوِيَّة الإيمان والتمسك بالرسالة الإلهية التي أوضح القائد أن كافة المتغيرات تشهد لها اليوم بأنها الحل الأمثل والأكثر انسجامًا مع فطرة المجتمع البشري ودوره وقيمته التي بات الغرب يمثل العدوّ الأكبر لها من خلال ما وصل إليه من امتهان فاضح لكرامة الأفراد والمجتمعات.

واستنادًا إلى هذه الهُــوِيَّة الجامعة التي بات الشعب اليمني يبرهن بشكل عملي على تميزها وأهميتها كمنطلق حضاري عالمي، أعلن قائد الثورة في خطابه المرحلة الأولى من مسار التغيير الجذري، والتي تضمنت عدة عناوين رئيسية، أبرزها إعادة تشكيل الحكومة الوطنية بحكومة كفاءات، إلى جانب إصلاح هيكل وأساليب المؤسّسات الرسمية بما يعالج التضخم ويساعد على الإنتاج، وتوفير الخدمات، والتخلص من الفساد.

هذا الإعلان الذي ارتقبه الشعب اليمني بلهفة، وقابله بإعلان تفويض جماهيري غير مسبوق من داخل ساحات الاحتفال، يمثل فاتحة عهد جديد لليمن الذي بات منذ سنوات نموذجًا استثنائيًّا للتحولات التأريخية بما حقّقه من انتصارات وإنجازات على مستوى الصمود والتغلب على التحديات والمؤامرات؛ لأَنَّ تلك النجاحات والإنجازات قد برهنت بشكل واضح على وجود مشروع تحرّري ناجح واسع التأثير والانتشار إلى درجة تفوق التوقعات، بذل الأعداء جهودًا ضخمة لإعاقته وتحييده، لكنه انتصر ودخل مسارًا جديدًا للبناء يعلم الجميع مسبقًا أن نتائجه لن تكون أقل استثنائية من الانتصارات والإنجازات التي شهدتها الأعوام السابقة، بل إنه سيتكامل معها ليضاعف سرعة التحول التاريخي الذي تشهده اليمن.

وقد استجاب مجلس الدفاع الوطني لما أعلنه القائد بشكل فوري من خلال الإعلان عن إقالة الحكومة الحالية مع استمرارها بتصريف الشؤون العامة العادية، ما عدا العزل والتعيين، إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

ومن على هذه الأرضية الثابتة والصُّلبة من الإنجازات والانتصارات والتوجّـهات النهضوية، وجّه قائدُ الثورة “نصيحةً” جديدة لدول العدوان بإنهاء الحرب والحصار والاحتلال وحرمان الشعب اليمني من ثرواته، محذرًا إياها من “عواقب وخيمة” ستترتب على الاستمرار بسياساتها العدائية تجاه الشعب اليمني الذي أكّـد أنه “يمتلك عناصرَ القوة”.

رسالةُ إنذار مباشرة لم تأتِ منعزلةً عن بقية مضامين الخطاب، فهي تؤكّـد لدول العدوان أنها تواجه شعبا يصنع تأريخًا جديدًا بمشروع مقدس وناجح ومؤثر، وبإرادَة أثبتت السنوات الماضية أنها ليست فقط عصية على الانكسار، بل خلاقة ومؤثرة تفرض معادلات ذات تأثير إقليمي ودولي في فترات قياسية وباستقلالية تامة وخصوصية عصية على الاختراق، ولا تؤثر عليها أية تحديات.

وفي السياق نفسه جاء تأكيد قائد الثورة خلال الخطاب على تمسك الشعب اليمني بقضايا الأُمَّــة ووقوفه المبدئي ضد مؤامرات التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية، ليوضح أن اليمن القوي بمشروعه المقدس، ماضٍ نحو ممارسة دوره المسؤول على مستوى المنطقة والعالم، بما في ذلك خوض الصراعات الكبرى الأَسَاسية بدءا بالصراع مع الغرب الصهيوني كقوة معادية للعالم الإسلامي، مُرورًا بالصراع الإقليمي مع الكيان “الإسرائيلي” وُصُـولاً إلى الصراع مع قوى العدوان على اليمن وأدواتها، وهو موقفٌ شاملٌ يعبر بوضوح عن عالمية المشروع الذي يمضي فيه اليمن، وقيادية الدور الذي يلعبه، كما يعبر عن استحالة تضييق إطار هذا المشروع وتحجيمه، فضلا عن عرقلته أَو هزيمته.

قائدٌ يحملُ هَــمَّ أُمَّـة.. وخطابٌ لإنقاذ البشرية

زكريا الشرعبي

‏لو تأملنا خطابَ قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بتجرُّدٍ من التحيُّزات الضيِّقة والصور النمطية المسبقة، سنجد أننا أمامَ خطاب يجمع ولا يفرّق، خطابٌ عابرٌ للجغرافيا، متجاوزٌ للانتماءات الضيقة، شامل بشمولية الإسلام والرسالة الربانية، فنحن أمام قائد استثنائي يحمل هَمَّ البشرية كلها، وذلك هو منهجُ القرآن وخلاصة التأسي بالنبي الأعظم الذي قال الله -سبحانه وتعالى- عنه: “عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم”.

انظروا إلى مفردات هذا الخطاب كنموذج لخطاباته، ولا أتحدث هنا عن التغيير الجذري على مستوى الدولة اليمنية فتلك جزئية يمكن الحديث عنها في وقت آخر، إنما أتحدَّثُ عن عالمية الخطاب، من حَيثُ مناقشة هموم الأُمَّــة الإسلامية، وانطلاقاً إلى قضايا الإنسان في كُـلّ العام أمام الطاغوت والهيمنة والاستكبار الذي يتخذ في أساليبه أكثرَ من شكل وصورة.

يقطع السيد القائد الخطوطَ الشائكةَ التي يُمنع تجاوُزُها من قبل منظومة الهيمنة، ويذكر بحقائق هامة أرادت هذه المنظومة أن تكون مهملة وهامشية.

لقد عمل الطاغوتُ المتمثلُ في اللوبي الصهيوني وأتباعه على إبعاد الإنسانية عن منهج الله، فكان الابتعادُ مشكلةً قُصوى، أبعدت الإنسانَ عن إنسانيته وحكّمت فيه الطاغوت حتى باتت كرامتَه مهدرة ممتهنة وآدميته مستنقصة، وماله وحقه منهوب، وُصُـولاً إلى الانحراف الخطير الذي يروج له اليوم في هدم منظومة القيم الأخلاقية والمجتمعية وهدم الروابط الأسرية، عبر الشذوذ وثقافة الاستهلاك الرأسمالية وأفكار “اللا انتماء” و”اللا إرادَة”، حتى بات التعامل مع الإنسان كآلة أَو بهيمة.

يُعيدُ السيدُ القائد تقديمَ الإسلام ومنهج القرآن، لا باعتبار ذلك إطارًا تعبديًّا روحانيًّا فقط كما كان يتم تقديمه من قبل الكثير، بل يقدم الإسلام كما قدمه الله سبحانه وتعالى وقدمه الأنبياء من مختلف الشرائع وقدمه الرسول الأعظم محمد -صلوات الله عليه وعلى آله-، منهجَ حياة يُكرِّمُ الإنسانَ ويبني واقعَه العملي الحضاري؛ بما يحقّق القسطَ والنهضةَ والتنمية، والكرامة المكتملة، مؤمناً أن إنقاذ البشرية مسؤوليةٌ رسَّخها الدينُ الإسلامي، ولا ينبغي التفريطُ فيها أَو التقاعُسُ عن أدائها.

وهو -إذ يتوجّـهُ بهذا الخطابِ ويدعو الغربَ إلى الإسلام كطريقة للخلاص ويدعو الأُمَّــة إلى العودة إلى الهدى كمنهج للعزة- لا يأبهُ لما سيقال عنه، ولا يعترف بكون هذا المِلف بات محظوراً بطريقةٍ أَو بأُخرى حتى على العلماء والوعاظ فما بالُك بالقادة الذين يخشون أن يتم وصفهم بالرجعية والتخلف، ويسعى كُـلٌّ منهم إلى إظهار ليبراليته وولائه للسوق الحر وقادة وول ستريت.

وإذ يقدم السيد القائد هذا الخطابَ فَــإنَّه لا يقدمه بطريقةِ حديثٍ نظري عارض، بل يوجِّهُ خطابَه للإنسانية جميعاً حتى تنقذَ نفسها من الشر، وللأُمَّـة الإسلامية حتى تستعيدَ عزتها، مؤكّـداً على أن ذلك ليس مستحيلاً، ولو كان مستحيلاً لما استطاع النبيُّ الأكرمُ أن يبنيَ دولةً متقدمةً في سنوات قليلة، بل إن العودة إلى المنهج الرباني بشكله الصحيح هو الطريقةُ الوحيدة لإنقاذ الأُمَّــة وسيادتها.

هذا هو قائدُنا الذي نتفاخرُ ونعتزُّ به، قائدٌ يحملُ هَمَّ أُمَّـة، ويعملُ على النهوض بها، ومن واجبنا أن نقدِّمَ خطاباته هذه ونبلغَها إلى العالم بالشكل الذي يليقُ بها، فوالله ليس فيها سوى الحرص على الإنسان وكرامته.

من وعي وقيم ومشروع كلمة السيد القائد بمناسبة المولد النبوي الشريف 1445هـ

عبدالفتاح حيدرة

أكد السيد القائد في كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف 1445هـ ان تحرك الرسول صل الله عليه وعلى آله وسلم جاء لتغيير مفاهيم الجاهلية التي ضيعت الانسان وانتهكت حرماته، وانزل الله التوجيهات الإلهية لنبية محمد عليه افضل الصلاة والسلام وعلى آله الطيبين الطاهرين بكتابه العظيم “القرآن الكريم” ومن خلاله وضع الله سبحانه وتعالى التوجيهات والتعليمات التي ترعى حقوق الإنسان و الأسس والتعليمات والتوجيهات التي تبني المجتمع البشري على اساس العدل و التراحم والتضامن، و مسئوليات علاقة الاسرة ببعضها وعلى أساس المبادئ الإلهية العظيمة، والقرآن الكريم وضع الأسس التي تميز الانسان، والقرآن الكريم كتاب هداية شامله إلى قيام الساعة، وهو النور الذي جاء به نبينا محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم، لاخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وقد حقق نبينا نجاح عظيما في فترة زمنية قصيرة وحول حال الأمة إلى أعظم أمة، وتجربة الرسول بحركته بالقرآن الكريم حققت له النتائج المهمة ، ففي القرآن الكريم أرقى الأسس للبناء الحضاري، وفي القرآن الكريم الأسس القيمة والهداية الواسعه التي تنظم شئون المجتمع وفق المهام المقدسه وبناء الحياة وحماية المجتمع من التسلط ولا تعطي شرعية للظالمين وتمنع والاستبداد وترسيخ مبادئ الشورى..

لقد قدم القرآن الكريم المفهوم الصحيح كمسئولية جماعية، والكل ملزم بحدود الله والمسئولية، وجاء في القرآن الكريم جأت الأسس التي تفرق بين المسالم والمحارب، ان حجم الظلمات الشيطانيه التي يقودها اللوبي الصهيوني، قد وصلت لمنحدر خطير، ومن ذلك اعلان العداء لله ورسله وكتبه إحراق المصاحف والشذوذ الجنسي تتبناها الأنظمة الأوروبية وامريكا واسرائيل، في مقابل هذه الهجمه المُفسدة فإن قيمة الانتماء الاسلامي يحتم ان يكون للمسلمين دور متميز في التصدي لهذا الشر، وهذا هو الدور الذي يحمي المسلمين وحماية العالم من هذا الشر، وهي فرصة تحتم المسئولية إيصال نور الله لكافة شعوب البشرية، و التفريط في هذه المسئولية عواقبها كوارثيه فهي تمكين للشر، ان الجاهلية الأولى، ولولا رحمة الله بارسال خاتم انبيائه وكتابه الكريم المعجزة الخالدة، فلا يصلح اخر هذه الأمة الا بما صلح اولها، وان أحياء شعبنا العزيز لأحياء هذه المناسبة هو اعلان للتمسك بالقرآن أسوة ومنهجا ورسول الله صل الله عليه وعلى آله نموذجا وقدوة..

ولهذا فإن مسار التغيير الجذري ينبع من الهوية الايمانية، وشعبنا العزيز جدير بالخير، والعدوان كان من ضمن أهدافه منع اي تصحيح على وفق الهوية الايمانية، بعد أن عملوا ان يكون مذعنا للبند السابع والمبادرة الخليجية، ومن المعلوم قطعا ان البناء الصحيح لابد من اساس جامع لكل اليمنيين لا يدخل في حيز المناطقية والفئوية والجهوية، فما يؤمن به ابناء الشعب اليمني كاملا، اولا هو القرآن الكريم وهو الأساس الذي نعتمد عليه في اساس التغيير الجذري، ثانيا  نؤكد على الشراكة الوطنية و الشورى ولن نقبل بالاستبداد والتسلط الحزبي، ثالثا الحل الجذري يتطلب إعادة تشكيل الحكومه ويتم فيها تصحيح السياسات والقوانين واللوائح ، رابعا، إنهاء العدوان والحصار و الاحتلال ومعالجة كافة ملفات الحرب وتمكين شعبنا من ثرواته، خامسا نؤكد تمسك شعبنا بقضاياه الكبرى وموقفه المبدئي والثابت مع الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة، وأساس النجاح هو الوعي والحذر من الحاقدين المفترين، ومن أساسيات المرحلة الأولى للتغيير الجذري تصحيح وضع القضاء، والاتجاه الصحيح هو ما ينفع الناس والأمة..

فوَّضناه بكُلِّ ما أُوتينا من يقين

سند الصيادي

خطابُ السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى المولد النبوي كان تتويجُا لخطاباته كلها التي سبقت، ليس في كونه كان حافلًا بالموجهات الخَاصَّة بعملية التغيير الجذري نحو الإصلاح المؤسّسي والإداري، بل في كونه أحدث تأثيرًا مضافاً قرأنا انعكاساته لدى بعض النخب الذين لديهم قناعاتٌ ورؤىً مختلفة، وَتأكيدهم بأنه خطابُ مرحلة لا يصدر إلَّا من قائد استثنائي، فيه من المسؤولية والصدق وَالثبات وَالوضوح ما جعلهم يشيدون به ويعبِّرون عن تفاؤلهم، بعد أن تكفلت المرحلةُ السابقةُ ومنظومتها المتهاوية من قوىً وأحزابٍ إلى أن تجعلَهم مكبَّلين بدائرة التشاؤم واليأس.

بالنسبة لنا نحن الذي انخرطنا في هذا المسار وَالمنهج وتولينا هذا القائد وَالتحقنا برجاله، مثَّل لنا خطابُ السيد القائد في ذكرى يوم المولد النبوي الشريف تكريسًا لقناعاتنا المتراكمة والثابتة حوله، تلك التي قلناها وعبَّرنا عنها بعد أول خطاب في ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، هذا القائدُ تملَّكَ حواسَنا ومشاعرَنا وَأقلامَنا وحروفَنا قبل أن تنهارَ منظومةُ الزيف وَتتوارى خلف ستار الفضائح، وقبل أن تخلوَ الساحاتُ من المتفوِّهين والمنظّرين والمراهنين، ومن زحام تلك المشاريع، رأينا فيه رجلَ الإنقاذ وطنيًّا قبل أن يتراءى لنا كسفينةِ نجاةٍ دينيًّا وَإنسانيًّا، نراهنُ عليه بكُلِّ الثقافات التي تجمعت في عقولنا، نسك العُبَّاد وَأفكار الفلاسفة ونظريات المفكِّرين، وتباشير المؤرخين.

من جميعِ ساحات المولد النبوي الشريف، صرخنا: “فَوَّضناكَ”. ومعنا كُـلّ الشعب، وليس لنا رجاء إلَّا بدولة كريمة نعيش في كنفها مواطنين أعزاءً أحرارًا كُرماءَ.. لدينا قضيةٌ نحيا لها وبها؛ ولأننا وجدنا ضالَّتَنا في هذا القائد.

وفي ضميرنا سرورٌ لا منتهى له أن اللهَ لم يخيِّبْ ظنونَنا ولم يزغ قلوبنا، كما نحن سعداء في أن نرى كُـلَّ يمني عاقلٍ صحيحِ العقل نظيفِ الفكر أن يشاطرَنا هذه القناعاتِ ولو بعدَ حين، وأن تأتيَ هذه القناعاتُ متأخرةً خيرٌ من أن لا تأتي.

التغييرُ الجذري: ثورةُ السيد القائد في مفاصل الدولة

حسام باشا

في خطابه الذي أضاء به سماء الأُمَّــة بنور ذكرى المولد النبوي، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بدء المرحلة الأولى من التغيير الجذري في اليمن، والتي تشمل إحداث ثورة في مفاصل الدولة بتشكيل حكومة كفاءات تعكس الشراكة الوطنية، وتحسين البنية التنظيمية المترهلة، وتبديل الأساليب والقوانين المعوقة، وتعديل السياسات وطرق العمل بما يخدم المصلحة الشعبيّة ويساهم في التكامل الرسمي والشعبي في العمل على رفعة البلاد وتصحيح وضع القضاء وتقويم انحرافاته وفتح مجال فاعل لإنهاء القضايا العالقة.

تحمل مسيرة التغيير الجذري في طيات مرحلتها الأولى أملاً جديدًا للشعب اليمني، فهي، إذ تعبر عن هُــوِيَّته وكرامته فَــإنَّها تمثل نقطة تحول في تاريخه ومصيره، وتعد فرصة ثمينة للخلاص من دوامة المعاناة التي ابتلي بها شعبنا لعقود طويلة؛ بسَببِ الفساد والظلم من جهة والإجراءات والسياسات المعيقة من جهةٍ أُخرى.

فكما ينبض القلب بالحياة، ينبض الشعب اليمني بالإيمان وبالثقة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وهو يسير على درب التغيير الجذري، إذ يفتح صفحة جديدة من تاريخه، ويمسك بزمام الفرصة للخلاص من الأزمة الخانقة التي ألمت به؛ بسَببِ النظام المتحجر والعقبات المتراكمة والتي ازدادت شدة؛ بسَببِ العدوان السعوديّ الأمريكي والحصار الظالم والتآمر الدولي على الثورة والشعب.

إن التغيير الجذري يمثل عملية إصلاح شاملة وعميقة تستهدف رفعة البلاد والشعب في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذه العملية تنطوي على رؤية واضحة وإرادَة صادقة وتأتي ضمن خطوات مدروسة ومتسلسلة تنطلق من المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى، وتهدف إلى إحداث تغييرات جوهرية في هيكل وآليات وسياسات وأساليب عمل مؤسّسات الدولة، بحيث تؤدي دورها في خدمة الشعب وتحسين أوضاعه.

هذا المسار الوطني في مرحلته الأولى يبدأ بتشكيل حكومة كفاءات تعبر عن روح الشراكة والتعاون بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية، وتضُمُّ شخصياتٍ مؤهَّلةً ونزيهةً ومخلصةً للبلاد والشعب، قادرة على إدارة شؤون البلاد بحنكة وحكمة، وتحقيق مصالح الشعب وتلبية احتياجاته، ومواجهة التحديات والمخاطر التي تهدّد السيادة والاستقلال والوحدة الوطنية.

كما يعمل هذا المسار على تحديث الهيكل الإداري للدولة، وإعادة هيكلة المؤسّسات الحكومية بما يخفف من العبء المالي ويزيد من الكفاءة والإنتاجية، مثل إلغاء أَو دمج بعض الوزارات أَو الإدارات أَو المؤسّسات التي لا تضيف قيمة أَو تتداخل في مهامها مع غيرها، وإعادة توزيع الموظفين بحسب احتياجات كُـلّ قطاع، وإصلاح نظام التقاعد والرواتب والحوافز لضمان عدالة التوزيع وتشجيع الأداء. ‏

بالإضافة إلى ذلك، سيعمل هذا المسار على تغيير الآليات والإجراءات المعقدة، والروتينات والبيروقراطية التي تؤخر أَو تعطل سير العمل، وتبسيط وتسريع عملية اتِّخاذ القرارات وتنفيذها في مختلف المستويات، وتعزيز الاتصال والتنسيق بين المؤسّسات المختلفة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. ‏

كذلك، يشمل هذا المسار تصحيح السياسات وأساليب العمل في كافة القطاعات بما يتوافق مع المصلحة الوطنية والمتطلبات الحالية وفق أولويات وأهداف وخطط ومؤشرات كُـلّ قطاع، وتوزيع الموارد والمسؤوليات بعدل وكفاءة، وتطبيق مبادئ الشفافية والرقابة والمساءلة على كافة المستويات.

ويضم هذا المسار تصحيح وضع القضاء وإجراءاته ومعالجة اختلالاته، فهو ركن أَسَاس من أركان الدولة الحديثة، ومسؤول عن تطبيق الشرائع والقوانين، وفض النزاعات والخلافات، ومكافحة الجريمة والإرهاب، وردع المفسدين والمجرمين، وحفظ الأمن والأمان، ويتضمن مسار التغيير الجذري في القضاء تطبيق مبدأ استقلالية السلطة القضائية، وحماية حقوق المتهمين والضحايا، وتأهيل وتدريب القضاة والمحامين والموظفين، والاستعانة بالعلماء في الفقه والشريعة، وتطوير البنية التحتية والتكنولوجية للمحاكم، وفتح مسار فعال لإنجاز القضايا العالقة.

وعلى ضوء ما سبق، وفي سبيل تحويل اليمن إلى دولة عادلة ومستقرة ومزدهرة، يسعى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى تحقيق التغيير الجذري في النظام السياسي والإداري والاقتصادي والقضائي في اليمن، مستنداً إلى إيمانه بالله ورؤيته الثاقبة وخبرته الواسعة، التي تمكّنت من قيادة هذا التحول الشامل بحنكة وشجاعة وروح الإيمان والجهاد.

هذا التحول سيكون بمثابة فجر جديد للشعب اليمني، يضيء له طريق التقدم والنماء في جميع المجالات، خُصُوصاً وأنه أمام قائد رباني يتحلى بالحكمة والشجاعة والإخلاص والإيمان، يمثل صوته ويرفع رايته ويحمي حقوقه ويحفظ كرامته ويلهمه لتحقيق الانتصار على كُـلّ التحديات والصعاب التي تعترض طريق ثورته.

الخطاب الجامع للسيد عبدالملك الحوثي خيب آمالهم

جمال عامر

قيل في فساد رئيس حكومة الشتات معين عبد الملك مالم يقله مالك في الخمر حتى عزز أعضاء كثر في مجلسهم النيابي السفري ما كان يتداوله ناشطون بالأدلة ودعوا إلى إقالته ومحاسبته ولأن قرار التعيين هو حق لنظامي الرياض وابوظبي فقد أخرج معين لسانه لكل من طالب بإقالته، واستمر بفساده.

وبالمقابل حين اعلن الأخ العزيز السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن ضرورة التغيير الذي تأخر تم إقالة حكومة صنعاء في ظرف 24 ساعة وهو الفارق حين يكون القرار وطني ومن الداخل وبين أن يكون رهنا للخارج

إلا انه ومع ذلك فقد جن جنون تنابلة بن سلمان وبن زايد ونسجوا حكايات من مخيلات مريضة على الرغم من وضوح:

أولاً: الثوابت التي أكد عليها الأخ العزيز السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابيه بمناسبة ذكرى المولد المتمثلة بمرجعية القرآن الكريم باعتباره المتفق عليه بين المسلمين وهو ما يتوافق مع المادة الثالثة من الدستور اليمني الذي ينص على أن (الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات).

-التأكيد على النظام الجمهوري وعدم استهدافه.

-التمسك بالشراكة الوطنية، وعدم القبول بالاستبداد، والتسلط الفردي، أو الحزبي، أو الفئوي.

ثانيا: محددات التغيير الجذري في مرحلته الأولى والتي تتمثل بإعادة تشكيل الحكومة بحكومة كفاءات، تجسد الشراكة الوطنية، يتم فيها تحديث الهيكل المتضخم، وتغيير الآليات والإجراءات العقيمة والمعيقة، وتصحيح السياسات وأساليب العمل، بما يحقق الهدف في خدمة الشعب، ويساعد على التكامل الشعبي والرسمي في العمل على النهوض بالبلد، ومعالجة المشاكل الاقتصادية وكذا العمل على تصحيح وضع القضاء، ومعالجة اختلالاته، ورفده بالكوادر المؤهلة

والسؤال المطروح، هو أين المشكلة في كل ما سبق ولماذا تسببت ثوابت التغيير ومحدداته كل ما حصل من هيجان ولا زال قائماً؟!

اذ لا يمكن فهمه إلا من باب أن هذا الخطاب الجامع قد خيب ما كان يتمناه هؤلاء وعكسوه في مايدعون زوراً وبهتاناً وانا لمنتظرون.

خطاب الانتصار من صنعاء

علي خيرالله شريف

في خطابه الأخير الذي ألقاه في المسيرات المليونية التي انطلقت من خمس عشرة محافظة يمنية بمناسبة أضخم احتفال على وجه البسيطة بالمولد النبوي الشريف للعام 1445 هجري الموافق للعام 2023 ميلادي، وضع السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد حركة أنصار الله، خريطَةَ الطريق لما بعد اندحار الاحتلال وانتصار اليمن على تحالف العدوان. هذا الاحتلال الذي شَنَّتهُ السعودية والإمارات بدعم ومشاركة أمريكا والدُوَل الغربية، لِيُعَربد بمصير اليمن كما عربد بمصائر الشعوب ومصير الكرة الأرضية وفضائها وبحرها وبَرِّها ومائها.

إن ما بعد خطاب السيد الحوثي ليس كَما قَبله، فقد كان خطاباً استراتيجاً بامتياز، ومُبَشِّراً بالنصر بامتياز. وبَقِيَ أن يعرف الفرقاء اليمنيون في عدن كيف يَتَلَقَّفُونَهُ ويلاقون السيد في منتصف الطريق. ومُلاقاتُهُ في منتصف الطريق تُحَتِّمُ عَلَيهِم لَـملَمَةَ أوضاعِهِم والتَلاقي فيما بَينَهَم وحسم أمرِهِم باتخاذِ القرار الذي يُحَقِّقُ طرد العدو من الشطر الجنوبي لليمن وتحرير الأرضِ والثروات والإنسان اليمني. وعندما نقول (العدو) نعني قطيعاً متعدد الرؤوس والمخالِب والأنياب وَكُلِّ عيارات الجشع والإجرام. ويضم هذا العدوان السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبقية دول الناتو والكيان الصهيوني وغيرهم من العصابة التي تسمي نفسها زُوراً “المجتمع الدولي”. وهذه العصابة هي نفسها التي دَمَّرَت الدول العربية وما زالت تُدَمِّرُها في إطار تحقيق أهداف النيوليبرالية والأجنحة الأكثر تطرفاً فيها، بتفتيت العالمين العربي والإسلامي.

خصص السيد عبد الملك الحوثي القسم الأول من خطابه للحديث عن الأُسُسِ والمبادئ التي يجب على الأمة الإسلامية الارتكاز عليها لإعادة الاعتبار لِقُوَّتِها وهَيبَتِها، ما يُمَكِّنُها من إثبات وجودها وفرض احترامِها على مَشارِقِ الأرض ومغاربها. وطبعاً هذه قاعدة عالمية وأخلاقية وسلوكية، فالاحترام لا يُطلَبُ ولا يُستَجدَى، بل يُفرَضُ فَرضاً، خاصةً عندما يكون الخصم أو العدو مُتَفَلِّتاً من أيَّةِ قِيَم، بل أكثر من ذلك، هذا العدو يعتمد البلطجة، ولا يتأخر عن إذلال خَصمِهِ كُلَّما وَجَدَه ضعيفاً هزيلاً وذا شخصية مُنفَصِمَة، كما هي حال الدول العربية والإسلامية حالياً أمام جبروت أمريكا المتغطرسة وأمام وحشية الغرب الذي يعتمد سياسة القرصنة والنهب، ولا يحترم قوانين الدول ولا حتى القوانين والاتفاقيات الدولية.

تحدث السيد الحوثي بإسهابٍ عن المبادئ والقيم التي بَنَى عليها الرسول(ص) دولةَ الإسلام، فوصلت بِفَضلِها إلى قِمَّةِ القُوَّةِ والشُموخ، وإلى مستوىً من الهيبة جعلت الأعداء لا يجرؤون على امتِهانِها أو إهانة نبيها أو قرآنِها وَمُعتَقَداتِها. وخَلُصَ إلى القول أن السبيل الوحيد لاسترجاع القوة والشموخ والهيبة ولفرض احترامنا على الشرق والغرب، ولكي نكونَ أحراراً بالفعل، هو العودة إلى تلك المبادئ والقيم، والتحرُّر من العبودية، وحصر العبودية لله الواحد القَهَّار، فلا عبودية للصنم ولا للمال ولا لطاغية ولا هَوىً أو غريزة أو حب دنيا. وشَدَّدَ السيد على أهمية احترام الإنسان والأسرة وتطبيق العدالة والرحمة، ونبذ الشذوذ والانحراف، والتَذَكُّر الدائم أن الإنسان هو خليفة الله على الأرض، عَلَّمَهُ الأسماء كُلَّها، وَوَهَبَهُ الحكمة والرشد والاستقامة والعفة والالتزام بالفطرة التي فَطَرَهُ عليها.

ووجه نداءَهُ إلى الشعوب الإسلامية داعياً إياهم إلى الحَذَرِ مما يُحاكُ لهم من مكائد تدميرية، بالإفساد وترويج الشذوذ وتوهين الدين عبر حرق القرآنِ الكريم وإهانة الرسول(ص) بالرسوم الـمُشينة وبالشتم والاستهزاء. وأكد سماحتُهُ أن العودة إلى الجذور التي أنبتت القوة والعزة والكرامة، هي الطريق لإصلاح ما فَسُدَ من الحال، لأنه “لا يَصلُحُ آخر هذه الأمة إلا بما صَلُحَ به أَوَّلُها».

وتضيق الصفحات إن أردنا الحديث عن ذلك الخطاب الغني بمضامينه وقِيَمِه ورسائله بخصوص القضايا المعاصرة التي يَنُوءُ تحتها المجتمع البشري.

أما فيما يتعلق بالداخل اليمني، فقد رسم السيد الحوثي خريطة طريق ما بعد التحرير ومرحلة ما بعد توحيد اليمن. وضع في الخريطة تلك المبادئ العامة للبناء الصحيح في اليمن، التي تُكسِبُهُ القوةَ والمناعة وتمنُّ عليه بِمُستَقبَلٍ مليءٍ بالتقدم والازدهار. وأبرز تلك الـمبادئ هي الابتعاد عن الفئوية والتعصب والمذهبية والعنصرية، والتمسك بالشراكة الوطنية وتكامُلِ الأدوار والالتقاء حول مصلحة الوطن والمجتمع، وتصحيح السياسات الكفيلة ببناءِ يَمَنٍ مُوَحَّدٍ سعيدٍ وعَصِيٍّ على غدر الزمان وكيد الأعداء. ودعا اليمنيين إلى الاستنفار لإعادة إعمار اليمن الجديد وتوحيده. وفي شبه إعلان لبداية مرحلة السلام ما بعد الحرب، دعا السيد الحوثي إلى تشكيل حكومةٍ جديدة تضم الكفاءات وتشمل الأطياف اليمنية كافة، من مختلف المناطِقِ والاتجاهات والمذاهب والأحزاب والـمِلَل، وترعى هذه المرحلة البالغة الأهمية من تاريخ اليمن.

كما دعا السيد الحوثي إلى إصلاح القضاء. ويُعتبر قمة الوعي والإدراك والتفكير الاستراتيجي، أن يدعو القائد إلى إصلاح القضاء، فهو بذلك يُوَجِّهُ البوصلة إلى الاتجاه الصحيح الذي يكفل بناء الدولة المدنية العادلة والـمُستَقِرَّة والآمنة، التي يكون فيها القضاء هو بيضة القبان والضامن لأمن المجتمع ولسلامة العمل على مختلف المستويات، وللتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والإعلامية، ولأمن المجتمع وازدهارِهِ ورخائِه.

ونقطة القوة الأبرز في خطاب السيد عبد الملك الحوثي، كانت نصيحتُه لتحالف العدوان بالإسراع في إنهاء عدوانِهم عن اليمن ورحيل قواتهم عنه وكسر حصارِهِم له دون قيدٍ أو شرط، وبِكَفِّ يدِهِم عن ثَرَواتِهِ وَمَوانِئِهِ وَلُقمَةِ عَيشِ شَعبِه، قبل فوات الأوان. وأنذَرَهُم، من موقع القوة، وليس من موقع الاستجداء كما هي حال بعض قادة العرب، أن يستجيبوا لمساعي السلام العُمانية(واللافِت أنه لم يُعِر الأهمية للقاء الوفد اليمني ولي العهد السعودي، وهذا له دلالاتُه)، لأن عدم استجابتهم ستجلب لهم الكوارث. وهذا الإنذار أتى بعد أيام من العرض العسكري اليمني الكبير الذي أدهش العالم بحجمه وتَنَوُّعِه وتَطَوُّرِهِ وغِناه، برغم الحرب والحصار وتكالب عشرات الدُوَلِ الغربية والخليجية عليه. وهذا العرض جاء بمثابة السند الذي يرتَكِزُ عليه السيد الحوثي، بعد الله، في فرض إرادة شعبة وانتزاع حقوقه من فم التنين الغربي المتوحش.

أما فلسطين، فلم تَغِبْ، كالعادة، عن خطاب القائد اليمني، كما لم تَغِب عن اهتمام الشعب اليمني حتى في أشَدِّ أيام الحرب والحصار عليه. لقد تَمَسَّكَ السيد الحوثي بدعمهِ لفلسطين في قَضِيَّتِها حتى التحرير الكامل لأرضها ومقدساتِها. وأعلن مرةً أخرى عن تكامله مع محور المقاومة إلى أن يُحَرِّرَ هذا المِحور، بلاده من الوجود العدواني الـمُجرِم.

لقد كان خطاب السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، خطاب الانتصار بامتياز، وهذا يحمل الكثير من المؤشرات الواعِدة. ولكن يجب أن لا ننسى أن تحالف العدوان لم يَتَخَلَّ عن نواياه الخبيثة ولا عن خططه لمتابعة العدوان على اليمن بوسائل أخرى لا تتوقف عند الحرب العسكرية، بل تتعداها إلى مختلف الوسائل الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والثقافية والاجتماعية، وإلى مختلف أنواع العقوبات والحصار. فتاريخ أمريكا وحاضرها حافلان بالعدوان على البشرية، والأمثلة حاضرة أمامنا في سوريا والعراق وإيران ليبيا وأفغانستان والبوسنة وغيرها، وأمريكا اللاتينية وروسيا والصين، وفي كل مكانٍ يصله الأذى الأميركي والغطرسة والإجرام.

قد يعجبك ايضا