ملف إلى الحرية… شهداء : غزة تقابل «الاغتيال» بالصواريخ: العدو يعدّ لرد «موسّع»..

غزة | ما إن أعلنت سلطات الاحتلال، فجر أمس، ارتقاء الأسير القيادي في «حركة الجهاد الإسلامي»، خضر عدنان، شهيداً، بعد 86 يوماً من الإضراب عن الطعام، حتى تصاعدت الأحداث في الأراضي الفلسطينية، ما بين إطلاق صواريخ من قطاع غزة، وعمليات إطلاق نار في الضفة الغربية المحتلّة، وتنديد شعبي وفصائلي واسع، فضلاً عن توعُّدٍ من قِبل الحركة الأسيرة بخوض إضراب كبير عن الطعام رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري. وبالتوازي مع ذلك، تلقّت حركتا «الجهاد الإسلامي» و«حماس» اتّصالات مكثّفة من الوسطاء، طالب خلالها هؤلاء الحركتَين بعدم الردّ على جريمة الاغتيال من قطاع غزة، وتجنّب مواجهة عسكرية جديدة مع الاحتلال خلال الفترة الحالية، وفق ما علمته «الأخبار» من مصادر مطّلعة. لكنّ المقاومة ردّت بأن «جريمة اغتيال عدنان لن تمرّ من دون ردّ مناسب عليها، بهدف ردع العدو ومنعه من تكرار جرائمه ضدّ الأسرى». وبالفعل، أجرت «حماس» و«الجهاد» مشاورات حول طبيعة هذا الردّ، شملت أطرافاً في محور المقاومة، فيما علمت «الأخبار» أنه تَقرّر بنتيجة المشاورات أن يكون الردّ الأوّلي من الضفة، التي شهدت، منذ صبيحة أمس، عمليّتَين أدّتا إلى إصابة ثلاثة جنود من جيش الاحتلال، على أن تتبعه ردود من مختلف الساحات بما فيها غزة.

ولم يَطُل الوقت قبل أن يشهد القطاع سلسلة توتّرات، بدأت بإطلاق ثلاثة صواريخ من القطاع تجاه مستوطنات «الغلاف»، توازياً مع تكثيف جيش الاحتلال تحليقه في سماء غزة، وتعزيزه استعداداته لإمكانية إطلاق مزيد من الصواريخ، عبر نشر «القبة الحديدية» في منطقة «الغلاف» وفي منطقة تل أبيب الكبرى. وفي ساعات ما بعد الظهر، استهدفت مدفعية الاحتلال نقطة رصد تابعة للمقاومة شرق مدينة غزة، وذلك ردّاً على إطلاق الصواريخ، كما جاء على لسان الناطق باسم جيش العدو، الذي أوعز أيضاً إلى سكّان المناطق المتاخمة للقطاع بالبقاء في أماكن قريبة من الملاجئ. وعلى إثر هذا التطوّر، دوّت صافرات الإنذار، غير مرّة، في مستوطنات الغلاف، قبل أن تبلغ حصيلة صواريخ الأمس، حتى آخر ساعات المساء، نحو 40 صاروخاً وقذيفة، انطلقت من غزة، وسقطت في مستوطنات الغلاف، وأدّت إلى إصابة أكثر من 10 مستوطِنين، بعضهم في حال الخطر، جرّاء سقوط أحدها في مستوطنة «سديروت». وفي وقت لاحق، أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة مسؤوليّتها «عن دكّ مغتصبات غلاف غزة برشقاتٍ صاروخية»، عادّةً ما قامت به «ردّاً أوّلياً على هذه الجريمة النكراء التي ستفجر ردوداً من أبناء شعبنا في كلّ الساحات وأماكن الاشتباك»، كما أكدت أن قضية الأسرى ستبقى «على رأس أولويات قيادة المقاومة في كلّ الظروف»، محذّرةً العدو من أن «تماديه في العدوان وارتكابه لأيّ جريمة أو حماقة لن يبقى من دون ردّ، وستظلّ المقاومة على أتمّ الجاهزية سيفاً ودرعاً لشعبنا في كلّ مكان». وفي المقابل، أجرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تقييماً أمنياً استمر لساعات، شارك فيه المسؤولون الأمنيون، ورئيس أركان الجيش، ووزير الدفاع. وعقب انتهاء الاجتماع، تداولت وسائل الإعلام تسريبات تحدّثت حول تبنّي المستوى السياسي توصية الجيش، بتدشين حملة ردّ موسّع على صواريخ الأمس في غزة. ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن عدة مصادر أمنية وسياسية تأكيدها، أن الوضع مقبل على «جولة من تبادل النيران، قد تستمرّ ليوم أو يومين». وبحسب قناة «كان»، فإن المنظومة الأمنية أعدّت نفسها لسيناريوات مختلفة، منها «إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، وعمليات إطلاق نار ودهس في الضفة الغربية والداخل». وعلى خطّ الوساطة، دخلت مصر، كما جرت العادة، في محاولة لإيقاف إطلاق الصواريخ، مقابل الإفراج عن جثمان الشهيد خضر عدنان. لكن بحسب التقارير الإعلامية الإسرائيلية، فإن تل أبيب «رفضت بشدّة الإفراج عن الجثة».

سبق التطوّرات الميدانية سيلٌ من المواقف المندّدة باغتيال الشيخ عدنان

وسبق هذه التطوّرات الميدانية سيلٌ من المواقف المندّدة باغتيال الشيخ عدنان، والمتوعّدة العدو بدفع الثمن، إذ أجرى رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، اتّصالاً بالأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، زيادة النخالة، أكد فيه أن «المعركة مع العدو مفتوحة»، مضيفاً أن «الشعب الفلسطيني لا يكلّ ولا يلين ويواصل السير على طريق الجهاد والشهادة والمقاومة». ونعت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بدورها، الشهيد، معتبرةً أن «هذه الجريمة تستدعي وقفة وطنية جادّة ومسؤولة لردع الاحتلال ووقف جرائمه بحقّ الحركة الأسيرة»، داعيةً إلى «إشعال الغضب والتصعيد في وجه الاحتلال ومستوطِنيه، وفتح كلّ ساحات الاشتباك على امتداد الأرض الفلسطينية». كذلك، دعت «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» إلى «المشاركة في فعّاليات الغضب في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وفي قطاع غزة وكلّ أماكن تواجد شعبنا تنديداً بجريمة الاغتيال الجبانة»، مؤكدةً أن «شعبنا لن ينسى أسراه وتضحياتهم». وبينما جزمت حركة «فتح» أن «دماء الشهداء ستكون وقوداً لمزيد من التصدّي»، وأن «عهد الوفاء لتحرير جميع الأسرى من سجون الاحتلال سيبقى على رأس أولويات المقاومة»، نبّهت حركة «الأحرار» إلى أن «مرور الجريمة من دون موقف حازم وردّ يوازيها يشجّع الاحتلال على استهداف وتصفية رموز وقادة الشعب الفلسطيني».

من جهتها، نعت «لجان المقاومة في فلسطين»، الشهيد عدنان، حاضّةً على «تصعيد المقاومة والثورة وضرب العدو في كلّ مكان»، فيما أعلنت «لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية» الحداد العام والإضراب الشامل أمس، مشيرةً إلى أن الشيخ خضر «لم يكن يمثّل فقط حركة الجهاد الإسلامي، بل إنه يمثّل رمزاً وطنياً لكلّ الشعب الفلسطيني». وحمّلت اللجنة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن جريمة اغتياله بشكل متعمّد ومع سبق الإصرار والترصّد، كما حمّلت «المجتمع الدولي» عبء الجريمة عبر التزامه الصمت المطبق والغريب، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق في «محكمة الجنايات الدولية» في قضية اغتياله. كذلك، حثّت «أهلنا في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتلّ على إشعال الأرض تحت أقدام الغزاة، وفتح جميع نقاط الاشتباك مع العدو، وتفعيل جميع أشكال المقاومة»، في حين طالبت «لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة» بـ«خطوات جادّة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين».

 

إلى الحرية… شهداء

أخيراً، ختم خضر عدنان جلجلته، مقفلاً سجلّ حياته الضاجّة بالنضال بشهادة ملحمية مات فيها جوعاناً، كما مات الحسين في هجير كربلاء عطشاناً. «إن هذه الدنيا سحابة صيف… ومتى كانت الغيوم قراراً؟»، يصرخ «أبو عبد الرحمن» في أعدائه بأعلى صوته، مطْمئناً هذه المرّة إلى أن ضفّته «استعادت عافيتها»، وفاتحاً الطريق للأحرار من بَعده ليلثموا غبار سيرته، ويكملوا سبيلاً، وحْدهم التجّار فيها مَن «تعنيهم حسابات الربح والخسارة»

خضر عدنان… يا حبّيَ الباقي على لحمي

في خضمّ سنوات القحط الوطني، لمع نجمه لأوّل مرّة عندما أعلن الإضراب المفتوح عن الطعام ما بين عامَي 2011 و2012. لم يكن الشيخ الشاب آنذاك قد تجاوز الـ33 عاماً من العمر. في الضفة وغزة على السواء، كان…

 

شهادةٌ ليست كغيرها: العدو «يشحن» ساحات الاشتباك

رام الله | في نهاية عام 2011، قرّر ذلك الشابّ الأشقر الذي عرفته السجون منذ وقت مبكر، قرْع الجرس عالياً داخل سجون الاحتلال وخارجها، حين شرع في إضراب مفتوح عن الطعام ضدّ سياسة الاعتقال الإداري. إضرابٌ…

 

ليست «ميتةً طبيعية»... عن أسرانا الذين يُقتَلون قتلاً

ليست «ميتةً طبيعية»… عن أسرانا الذين يُقتَلون قتلاً

ليس المؤبّد، ولا الإعدام الذي تنفّذه أكثر الدول حداثة، هو أصعب ما يواجه الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الإسرائيلي، بل الموت اللانهائي. هذا الأخير هو أحدث أسلوب ابتكرته العقلية الإسرائيلية المسكونة…

 

 

 

قد يعجبك ايضا