نكال الآخـرة والأولى

(1)

أزاحت القوات المسلحة اليمنية، الخميس 1 أيلول/ سبتمبر، الستار عن قطع عسكرية جديدة تتضمن صواريخ وألغاماً بحرية تعرض لأول مرة.

وكشفت البحرية اليمنية، ضمن عرض عسكري هو الأول من نوعه منذ بدء العدوان على اليمن وأطلقت عليه اسم «وعد الآخرة»، عن صاروخ بر–بحر من طراز «فالق 1»، واستعرضت كذلك صواريخ بر – بحر من طراز «المندب 2» و»روبيج»، بالإضافة إلى عدة أنواع من الألغام البحرية، منها «كرار1».

(2)

كان أن بدأت القوات البحرية اليمنية بتنفيذ عملياتها بعد ستة أشهر فقط من بدء العدوان على اليمن، ووجدت ضالتها بدايةً في الصاروخ البحري الصيني «سي-801» الذي كان ضمن تسليح زوارق الصواريخ الصينية الصنع التابعة للبحرية اليمنية من فئة «هونان»، فقامت بجمع الصواريخ المتبقية من هذا النوع من المخازن التابعة للقوة البحرية السابقة وبدأت باستخدامها قتالياً لاستهداف القطع البحرية التابعة للعدوان عبر سلسلة من العمليات وصلت إلى 50 عملية تقريباً منذ بداية الحرب على اليمن حتى بداية العام 2022، وقد بلغت 10 عمليات ناجحة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وحزيران/ يونيو 2017، كان أبرزها في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 باستهداف سفينة النقل السريعة من فئة «سويفت» المؤجرة من جانب البحرية الإماراتية، ما أدى إلى إعطابها بشكل كامل وإخراجها بعد ذلك من الخدمة.

ولا تشمل هذه العمليات عدّة محاولات لاستهداف الفرقاطة التابعة للبحرية الأمريكية «يو إس إس ماسون»، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، وكاد أحد الصواريخ اليمنية أن يصيبها في المحاولة الثالثة.

(3)

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أعلن الجيش اليمني عن صاروخ بحريّ جديد تحت اسم «المندب 1»، وهو حصيلة تطوير محلّي تم على الصّواريخ الصينية السالف ذكرها، وقد تم استخدامه في 3 عمليات رئيسية لاستهداف القطع البحرية التابعة للعدوان خلال العام 2018. لكن تلك الفترة وما تلاها كانت مسرحاً لاستخدام تكتيكات بحرية هجومية أخرى.

(4)

لقد ركَّزت البحرية اليمنية بشكل كبير في عملياتها التدريبية على إعداد فرق من الضفادع البشرية، من أجل تنفيذ مهمّات خاصة قبالة الساحل اليمني وداخل الموانئ التي تتواجد فيها قطع بحرية تابعة للعدوان.

العملية الأولى في هذا الصدد تمت في حزيران/ يونيو 2017، حين نفَّذ فريق من الضفادع البشرية هجوماً على سفينة إنزال بحري داخل ميناء المخا، ما أدى إلى إعطابها. تلا ذلك خلال الشهرين التاليين هجومان على الميناء نفسه، استهدفا كاسحات الألغام التابعة للتحالف السعودي الأمريكي.

العام 2018 شهد 3 عمليات من هذا النوع، آخرها كان في أيلول/ سبتمبر، أسفر عنها أضرار في إحدى القطع البحرية الموجودة داخل ميناء جيزان.

وتمكن أحد فرق الضفادع البشرية اليمنية في أوائل العام 2018 من السيطرة على الطوربيد المسير (Remus-600) الذي تنتجه مجموعة «كونجبيرج» النرويجية للصناعات الدفاعية.

(5)

ظهر تكتيك الزوارق الانتحارية المسيرة عن بعد للمرة الأولى في كانون الثاني/ يناير 2017، في حادث استهداف الفرقاطة التابعة للبحرية السعودية من فئة «المدينة»، إذ أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة المثبتة قرب منصّة هبوط المروحيات في مؤخرة الفرقاطة أنَّ زورقاً سريعاً اصطدم مباشرة ببدن الفرقاطة، ما ألحق بها أضراراً متوسطة.

وتمتلك البحرية اليمنية 3 نماذج من الزوارق الانتحارية المتحكّم بها عن بعد، الأول ظهر للمرة الأولى خلال الهجوم على الفرقاطة السعودية، وكذلك في هجمات أخرى تم شنّها في العام 2017، استهدفت قطعاً بحرية سعودية وإماراتية.

هذا النموذج عبارة عن زورق سريع يتم التحكّم به عن بعد، ويبلغ طوله نحو 10 أمتار، وله محركان يوفران له سرعة قصوى تبلغ 45 عقدة في الساعة، وتم تزويده بشحنة متفجرة تبلغ زنتها 450 كيلوجراماً، يعتقد أنَّها مستخرجة من صواريخ «ستايكس» السوفييتية المضادة للسفن التي امتلكتها البحرية اليمنية في ما مضى.

النموذج الثاني ظهر للمرة الأولى في أيار/ مايو 2018، حين حاولت 3 زوارق مفخخة الهجوم، انطلاقاً من ميناء الحديدة، على قافلة تضم قطعا حربية سعودية. هذا النموذج مصنع من الألياف الزجاجية، وتبلغ سرعته 30 عقدة في الساعة، ويستخدم بشكل أساسي في بث الألغام البحرية؛ لكن لوحظ منذ منتصف العام 2018 استخدامه في الهجمات على القطع البحرية في البحر الأحمر، عن طريق تجهيز عبوات ناسفة داخل بدن الزورق، وتوجيهه بطاقم بشري في اتجاه الهدف المراد تدميره، ثم مغادرة الطاقم المكون من فرد أو فردين الزورق أثناء تحركه، بعد أن يقترب مسافة كافية من الهدف. من أهم مميزات هذا النموذج: بدنه المنخفض الارتفاع الذي يجعل من الصعب رصده أثناء تحركه على سطح الماء، وخصوصاً من مسافة بعيدة.

النموذج الثالث يتمثَّل في تعديل محلي الصنع على زوارق الصيد اليمنية التقليدية، بهدف تحويلها إلى زوارق انتحارية. وقد استخدم هذا النموذج بشكل مكثف منذ العام 2019، بعد أن تم تزويده بتعديلات تشمل آلية للتحكّم بالتوجيه والدفع عن بعد وكاميرا لنقل المشهد الأمامي للزورق.

وكان الهجوم الأوَّل الَذي استخدم فيه هذا النموذج في نيسان/ أبريل 2019، انطلاقاً من منطقة اللحية الساحلية، شمال مدينة الحديدة، وكذلك الهجوم الَذي تم في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 قبالة ساحل مدينة جيزان في الحد الجنوبي السعودي.

(6)

التكتيك الأهم في مجال التسليح البحري كان موجهاً بشكل كبير نحو سلاح أثبت جدارته خلال ثمانينيات القرن الماضي في منطقة الخليج، ألا وهو الألغام البحرية. في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أعلنت القوات المسلحة اليمنية بدء إنتاج نوعين من الألغام البحرية الغاطسة، هما: «مرصاد 1»، و»مرصاد 2».

وكما يبدو، تزايد اعتماد البحرية اليمنية على هذا السلاح، وهو ما اتضح بشكل كبير من خلال المعروضات التي ظهرت في معرض الشهيد القائد في 11 آذار/ مارس 2021، حيث كشفت وحدة التصنيع العسكري اليمني عن ألغام بحرية جديدة من طراز «كرار1» و»كرار2» و»كرار3» و»عاصف2» و»عاصف3» و»عاصف4» و»شواظ» و»ثاقب» و»أويس» و»مجاهد» و»النازعات».

ومعظم هذه الألغام يعد تطويراً لألغام «مرصاد»، مثل عائلة الألغام البحرية «كرار» و»أويس» و»مجاهد». لكن اللافت كان في بعض الأنواع الأخرى، مثل اللغم البحري «ثاقب»، الذي يتميز بآلية مغناطيسية للتثبيت على بدن القطعة البحرية المستهدفة، عبر عناصر الضفادع البشرية، ويمكن لمجموعة منه إحداث ثغرات كبيرة.

(7)

وتستخدم البحرية اليمنية حالياً الزوارق الساحلية الخفيفة بشكل موسع لتنفيذ مهام الاستطلاع والدورية، وتعمل على تسليح بعض النماذج منها برشاشات متوسطة وراجمات صواريخ، وهو ما يفي إلى حد كبير بالمهام المطلوبة في المرحلة تلك من البحرية اليمنية، والتي تتلخص في خلق مساحة كافية من الردع البحري لإبعاد نشاط القطع البحرية المعادية عن الساحل اليمني.

(8)

لاحقاً، وفي الثالث من كانون الثاني/ يناير 2022، ومع نهايات العام السابع للعدوان على اليمن، وفي ذروة تصعيد عدوانية شديدة وجديدة، وفي المياه اليمنية الإقليمية في البحر الأحمر، أعلنت القوات المسلحة اليمنية ضبط سفينة شحن عسكرية إماراتية (صهيونية) دخلت المياه اليمنية بدون ترخيص على متنها 40 بحارا من جنسيات مختلفة وتحمل معدات عسكرية وآليات وزوارق وأسلحة، من أخطرها كان سيارة (Humvee M1035 A2) وهي وحدة اتصال ثنائية حديثة بالأقمار الصناعية وبحد 20 ميغابايت في الثانية، تمنح اتصالا آمنا ومباشرا، مع ثوابت كمراكز قيادة وسيطرة ومنح صلاحيات اتصال وتوجيه للأجسام المتحركة كطائرات الدرون.

ومثلت هذه العملية نقطة تحول استراتيجية هامة في مجال السيطرة على البحر الأحمر، رغم أن قد سبقها عمليات يمنية أخرى، إلا أن «روابي» رست بين القلق الصهيوأمريكي وبين الفشل السعوإماراتي لتحدث زلزالاً واسعاً في مختلف تضاريس خارطة واشنطن الاستراتيجية.

(9)

وفي هذا السياق نعيد نشر موجز لتقرير الباحثين الصهيونيين أري هيستين وإليشع ستوين من معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني بشأن الأسلحة البحرية اليمنية.

يقول التقرير:

لدى الحوثيين ترسانة صواريخ شاطئية من عدة طرازات:

– صواريخ Styx السوفييتية قديمة الطراز (هذا صاروخ من الخمسينيات يبلغ مداه حوالى 40 كيلومتراً، ويبلغ وزن رأسه الحربي حوالى نصف طن).

– سلسلة الصواريخ الصينية (C-801) وترقيتها إلى (C-802) الأكثر تقدماً، التي تحمل في نسختها الإيرانية اسم (Noor)، بمدى يصل إلى 180 كيلومتراً، ويزن رأسه الحربي حوالى 165 كيلوجراماً، وربما تتضمن أيضاً الإصدار المحلي من الصاروخ التابع لهذه المجموعة ويدعى (al-Mandab-1).

عززت وحدات بحرية ماهرة من الحوثيين القدرات الصاروخية على شاطئ البحر، ويمكن لهذه الوحدات القيام بمهمات للسيطرة على السفن في وسط البحر، كما حدث عندما تم (اختطاف) السفن السعودية والكورية الجنوبية (تعمل على بعد 33 كيلومتراً من الساحل) قبالة السواحل اليمنية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أو مهمات هجومية في اتجاهات مختلفة: الاقتراب وإطلاق أسلحة مضادة للدبابات على غرار الهجوم على ناقلة (Muskie MT) في أيار/ مايو 2017.

هناك احتمالية أيضاً أن يقوم الكوماندوز البحري الحوثي بتنفيذ عمليات تخريب ولصق الألغام، على غرار المخطط الذي تم تنفيذه في شباط/ فبراير 2021 ضد السفينة المملوكة لـ»صهيون»، «إم في هيليوس راي».

بالإضافة إلى ذلك، فإن الحوثيين قادرون على إحداث أضرار كبيرة وموجهة للسفن «الصهيونية» من خلال تشغيل سفينة انتحارية يتم التحكم بها عن بعد، تماماً كما تعرضت الفرقاطة السعودية (Al Madinah) في كانون الثاني/ يناير 2017.

التهديد البحري الآخر الذي يستخدمه الحوثيون بالفعل هو زرع ألغام بحرية في مناطق بالقرب من مضيق باب المندب.

عام 2017 سُجلت 15 حادثة تلغيم مختلفة منسوبة للحوثيين على طول شريط ساحلي بطول 100 كيلومتر في اليمن بين موانئ ميدي وميناء المخا القريب من مصر.

لن تكون فرصة تهديد «إيلات» أكثر صعوبة من تهديد «أرامكو»: «هو أمر واقعي، لكنه محدود».

 

المصدر:«لا» 21 السياسي –
قد يعجبك ايضا