من هو “البطل العمالي” المناصر لفلسطين جيرمي كوربين؟

 

شنت الصحف البريطانية الرئيسية ومن ورائها التيار المحافظ هجوما عنيفا على شخص رئيس حزب العمال البريطاني “جيرمي كوربين” وهو الشخصية المثيرة للجدل التي تمكنت من إعادة الروح إلى التيار اليساري الراديكالي في أوروبا بشكل عام وبريطانيا بشكل خاص.

حيث اعتبرت هذه الصحف ومنها “ديلي اكسبرس” و”صن” أن انتخاب كوربين جريمة ستؤدي إلى كارثة بحق بريطانيا، كما ألمحت صحف أخرى إلى مواقف كوربين الداعية لإيقاف الحرب واصفة إياه بصديق المتطرفين، فيما اتهمته صحف أخرى بأنه شخص سيعتذر للإرهاب بدل مواجهته. أما الصحف اليسارية وهي قليلة الانتشار فاعتبرته أفضل أمل لإنقاذ حزب العمال وتحسين شروط عيش الطبقات الوسطى.

ويأتي هذا الهجوم بالتزامن مع فتح صناديق الاقتراع للانتخابات البرلمانية التي تجري اليوم الخميس في الجزيرة الإنكليزية. حيث يتوجه الناخبون البريطانيون للإدلاء بأصواتهم محددين مصير الحكومة القادمة في بريطانيا التي يحكمها نظام برلماني، وسط توقعات متقاربة بنسبة الأصوات بين الحزبين.

نتيجة الانتخابات إذا هي التي تحدد رئيس الوزراء البريطاني القادم، وهو المنصب الذي يتأرجح اليوم بين زعيم العماليين جيرمي كوربين والرئيسة الحالية تيريزا مي التي تتزعم المحافظين، وسط مخاوف حقيقية لدى  المعسكر المحافظ من تحقيق فوز كاسح من قبل كوربين بعد تمكنه من جذب أصوات الأقليات إضافة إلى خطابه الذي دغدغ طبقة كبيرة من الشباب البريطاني الذي ينتخب للمرة الأولى.

من هو جيرمي كوربين؟

منذ نشأته اختار النشاط الحقوقي أكثر من السياسي، ويعتبر صاحب فكر يساري متطرف، وقد يكون السبب سيرته الذاتية المليئة بالدفاع عن الطبقات العاملة وحقوق الأقليات والمهمشين، وعلى الرغم من أنه من عائلة ميسورة ماديا إلا أنه يعتبر “بطل الطبقة العاملة”.

أسس وانضم للكثير من الجمعيات الحقوقية التي تدافع عن حقوق الإنسان، ومنها “منظمة تحرير نيلسون مانديلا” و”العدالة من أجل ضحايا ديكتاتور تشيلي بينوشه” كما أنه ناشط في الكثير من الحملات الداعمة للقضية الفلسطينية.

انتخب للمرة الأولى عام 1984 عضوا في البرلمان البريطاني، وله قصة شهيرة بعد تعرضه لانتقادات حول لباسه داخل مجلس العموم حيث دافع عن موقفه قائلا ألبس معطفا من حياكة والدتي فأنا موجود هنا للدفاع عن حقوق الشعب وليس التباهي بما ألبس.

دعم القضية الفلسطينية

لكوربين تاريخ حافل في الدفاع عن القضية الفلسطينية، حتى أنه شارك خلال الأعوام الأخيرة في بعض القوافل التي اتجهت لكسر الحصار عن قطاع غزة، وعام 2013 وجه للحكومة البريطانية خطابا يطالبها فيه بمنع الساسة الإسرائيليين من دخول بريطانية، ووضع حد لانحياز قناة الـBBC البريطانية للكيان الإسرائيلي مطالبا حكومته بالتدخل لإنهاء حصار  قطاع غزة ومنع الكيان من الاستمرار في سياسة الاستيطان.

وبسبب هذا الخطاب وخطابات أخرى شبه فيها الكيان الإسرائيلي بتنظيم داعش الإرهابي تم مهاجمته من قبل ناشطين محافظين  وعماليين في الداخل البريطاني من المؤيدين لإسرائيل واتهامه بمعاداة السامية.

كما أن كوربين كان من أشد المعارضين في الداخل البريطاني لغزو العراق عام 2003 وكذلك عام 1992 أثناء حرب الخليج. وقد نظم  خلال غزو العراق مظاهرات حاشدة في جميع أرجاء بريطانيا ضد المشاركة البريطانية وضد رئيس حزب العمال ورئيس الوزراء آنذاك “طوني بلير”.

وبالعودة إلى الانتخابات البرلمانية اليوم فإن كوربين قدم برنامجا ووعودا بإصلاح النظام الصحي والتعليمي في البلاد، حيث أن الحكومة المحافظة فرضت رسوما على الدراسة وخاصة الجامعية ولم تستثمر كما يجب في القطاع الصحي. وهذا الأمر أوجد نقمة كبيرة عليها خاصة من فئة الشباب البريطاني.

حيث يعد كوربين بضخ ما يناهز 11 مليار جنيه استرليني في النظام الجامعي و11 مليار أخرى على المدارس. ووعد بالضغط على الجامعات  من أجل توفير فرص عمل وتدريب للطلاب مدفوعة الأجر. كما وعد بتعديل النظام الصحي بشكل يلائم أكثر ذوي الاحتياجات الخاصة.

إضافة إلى الملفات الداخلية التي تحدث عنها كوربين فإنه وفي حال فوزه سيواجه ملفات شائكة خارجية كثيرة، منها السياسة الخارجية لبريطانيا والقضية الفلسطينية والتعامل مع ملفات الإرهاب في الشرق الأوسط والحركات المتطرفة التي تفتك بالمنطقة.

طبعا هناك تحدي أساسي يواجه كوربين، فناهيك عن حزب المحافظين فإن كثيرا من الساسة العماليين وكبار أعضاء الحزب لا يؤيدون سياساته خاصة أنه يأخذ الحزب إلى اليسار، في وقت يفضل الكثير منهم استمرار نهج طوني بلير الذي بدأه منذ التسعينات متخذا الوسط خطا سياسيا له.

قد يعجبك ايضا