موقع “صالون” الأمريكي: أغنى الدول تقود حرباً غير متكافئة ضد اليمن

 

منذ مارس 2015، تعرض ملايين اليمنيين للانهيار الاجتماعي بسبب الحرب الوحشية واللاإنسانية التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص – معظمهم من المدنيين.

وعلى رأس أعمال العنف نفسها، يواجه اليمنيون القتل والدمار في حياتهم اليومية، والتدهور الاقتصادي، وسرعة انتشار وباء الكوليرا.

إن حقيقة تردي الوضع وتفاقمه هو أن جزءا كبيرا من البنية التحتية في اليمن قد دمرته الغارات الجوية المرتبطة بالحرب الجارية بين التحالف الذي تقوده السعودية، والحوثيين المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

ومع ذلك، فمن الملاحظ أن واحدة من أغنى الدول في المنطقة، المملكة العربية السعودية وتضم تحالفا عربيا، بمساعدة امريكا وبريطانيا، شاركت في العدوان تجاه واحدة من أكثر الدول فقرا في المنطقة، اليمن. في الحقيقة، هذه ليست حربا متكافئة.

وقد تعرضت البنية التحتية والمستشفيات والمدارس والمصانع وحتى قاعة العزاء والافراح لحملة قصف لا هوادة فيها وعشوائية.

ويعمل أقل من نصف مستشفيات البلاد حاليا، في حين أن الأطباء وغيرهم من الموظفين العموميين لم يتلقوا رواتبهم منذ اكثر من عام.

اليمن المكان المثالي لأزمة صحية ضخمة. والكوليرا، وهو مرض منسي يتم احتواؤه في الغالب في الأجزاء الأكثر تطورا من العالم الحديث، يحترق في بلد تعرضت بنيته التحتية للدمار وارجعته إلى القرن الثامن عشر.

والواقع أن تفشي الوباء في اليمن على وشك أن يصبح أكبر تفشٍ قد سجل على التاريخ. وكانت هناك 755 الف حالة على الاقل منذ بدء الوباء في نهاية ابريل الماضي. ووفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن منظمة أوكسفام، يمكن أن تتجاوز مليون حالة بحلول نهاية العام.

ووصف سكوت بول، خبير السياسة الإنسانية في منظمة أوكسفام لـ”صالون”، الكوليرا بأنها “مرض من العصور المظلمة”، وهو أمر لا ينبغي رؤيته في المجتمع المعاصر. ويمكن الوقاية من الكوليرا “في بعض من اكثر الظروف معاناة في العالم”. وأوضح بول ان السبب في انتشار المرض بسرعة كبيرة هو “أن أطراف النزاع ليست مهتمة بالتعاون لتخفيف معاناة الناس في اليمن وأن الاقتصاد والحكومة قد انهارت”. لكن الحصار البحري الذي تقوده قوات التحالف بقيادة السعودية أضاف عبءاً إضافيا هائلا.

 

وقال بول: “ان التأخير والعوائق المفروضة على الواردات تضعف وتضغط على الاقتصاد بكامله، الامر الذى يجعل اسعار المواد الغذائية ترتفع ولا يستطيع المواطنون شراءها”. “كما أنه يجعل من الصعب الحصول على الإمدادات الهامة للأشخاص الذين يحتاجون إليها”.

وقالت هيومن رايتس ووتش: “أدى الحصار – في انتهاك للقانون الإنساني الدولي -إلى تأخير وتحويل ناقلات الوقود، وأغلقت ميناء بالغ الأهمية، وأوقفت السلع المنقذة للحياة للسكان من دخول الموانئ البحرية التي تسيطر عليها قوات الحوثي صالح”.

إلا أن هناك بصيصا صغيرا من الأمل لأن العنف قد اكتسب منذ فترة طويلة اهتمام الأمم المتحدة وعدد قليل من المشرعين لاتخاذ إجراء من نوعه لشعب اليمن.

وذكرت الانباء ان كلا طرفي النزاع قد وضعتهما الامم المتحدة في القائمة السوداء لانتهاكات جسيمة ضد الاطفال، كما ان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة قد بدأ مؤخرا تحقيقا مستقلا يتطلع الى فحص جميع الاطراف المعنية بالحرب.

لكن التحالف الذي تقوده السعودية هو المسؤول عن الكثير من القتل والدمار، وكان له دعم حاسم في شكل لوجستيات، مخابرات، أسلحة وتزويد الطائرات بالوقود من قبل الولايات المتحدة – الدعم الذي لم يأذن به الكونغرس، ولكن هذا يمكن أن يتغير في المستقبل القريب.

ويتواجد المسؤولون العسكريون البريطانيون والأمريكيون داخل مركز القيادة والتحكم الذي تأمر به الضربات الجوية.

وسوف يسعى مشروع قانون جديد لمجلس النواب يدعمه المشرعون من الحزبين الى انهاء الدعم والتواطؤ الامريكي في الحرب.

ويرعى السناتور رو خانا، التشريع الذي يضم 22 من المشاركين في تقديم مشروع القرار، كما سيجبر مجلس النواب على التصويت للمرة الأولى على ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة الاستمرار في مساعدة التحالف السعودي في الحرب على اليمن.

وقال السناتور رو خانا لـ”صالون” عبر البريد الالكتروني: “ان الناس لهم الحق في معرفة اين يعمل جيشنا واين تنفق اموالهم التي يدفعونها كضرائب، خاصة عندما يرتكب حلفاؤنا جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الانسان”.

واستنادا الى قانون قوى الحرب، يمكن لمجلس النواب ان يساعد في الغاء الدعم الامريكي بتصويت متزامن في المستقبل في مجلس الشيوخ. وذكرت “ذي انترسيبت” ان هذا المشروع يمكن ان يحدث الاسبوع القادم.

وقال السناتور خانا “أنا فخور بانضمام 25 من زملائي في مجلس النواب ويوافقون على ضرورة إجراء نقاش عام بشأن مشاركة الولايات المتحدة في تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن، ورغم ان هذا قد يسبب عدم ارتياح البعض، لكن لا يمكن ان ننسى مسؤولياتنا الرقابية كأعضاء في الكونغرس”.

 

إن وقف الدعم الأمريكي ليس حلا كاملا لليمن، ولكنه سيكون مساعدة كبيرة. وعلاوة على ذلك، فإن على البلد التزاما أخلاقيا بأن يفعل ذلك، لاسيما في أعقاب المعاناة الهائلة التي تسبب بها بالفعل. ويخضع المشرعون أخيرا للسلطات التنفيذية التي توسعت كثيرا منذ بدء الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر.

وفي نهاية المطاف، فإن الحل السياسي وحده أمر حيوي لوضع حد لصراع بدأ دون أي أهداف واضحة أو هدف نهائي.

وقال السناتور خانا: “لا أستطيع المبالغة في الأهمية الرمزية بمواصلة تزويد طائرات التحالف التي تشارك في هذا الصراع المدمر، بما في ذلك العديد من البعثات التي أدت إلى تدمير البنية التحتية الاقتصادية الحرجة والتي عجلت كثيرا من هذا الانهيار الاقتصادي والحكومي”.

وأضاف: “ما أصعب فهمه هو أننا نعمل محطة وقود عملاقة في السماء، ونقدم الوقود عند الطلب، ولا نسأل ما هي الأهداف التي تقصف، ولا نسأل ما إذا كانت هناك أية قيمة استراتيجية للولايات المتحدة، وما إذا كان هذا سيؤدي إلى إنهاء الصراع أو ما إذا كان سيؤدي إلى تفاقم الصراع، وما اذا كان يخدم أهداف الأمن القومي الامريكي أم لا”.

وختم بالقول: “ان الولايات المتحدة لا تطرح اياً من هذه الاسئلة، بل ولا تعرف الاجابة على اي من هذه الاسئلة”.

 

قد يعجبك ايضا