ملامح مشهد دولي جديد مندد بالسلوك السعودي إزاء الحرب على اليمن بعد 10 أشهر على العدوان

 

بعد 10 أشهر على العدوان بدأت ملامح مشهد دولي جديد بالتشكّل إزاء الحرب السعودية على الشعب اليمني ، بعد التقرير الأخير الذي نشرته لجنة الخبراء في الأمم المتحدة ، الذي اتهم المملكة صراحةً بارتكاب جرائم حرب في اليمن ، تبعه قرار صادر عن البرلمان الأوروبي يحمل نبرةً هي الأقسى و الأوضح من جهة غربية بهذا المستوى منذ بدء الحرب .

 

و یأتی التصعید الدولی الذی لم یتحوّل بعد إلى إجراءات عملانیة تحدّ من ممارسات السعودیة وحلفائها ، فی ظلّ ارتفاع أصوات سیاسیة وصحافیة فی بریطانیا فی الاسبوعین الاخیرین ، حذّرت من دور حکومة دیفید کامیرون المتورّطة فی الانتهاکات السعودیة عبر الدعم التسلیحی الهائل الذی تقدّمه للریاض .

 

و أصدر برلمان الاتحاد الأوروبی أول من أمس ، قراراً وصفه معلقون یمنیون بأنه «تاریخی» ، إذ إنه یندد بغارات التحالف السعودی داعیاً إلى وقفها فوراً. واتهم القرار «التحالف» بـ”الفشل فی إعادة الاستقرار إلى الیمن وباستهداف المدنیین والبنى التحتیة، الأمر الذی مهد لانتشار الجماعات المتطرفة وخصوصاً فی عدن” ، ولا سیما بعد عجز رئیس الحکومة المستقیلة خالد بحاح ، الذی عاد مرتین إلى البلاد، عن المکوث فی المدینة الجنوبیة بسبب هجومین لـ”داعش” . ووفقاً لحرکة «أنصار الله» ، فان واقعین أساسیین أحکما هذا «التبدّل» فی المواقف الدولیة المعلنة إزاء الحرب على الیمن: الواقع الانسانی المتأزم وواقع تمدد «الإرهاب» جنوباً .

و راى مصدر قیادی فی الحرکة أن المزاج الدولی «بدأ بالفعل بالتغیر» وقال فی حدیثٍ إن «العالم أدرک ما کنا نؤکده من قبل عن القاعدة وداعش وانتشارهما وخطرهما» ، مشیراً إلى أن «إخراج الجیش و»اللجان الشعبیة» من الجنوب على وجه الخصوص «کان خطأً کبیراً ساهم فی إعادة الحیاة لهذین التنظیمین، بعدما تمکن الجیش واللجان من الحد من نشاطهما إلى حد کبیر».

وأکد المصدر أنه «لولا صمود الیمنیین وتضحیاتهم لما کان للمواقف الدولیة أن تبدأ بالتغیر فی ضوء الفشل التراکمی المستمر لقوى العدوان».

وفیما أکد قرار البرلمان الأوروبی أن الحرب فی الیمن قتلت حتى الآن ما یفوق الـ6000 شخص، طالب بصورة لافتة قوات «التحالف» بضمان توقف الصراع «على أن ینظر إلیه باعتباره ساحة معرکة بین السنة والشیعة، فیما تمضی المفاوضات مع إیران قدماً لاحتواء الصراع» . وحضّ القرار الدول الأعضاء فی الاتحاد الأوروبی ، على وقف فوری لجمیع عملیات نقل الأسلحة أو غیرها من أشکال الدعم العسکری للسعودیة وشرکائها فی التحالف «التی یمکن أن تستخدم لارتکاب أو تسهیل ارتکاب انتهاکات خطیرة للقانون الدولی». وأشار القرار إلى تصدیر العدید من الدول الأوروبیة بصورة غیر قانونیة کمّاً کبیراً من الأسلحة إلى السعودیة، ما یمثل انتهاکاً لمعاهدة تجارة الأسلحة، مع التذکیر بدعم الولایات المتحدة اللوجستی والاستخباری والتسلیحی بملیارات الدولارات للتحالف السعودی .

و فی هذا السیاق ، تزایدت الضغوط على الحکومة البریطانیة فی الأسبوعین الأخیرین ، بعد اتهامها من قبل أعضاء فی البرلمان وناشطین وصحافیین بالتورّط فی الانتهاکات التی ترتکبها السعودیة فی الیمن، عقب اعتراف وزیر الخارجیة فیلیب هاموند بمشارکة بلاده فی الحرب السعودیة .

وکان النائب وزعیم الحزب القومی الاسکتلندی، أنجوس روبرتسون، قد سلّط الضوء قبل أسبوع على الدور البریطانی فی هذه الحرب، حین اتهم کامیرون بالتورط فی «قتل آلاف المدنیین وإزهاق الأرواح فی الیمن من دون موافقة البرلمان»، عبر استخدام السعودیة طائرات وقنابل بریطانیة، فضلاً عن تدریب الطیارین البریطانیین لنظرائهم المشارکین فی الحرب وتقدیم المشورة العسکریة لهم .

بدوره ، أرسل زعیم حزب «العمال»، جیرمی کوربن، رسالة إلى کامیرون مطالباً إیاه بـ»الشفافیة» بشأن مشارکة بریطانیا فی هذه الحرب، ولا سیما بعد تقریر الأمم المتحدة .

وکانت تقاریر إعلامیة قد أکدت تصاعد مبیعات الأسلحة البریطانیة إلى السعودیة بشکل غیر مسبوق، حیث وصلت قیمة الصادرات إلى ملیار جنیه استرلینی أی ارتفاعها بنسبة 11%، خلال ثلاثة أشهر، فی ظلّ استمرار الحرب.

من جهته ، قال مدیر «هیومن رایتس ووتش» فی بریطانیا، دیفید میفام، إن ما کشفه تقریر الأمم المتحدة یناقض ادعاءات وزیر الخارجیة البریطانی فیلیب هاموند «الخاطئة والمضللة» عن أنه «ما من دلیل على انتهاکات القانون الدولی من قبل السعودیة وأعضاء التحالف».

ودعا میفام بریطانیا إلى وقف نقل أی أسلحة أو معدات عسکریة على الفور إلى السعودیة ودول «التحالف»، مشیراً إلى أنه على الرغم من انتهاکاتها واسعة النطاق، منحت بریطانیا تراخیص لإرسال الأسلحة (القنابل الصواریخ القذائف وغیرها) ، إلى السعودیة.

وکانت الصحافة البریطانیة بدورها قد ساءلت الحکومة عن حقیقة دورها فی هذه الحرب . و اکدت صحیفة «ذا غاردیان» أن بریطانیا «تدعم وتسلّح دیکتاتوریة متطرّفة تقتل مدنیین منذ عشرة أشهر» . وفی مقالٍ فی الصحیفة، یشیر الکاتب البریطانی، أوین جونز، إلى أنه لو کان الـ26 ملیون یمنی محاصر ومعرّض للقصف من قبل أحد أعداء الغرب، «لتوقعنا نداءات لتدخل عسکری، لکننا نتدخل الآن لیس فقط عبر تقدیم الاسلحة ولکن ایضاً عبر تقدیم استشاریین عسکریین بریطانیین لتحالف الدیکتاتوریین العرب الذی تقوده السعودیة». وفیما لفت المقال إلى استهداف السعودیة القطاع الطبی فی الیمن، بعد قصف 130 هیئة طبیة من بینها مؤسسات تدیرها منظمة «أطباء بلا حدود»، فی خرقٍ تام لقوانین الحرب، إلى جانب ضرب مخیمات النازخین والمدارس والأعراس وحافلات النقل، أشار إلى خطر المجاعة الذی یلوح فی الافق مهدداً الشعب الیمنی.

وجدّد المقال وصف الحرب المستمرة بـ»فییتنام الخاصة بالسعودیة»، موضحاً أن الحکومة البریطانیة متورطة بصورة مباشرة فی هذه الحرب، فیما تخرق عدداً من التعهدات بما فیها معاییرها بشأن تصدیر الأسلحة وموقف الاتحاد الأوروبی من هذه القضیة، وهو ما أشار إلیه القرار الأخیر للبرلمان الأوروبی. ویدعو الکاتب إلى التدقیق فی التحالف البریطانی مع «الدیکتاتوریین السعودیین»، معتبراً أن الانتهاکات السعودیة لحقوق الانسان لیست الخطر الوحید، إذ أن السعودیة «تهدد أمننا القومی. فهذا البلد هو مرکز التطرف الدولی». ویوضح أن دعم بریطانیا لهذه الحرب ینمّی استیاءً تجاهها، «وهو استیاء یمکن التلاعب به بسهولة من قبل المتطرفین».

قد يعجبك ايضا