صحيفة الحقيقة العدد “277” الثقافية: دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه

 

الأعياد الإسلامية … {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ}

عيد مبارك، وكل عام وأنتم بخير.

إنها أعياد مباركة، عيد الأضحى، وعيد الغدير، أعياد إسلامية، أعياد لها قيمتها، ولها أثرها في النفوس، وفي حياة الناس لو كانت تُحيا بالشكل الصحيح.

إنها الأعياد الإسلامية التي هي تعتبر بمثابة فرح بنصر الله، فرح بنعمة الله، حديث عن نعمة الله سبحانه وتعالى، وذكر لفضله على عباده.

إن الأعياد كثيرة تمر على هذه الأمة، أعياد كثيرة، أعياد وطنية، كل بلد من البلدان العربية وغيرها له يوم وطني، وأحياناً تزدحم الأعياد، أحياناً في بعض البلدان – كما هو الحال في بلادنا – زحمة أعياد! لكننا نلاحظ أنه في كل عام تمر تلك الأعياد والأمة تهبط إلى الأسفل، إلى الأسفل! أعياد لا قيمة لها.

إن العيد الذي هو عيد هو العيد الذي هو فَرَح بنعمة من نعم الله، الذي هو ذكر لله، كعيد الأضحى المبارك، كعيد الفطر، كعيد الغدير. {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ}(يونس58).

كم تستعرض الحكومات في الأيام الوطنية! والأعياد الوطنية، تستعرض القوات المسلحة، وتستعرض أنواع كثيرة من الأسلحة، ولكننا نجد أنه لا أثر لتلك الأعياد في نفوس الناس، ولا أثر لتلك الأسلحة في رفع معنويات الناس، ونجد الهزائم تتتابع على هذه الأمة كل عام، بل كل شهر، كما هو الحال في هذه السنة التي رأينا الأحداث العجيبة فيها.

أمر الولاية للسيد حسين بدرالدين الحوثي

 

لماذا يحتفل المسلمون بيوم الغدير؟

نحن نحتفل في كل سنة بيوم الغدير، وهي عادة جرينا عليها، وسار عليها أسلافنا جيلاً بعد جيل؛ لأهمية إحياء هذه المناسبة، أولاً: أنها نصر لله تعالى، وثانياً: نصر لرسوله، ودفاع عن مقام رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وثالثاً: نصر للإمام علي (عليه السلام).

إن يوم الغدير الذي جمع فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أكثر من مائة ألف من الحجاج، وصعد فوق أقتاب الإبل؛ ليرفع يده ويد علي؛ ليقول للجميع: ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه)) بعد خطبة طويلة، يقرر فيها الأمة على أنه قد أكمل البلاغ لها.

فعل ذلك في مثل هذا اليوم، بعد أن نزلت تلك الآية بلهجتها الساخنة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(المائدة67).

فنحن عندما نحيي هذه الذكرى؛ لأن هناك – وكما قلنا أكثر من مرة – وكل من يراقب الأحداث منكم، وكل من يراقب ما يعمله حتى من يسمون أنفسهم دعاة للإسلام، هل يتحدثون عن هذه الحادثة؟ ما أكثر الجامعات الإسلامية، ما أكثر المراكز الإسلامية، ما أكثر الدعاة بذقونهم الطويلة، وثيابهم القصيرة، ما أكثر من يتحدثون باسم الإسلام، وخدمة السنة!. هل سمعتموهم مرة من المرات يتحدثون عن يوم الغدير؟ لا.

إن يوم الغدير هم يشهدون بأنه حادثة لا شك فيها، قضية متواترة، قضية مسلَّمة، لا أحد يشك من المسلمين بأنها حدثت، وفي أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قال في ذلك اليوم على مرأى ومسمع من الحجاج الذين حجوا معه في تلك السنة: ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)).

دعاة سنة رسول الله! أليس هذا من السنة؟ من يتشدقون دائماً بأنهم أنصار للسنة، ودعاة للسنة، نقول لهم: هناك حديثان مهمَّان، يرتبط بهما مصير الأمة، مستقبل الأمة، لا تتحدثون عنهما، وهما من الأحاديث، الصحيحة، المتواترة، التي لا شك فيها، في مراجعكم الحديثية، لا تتحدثون عنها! ونحن نراكم تتحدثون عن أحاديث ضعيفة وباطلة، تتحدثون عنها كثيراً.

هل هذا هو أسلوب من يسمون أنفسهم أهل السنة؟ أو أنصاراً للسنة؟ لا، إن أنصار السنة هم من ينصرون رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ويقفون مواقفه، ويعملون على أن يمتد بلاغه في الأمة جيلاً بعد جيل، كما نحن في هذا اليوم بإذن الله وبمشيئة الله نقول أننا نبلغ عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).

كلنا جميعاً، وكل واحد منكم يحضر هذا المقام إنه بلا شك، وبمشيئة الله يكون مبلغاً عن رسول الله ما بلغه في يوم الغدير، ويدخل ضمن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما قال في علي: ((اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)).

إننا نتولى علياً، ونعادي من عادى علياً، وننصر علياً، ونخذل من خذل علياً. أليست هذه عقيدتنا؟ وما نعمله في هذا اليوم هو إعلان لذلك؛ لندخل ضمن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).

أمر الولاية للسيد حسين بدرالدين الحوثي

 

 إعلان ولاية علي (ع) التي أعلنها الرسول صلوات الله عليه وآله هي العقيدة الصحيحة المنسجمة مع القرآن

إنها نعمة عظيمة علينا، نعمة عظيمة علينا أن نكون نحن الشيعة من اختصينا، ومن اختصنا الله بهذه العقيدة الصحيحة، المنسجمة مع كتاب الله، ومع رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن نكون نحن من نحيي ذكرى هذا اليوم، من نحيي ذكرى الولاية، من ننصر الله – كما قلت سابقاً – إن الله يقول: {يَا أيُها الَّذِيْنَ آمَنُوْا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ}(الصف14).

إن من لا يعلنون ما أعلنه الرسول في هذا اليوم هم من يَصِمُون الله في حكمته، وفي عدله، وفي رحمته، هم من يضيفون النقص إلى الله.

كيف يجوز على الله سبحانه وتعالى، الذي سمى نفسه بالحكيم، العليم، العدل، الذي سمى نفسه بالرحمن الرحيم، أن يأتي لينظم شؤون كل أسرة، لينظم حتى المواريث، ثم لا ينظم شأن الأمة، ويترك الأمة دون أن ينظم أمرها!.

هل يجوز على الله؟ هذا لا يجوز على الله، لكن الآخرين جوزوه على الله، ولما جوزوا على الله أن يكون أهمل شأن الأمة رأينا عشرات الخلفاء، والرؤساء، والزعماء الذين هم بعيدون عن الإسلام يتقافزون على حكم المسلمين، وعلى أكتاف المسلمين جيلاً بعد جيل.

هل يجوز على الله أن يهمل أمر الأمة؛ ليفسح المجال لأولئك الذين لا يدينون بدينه، ولا يخشونه، ولا يخشون اليوم الآخر، هل يجوز على الله أن يترك شأن الأمة؟ لا يجوز.

فنحن عندما نجتمع في يوم الغدير، نحن نقول: إن الإسلام دين ودولة، ومن الله جاء الإسلام هكذا: نظام شامل للحياة كلها، لا يمكن أن يغفل جانباً من جوانبها، ولا أن يفسح ولا قيد أنملة للضالين والمضلين، والظالمين، أن يتحكموا على رقاب الأمة.

إنه دين الله الحكيم، الذي نزله الحكيم، على رسوله الحكيم، دين عظيم، من إله عظيم، نزل على رسول عظيم؛ لينشأ أمة عظيمة، لا مجال فيها لهؤلاء الضعاف، لا مجال فيها لهؤلاء الأقزام، الذين وجدناهم أقزاماً أمام اليهود.

أليس خزياً علينا نحن المسلمين أن نرى زعماءنا، وهم ما يقارب الخمسين زعيماً كلهم يقفون راكعين مطأطئ رؤوسهم أمام اليهود؟ هل هذا هو الإسلام؟ لا يجوز أن يكون هذا من الإسلام، ولا علاقة لهذا الموقف بالإسلام، ولا شرعية لهذه النوعية أبداً في الإسلام.

فنحن عندما نتحدث في يوم الغدير بنعمة الله علينا، عندما نتحدث في يوم الغدير عن أمر الولاية، عن ولاية الإمام علي، إنه في المقدمة نصر لله، ثم نصر لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)….

أمر الولاية للسيد حسين بدرالدين الحوثي

 

أثر الموالاة والمعاداة .. وكيف شخصها القرآن الكريم

حديث مهم رواه الإمام الناصر في البساط عن الإمام جعفر الصادق عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه قال: ((لو أن عبداً صام نهاره وقام ليله وأنفق ماله عِلقاً عِلقا في سبيل الله, وعبد الله بين الركن والمقام حتى يكون آخر ذلك أن يذبح بين الر كن والمقام مظلوماً لما رفع إلى الله من عمله مثقال ذرة, حتى يظهر الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله)) هذا لفظ الحديث أو معناه.

هذا الحديث يذكر أنه شخص يصوم النهار، ويقوم الليل يتعبد، وينفق أمواله في سبيل الله، ويتعبد في أفضل مكان وأقدس مكان عند الله ما بين الركن والمقام، ثم يقتل مظلوماً.. عمله كله ما يُرْفَعُ إلى الله منه مثقال ذرة حتى يظهر المحبة لأولياء الله والعداوة لأعداء الله.

هذا حديث خطير, القرآن يشهد له فيما يتعلق بخطورة الموالاة والمعاداة؛ ولهذا قال الله في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}(المائدة51) أليس الله هنا يخاطب مؤمنين؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}؟ قال: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ} منكم أيها المؤمنون {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} يصبح حكمه حكمهم، فيكون هو يصلي وهو يهودي, يسبح وهو يهودي, يصوم وهو يهودي, يزكي وهو يهودي.. وهكذا.. إلى آخر العبارات.

خطيرة هذه جداً, يقول: (ومن يتولهم منكم) منكم أيها المؤمنون, من يشملهم اسم الإيمان فإنه منهم, حكمه حكمهم، ومصيره مصيرهم.

التولي, الإمام علي له كلمة في الموضوع: ((إنما يجمع الناس الرضا والسخط, وإنما عقر ناقة ثمود واحد فعمهم الله بالعقوبة جميعاً)) بسبب أن واحدًا عقر الناقة يمثلهم وهم راضين بعمله ومصوبين لعمله فأصبحوا جميعاً مستحقين للعقوبة, أيضاً يقول عليه السلام: ((الراضي بعمل قوم كالداخل فيه معهم, وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به)).

أثر الموالاة والمعاداة, الموالاة والمعاداة ليست فقط أن الإنسان يحب لأخيه كما يحب لنفسه [حالة نفسية فقط]  من داخل, ويكره له مثلما يكره لنفسه. الموالاة معناها: المعية, تشعر بأنك في هذا الجانب تؤيد هذا الجانب متجه إلى هذا الجانب, هذه هي الموالاة سواء كانت موالاة لأولياء الله أو موالاة لأعداء الله, الموالاة معناها: المعية, المعية في الموقف, المعية في الرأي, المعية في التوجه, المعية في النظرة, هذه هي الموالاة.

الموالاة هي حالة نفسية والمعاداة هي حالة نفسية، لكنها تتحول إلى مواقف وتنعكس بشكل مواقف، وتعتبر في حد ذاتها مهيئة لهذا الشخص ولهذا الشخص ولهذا الشخص ولمجاميع من الناس, من هم على وتيرة واحدة في الموالاة تُهيئ هذه الأرضية, أرضية صالحة لانتشار تَوَجُّه، وأعمال الجهة التي هم يوالونها سواء كانت جهة محقة أو مبطلة.

الموالاة والمعاداة للسيد حسين بدر الدين الحوثي

قد يعجبك ايضا