لمحة سياسية على المراحل الأولى لانطلاق المسيرة القرآنية

الحقيقة/كتب/الباحث/يحيى-المحطوري

لمحة سياسية على المراحل الأولى لانطلاق المسير ة القرآ نية

..1..

مدخل

يعتبر الحديث عن المراحل الأولى لانطلاق المشر وع القر آ ني  من القضايا المهمة والحساسة ، وذلك لغياب الكثير من تفاصيل تلك المراحل عن المتابعين والمهتمين بالمسيرة القرآنية وكذلك المنتمين لها .

ولذلك نود التنبيه على أننا سنحاول التركيز على جوانب محدودة لها علاقة بالبعد السياسي خلال تلك الفترة ، لأن التوثيق الكامل والتفاصيل الأدق تحتاج إلى دراسات معمقة ومتخصصة .

لقد كان للشهيد القا ئد حسين بدر الد ين الحو  ثي ، رضوان الله عليه ، حضوره البارز والفاعل خلال مرحلة ما بعد الوحدة اليمنية ، والمشاركة في حزب الحق، مرورا بعضويته في مجلس النواب، وسنحاول التطرق لهذه المرحلة كمدخل للحديث عن حروب صعدة الست والأبعاد السياسية خلال تلك الفترة.

وللتذكير فقد كانت انطلاقة المشر وع القر آني حين أعلنه الشهيد القا ئد حسين بد ر الد ين الحو .ثي رضوان الله عليه ، بإطلاق صرخة الحق من مدرسة الإمام الهادي عليه السلام لأول مرة بتاريخ17/1/2002م .

 بالتزامن مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من أحداث الحرب على العراق واستمرار الهجمة الأمريكية على المنطقة.

ولذلك فلا بد من الحديث عن مرحلة التكبير في الجامع الكبير بصنعاء والسجون  والاعتقالات التي ترافقت معها، وعدم قدرتها رغم بشاعتها عن إسكات صوت المشروع .

وكذلك فشل السلطة في وأد المشروع عند شنها لعدوانها في الحرب الأولى وقتل الشهيد القائد رضوان الله عليه .

وسنحاول تسليط الضوء على الأسس والمنطلقات التي أسست للوضع الحالي لليمن ومستوى تأثيره الإقليمي والدولي وقدرته الكبيرة على الصمود رغم كل ما قامت به أمريكا طوال تلك الفترات وصولا إلى العدوان على اليمن بكل أحداثه وتفاصيله.

وما ترافق مع هذه الأحداث من ملابسات سياسية ومذهبية كثيرة.

 

 

..2..

قائد المسيرة القرآنية..

وأمام كثير من التساؤلات عن شخصية الشهيد القا ئد حسين الحو ثي رضوان الله عليه ، وهل كان قائدا عسكريا أم رجلا سياسيا أم مرشدا دينيا ،

وللإجابة على كثير من الاستفهامات نود الإشارة إلى أن السيد حسين كان رجلا استثنائيا وقائدا ومرشدا قرآنيا، رجل دين وسياسة ، يحمل في شخصيته مواصفات المسلم الحقيقي وصفات المتقي التي تحدث عنها القرآن الكريم في أرقى المستويات التي يمكن أن يصل إليها الإنسان.

كان قائدا عظيما يحمل وعيا كاملا بخطورة المرحلة وما يجب عمله في مواجهة هذه الخطورة ، برؤية شاملة لا ينفصل فيها التحرك الديني عن الموقف السياسي الناتج عن ذلك التحرك أو الذي يمثل انعكاسا له.

كان قائدا يحمل إدراكا كاملا لكل أسباب الانتصار ولكل عوامل الهزيمة من منظور قرآني يعكس التجارب التي عرضها الله في كتابه الكريم ، لذلك فهو يملك رؤية عسكرية عميقة، ويعرف أهميتها وانعكاساتها على الواقع السياسي وقدرة كل جانب في التأثير على الجوانب الأخرى.

فالسيد حسين كان قائدا عظيما يحمل كل مواصفات القيادة الحكيمة،

والمتأمل لمشروعه الفكري والثقافي الذي أسس فيه لبناء أمة قر آنية تكون شاهدا على عظمة دين الله وعلى حكمة القرآن ومواقف القرآن،  يجد كيف كان طرحه شاملا وتشخيصه دقيقا لكل الأسباب التي أدت إلى انحطاط الأمة ،

وكيف قدم الحلول القر آنية لاستنقاذ الأمة من هذا الانحطاط على كل المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والدينية.

في تحرك جهادي شامل يعزز بعضه حضور البعض الآخر ، ويشكل كل جانب حلا عمليا للجانب الآخر في كل المعوقات أو الصعوبات التي من المحتمل أن تواجه هذا المشروع.

ما قبل انطلاقة المشروع القرآني

ونود التأكيد أن انطلاقة المشر وع القرآ ني لم تكن مجرد صدفة أو مجرد فكرة طارئة أو آنية جاءت وليدة يومها

فقد كان للشهيد القا ئد رضوان الله عليه حضوره السياسي والاجتماعي اللافت والبارز خلال كل المراحل التي سبقت انطلاق مشروع المسيرة القرآنية .

فقد كان له حضوره الاجتماعي والعلمي البارز من خلال أسرته التي لا تحتاج إلى تعريف ، ووالده الذي يتربع مكانة علية في قلوب جميع أبناء صعدة خصوصا وأبناء المذهب الزيدي في عموم اليمن..

 

..3..

قبل الوحدة اليمنية

وقد كان له حضور بارز في مشاركته لوالده الكريم في مواجهة المد الوهابي في مراحل متقدمة ،  وفي العمل على تحصين المجتمع ووقايته من الفكر التكفيري ، عن طريق فضح أهدافه وتعرية مشروعه في مراحل مبكرة ، وتوضيح النتائج المأساوية لاستفحال مثل هذا الفكر في أي مجتمع ،

 وتبيين الأهداف الحقيقة من وراء نشر هذه المشاريع وارتباطها بالرغبة في تدجين الناس للطغاة والظالمين وعلاقتها بالمشاريع الاستكبارية لأمريكا وإسرائيل ،

وهو ما تجلت حقائقه خلال السنوات الأخيرة التي ملأتها الشواهد الكثيرة على ذلك، في معركة فكرية ثقافية بالدرجة الأولى في تلك المرحلة ..

بعد الوحدة اليمنية

وبعد الوحدة اليمنية وظهور ما يسمى بالتعددية السياسية ، أتيحت فرصة أكبر للمشاركة في ميادين العمل السياسية

 بعد اضطرار النظام الحاكم في ذلك الوقت الذي كان يدعي الرغبة في التعددية السياسية ، إلى محاولة إشراك كل الفئات في العملية السياسية والانتخابية التي قد تتيح الفرصة للتأثير على القرار السياسي في البلد ،

وأعتقد أن السيد حسين رأى في التحرك في حزب الحق في ذلك الوقت بادرة أمل لتغيير الواقع السيء الذي يعيشه الناس في تلك المرحلة ، عن طريق محاولة استغلال تلك الفرص المتاحة.

رغم أن الفرصة محدودة؛ لأن المشاركة حينها تأثرت بالمحيط الداخلي وبقدرة النظام الذي يملك قبضة مستحكمة على كل أدوات السياسة والحكم والصراع السياسي ، على الحد من قدرة القوى السياسية على المشاركة الحقيقية ،

 وتحجيم دور أي قوة حسب رغباته مستخدما طرقه الأمنية التي اخترقت أجسام المكونات السياسية، أو العسكرية التي أقصت شركاء الوحدة اليمنية خلال ما حصل في حرب الجنوب 94م ،

 والتي كانت خير شاهد على صعوبة ظروف العمل السياسي في تلك المرحلة .

المساهمة في حزب الحق

ومن الواضح أن المساهمة في العمل السياسي حينها لم تكن بغية الوصول إلى السلطة،  ولكن كوسيلة للتحرك في المجتمع والنزول إلى الميدان لمقارعة الظلم ورفع المعاناة التي كان يعيشها الناس.

وقد كان للسيد بدر الد ين الحو ثي الدور الأكبر في المشاركة في تأسيس الحزب ، من خلال تقديمه لرؤى وخطط سياسية واقتصادية واجتماعية متكاملة لبناء الحزب في ذلك الحين لكنها لم تجد الفضاء المتاح لتنفيذها.

فاقتصرت الفائدة من المشاركة على العمل على تغيير واقع الناس والارتقاء بهم وخدمة المجتمع الذي كان يعاني كثيرا من الظلم والاستضعاف والإقصاء طوال تلك العقود من بعد ثورة 62م وما تلاها من ممارسات عنصرية وإجرامية مقيتة ضد شريحة واسعة من أبناء الشعب اليمني.

ولكن تلك المحاولات لم تثمر كثيرا ،

 بسبب إعاقات كثيرة أدت لانسداد الأفق أمام الكوادر الجيدة والنشيطة في الحزب وعدم قدرتها على إقناع قيادة الحزب على القيام بخطوات تصحيحية تخرج الحزب من حالة الجمود التي كان يعاني منها.

وعدم تفاعل قيادة الحزب مع ما يعزز من قدرته على مواجهة الوضع الداخلي والمناخ الضاغط المحجم لدور الأحزاب والمقيد لها والساعي إلى الحد من قدرتها على التأثير.

الموقف من حرب 94م

وقد كان موقف السيد حسين الحوثي رافضا للحرب الظالمة على المحافظات الجنوبية في عام 94م ، عبر مواقف معلنة في حينه ،  ونشر نص خطابه الرافض للحرب في وسائل إعلام متعددة.

وإثر ذلك تعرض السيد بدر الد ين الحو ثي رضوان الله عليه ، لمحاولة اغتيال فاشلة بهجوم بالقذائف على منزله وتعرضه لمضايقات مستمرة نتيجة لذلك الموقف المبدئي والهام والحساس.

 

 

..4..

الهيمنة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر

كان الحادي عشر من سبتمبر2001م يوما عالميا مشهودا، فمع تهاوي الأبراج في واشنطن، تهاوى واختفى معها ما تبقى من الشجب والتنديد المفضوح للأنظمة العربية وأجهزة إعلامها الموجهة أمريكيا وصهيونيا،

 التي بدا لها الشبح الأمريكي مخيفا أكثر من أي وقت مضى، فقدمت كل التنازلات وانطلقت مستجيبة لكل إملاءات البيت الأبيض، ومسارعة لكل عمل قد يرضي النظام الأمريكي، حتى لو كان الإسلام والقرآن ثمنا لرضا البيت الأبيض.

وانطلقت الزعامات العربية قبل الغربية تتسابق في عقد اتفاقات مع النظام الأمريكي، لم يكن الهدف منها سوى محاولة الحفاظ على عروشهم الملطخة بالذل والعمالة، المرتكزة على الرضوخ لأمريكا، حتى وإن قدمت شعوبها قربانا لساداتها في البيت الأبيض.

كانت السلطة اليمنية سباقة كعادتها إلى التسليم لأمريكا متناسية خطورة موقفها المخزي على دينها وشعبها الذي قدمته لقمة سائغة للمؤامرات الصهيونية الأمريكية.

وفي 25/ أكتوبر/ 2001م. التقي الرئيس اليمني بقائد عمليات القوات الخاصة الأمريكية، لتؤكد السلطة اليمنية حينها مسلسل العمالة بلقاء عسكري  بدأ في رسم ملامح الصورة الجديدة لعلاقتها بأمريكا في وقت تعالت فيه نبرة التهديد الأمريكية، وتلويحها بتهمة الإرهاب يمينا وشمالا في كل أرجاء العالم .

وفي يوم 24/نوفمبر/2001م قام الرئيس اليمني بزيارة أمريكا ، وقدم فيها التزامات وتعهدات إضافية، ووقع اتفاقيات أمنية مع الإدارة الأمريكية للتعاون في ما يسمى مكافحة الإرهاب واستئصاله وتجفيف منابعه.

وفي يوم 8/ أكتوبر/2002م. استقبل الرئيس منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي يوم 26/أكتوبر/2002م. التقى الرئيس اليمني في عدن بمساعد وزير الخارجية الأمريكية.

وفي يوم 22/ديسمبر/2002م، استقبل الرئيس اليمني قائد القوات البحرية الأمريكية في القرن الإفريقي.

وفي يوم 7/4/ 2004م أعلن فيها السفير الأمريكي في صنعاء أدموند هول لقناة سي إن إن CNN عن وصول دفعة من القوارب العسكرية الأمريكية إلى اليمن، وأكد السفير الأمريكي أن بلاده سوف تقوم بتزويد اليمن بثمانية قوارب عسكرية أخرى لخفر السواحل، بقيمة 7.5 مليون دولار.

وهكذا استمرت السلطة العميلة حينها بقمع أي تحرك رافض للهيمنة الأمريكية، وبقدر ما ضيقت الخناق على الشعب كان السفير الأمريكي أدموند هول يمارس صلاحيات السلطة فمن التقائه بمشائخ القبائل إلى شرائه السلاح من الأسواق اليمنية إلى اللقاءات مع شخصيات المعارضة في الجنوب، إلى أن وصل الأمر إلى تصريحات خطيرة تمس أمن البلاد ووحدتها

تعاملت السلطة مع السفير وكأنه الحاكم الفعلي، وصاحب القرار في اليمن، حتى على مستوى مناقشة وزير الخارجية عن قرار العفو عن علي سالم البيض ومجموعته في مايو2003م،.

 

 

 

..5..

انطلاق المسيرة القرانية

ومن خلاصة تجربة تلك السنين ونتيجة لتلك التجارب العملية الحقيقية التي حاول فيها السيد حسين الحوثي استغلال كل الفرص المتاحة عبر التحرك الاجتماعي وعلاقاته ، وعبر التحرك السياسي عبر حزب الحق، والتحرك الثقافي والفكري عبر مدراس تعليم القرآن الكريم وتشجيعها والمشاركة في فعالياتها وأنشطتها.

ومن منطلق الشعور بالمسؤولية والإحساس بخطورة الظروف الدولية والمخاطر المترتبة على التحرك الأمريكي عقب خدعة أحداث الحادي عشر من سبتمبر في واشنطن ونيويورك ولعبة  ما يسمى تنظيم القاعدة ، والعدوان الأمريكي الزاحف على كل المنطقة المستهدف للإسلام والساعي لاستعمار أهله ، والذي قوبل بصمت رهيب وخنوع عجيب من كل الأنظمة العربية في حينها.

الأمر الذي دفع السيد حسين الحوثي رضوان الله عليه إلى التحرك الجاد للمواجهة من دافع الشعور بالمسئولية ،  ولتعاظم الخطر على الجميع ، ولهروب كل القوى والأنظمة والحكومات من اتخاذ خيار العمل على المواجهة للهجمة الأمريكية والعجز عن تحمل تبعات هذا الخيار.

وفي يوم 17/1/2002م قدم الشهيد القائد رضوان الله عليه محاضرة الصرخة في وجه المستكبرين ، ورفع فيها الشعار كأقل موقف في مواجهة الهيمنة الأمريكية.

و توالت في عام 2002م محاضرات السيد حسين بدر الد ين التي كشفت مؤامرات أمريكا، وحذرت من خطورتها وخطورة خنوع وعمالة السلطة في ذلك الحين.

السيد حسين بدر الد ين قدم المشروع المتكامل لمواجهة ذلك العدوان الأمريكي،  انطلاقا من القرآن الكريم ودروس العظيمة وحكمته البالغة، بالاستفادة من المعرفة الكاملة والدقيقة بالواقع السيء الذي عاصره السيد حسين الحو ثي، وبخبرته ومعرفته بكل تلك التجارب التي جاهد فيها من أجل تقديم الحق والعمل به وإعلاء كلمة الله بكل الوسائل الممكنة.

ولفهمه العميق وإدراكه الكبير ووعيه العالي بطبيعة الصراع مع أهل الكتاب في هذا الزمن وأنه صراع شامل، وليس صراعا سياسيا فقط ، فقد قدم المشروع المتكامل القادر على المواجهة.

وقد قدم السيد حسين الحو ثي الرؤية القرآنية الهادفة إلى معالجة الخلل الواضح في ثقافة هذه الأمة،  والذي انعكس في واقع الحياة انحطاطا وذلا وواقعا مأساويا.

فقام بإنزال الرؤية القرآنية على الواقع الذي تعيشه الأمة تقييما وتشخيصا وحلا، وكان طرحه حكيما وملامسا للواقع، وفيه الحلول المتاحة للتحرك من واقع الاستضعاف عبر التحرك الثقافي والفكري السلمي،

وترافق مع ذلك التوضيح الكامل للنتائج السياسية المترتبة على هذه المواقف، والتوضيح أيضا للخيارات المتاحة لمواجهة ردود الأفعال التي واجهت هذا المشروع منذ اللحظات الأولى لانطلاقه.

فقدم المشروع الجهادي المتكامل وحرص على أن لا يؤطر بأطر سياسية أو غيرها تحول دون وصوله إلى كل الفئات أو تشكل عائقا لأي طرف من تبنيه والاندفاع بقوة لتحمل مسئوليته الدينية والوطنية والأخلاقية إزاء ما يواجه الأمة من مخاطر وتحديات.

واعتمد السيد حسين رضوان الله عليه على التشخيص لأسباب المشاكل التي تعاني منها الأمة من منظور القرآن الكريم ، والتي أدت إلى الواقع السيء الذي تعيشه الأمة،  وشخص ما تعيشه الامة كنتائج لتلك الأسباب ، ثم قدم المعالجات القرآنية الشاملة والحكيمة للأسباب الرئيسية لتلك المشاكل ، وعندما عولجت الأسباب انتفت النتائج .

وعندما قام بإنزال الرؤية القرآنية إلى الواقع وحول الدين إلى مواقف عملية تسعى إلى إيقاظ المجتمع وتنبيهه من المصير السيء الذي يتجه نحوه،

نتج عن ذلك استجابة شعبية بدأت بالتزايد تدريجيا وتأثر كبير لدى المجتمعات المحيطة بمنطقة مران مسقط رأس الشهيد القائد رضوان الله عليه. 

وبدأت دائرة المستجيبين بالاتساع أكثر فأكثر، 

وكان هذا فعلا سياسيا مؤثرا وقويا ، قوبل باستكبار وعنف وظلم من قبل النظام العميل الذي سعى إلى مواجهته بكل الوسائل واستخدم كل آلته العسكرية والإعلامية ووظف كل إمكانيات الدولة لمواجهته

وكانت النتيجة هي الفشل الذريع والعجز الكامل عن إيقاف هذا المشروع العظيم وإسكات صوت هذه القضية العادلة .

ويعتبر هذا المشروع القر آ ني مشروعا متكاملا، والعمل السياسي جزء من هذا المشروع وملامح هذا العمل اختلفت من مرحلة إلى أخرى وبحسب التحديات التي كانت في كل مرحلة والقدرة على المشاركة في صناعة القرار السياسي والمناخ المهئ لذلك أو المساعد على هذه المشاركة.

ومشروع الشهيد القائد في الأصل وفي الأساس لا يركز على الوصول إلى المنصب أو البحث عن السلطة، كحال بقية الأحزاب ،

بل على تثقيف الشعب وإنقاذ الناس وتحصينهم وتوعيتهم بخطورة العدو الذي يستهدف الجميع.

ولذلك فقد كان العمل السياسي لأ نصا ر الله وسيلة من وسائل إيصال صوت هذا المشروع إلى الجماهير المظلومة التي تبحث عن الخلاص من قبضة الطاغوت المستحكمة على كل شيء في البلد والعابثة بكل مقدراته وثرواته.

ومع ردود أفعال النظام وتصاعدها .. وبمرور الوقت كانت هناك قرارات سياسية وخطوات عملية للاستفادة من كل الفرص المتاحة لمواجهة ذلك الطاغوت ، 

ورسمت قيادة أ نصا ر الله من خلالها البعد السياسي والعسكري لكل مرحلة بمواقف حكيمة كانت قادرة على النهوض بالناس لمواجهة التحرك العدواني ومواجهة كل تحدياته ،

 اعتمادا على الله وإيمانا بعدالة القضية التي تحركوا من أجلها وانتصارا لمظلوميتهم الخالدة وشعورا بأهمية الاستمرار في أداء المسئولية والنهوض بها مهما كلفهم ذلك من تضحيات.

وقد أسفرت عن ظهور الملامح الأولى لكيان إيماني قوي يشكل اليوم نموذجا يقتدى به ، وحلا عمليا لبقية أبناء الأمة للخروج من واقعهم السيء.

ومن عوامل نجاح العمل السياسي وجود القيادة الحكيمة القادرة على التعامل مع كل المتغيرات والتحرك في كل الظروف ،

وقد أثبتت الأحداث صوابية القرارات وحكمة المواقف التي اتخذتها هذه القيادة خلال عقدين من الزمن.

والعامل الآخر، هو كون العمل السياسي ضمن مشروع متكامل يهدف إلى بناء المجتمع ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وأمنيا وفي مختلف المجالات.

ولأن هذا العمل يرتبط ارتباطا كاملا بالمنهج الحكيم المتمثل في القرآن الكريم ، وفي دروس ومحاضرات السيد الشهيد القائد التي رسمت الملامح الأولى لهذا المشروع العظيم،  فهو لا ينفصل عن مجتمعه وجماهيره، ويعبر عن تطلعاتهم وآمالهم بشكل واضح.

 

 

 

..6..

السجون والمعتقلات

وفي بداية الحرب على العراق شهدت صنعاء مقتل مواطن وجرح أربعة في مظاهرة أمام السفارة الأمريكية رفضا وتنديدا بالحرب على العراق.

وحينها أبلغ السفير الأمريكي أدموند هول احتجاج بلاده للحكومة اليمنية.

وعلى إثر ذلك بدأ مسلسل الاعتقالات للمكبرين في الجامع الكبير بصنعاء بعد صلاة الجمعة التي كانت تنقل في بث مباشر على الفضائية اليمنية

حتى وصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 800 سجين على ذمة ترديد الشعار في الجامع الكبير والذين كانوا يلتزمون الطرق السلمية ولم يظهروا أي مقاومة للأجهزة الأمنية وخاصة الأمن السياسي.

واعتقلت السلطة الظالمة في بداية انطلاقة المشر وع القر آ ني المئات من الشباب الذين رفعوا شعار الصر خة بطريقة سلمية في مناطق متفرقة من صعدة،

وفصلت المئات من الطلاب والمدرسين وأوقفت مرتباتهم دون أي ذنب سوى التحرك في هذا المشروع .

إلا أنه لم يحدث أي عمل مخالف للقانون ولم يرتكب أحد من المنتمين لهذا المشروع أي اعتداء ضد أي مؤسسة من مؤسسات الدولة المدنية أو الأمنية أو العسكرية .

 

 

 

..7..

الحرب الأولى

وفي تاريخ 5/6/2004م توجه الرئيس اليمني إلى أمريكا للمشاركة في قمة الدول الثماني الكبرى، ووصل إلى واشنطن في 7/6/2004م.

وفي اليوم ذاته استقبل بمقر إقامته في نيويورك هنري سيجمان من مجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة الامريكية،

 كما استقبل ريتشارد مورفي مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط سابقا، وفرانك أيزنر السفير السابق بوزارة الخارجية الأمريكية.

وفي تاريخ 8/6/2004م التقى الرئيس اليمني بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في البيت الأبيض.

 وفي نفس اليوم التقى في مبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي.

 وحضر اللقاء الجنرال ريتشارد مايرز رئيس أركان القوات المسلحة الأميركية، وعدد آخر من المسئولين في البنتاجون.

وفي اليوم ذاته التقى في مقر إقامته بالعاصمة الأمريكية، جورج تينت مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ” سي آي إيه” لبحث أوجه التعاون الأمني و مكافحة الإرهاب بين البلدين، وحضر هذا اللقاء  أوزيرو ديريجيز مدير مكافحة الإرهاب في الوكالة، وروبرت ريتشارد مسئول الشرق الأوسط بالوكالة، والسفير أدموند هول السفير الأمريكي بصنعاء، وجون ماكلاو غلين نائب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وبعد عودته من أمريكا مباشرة وفي يوم 18/يونيو/2004م أعلن النظام بداية الحرب الأولى على صعدة .

 وفي 20/يونيو/2004م التقى الرئيس اليمني السفير الأمريكي أدموند هول الذي انتهت مهمته في ذلك الحين.

وقبل مغادرته اليمن أدلى السفير الأمريكي بتصريحات خطيرة في مقابلة مع صحيفة 26 سبتمبر، وكانت تصريحاته وكأنه الرئيس اليمني وصاحب القرارالفعلي، وبالشكل الذي يؤكد ضلوع الولايات المتحدة الأمريكية في إشعال فتيل الحرب.

وهكذا لم يكتف النظام الظالم حينها بالسجون والاعتقالات بل بدأ في افتراء الذرائع لشن الحرب على السيد حسين بدرالد ين  عبر ادعاءات السلطات الحكومية أنه ادعى النبوة،

ولأن الدعوى كانت مستهجنة لدى الرأي العام انتهى بها الحال إلى أنه ادعى الإمامة والمهدوية ويحاول استعادة الإمامة من جبال مران،

فصدرت صحف النظام صفحاتها باتهام الحوثي ابتداء بادعائه النبوة وانتهاء برفع علم غير العلم اليمني..

حيث صدرت صحيفة الثورة صفحتها الأولى بخبر ينص عنوانه على (مصدر أمني: الحوثي ادعى الإمامة ولقب نفسه أمير المؤمنين ورفع علم حزب في دولة أجنبية بدلاً عن علم الجمهورية اليمنية) .

بهذا الكلام بدأت السلطات اليمنية حملة تحريض كان معقلها الفرقة الأولى مدرع بصنعاء وأبواقها الصحف الرسمية والفضائية اليمنية وكذا الصحف التابعة للفرقة (أخبار اليوم والشموع) وتحريض خطباء المساجد ابتداءً من المعسكرات وانتهاءً بمساجد العاصمة وغيرها من المحافظات، والفتاوى التفكيرية فتتناثر شائعة الإمامة والعلم الأجنبي وغيرها من التهم لتلهب الحماس في أوساط أفراد الجهاد مقدس.

آنذاك لم يقل أحد عن (الحو ثي) وجماعته بأنهم هاجموا أفراد القوات المسلحة أو حرض الناس على منع الزكاة عن الدولة؛ إذ كان الوقود الذي جهزته السلطة للجنود هو (الجهاد) لوأد (نبوة) تحاول أن تتحرش بــ(بيضة)الإسلام من صعدة.

كما ادعت السلطة في تبريرها لحربها على صعدة عدة مبررات فقالوا تارة «اليهود  يساندون الإمام الحوثي في تمرده»

هذا الخبر وزعته المصادر الرسمية بعناية على صحف الحكومة والصحف المستقلة، فراحت صحيفة الثورة تؤصل للتعاون بتتبع تأريخي فقالت حقائق التاريخ تؤكد بأن الأئمة عبر حكمهم الكهنوتي الذي امتد ألف عام كانوا يستخدمون اليهود كجواسيس على مشائخ القبائل ورؤساء العشائر وعلى الهاشميين غير الموالين.

عشرون تهمة تحدثت عنها السلطات الحكومية لشن حربها على السيد حسين بدرالد ين  لم نر على أرض الواقع منها تهمة واحدة كانت سبباً لتلك الحرب  سوى التحالف الأخير بين الولايات المتحدة والحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب

والتي ستكون صعدة ضحية لتلك الاتفاقيات بين الدولتين اليمن وأمريكا، 

مما يولد تساؤلاً في ذهن كل مواطن يمني لمعرفة التهمة الحقيقة التي تستحق أن تسفك دماء اليمنيين لأجلها.

التهمة الحقيقية التي شنت لأجلها الحرب

التهمة الوحيدة التي كانت على قدر من المصداقية والذي تحدثت عنها كثير من وسائل الإعلام والتي قامت السلطات اليمنية خلال عامين ونصف بكثير من الإجراءات كعقاب لمن يرتكبها  هي تحريض الشباب على ترديد الشعا

ر المناهض لأمريكا وإسرائيل،

وهو ما صرح به السيد حسين بدرالد ين  بأنه: (يقوم بتحريض الشباب على ترديد الشعار «الله أكبر، ا لموت لأمر يكا، ا لموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإ سلام»

ومقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، 

وهذا الشعار هو ما سبب للمصدر الأمني حرجاً أمام الولايات المتحدة الأمريكية على إثر التحالفات الأخيرة بينهما

 والولايات المتحدة والحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب والتي ستكون صعدة ضحية لتلك الاتفاقيات بين الدولتين (اليمن وأمريكا).

كما صرح الرئيس علي عبدالله صالح في إحدى خطاباته أن سبب القتال هو الشعار الذي يرددوه ا لموت لأ مريكا ا لموت لإسرائيل……

الشهيد عبدالكريم جدبان أحد الوسطاء الذين أرسلهم الرئيس إلى السيد حسين بدرالدين  يقول في تصريح له : (إن الرئيس قال له بالحرف الواحد: (كلمهم يتركوا الشعار وإلا سأزيل جميع العمائم) .

هذه هي التهمة التي ارتكبها حسين بد ر الد ين الحوثي وأكدتها وسائل الإعلام بكافة أشكالها، ويستطيع القارئ أن يستنتجها من خلال متابعته لقراءة الأحداث في تلك الفترة،

وخلال الحروب الست وسيجدها بين سطورالاتفاقيات والمطالب الحكومية لوقف شن الحرب على الحوثيين، ومما يدلل على ذلك أيضاً هو أن الشعار كان هو المطلب الأساسي التي كانت تطلبه السلطة من (المكبرين) أو المعتقلين للخروج من السجن، ومن التعهد بترك ترديده .

وبعد مضي أيام من شن السلطات اليمنية هجومها العسكري على مران مستخدمة الدبابات والمدافع والكاتيوشا والطائرات لم نسمع لأكثر المجتمع المدني والسياسي موقفاً يشار إليه.

وفي يوم 10/سبتمبر/2004م، أعلنت السلطة نهاية حرب مران الأولى

باستشهاد الشهيد القا ئد حسين بد ر الد ين الحو ثي رضوان الله عليه.

 

 

 

..8..

الحرب الثانية

وبعد ستة أشهر فقط ، وتحديدا في تاريخ 28/مارس/2005م أعلنت السلطة الظالمة استئنافها للحرب على صعداة معلنة بداية الحرب الثانية.

وقد اتخذت نفس الذرائع والمبررات الواهية ، وكذلك بحجة مقابلة صحفية للسيد بد رالد ين الحوثي رضوان الله عليه مع صحيفة الوسط ، وبذريعة دعوته للإمامة.

لتستمر في حربها الوحشية التي دمرت منطقة نشور في همدان وقتلت المئات من أبناء محافظة صعدة وشردت الآلاف ، لتعلن حينها عن سيطرتها على منطقة الرحيب مسقط رأس الشيخ المجاهد عبدالله عيضة الرز امي أحد أنصار السيد حسين الحو ثي وذلك بتاريخ 10/إبريل/2005م.

 الحرب الثالثة

وبعدها بأشهر معدودة وبعد أن كثف الرئيس اليمني زياراته خلال شهري أغسطس وسبتمبر من عام 2005م، للمعسكرات التابعة للجيش والأمن والحرس الجمهوري، وكانت بمثابة تجهيز الجيش لحرب قادمة.

وبالتزامن مع العديد من اللقاءات مع السفير الأمريكي،:

9/6/2005م. الرئيس يستقبل سفيري الولايات المتحدة الأمريكية وايطاليا

19/6/2005م. الرئيس يلتقي السفير الأمريكي. بعد عشرة أيام فقط.

4/9/2005م. الرئيس يلتقي سفير الولايات المتحدة الأمريكية.

25/10/2005م. الرئيس يلتقي السفير الأمريكي.

وتتوجت كل هذه اللقاءات بزيارة للرئيس علي عبد الله صالح إلى أمريكا.

وفي تاريخ 9/11/2005م. وصل الرئيس إلى العاصمة الأمريكية قام بالعديد من المقابلات واللقاءات مع الاستخبارات والأجهزة القومية والأمنية الأمريكية، وكانت اللقاءات شبيهة بلقاءات قمة دول الثماني، التي أعقبها الحرب الأولى في مران ومناطق متفرقة من صعدة،

ومن هذه اللقاءات:

10/11/2005م، التقى الرئيس في مقر إقامته في واشنطن بمستشار الأمن القومي الأمريكي ستيفين هادلي.

10/11/2005م، التقى الرئيس بـوزيرة الخارجية الأمريكية كوندا ليزا رايس بمبنى وزارة الخارجية الأمريكية.

ثم عاد إلى اليمن وعلى إثر ذلك قام باللقاءات التالية:

في تاريخ 23/11/2005م، الرئيس يلتقي سفير الولايات المتحدة الامريكية في صنعاء.

وفي تاريخ 26/11/2005م، الرئيس يستقبل قائد القوات المركزية الأمريكية.

واستأنفت السلطة حربها على صعدة بعد هذه الزيارات واللقاءات المكثفة و تواصلت بعدها أحداث الحرب الثالثة إلى تاريخ  14/2/2006م، بعد إعلان لجنة وساطة محلية

مكلفة بإنهاء وإغلاق ملف القضية، على أن تكون لأنصار الحوثي الحرية الكاملة وإطلاق جميع المعتقلين، سواء على ذمة ترديد الشعار في الجامع الكبير أو أسرى الحرب.

 

 

 

..9..

الحرب الرابعة

وقد استمرت اللقاءات الأمريكية بالسطلة بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية حينها التي أخرت قليلا من موعد إعلان استئناف الحرب وإعلان الجولة الرابعة منها التي سبقتها الأحداث التالية:

في 15/يونيو/2006م، التقى الرئيس السفير الأمريكي توماس كراجسكي،

وكذلك في تاريخ 18/يونيو/2006م، التقى الرئيس بقائد القوات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط.

وقد اتخذت السلطة قضية يهود آل سالم ذريعتها للحرب الرابعة ، لتقدم نفسها كخادمة مطيعة للنظام الأمريكي والصهيوني.

وحينها بدأت إسرائيل بالتدخل حيث أعلنت أنها قلقة بشأن يهود آل سالم، وقامت باتصالات دولية للضغط على السلطة اليمنية.

وفي تدخل صريح لأمريكا، استدعت السفير اليمني في واشنطن عبدالوهاب الحجري، لطلب توضيحات حول يهود صعدة.

وأكد ذلك وزير الخارجية اليمني د. القربي في تصريحاته التي تعهد فيها للأمريكيين أن الحكومة ستحمي اليهود، حيث قال في تصريحات صحفية: “حصل استفسار من الخارجية الأمريكية عن وضع اليهود في اليمن وقد أوضح لهم سفيرنا موقف الحكومة اليمنية الذي أعلناه سابقاً”.

وقال: “وقد أرادوا من خلال هذا الاستيضاح أن يطمئنوا أن الحكومة اليمنية تدخلت لحمايتهم”.

و قام رئيس اللجنة الفرعية حول الشرق الأوسط بمجلس النواب الأميركي، بمطالبة الرئيس علي عبدالله صالح بتعهد علني يلتزم فيه بحماية الجالية اليهودية في اليمن.

وقال النائب الأميركي غاري اكيرمان – وهو عضو في الحزب الديمقراطي ونائب عن مدينة نيويورك خلال محادثاته مع وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي – أن: “تعهداً أكثر حزماً من الرئيس علي عبدالله صالح تجاه حماية الجالية اليهودية اليمنية من شأنه أن يطمئن يهود اليمن والأسرة الدولية على السواء”

وقال اكيرمان الذي يعد من المخضرمين في الكونجرس الأميركي وأعيد انتخابه 12 مرة، كما يلعب دورا مهماً في توجيه اهتمام الحكومة الأميركية إلى قضايا معينة حول العالم ، قال إن “الحكومة اليمنية نددت بالتهديدات التي وجهت إلى يهود صعده وتحملت مسؤوليتها لتأمين الأمن لهم ولكن التجربة الحقيقية ستكون متابعتها (الحرب) وما سيقوم به المسؤول المحلي”.

وبعد هذا واستجابة لمطالب أمريكا وأوامرها لم يقم الرئيس بتعهد بحمايتهم فقط ولكنه شن حربا شاملة على المواطنين في محافظة صعدة وبوحشية كبيرة بدت واضحة في حجم الإعداد لهذه الحرب على مستوى الآلاف من الجنود والعتاد الحربي الهائل. 

وقد كانت انطلاقة الحرب الرابعة بتاريخ 27/1/2007م.

وبعدها بيومين فقط وبتاريخ 29/1/2007م  التقى الرئيس اليمني بالسفير الأمريكي توماس كراجسكي وناقش معه القضايا الأمنية، وأكد له انطلاقة الحرب على صعدة في نسختها الرابعة والتي استمرت لمدة ستة أشهر متواصلة .

وقد حاولت السلطة تبرير موقفها بشن حملة إعلامية كبيرة استخدمت فيها مصطلح الإرهاب ووصفت أنصار الحو ثي بالإرهابيين،

استجابة لمطلب بعض الدول في الاتحاد الأوربي التي طالبت بإدراج تنظيم الحو ثي في لائحة الإرهاب بعد طرد يهود آل سالم،

وتلخصت الحملة الإعلامية الكاذبة باجتماعات الرئيس اليمني مع خلال العشرة الأيام الأولى من شهر فبراير وكان أبرزها:

في تاريخ 4/2/2007م،  اجتماع مجلس الدفاع الوطني.

وفي تاريخ 10/2/2007م.   اجتمع مجلس النواب اليمني وأقر استخدام خيار الحرب وفوض الجيش بذلك.

وفي تاريخ 12/2/2007م  اجتمع مجلس الشورى ، وشن هجوما إعلاميا على أنصار الحوثي.

وبدأت الحرب  واتهمت لجنة الوساطة أيضا، بعد أن رفعت تقريرا يدين الجيش بخرق الاتفاقات المبرمة بين السلطة وبين السيد عبد الملك الحو ثي،

وتم تجاهل كل ما قدمته لجنة الوساطة، لتظهر وبشكل واضح النية المبيتة لشن حرب جديدة كبيرة وواسعة على أنصار الحو ثي.

ولم تتوقف الحرب إلا بعد دخول الوساطة القطرية التي تمكنت من تحقيق وقف إطلاق النار في يونيو2007م

 

 

الحرب الخامسة

وهكذا استمرت السلطة في إفلاسها السياسي وتلاشت ذرائعها الواحدة تلو الأخرى من ادعاء النبوة ، إلى الدعوة إلى الإمامة ، إلى التمرد على الدولة إلى العمالة لدولة أجنبية ، إلى الاتهام بتهريب المخدرات.

ولاستئناف حربها في جولتها الخامسة اتخذت من حادثة تفجير جامع بن سلمان في مدينة صعدة 2مايو2008م ذريعتها الجديدة لشن الحرب والتي استمرت لمدة ثلاثة أشهر تقريبا.

 

..10…

الحرب السادسة

وبنفس الذرائع الواهية شنت السلطة حربها السادسة ، التي لم تفلح سوى في توسيع دائرة الحرب جغرافيا ، وأكدت بشكل قاطع فشل كل الخيارات العسكرية في إغلاق هذا الملف ومعالجة هذه القضية ، وهو الأمر الذي لم تصغ له القوى السياسية في السلطة والمعارضة أبدا.

موقف القوى السياسية

ومع مرور الوقت أدركت الأنظمة المتعاقبة ، عظمة قادة المسيرة القرآنية وتيقنت من إخلاص حملة هذا المشروع لقضيتهم العادلة ، وسمو الأهداف والغايات التي يريدون الوصول إليها أداءا لمسئوليتهم وسعيا لتحرير المستضعفين من الناس من ظلم هذه الأطراف التي مارسته خلال عقود من الزمن.

وعندما فشلت كل الخيارات المستخدمة في مواجهة هذا المشروع،  وعجزت هذه الأنظمة عن إيقاف الصعود المستمر لهذه القوة التي لا مكان لظلمهم في وجودها، فقد تضاعفت مخاوف هذه الأطراف مع تعاظم فشلها.

ولهذا فقد عجزت عن مواجهة المشروع القرآني سياسيا وباتت على قناعة كاملة بأن هذا المشروع هو المشروع القادر على هزيمتهم ثقافيا وعسكريا وعلى كل المستويات.

ولهذا واجهوا هذا المشروع العظيم بالعنف الرهيب والعنجهية المفرطة والاستكبار الشديد استرضاء للأمريكيين وحرصا على التفرد بالسلطة والقرآر السياسي في البلد

الرسلاء والوساطات

ورغم انسداد الأفق السياسي ، لأنه لم يكن خيار النظام حينها ، وكان خياره الحسم العسكري دائما ، وشن في سبيل ذلك ستة من الحروب الظالمة على صعدة وأبنائها قتل فيها الآلاف وجرح أضعافهم وشرد مئات الأسر ودمر الكثير من القرى والمدن تدميرا كاملا.

فقد تفاعلت قيادة ا لمسير ة القر آنية مع كل الرسل والوسطاء الذين كان النظام يرسلهم عندما يريد التوقف عن الحرب ، لأسبابه السياسية والعسكرية .

وقدمت كل التنازلات وتعالت على الجراح ، من دافع الشعور بالمسئولية واستشعارا للخطر المحدق بالجميع،  وسعيا للخروج بالبلد من المصير السيء الذي يخطط أعداؤه أن يوصلوه إليه، 

لكنها قوبلت بجحود متعمد من النظام وآلته العسكرية المتغطرسة.

وكان النظام حينها هو من يتملك قرار السلم والحرب ، ويشن الحرب ويوقفها بناء على وضعه وظروفه ، ومع ذلك كان لدى قيادة المسير ة المرونة في التعاطي مع كل القضايا .. وبقيت دعواتهم المتكررة للسلام وإيقاف الحرب خير شاهد ودليل على صدق ما يتحدثون عنه وعن سلامة نواياهم ،

الحوار الوطني

وبعد ثورة فبراير أثبت أ نصا ر الله قدرتهم السياسية وشاركوا في مؤتمر الحوار الوطني ،

إنطلاقا من القناعة بالحوار كمبدأ إنساني مهم وكأساس لحل كل النزاعات ورغبة في السلام ورفضا لكل دعوات الحرب الظالمة ، ولقناعتهم بالحوار كحل حتمي للخروج من حالة الصراع الدائم التي يعيشها أي مجتمع يمر بما مر به اليمن.

وكان أداء أ نصا ر الله في الحوار الوطني متميزا بعيدا عن الحرص على مكاسبهم الخاصة

وقدموا التضحيات الجسيمة لإنجاح الحوار على مستوى الكوادر والقرارات والقدرة على تجاوز الماضي بكل معاناته وآلامه.

وأثبتوا أنهم أكثر وطنية ومدنية وسلمية من كل الأطراف الأخرى ، التي أقصت أ نصا ر الله وغيرهم طوال السنين الماضية.

التأثير السياسي

ورغم كل تلك الحروب والمآسي ، إلا أن قدرة المسير ة القرآ نية على التأثير السياسي المتمثل في الحضور الاجتماعي والسياسي الفاعل ،

والمشاركة بفاعلية في ترشيد القرار السياسي المتعلق بمصير البلد، والإسهام في طرح الحلول المنسجمة مع متطلبات الواقع، تحقق وبشكل كبير،

وأصبحت المسير ة القرآ نية أبرز الحركات الصاعدة على مستوى المنطقة بكلها.

وخلال فترة وجيزة وسنوات معدودة أوصلت اليمن إلى قوة إقليمية مؤثرة على المستوى الإقليمي والدولي ،

 إضافة إلى تأثيرها المحلي كمكون أساسي من مكونات البلد ساهم وما يزال في الثورة، وفي الحفاظ على كيان الدولة وهيبتها.

ورغم محاولات القوى السياسية مجتمعة بالاشتراك مع دوائر استخباراتية وسياسية غربية على الحد من قدرة أنصا ر الله على التأثير على القرار السياسي للبلد باستهداف أبناء هذه المسير ة بحروب جزئية قذرة تلت الحروب الست يدعمها النفط الإقليمي والغطاء الدولي ، كما حصل في دماج وكتاف وعاهم والجوف وحاشد.

وكل هذه المحاولات باءت بالفشل وعجزت عن إثبات فشل أنصا ر الله في إدارة الحياة على المستوى السياسي

فتآمروا مع الخارج على سحق البلد بأكمله والقضاء على ما تبقى من جيشه ودولته وشنوا على اليمن عدوانا دوليا يدخل في عامه السابع .

وكانت المسير ة القر آنية وقادتها في طليعة الشعب في الدفاع عن بلدهم ودينهم وعرضهم .

وقدموا تجربة سياسية فريدة في إدارة الدولة والحفاظ على الجبهة الداخلية وحققوا الكثير من الانتصارات السياسية على مستوى الداخل والخارج ، ووصلوا إلى مرحلة الردع العسكري للعدو بقوة الله وفضله.

وكان سر هذا النجاح في القدرة على التغيير العام في الواقع اليمني ،

هو في المشروع القرآ ني وقدرته على بناء المجتمع ابتداء بالفرد البسيط كعنصر أساسي في كل معادلات الحياة ،

حيث تمكنت من ترسيخ القناعة لدى فئة كبيرة من أبناء الشعب أنهم قادرين على أن يكونوا رقما مهما في هذه الحياة ، فكانوا كذلك.

واستطاعوا أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه خلال هذا الزمن الصعب والمليء بالمؤامرات.

وما يزال هذا المشروع يمتلك القدرة على بناء هذا الفرد وتنميته قدراته ، وتغيير قناعاته إلى الأفضل والأحسن ، وهذا يصنع معادلات سياسية جديدة مبنية على أسس صحيحة قادرة على إنتاج واقع أفضل إن شاء الله.

لقد كانت انطلاقة المشروع القر آني مبنية على القناعة الكاملة بالعمل الفكري والثقافي السلمي منذ بداية تحرك السيد الشهيد القا ئد رضوان الله عليه ، وصولا إلى الثورة الشعبية

واستمرت خلال كل فترات الهدنة في كل جولات الصراع الست ، ولم تكن المواقف الأخرى إلا دفاعا عن النفس في مواجهة استكبار وطاغوت وعدوان السلطة الظالمة ، وهو جهاد مقدس وحق مكفول في القرآن وفي كل النظم والدساتير والقوانين السائدة .

ومواقف المسيرة القر آنية ثابتة ومستمرة ومبدئية ولم تتغير بفعل الضغوط الخارجية أو العدوان العالمي على اليمن ولا بفعل المطامع والمصالح الضيقة التي دأبت عليها الأحزاب والمكونات السياسية.

قد يعجبك ايضا