يا مصر:هؤلاء هم القتلة!

عين الحقيقة/ د/مصباح الهمداني

سنمسحُ الدماءَ عن وجوه أطفالنا، ونجمع الأشلاء الممزقة لنسائِنا، وننفضُ الغبار المتراكمُ فوقَ ضحايانَا، ونبصُقُ على طائراتِ التحالفِ التي تقصفنا يوميًا، ثم نيمِّمُ وجوهَنَا نحو مِصر! 
سنبكي مع مصر، وسنتألم لألمها، وسنشاركها الحزن والعزاء، وسنلتمس لأنفسنا المواساة قبل أن نواسيها! 
فالألم ألمنا! والجرحُ الغائرُ في جسدنا! والدماء التي نزفت هي بعضُ دمائنا!

لأنها مصر التاريخ والعروبة، ومصرُ العِلمِ والحضارة، ومصرُ التَّسامح والمحبَّة، ومصرُ العطاء والخير، ومصرُ قلب العرَبْ النابض!

( 235) شهيد و(200 ) جريح سقطوا في لحظةٍ واحدة، وفي ساعةٍ مباركة، وفي يوم الله، وفي بيتِ الله، وبطريقة وحشيةٍ إجرامية!
في سيناء وفي جامع الروضة؛ متفجرات ورصاص وقنابل وحرائق، تتردد معها أصواتٌ عالية بالتكبير والتهليل! 
لا يَدري المقتولُ لِمَ وعلامَ وفيمَ قُتِل!

يا أهل مصر ستُمسِكونَ بالمُجرمين الفاعلين، لكنهم ليسوا هم القَتلة، وما هُمْ إلا ذِئابٌ ربَّاها المُربي حتى كبُرت، فأطلَقها لتفعَلَ ما فَعلتْ، وهي مسلوبة الإرادة، وفاقدة التفكير، ومُختلة البَصيرة! 
يا أهل مصر لن توقِفوا الشَّر المُتَصاعِدْ ما لم تضعوا أيديكم على الزِّناد، وتصوبوا الرصاص إلى قلبَ الفاعِل الحقيقي، والمُربي الأصلي لهذه الذِّئاب والضباع والخفافيش!

لقَدْ أشار الكثير، بل ووجه أصابِع الاتهام إلى “داعِشْ والقاعدة” وهذا لا يكفي ولا يحل المُشكلة. 
وبعيدًا عن البحثِ عن داعِش ومن وراءها. هل هي إسرائيل أم أمريكا أم كلاهما معًا.
دعونا نتوقَّفُ عند الأمر الأهم!
وهو ما نحنُ وأنتم وجميع المسلمين بحاجةٍ إليه، والذي يبدأ بإلقاءِ نظرةٍ سريعة على جنسيات هؤلاء الانتحاريين، ومذهبَهم وطريقهم، ومَنْ أوصلهم إلى هذه القناعة، ومن غسل أدمغتهم بأن طريق الجنة يُفتَحُ من خِلال سفكِ دماء المسلمين، حتى لو كان في يوم الجمعة!

إنَّنا سنتوقَّفُ أمامَ نتيجةٍ مرعبة حين نكتشفُ أن غالبية ذِئاب وضباع تنظيمي “داعش والقاعدة” هُم سعوديون. 
هذا ما وجدَه أهلُ العراق، وأهل الشامِ، وأبناء اليمنْ. 
ومن هُنا بدأ البحثُ عن “المجاري” التي تخرجُ منها هذه الذئاب والضباع، ومن الذي يقفُ بإصرار خلفَ كل عمليةٍ انتحارية إجرامية! 
ولهذا فإن على أهل مصر أن يبدؤوا الطَّرقَ بيد من حديد، على روَّادِ هذا الطريق، والقضاء على هذا الوباء؛ الذي انتزعت عروقه وقطعت أوصاله في العراق والشام، وعلى وشكِ الانهزام في اليمن!

لا تقضوا الوقت الكثير ، في تأملِ وجوه الفاعلين، ولا في لحاهم الطويلة، ولا ثيابهم القصيرة، ولا مساويكهم المغروسة، فكل تلك الهيئات مصطنعة، وسهلة التركيب والتبديل والتغيير، إنما البحثُ الأهم؛ عن البرمجةِ الفكرية التكفيرية في تلك الجماجم المُنحرفة!

لقد اتفق الكثير من الباحثين والمفكرين بعد البحثِ والتنقيب، أن الفاعلَ الحقيقي لهذه التفجيرات الانتحارية، والقتلُ بهذه الوحشية؛ للمسلمين في مساجدهم، والأقباطِ في كنائسهم، والعامةُ في أسواقِهم؛ 
إنما خرَجَ من كتُبِ ثلاثةٍ هم:
” ابنِ تيمية وتلميذه ابن القيم وخلفهما ابن عبد الوهاب”!

ولقد أحصى د.محمد حبش 428 فتوى لابن تيمية بعنوان “يُستتاب وإلا قُتِلْ”

ولقد سرَدَ الإخواني السابق، والباحث المُحقق الأستاذ سامح عسكر إحصائيةً مُذهلة لكذبات وفتاوى ابن تيمية التكفيرية بعنوان “ابن تيمية وفقه الجريمة”، والتي بموجبها واعتمادًا عليها تقوم داعش بغسيل عقول هذه الذئاب والضباع البشرية!

ولم يكن ابن القيم تلميذ ابن تيمية ببعيدٍ عن أستاذه في التكفير! 
وجاء ابن عبد الوهاب ليبدأ مسيرة التطبيق العملي لتلك الفتاوى التكفيرية بالغزوات على مُدن وقرى المسلمين وقتل وذبح الآلاف منهم بلا ذنبٍ ولا تهمة سوى التكفير لأتفه الأسباب، ولقد كان لليمنيين النصيب الأوفر من القتل على يد هؤلاء الوهابيين فقد قُتلَ –ذبحًا، وطعنًا، ورميًا- حوالي 3000 حاج يمني في منطقة (تنومة) في حادثةٍ شهيرة، وجريمةٍ مُنكرة لم ينسَ ألمها الأجداد، ولن يغفرها للوهابية الأحفاد.

إن ما أصاب مِصرَ اليومَ هو من هذا التُّراث (التيمي الجوزي الوهابي) المُتعفن، والذي تقومُ بإحيائه وطبعه ونشره مملكة آل سعود، ومن ورائها! 
ولهذا فلنْ تتعافى مصر حتى تتبرأ ثم تتخلص منه!
وتتحرك لفعل ذلك مراكزُ مصر التنويرية الإيمانية المُعتدلة، والتي ملأ نورها يومًا ما؛ كل أرجاء العالم العربي والإسلامي! 
وأن يقوم الأزهر الشريف بتنقية جسده الطاهر، وإخراجُ الرؤوس المتسخة بهذا الوباء، وليبدأ بعدها؛ تحصين الأمة جمعاء!

وإن لم تُجرَّمْ وتُحرق وتُدفن كتُبُ التكفير والقتل؛ فإن “داعش والقاعدة” ستستمِرُّ في عملياتها الإجرامية استنادًا إلى: 
فتاوى ابن تيمية، وتنظيرات ابن القيم، وتطبيقات ابن عبد الوهاب!
إنَّ ألمنا اليوم شديد، ووجعنا أكيد! 
اللهم احفظ مصر وسائر بلادِ المسلمين؛ من شرِّ الثلاثي التكفيري الإرهابي اللعين!

د.مصباح الهمداني

قد يعجبك ايضا