هل تفجر واشنطن التفاوض بين صنعاء والرياض؟

ما صدر مؤخرا من مواقف عن صنعاء يوحي بإيجابية في ملف التفاوض مع الرياض والذي تتوسط فيه سلطنة عُمان. كما لم تكن زيارة الوفد السعودي شيئا عابرا، بغض النظر عن تخريجها سعوديا كدور وسيط تدحضه الوقائع، فثمة جديد حصل لترتيب الملف الإنساني وفصله عن أي مسار سياسي، بل وعتباره مقدمة للدخول بحوار ثنائي ينهي الحرب العدوانية ويفتح صفحة جديدة بين البلدين تعزز الهدوء والتهدئة في المنطقة.

لكن الجديد لم يكتمل حتى الساعة. ومرد الأمر ليس لطلبات وطلبات مضادة بقدر ما هو لدور طرف ثالث يعمل على تعقيد المشهد، ويلعب في مساحة التفاصيل لأهداف تخصه. 

مؤشرات عدة تبين أن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت على الخط بقوة، فقد سجل اتصال بين مستشار الأمن القومي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تمحور حول اليمن. الاتصال أتى عقب مغادرة وفد السعودية صنعاء عائدا إلى الرياض.

أمر آخر، هو جولة المبعوث الأميركي إلى اليمن ليندركينع بين عُمان والرياض، وهو ما فهم على أنه اطلاع على تفاصيل ما يحاك، وبالتالي ضلوع أمريكي واضح في التحكم ببعض الأمور.

أمر ثالث، وهو ما سيفهم من تصريح لرئيس المجلس السياسي الأعلي في اليمن، مهدي المشاط، يؤكد فيه وجود مساع أمريكية لعرقلة جهود السلام والملف الانساني، وتحذيره لدول العدوان بأنها هي من سيدفع الثمن. مضمون تصريح المشاط يعطي إشارات عن تلمس صنعاء جمودا معينا أو ربما ترددا سعوديا، يلمس منه رائحة تخريب أمريكي واضح، ومن المؤكد أن لصنعاء معطياتها في هذا الصدد.

لكن السؤال الأكثر إلحاحا الذي يحتاج إلى إجابة يدور حول أهداف واشنطن من استمرار العدوان، وعدم الفصل بين الملفين الإنساني والسياسي؟

ببساطة، إن واشنطن تأخذ من سواحل اليمن مواقع للتموضع العسكري والأمني، وهي تتغطى بالمجلس الرئاسي المشكل من قبلها بالشراكة مع السعودية للإبقاء على تموضعها، وهي تريد ضمانة مستقبلية لإبقاء يدها “الرقابية” على خطوط الملاحة البحرية ومنها البحر الأحمر، انطلاقا من تموضعها في اليمن، وهو ما ترفضه صنعاء، وعبر عن ذلك بشكل غير مباشر قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي حين طالب القوات الأجنبية بالرحيل.

يعتبر هذا الأمر من الأهداف الاستراتيجية التي تحتاج أمريكيا، إلى إدارة دقيقة للمسارات في اليمن، وهو ما يدفع واشنطن للتحكم بمسار هذه الحرب ـ العدوان والحلول التي يعمل عليها.

تملك واشنطن أدوات ضغط على الرياض، وهو أمر مفروغ منه، وعليه يجب مراقبة سلوك السعودية في مقاربة المسألة وإن كانت تملك إرادة تقديم مصالحها على المصالح الأمريكية.

قد تعطي واشنطن الرياض هامشا للتحرك والتفاوض، لكنها ستستخدم سبل الضغط كافة لمنع الرياض من توقيع اتفاق يعطي صنعاء شرعية ويجعلها المرجعية الأولى وربما الأوحد التي يجب أن يعبر منها أي تفاهم.

يمكن القول إن الأمور لم تحسم بعد وتحتاج إلى مساحة زمنية، لكن التقدم متوقف عند المملكة العربية السعودية وبيدها الاختيار بين أمرين:
ـــ تفاهم مع صنعاء يرتد ربحا لها وللمنطقة.
ـــ رضوخ للضغوط الأمريكية ودفع الثمن من استقرارها وأمنها.

 

المصدر :موقع العهد

خليل نصر الله

قد يعجبك ايضا