* كنا .. وهكذا صرنا *…..بقلم/ علي جاحز

 

قبل عامين .. كانت ادوات الوصاية وعملاء المشاريع الحاقدة على اليمن تستهدف الوعي المجتمعي اليمني وتلعب عليه بشكل منظم ومدروس ودون ان يشعر بذلك الناس عدا قلة قليلة من المفكرين واصحاب الرؤى التنويرية التحررية ، ومن بين تلك اللعب التي استهدفت الوعي هي غرس وتكريس قناعة باننا بلد فقير وضعيف ونطمح ان نصبح مثل شعوب الخليج ونعيش الرفاهية التي يعيشونها.
بعد عامين ، اكتشفنا اننا بلد غني وقوي وان شعوب الخليج كانوا يأكلون ويترفهون بفضلات خيرات بلادنا التي تشكل اليوم في ظل الحصار والعدوان المستمر ضمانة تحد وسر كبير من اسرار الصمود ، وكانوا يشترونها باضعاف اضعاف سعرها في اسواقنا اليوم في ظل الحصار، حتى وان انقطعت عليهم خيراتنا فهم انما يأكلون اغذية معلبة فواكة مستوردة خضروات مستوردة حتى الهواء يتنفسونه بفلوس في السيارة والمنزل ، لا يستطيع الخليجي ان يأكل كل يوم ما يأكله المواطن اليمني العادي على مائدة طعامه في ظل الحصار المطبق الا بكلفة عالية ، ولهذا حث السيد القائد في خطابه عشية ذكرى الصمود الثانية على الزراعة والعناية بها .

قبل عامين ، كانت مفهوم الوطنية والنضال مجرد شعارات وادبيات نظرية للاستهلاك الاعلامي وتخدير الوعي الوطني ، وكانت صفة الوطني والمناضل تحتكرها عصابة الارتزاق والعمالة التي تقف اليوم في صفوف العدوان وتبيع الوطن جهارا وتبيح دماء نسائه واطفاله وتعطي للعدو الخارجي صكوك الغفران وهو ينتهك الارض والعرض .
بعد عامين ، صارت كل شيء في الارض اليمنية الابية يشتعل وطنية ، كل ابناء الشعب اليمني يتذوقون طعم الوطنية ويصنعون ملاحمها ، يتسابقون الى ميادين النضال بروحية عالية وبحب لوطنهم لم تشهده اليمن من ابنائها في السابق ، صار النضال صفة الانسان اليمني الصغير والكبير المرابط في الجبهات والمرابط في الاعلام والمرابط في التوعية والمرابط في الادارة والمرابط في الاقتصاد والمرابط في موقعه السياسي او الامني ، حتى المرأة المرابطة في بيتها تدبر وضع اسرتها الصعب في ظل الحصار والطفل المرابط في مدرسته تحت القصف ونقص المدرسين وايضا لاننسى عمال النظافة المرابطين بلا رواتب في عملهم العظيم وشرطة المرور ووووو الخ .. صار الجميع ينطلق من تذوق معنى النضال وحب الوطن .

قبل عامين ، كانت ماكينة اختراق الوعي تشكك اليمني في جيشه وقدرته على مواجهة العدو الخارجي ، وكانت تكرس في وعي الناس قناعات اننا شعب ذليل ودون بقية الشعوب ولا نمتلك مقومات مواجهة ودفاع عن الوطن ، بل كان يصل بهم الحال ليكرسوا في اذهان الناس ان اليمني لايحب بلده ولايحق له ان يفديها ويضحي بنفسه من اجلها باعتبار ان ذلك تفكير غير حضاري وتعبئة عنف، وان الشاب لا ينبغي ان يفكر في هذه الاشياء الخطيرة .
بعد عامين ، وجد اليمني نفسه صخرة منيعة امام العالم ومرتزقة العالم وجيوش العالم واسلحة العالم الفتاكة ، واكتشف الشاب اليمني انه يجد نفسه وفتوته وبطولته ومتعة شبابه في الجبهات وميادين التضحية ، وليس في شوارع التسكع ولا في ملاهي اللهو والكيف ولا في مزالق الطيش التي يراد له ان يكون فيها ، فامتلأت الجبهات بالمقاتلين الاقوياء من شباب اليمن وايضا من رجاله وشيوخه ، وينطبق الحال على شابات ونساء اليمن اللواتي لهن جبهاتهن ايضا التي وجدن انفسهن وهويتهن وشعرن بوجودهن باعتبارهن النصف الثاني من المجتمع الانساني ، وليس في تلك الصورة التي كانت تراد لهن من قبل ماكينة اختراق الوعي التي كانت تكرس في عقلية المرأة ان مساواتها بالرجل فقط في مجالات الانحلال والتمرد على القيم والثوابت .

قبل عامين ، غرست ادوات الوصاية والاذلال في عقلية الدولة والجيش والشعب اننا لانمتلك قوة عسكرية وعتاد عسكري ولا يمكننا ان نمتلك بل ولا يحق لنا ان نمتلك العتاد العسكري الذي يؤهلنا ان نوقف اي مخطط على بلدنا .
بعد عامين ، طورنا سلاحنا وصارت صواريخنا تضرب الرياض ، وفي مطلع العام الثالث ضربنا بثلاثة صواريخ قاعدة خميس مشيط ، وصنعنا طائرات بلا طيار صارت محل دراسة مراكز ابحاث امريكية ، ونصنع ذخيرتنا من الرصاصة الى قذيفة الهاون .

قبل عامين ، كانت جماهير الشعب مشتتة منقسمة وفق امزجة سممتها الاعيب ادوات الوصاية وعملاء الخارج بالاحقاد واللهو والاعتبارات المختلفة التي من بينها المادية والسياسية وايضا عدم المبالاة باهمية رسم صورة للشعب في اجتماع جماهيري واحد يهتف بصوت واحد .
بعد عامين ، امتلأ ميدان السبعين والشوارع المؤدية اليه بحشود لم تستطع عدسات الكاميرات استيعابها ، واضعاف اضعافهم ممن لم يستطيعوا الخروج احتشدو امام الشاشات ، واضعافهم محتشدون في جبهات القتال .

هكذا كنا.. وهكذا اصبحنا بعد عامين من العدوان .. اقوياء اعزاء اغنياء كرماء رغم القصف والحصار .. الا يدل هذا على اننا ذاهبون الى النصر بإذن الله ؟!

قد يعجبك ايضا