مع وقف ” الإعلان ” !:بحسابات الحرب والواقع .. قوات صنعاء تفرض سيطرة كاملة على مأرب

لم يعد الحديث عن حسم صنعاء لمعركة مأرب، محظ توقعات عقب الإنتصارات العسكرية الساحقة التي تحققها قواتها على مشارف مدينة مأرب، غير أنها أصبحت حقيقة جلية في مفاهيم الحرب والسياسة وشواهد الواقع بعد إعلان قوات صنعاء عمليتها الأخيرة الواسعة ” عملية فجر الإنتصار “، التي تدك خاصرة التحالف، وتفتح أفقا جديدا مغايرا لمسار الحرب من قلب المحافظة النفطية، وإلى بقية المدن اليمنية جنوبا وشرقا.

إذ يعد وصول قوات صنعاء إلى مشارف مدينة مأرب من الجهتين الغربية والجنوبية، بجانب تقدمها في جبهات شمال المدينة، وشرقها بإتجاه حقول صافر في مديرية وادي عبيدة؛ يكتب نهاية المعركة في المحافظة لصالحها، بإحكامها طوق من ثلاث جهات إستراتيجية، تعد أهم مخزون عسكري وقبلي لقوات هادي والإصلاح، ما يعني أننا نتحدث عن معركة منتهية ومحسومة تلقائيا لصالح قوات صنعاء.

إذا ما تمعنا جيدا في تفاصيل المعركة على الميدان، عقب هذه التقدمات الإستراتيجية لصنعاء، فإنه من البديهي التأكيد على أن قوات التحالف وفصائلها لم تعد تمتلك أي خيارات عسكرية في مأرب، كما أنه من المستحيل أن تصمد قواتها في نسقها الأخير على مداخل المدينة، بعد خسارتها جميع أنساقها الدفاعية في مختلف أبواب المدينة من مديريات الجوبة ومدغل وصرواح إلى وادي عبيدة، وتدفق سيول قوات صنعاء إلى تخومها، ما يؤكد أن أي محاولة للتحالف بدفع تعزيزات عسكرية إلى تلك المناطق، فإنه يرسلها حتما إلى محارق موت جماعية.

الحقيقة أن قوات صنعاء أحكمت قبضتها على كل ماهو إستراتيجي في محافظة مأرب، ففي طريقها إلى مدينة مأرب، تمكنت القوات من السيطرة على كافة المناطق الحيوية والمواقع الإستراتيجية لقوات التحالف في جبهات جنوب وغرب المدينة، إلى جانب سيطرتها على أهم وأكبر المعسكرات بما فيها مخازن الأسلحة، مثل ، معسكر الخشينة، وأم الريش، وماس …إلخ، بالتالي فإن ما تبقى من المحافظة، هو عبارة عن صحاري وسهول ” لا تغني ولا تسمن من جوع “، في موازين الحرب والمواجهة.

فضلا عن ذلك، فإن سيطرة صنعاء على مديريات جنوب مأرب وعلى رأسها العبدية والجوبة، والتي كانت توفر ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية؛ يضرب حواضن أبرز أعمدة قوات التحالف، خصوصا مع إستكمال سيطرتها على محافظة البيضاء، ويعزز بشكل أو بآخر نصرها الإستراتيجي في المحافظة، وينهي آمال التحالف والشرعية في البقاء مدة أطول فيها.

ما يجب التركيز عليه في معركة مأرب منذ انطلاقها، هو أننا لم نرى هجوماً واحدا لقوات الشرعية، حتى على لسان قادتها العسكريين، والتي دائما ما تظهر فقط لتنعي سقوط جبهة تلو الأخرى في المحافظة، أو تبادل التهم بين فصائلها، ما قد يعكس إستحالة الصمود أمام قوات صنعاء، بإقرار مسبق وتسليم مطلق لدى قوات مهزومة تدرك أن معارك الأرض أكبر من حجمها؛ وهذا ما يفسر حالة الهروب الجماعية التي شاهدها الجميع في فيديوهات الإعلام الحربي لقوات صنعاء.

ناهيك عن الإنتصارات العسكرية التي تحققها صنعاء بالصوت والصورة في عموم جبهات محيط مدينة مأرب .. فإن المتابع للشأن اليمني منذ بداية حرب التحالف على اليمن، يدرك أنه كلما همت أصوات المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، بالتنديد والعويل، حول جبهة معينة في البلاد، فإن واقع الميدان العسكري لقوات التحالف والشرعية في تلك الجبهة يتهاوى.

حالة الذعر التي أصابت كواليس السياسة وأمراء الحرب من الخليج العربي إلى الخليج الكاريبي في الأيام القليلة الماضية، والتنديدات الصارخة في واشنطن ودول الإتحاد الأوروبي حول مأرب، وما صاحبها من تهويل إنساني؛ يؤكد قطعيا إقتراب حسم معركة مأرب لصالح صنعاء، بسابق التجربة والحقائق.

بين هذا وذاك، يمكن التنبؤ بأن العملية القادمة التي ستعلنها قوات صنعاء قد تكون عملية اجتياح مدينة مأرب، وإعلان استكمال السيطرة الكاملة على المحافظة النفطية، وآخر معاقل الشرعية، بإعتبار كل تلك الوقائع والحقائق السابقة.

 

YNP_ حلمي الكمالي :

 

قد يعجبك ايضا