موقع عربي :تحشيد في حضرموت ومأرب لإنقاذ شبوة؟ وهل ينتهج حزب الإصلاح سياسة الاخوان في المنطقة؟

 

تحشيد في حضرموت ومأرب لانقاذ شبوة؟

وصل رئيس ما يسمى “مجلس القيادة الرئاسي”، رشاد العليمي، إلى الامارات، في زيارة غير رسمية، ومن المتوقع ان تكون السعودية وجهته الثانية. وبينما أتت التصريحات المرافقة لهذه الزيارة، لوضعها في إطار “تعزيز العلاقات بين الجانبين”، إلا ان استمرار المعارك في محافظة شبوة، تنذر بأن هناك جدول أعمال آخر، يكون في مقدمته السعي للحد من تدهور الأمور وتجنباً لأيّ من المفاجآت، غير محسوبة العواقب.

ميدانياً، سيطرت قوات العمالقة وما يسمى بقوات “دفاع شبوة”، المدعومة إماراتياً، على عدة مواقع في الخط الدولي الرابط بين عتق والعبر في حضرموت. بغطاء جوي من الطائرات المسيرة الإماراتية، التي كانت تستهدف تجمعات قوات حزب الإصلاح.

وقد واصل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يترأسه عضو المجلس الرئاسي، عيدروس الزبيدي، استقدام التعزيزات، لشن عملية عسكرية واسعة للسيطرة على العبر ومنفذ الوديعة، بعد ما سيطرت قواته على اللواء 23 ميكا الواقع في منطقة العبر.

واللافت ان الاعلام التابع للمجلس الانتقالي بدأ بإحصاء إنجازات الزبيدي المترتبة على هذه المواجهات، حيث اعتبر ان الانتقالي قد “حوّل قوات الإخوان التي كانت تتمترس بالشرعية إلى قوات متمردة”. مضيفاً ان “الانتقالي نقل المعركة من الجنوب إلى داخل نخب الشمال، ووضعهم في مواجهة العليمي وكل شتائمهم وتحريضهم ضده بصفته خائن”.

معارك شبوة فضحت هشاشة مجلس القيادة

من جهته، اعتبر موقع المونيتور الأمريكي، إن معارك شبوة اليمنية خلال الأيام الماضية فضحت هشاشة مجلس القيادة الرئاسي. وأشار الموقع إلى أن الصراع في محافظات اليمن الجنوبية ينبئ بهشاشة القيادة اليمنية الجديدة في عدن والتنافر بين القوات الموالية للحكومة.

ونقل الموقع عن أحد سكان عتق، إن القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات والوحدات العسكرية اشتبكت في المدينة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وحولت بعض الشوارع إلى ساحات قتال. قائلاً: “لم نتوقع حدوث هذا الرعب. لقد كانت عتق في مأمن من الصراعات لسنوات عديدة واعتقدنا أنه سيكون من الأفضل في ظل القيادة الجديدة…لسوء الحظ حدث العكس”.

وبصفته القيادة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في البلاد، تدخل المجلس التشريعي يوم الثلاثاء وأقال بعض القادة العسكريين في محاولة لتهدئة الموقف ووقف المزيد من الاقتتال الداخلي. لم تساعد هذه الخطوة، واستمرت الاشتباكات مستعرة يوم الأربعاء.

الباحث والكاتب السياسي اليمني عادل دشيلة اعتبر إن ما حدث في شبوة ينذر بمستقبل كئيب لليمن ويشهد على حجم التأثير الأجنبي على البلاد….وأصبح المجلس الرئاسي أداة في يد التحالف العربي، ولا توجد شراكة سياسية أو عسكرية حقيقية بين القيادة اليمنية والتحالف. ما يخطط له ويقترحه الائتلاف، سينفذه المجلس التشريعي.

من جهته، قال نائب رئيس مجلس النواب، عبد العزيز جباري، إنه ناقش الاقتتال الداخلي في شبوة مع رئيس المجلس، رشاد العليمي، في اتصال هاتفي. وأبلغه “أخشى أن يكون مجلسكم أداة لتقسيم اليمن إلى كانتونات”. ورد العليمي: ما من كلام إلا في رؤوسنا كيمنيين. إخواننا -السعودية والإمارات- حريصون على وحدة اليمن واستقراره”.

لكن سلوك مقاتلي الجنوب بعد انتصارهم في شبوة الأربعاء -بحسب الموقع- يفضح ميولهم الانفصالية. أنزلوا علم اليمن الموحد ورفعوا علم الدولة الجنوبية قبل الوحدة.

 

هل ينتهج حزب الإصلاح سياسة الاخوان في المنطقة؟

تستمر المعارك في شبوة، في ظل مخاوف متزايدة من انتقالها إلى جبهات أخرى. وما يزيد الأمر تعقيداً، ان المسؤول عن وقف حمام الدم هذا -مجلس القيادة الرئاسي الذي يجمع قادة الميليشيات المتناحرة-، لا يملك الصلاحيات اللازمة ولا “الضوء الأخضر” للتدخل. إذ ان قرار تصفية حزب الإصلاح، قد جاء من إحدى الغرف المغلقة في البلاط الاماراتي وبدعم سعودي مطلق.

علاقة جدلية جمعت ما بين حزب الإصلاح والسعودية طيلة عقود. فعلى الرغم من اختلاف المشروع والعقيدة الأيديولوجية، التي تحكم رؤية الاخوان المسلمين وبين الخلفية الوهابية التي تقوم عليها المملكة، استطاعت الرياض نسج علاقة تستطيع من خلالها وضع يدها على قرار الدولة اليمنية، بكافة مؤسساتها السياسية والعسكرية والاقتصادية. إلا ان “الرمال المتحركة” التي غمرت دعامات هذا البناء منذ اللحظة الأولى، لم تستقر يوماً، وما الصراعات التي شهدتها المحاور ما بين مأرب وحضرموت والساحل الغربي وأخيراً في شبوة، إلا نتيجة متوقعة بل ومنتظرة أيضاً.

لجهة ما يسمى “مجلس القيادة الرئاسي”، فحجم التباين الذي بات يفرّق أعضاءه، أكبر بكثير من بعض المصالح التي قد تجمعهم تحت رعاية سعودية- إماراتية. وهنا، لا نتحدث عن رؤية كل فصيل ومصالحه ونفوذه، بل ان انغماسهم بالتبعية لأبو ظبي والرياض، جعل من “قوات حرس الجمهورية” التي ترفع شعار الوحدة، مثلاً، تقاتل إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي وألوية العمالقة، الذين مزقوا علم الوحدة فور سيطرتهم على شبوة.

بالنسبة لحركة أنصار الله، فلم يكن موقفها مستغرباً، خاصة وأنها كانت قد أبدت غير مرة، استعدادها لمد اليد مجدداً لحزب الإصلاح، لما تعتبره موافقاً لعقيدتها بحفظ دماء اليمنيين من الفتنة، وتجريد كل من أبو ظبي والرياض من وكلائها في الداخل، إضافة لسياستها التي تتوافق مع مسار الاخوان المسلمين في الدول العربية خاصة حركة “حماس”، من جهة، وإيمان الحزب بوحدة اليمن من جهة أخرى. إذ أعربت أخيراً، على لسان عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله، محمد البخيتي، عن دعمها لحزب الإصلاح عسكرياً فيما لو طلب ذلك صراحة وعلانية، حيث أكد ان “لا مبرر لبقاء حزب الإصلاح في تحالف العدوان بعد اليوم، صحيح أنه سيكون هدف سهل لطيران العدوان، ولكن بانضمامه لصف الوطن سيدخل في نطاق حمايتنا قواتنا الصاروخية والجوية وسنتمكن من حسم المعركة سريعاً، وإذا ما تأخر في اتخاذ هذا القرار وفقد مناطق سيطرته المحاذية لنا فهذا يعني خسارته لآخر فرصة”.

تعرض حزب الإصلاح، إلى محاولات اقصاء متعددة خاصة منذ بداية الحرب، بعدما باتت الرياض تعتبره مصدر استنزاف سياسي ومالي دون نتائج فعلية يعوّل عليها على الأرض. وعلى ما يبدو، ان الحزب يخوض اليوم معركة وجودية، قد يرى نفسه مضطراً للتخلي عن حلفاء الأمس لأجل بدء مرحلة أخرى هو امتداد لمسار الاخوان المسلمين في المنطقة، وقد يجد بحكومة صنعاء يداً يمكن مصافحتها، بعد ان أبدت الأخيرة استعدادها لذلك. خاصة وان التسوية السياسية التي ستنتهي إليها الحرب، بغض النظر عن طول المدة المتبقية، ستكون قائمة على حجم الوجود والتأثير الفعلي للقوى على الأرض.

  • المصدر: “الخنادق” اللبناني

 

قد يعجبك ايضا