صحيفة الحقيقة العدد”279″:”أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ”: أقرأ عن الشهيد علي حسين علي بلذي والشهيد صالح فرحان الدودلي والشهيد احمد علي اليوسفي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٣‏ أشخاص‏، و‏‏أشخاص يجلسون‏‏‏

الشهيد العقيد / علي حسين علي بلذي

ضيف الله الشامي

وكما تجود الارض الطيبة بخيراتها تجود (مران) أرض الهداية ومنطلق المسيرة القرآنية بخيرة رجالها ، فلم ولن تكن يوما من الأيام بتلك البلدة التي تتخلى عن قيم ومبادئ ومشروع كان لهم فيه الشرف والفخر والعزة أن يكونوا رواده وأوائل من حملوا رايته جهادا وتضحية وفداء ومواجهة الطغاة والمجرمين ، فبذلوا أموالهم لنصرة الدين واسترخصوا دماءهم ليحيى هذا الشعب العظيم عزيزا كريما تبقى رايته دون انكسار أو هزيمة ، ولم ولن يكون أبناؤها إلا جنودا مجندين في درب الجهاد والاستشهاد حتى يكتب الله النصر المبين .

ومن عمق الاستضعاف المادي والخدمي وسعي السلطات لمحاربة المنطقة وحرمانها من كل شيء حتى من التعليم كان التصميم وقوة الإرادة والعزيمة وروحية البذل والعطاء والتثقف بثقافة القرآن الكريم هي رأس المال الكبير الذي كان يفتقر اليه الكثيرين في تلك المرحلة من الزمن ولازال البعض منهم يجهل ذلك.

من رموز التضحية والجهاد والبذل والعطاء كان الشهيد العقيد / علي حسين علي بلذي والذي كان من الرجال النادرين في المنطقة فكان من أبرز المساهمين بماله ونفسه وأهله في نصرة هذه المسيرة القرآنية المباركة فأعد العدة بالمال والسلاح والمنطق والحجة وانطلق في الصفوف الأولى في مواجهة الطغاة في الحرب الأولى دافعا حتى بوالده الشهيد/ حسين علي بلذي والذي استشهد في الحرب الأولى وفي تلك الحرب جرح الشهيد بجروح بالغة ولم تكن هناك أي مقومات للعلاج وتلقى العلاج بالإمكانيات المتاحة والبدائية والطبيعية حتى وقع في الأسر بيد السلطة حينها وتم اعتقاله ونقله مع عدد من رفاقه الى سجن الحديدة ومن رفاقه الشهيد/ حسن الجرادي (ابو شهيد) ومنهم من لا زال على قيد الحياة حتى تم اطلاقهم مؤخرا قبل الحرب الرابعة 2007م.

خرج من السجن أسدا كما كان لم يخضع أو يخنع أو تؤثر فيه أي مرحلة من الضغوط النفسية والمالية عليه فواصل درب الجهاد بنفسه وماله ، حتى خلال فترة العدوان يعمل مجاهدا بسيارته الخاصة وسلاحه الخاص ومن املاكه الخاصة مع جميع إخوته والذي استشهد أحدهم في العام الماضي الشهيد / عارف حسين علي بلذي واحترقت عدد من سياراته الخاصة في ميدان المعركة وكان ينظر الى ذلك قليلا من العطاء حتى لقي الله شهيدا عزيزا كريما منفقا يجود بماله ونفسه واهله وولده.

رحمك الله يا عم علي كما كنا نناديك وكم فقدنا لغيابك نسأل الله تعالى أن يتقبلك وأن يلحقنا بك وبجميع إخوتنا شهداء صادقين صالحين مقبولين.

 

الشهيد الشاعر البطل / صالح فرحان الدودلي

في وديانها وشعوبها ، وعلى ترابها الطاهر كانت خطواته، متنقلا من قرية الى قرية مشاركا للناس أفراحهم وأتراحهم ..هي (مران) من احتضنت الهدي وأنجبت الأبطال وارتشف اهلها من معين الهداية المحمدية العلوية حب الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام. .

مشاعره الجياشة كانت تعبق ولاءا وهوية وانتماء حبا وعشقا واقتداء ، حتى غلب على شعره وزوامله التي يحفظ أبناء مران الكثير منها وخصوصا شعر المناسبات فكان فارسها للزوامل .

عيد الغدير محطة جوهرية في تاريخه فلا يخلو عام من الاعوام الا وله فيه من الزوامل ما يخلد اسمه وشعره.

ذاك هو الشهيد الشاعر البطل / صالح فرحان الدودلي من أبناء منطقة مران انطلق رغم كبر سنه برفقة ولده الى الجبهات مقاتلا بطلا صنديدا ليجسد شعره عملا وقولا وجهادا حتى لقي الله شهيدا في جبهة نجران .

ولي هنا أن أذكر زاملا له خلدته الذاكرة ففي منتصف التسعينات قامت السلطة المجرمة حينها بنفي السيد العلامة بدرالدين الحوثي رحمه الله الى خارج اليمن وكان لأهل مران خصوصا كالبدر بين النجوم وكان حضوره في المناسبات الدينية التي عرف الناس بها ورباهم عليها يمثل قيمة كبيرة وفي تلك الاعوام أقبلت مناسبة يوم الغدير وهو في المنفى ومع ابتهاج الناس بالمناسبة قدم الشهيد الشاعر /صالح الدودلي زاملا ردده الجميع وعيونهم تذرف الدموع لفراق السيد العلم / بدرالدين الحوثي سلام الله عليه حيث يقول في كلمات الزامل:-

عيد الغدير اقبل وحيا به على راسي ..ولو معي في القلب ضيقة ووسواسي.. وكرسي الزيدي مفارق عن مواطنه.

يا غربتي بعده ويا كثرة تكلاسي ..ما في مثيل البدر لا والله في الناس ..كمن منافق خالفه كبره وملعانه.

رحمة الله تغشاك يا شهيدنا البطل فلقد كنت وفيا صادقا مخلصا محبا لأهل البيت عليهم السلام فنعم الشهادة على حبهم ونعم السعادة فزت بها بولايتهم والحقنا الله بكم صادقين صالحين شهداء مخلصين

 

 

قصة شهيد جمع بين البطولة والفداء والشجاعة والإقدام :

صلاح الرمام

قد تكون كاتباً بارعً وتستطيع أن تكتب عن أي موضوع تُريد عن جدارة وفي فترة وجيزة، قد تمتلك كُلّ المؤهلات والإمكانات المُتاحة في مجال الصحافة والإعلام وتتمتع بمُميزات قد تكون نادرة في الكُتَّاب الآخرين، قد تكون من الأشخاص الذين يُعدون بالأصابع على مستوى العالم وتمتلك القُدرة الخارقة على إشباع اي موضوع أين كان وفي أي مكان كان، قد تكون فكرت أكثر من مرة في الكتابة عن بطولة وإنجازات المُقاتلين اليمنيين إلا إنك أمام تلك المواقف التي تُشبه الخيال تتراجع خوفاً من التقصير بحق هؤلاء الأبطال، قد تكون وقد تكون الخ إلا أن الكلمات والعبارات ونوع الحبر والأوراق أو الآلات التي تُريد أن تكتُب بها عن بطولات وشجاعة وتضحيات واقدام وبسالة المُجاهدين اليمنيين وعن العون والتأييد الإلهي وحجم الانتصارات وعن المواقف البطولية التي يُسطرها المُقاتل اليمني في شتّى الميادين والجبهات ترى أنها غير مُتوفرة ، المقالة عن الدُور الذي يقوم به ابطالنا الأحرار للعام الرابع في جميع الجبهات لا تفي بموقف واحد أو دقيقة واحدة مما يقوم به المُجاهدين فالمُجلدات وآلاف الكُتب والروايات والقصص وعلى مدار سنوات عدة لن تفي بجُزء بسيط أو بجانب من الجوانب التي قام ويقوم بها المُقاتل اليمني خلال فترة العدوان ويرى الكاتب انه مهما اتعب نفسه في سرد حتى قصة قصيرة أو موقف حصل هُنا أو هُناك فإنه لا يستطيع أن يأتي به على الوجه المطلوب ويرى فيه انتقاص لحق هذا الشخص أو هذه المجموعة فيدفعه إلى ترك الكتابة وهذا هو الخطأ بعينه فالمواقف البطولية والتضحيات الجسيمة والانتصارات العظيمة تستحق أن تُكتب بماء الذهب وتُسجل بالدماء ويحتفظ بها كل شخص في هذا العالم في ذاكرته الداخلية وفي ذاكرة التاريخ وليس في ذاكرة الهاتف أو الكمبيوتر، وهُنا اتحدث عن نموذج واحد من مئات الآلاف من القصص والروايات عن الأدوار التي لم تحدث في التاريخ من قبل  ولن تحدث ثانية التي يُسطرها المُجاهدين اليمنيين في ميادين الشرف والبطولة أمام أعتى تحالُف شهده التاريخ وفي وجه أعتى الإمبراطوريات في العالم ككُل نظراً لتفوقها في شتّى المجالات العسكرية، البشرية، الاقتصادية، الإعلامية والتي ادهشت العدوان نفسه وبقية دول العالم وبقيت هذه البطولات والانتصارات إلى اليوم هي اللُغز الذي عجز الكُل عن حله وتفسيره والحديث هُنا عن أحد الأبطال المُجاهدين وهو الشهيد /احمد علي اليوسفي الشهيد الخامس من أُسرة الحاج علي اليوسفي والذي يشهد له أكثر من ميدان ومواقفه البطولة شاهدة على الدور الذي قام به خلال ثلاث سنوات من العدوان المفروض على شعبنا اليمني.

لطالما سجل أبناء اليمن أسمائهم في تاريخ البطولات بأحرف من نور، شعباً وجيشاً ولجاناً. فقاوم هذا الشعب العظيم المُحتلين على مدار العصور والأزمنة وخرج في ثورات عظيمة، سقط فيها العديد من الشرفاء، رجال ونساء وشيوخا وشباباً، ولم يتوان هذا الشعب العظيم في بذل التضحيات حتى وإن كُلفة هذا الأمر أرواحهم، لذلك كان من الطبيعي أن يكون بذل الروح فداءً للدين والوطن هي العقيدة الأساسية لأبناء هذا الشعب ، وهذا ليس بغريب لأنهُم نبت هذا الشعب العظيم .

يا قمر الجهاد يا أحمد .. يا صحاب القدر الجميل تقدمت في أصعب الأوقات وحملت راية الجهاد وأعلنت ألا حياة بدونه، فهو الأقدر على الجواب، أجبت على كُلّ مراحل الحياة وتساؤلاتها الوقتية، بدأت الرحلة بتحطيم أسطورة الوهم والحصار وارتحلت مع بضعة أقمار تطوف معهم بين أزقة الوطن وحواريه المضيئة بالوجع اليومي، غيرت مع إخوانك المُجاهدين مجرى التاريخ كُله وأقحمت روح التمرد إلى نفوس الملايين، فلا نُكران لفعل الجميل، أججت مظاهر الجهاد بعد سكون عميق، وبعد زيف الطلقة وتقاليد الفكر البالي، فكان دُمك أجمل عنوان وأقدس خيار فلا لغة إلا لغة النار ولا خيار إلا خيار الأحرار.

إن الكلمات تقف خجلة وعاجزة عند الحديث عن شهيد تأبى حكاية بطولاته النسيان، فطالما مرغ هذا المارد الأشم أنوف جيش الاحتلال السعوامريكي في التراب، كم هي المرات تلو المرات التي شفى فيها هذا الأسطورة صُدور أبناء شعبه المكلوم من هذا العدو المتغطرس في عمليات نوعية وجريئة نكلت بقوى الغزو والاحتلال .. إننا نعيش حكاية الشهيد المُجاهد أحمد علي اليوسفي رفيق درب الاستشهاديين، وصانع المُعجزات والبطولات في زمن التخاذل والهوان، حقاً أنه الرقم الصعب في زمن المُستحيلات.

ترك أحمد أرملته وولدين وبنتاً؛ أكبرهما نجم 8 سنوات ، وأول جواب لأبنه؛ عند السؤال عن مستقبله وأمنياته، فكان الجواب ليته يُكمل طريق والده وينال ما حصل عليه من شهادة؛ ليكون مفخرة لذويه ووطنه. هكذا يتحدثون في مجلس عزاء؛ كأنها أفراح وأعراس، ومُفاخرة للأبناء والآباء، ورفاقه يتصدرون الروايات عن بطولات الشهيد ومواقفه الإنسانية.

تحدث والد الشهيد (ابو نجم) مُتفاخراً بشجاعة أبنه وإصراره على القتال حتى النصر، وكيف أُصيب ثلاث مرات بجروح بليغة لم تُثنه عن مُواصلة المُشاركة في مُعظم المعارك؛ الى حين دخوله مع رفاقه من المُجاهدين معركة الساحل الغربي والنتيجة كانت أن سقط شهيداً في إحدى المعارك ، والتحق مع البعض من أصحابه بقوافل الشهداء.

أما أصحابه فيصفون عزيمته وشجاعته وارتفاع معنوياته، إذ يقول أحد رفاقه كان الشهيد  يتقدم المُجاهدين ويُعطيهم الإلهام ويُعلمهم الصبر، وكل لحظة كُنا نتوقع استشهاده ،وكان رفاقه ينصحوه بالحذر ولكنه لا يتردد عندما يشتد الرصاص ويجتمع الطرفان في ميدان المواجهة.

الشهيد أبو نجم قدم نفسه فداءً لدينه وقضيته ووطنه كما هو حال كُلّ مُجاهدينا الأحرار، ومثل رغبة اليمن بالبقاء موحداً، والقضاء على الانقسامات والطائفية، وتخليص أرضه من العصابات الإجرامية، ولم يك شجاعاً بالسلاح فحسب؛ بل كرمه يدفعه للمجازفة لتخليص الأطفال والنساء الهاربين من بطش التحالُف ، ويحمل على أكتافه السلاح على جانب والغذاء والماء على الآخر ، وقدم دروس لا تُنسى على وحدة اليمن واليمنين إذ كان من صعدة ؛ يُضحي من أجل محافظة الحديدة.

الشهادة مسألة طبيعية في المُدن اليمنية ، التي تنتشر فيها لافتات الشُهداء ، وصور لشباب بعُمر الورود، وهم يرتدون زي عسكري تلفهم راية اليمن وشعار البراءة ؛ من جيش ولجان شعبية ، ومع رحيله تغيب الصورة فقط وتبقى صور البطولة والمآثر والشجاعة والإقدام والتضحية والفداء ؛ لتُجسد أن قتال الشيعة والسنة والجيش واللجان وأبناء القبائل ومُختلف القوميات والطوائف والأحزاب ؛ برغبة معظم اليمنيين تؤكد على وحدة بلدهم.

شهيد ضمن كوكبة أبطال تُكتب أسماؤهم، ويضاف اسمه بعزة وبسالة ضمن شهداء الواجب بدفاعهم عن هذه الأرض الطيبة ‏إرتحل نحو مثواه الأخير، فاحتضنت الدموع صهوة ”منطقته” ، وانداح الحزن وانطفأت بهجة الحياة أمام رحيلك أيها البطل، غادرت لياح الفرح وغدا الكون انكثاما،

‏رافعين أصدق الدعوات بالرحمة لبطل مثلك ترقق تلك القلوب المحتضرة، ومن صفحات الرثاء اعتصر قلمي بحبره وارتعش حتى اصطك، ثم يعاود الكرة ويكتب عن خلق وإنسانية تكتنز بها شخصيته.

‏رحلت أيها الهمام عن هذه الدنيا العابرة، ومرتع آخر يرتقي أثيلا ، مثلك ساحل تهامة افتقدك فقدا متلفا للروح، ومرهقا بدجى ‏السهارى، هناك الكثير تجشم مرارة فقدك من البعيد والقريب، لأنك أَلَمعيّ برباطة الجَأْش والشهامة.

يقول البعض إن الشدائد تخلُق الرجال ، ولكن حقيقة الأمر أن الرجال خُلقت لتخلُق الشدائد وتنقلب عليها لتقهر هذا المُحتل الغاشم بكل قوة وبسالة وشجاعة ، قائلة أنه لا وقت للبُكاء على الشُهداء والجرحى والدمار والخراب ، وما عُدنا نرتضي بأن نُعدد الشُهداء ونسكُب الدمع والحسرات والآلام على أبطالنا ومُجاهدينا ، ولكن الامر هُنا يتجسد بكل هذه المعاني بعُرس الشهيد.

 

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٣‏ أشخاص‏، و‏‏أشخاص يجلسون‏‏‏

قد يعجبك ايضا