ما أسوأ أن يكون الانسان مكروهاً عند الله فلا يقبله في الجهاد.

ما أسوأ أن يكون الانسان مكروهاً عند الله فلا يقبله في الجهاد.

{وَلَـكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} ما أسوأ أن يصل الإنسان إلى هذا المستوى من الخذلان، إلى هذا المستوى من الخذلان، أن يكره الله انبعاثه في سبيله، أن تكون مكروهاً عند الله لدرجة أن الله لا يرضا ولا يقبل بك أن تكون مجاهداً في سبيله فيما أنت عليه من واقعٍ نفسي وواقعٍ عملي، فيما أنت عليه، إنسان متخاذل، قليل الإيمان، قليل الثقة بالله، إنسان مضطرب متردد، إنسان ما عندك قناعة، ما عندك صدق، ما عندك اهتمام، ما عندك جد، ما عندك مسئولية، وبالتالي غير مقبول عند الله سبحانه وتعالى، فلم يقبل بك أن تكون من جنوده وأن تحظى بشرف الجهاد في سبيله؛ لأنك؛ لأنك لو تحركت في سبيل الله بما أنت عليه، بنفسيتك المعقدة والمريضة والهزيلة ضعيفة الإيمان، ضعيفة اليقين، بما أنت عليه من انعدام للمسئولية، بما أنت عليه من ضعف في التزامك وصدقك ستكون عنصر مخرب يسبب الفشل، يثير الارباك والقلق والاضطراب، تضر أكثر مما تنفع، وتخرب أكثر مما تبني، وتفسد أكثر مما تصلح، ويكون دورك سلبياً أكثر مما هو ايجابي.
{وَلَـكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} خذلهم وسلبهم توفيقه فلم ينطلقوا للجهاد في سبيل الله، {وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} اقعدوا مع القاعدين، اقعد يا صحيح الجسد لكنك عليل النفس، يا قليل الاستجابة، يا ضعيف الإيمان، اقعد، اقعد مع المريض، اقعد مع النساء، اقعد مع الأطفال، اقعد مع العاجزين، هذا تحقير، تحقير لهم {اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} لابأس اجلس مثلما يجلس الأطفال، مثلما تجلس النساء، مثلما يجلس المرضى، اقعد معهم.
{لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم} على ما هم عليه من حالة سيئة وفساد نفس وقلة صلاح واستقامة، {مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} يخربوا يمحقوا يسببوا حالة الاضطراب والقلق والارباك والفشل،{ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ} لنشروا الشر في داخلكم، ولفرقوكم من الداخل كمجاهدين يثيرون بينكم المشاكل القلق، يجرونكم إلى حالة من التنازع، إلى حالة من الخصام، يذهبون منكم الاحترام لبعضكم بعض والإخاء فيما بينكم والتفاهم، ويكون دورهم دوراً سلبياً وسيئاً.
{يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَة}ما عندهم صلاح نية ولا رشد ولا هدف سليم، يريدون الفتنة، يريدون الشر والخلاف والشقاق والنزاع فيما بين المجاهدين من الداخل.{وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} هذه مشكلة{وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} ما أسوأ أن يكون الإنسان سمَّاع، سمَّاع يسمع فيتأثر، يسمع من منافق يسمع من ضعيف إيمان فيتأثر، يسمع منه ما يخذله فيتأثر، يسمع منه ما يرجفه فيتأثر، يسمع منه ما يعقده ويثيره ضد أخوته المجاهدين فيتأثر، السمَّاعون يجب أن يعالجوا واقعهم الإيماني حتى لا يكون الإنسان هكذا سمَّاع، سمَّاع لأصحاب الدعايات والتشويش والذين يثيرون الاضطراب والمشاكل الداخلية والقلق والخلافات والنزاعات وما شابه.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} هو عليم بالمتقين فحكى ما حكى عنهم وعن استجابتهم الصادقة لله، حكاه عن علم، وحكى ما حكى عن الظالمين؛ لأن المتخاذلين عن الجهاد في سبيل الله والمنحرفين الذين يثيرون الاضطراب والقلق والتخاذل وما شابه هم عند الله في عداد الظالمين، ظلموا أنفسهم وظلموا أمتهم، فحكى ما حكاه عنهم، وعن سوئهم حتى لو خرجوا وهم يحملون النفسية نفسها والتوجه نفسه، خطورتهم والخلل الممكن من جانبهم حكاه عن علم، حكاه عن علم.. إذاً لا أسف، لا أسف.
واجب المؤمنين الذين يتحركون في سبيل الله أن لا يأسفوا ولا يتألموا على المتخاذلين، لماذا لم يحضروا معهم أو يشاركوا معهم أو يجاهدوا معهم؟ في ذلك خير، ربما لو شاركوهم بما هم عليه لأثروا سلباً أو سببوا هزيمةً أو أثاروا اضطراباً أو أوجدوا تنازعاً.

دروس من ســورة التــوبــة -الدرس الرابع
ألقاها السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.
بتاريخ
13/رمضان/1434هـ

قد يعجبك ايضا