تصعيد الفصل الأخير .. بقلم/ عفاف محمد

 

كانت تلك الغارات الهستيرية أشبهَ بتنين يُخرِجُ نارَ غضبه في أي مكان، فقط ليُنفِّسَ عن كربته.

أَوْ ربما كأسد تكسرت أسنانه ومخالبه وراح يزأر محاولاً استعادةَ أمجاده وتخويفَ مَن في الغابة!

اليوم مملكة الهزيمة بعد أن بات العالم يراها بعين قاتلة البشر دونَ محاكمة ومملكة التعذيب ومملكة مقطعة جثة خاشقجي ومُذيبتها في الأسيد، أصبحت تتخبط تخبط عشواء، راجيةً أن تكسب جولةً قبل الحُكم النهائي.

ولكن مهما عربدت وزمجرت ومهما استشاطت غضباً ونفثت نيرانها وسمومها، فلن تحقّق نصراً ترتجيه.

فالتأريخ حتماً قد سجّل فظاعة ووحشية وهمجية دول تحالف العدوان بقيادة المهلكة وبالرغم من الدعم السياسيّ والعسكريّ اللامتناهي طيلة 1300 يوم من العدوان دفعت ترامب إلى إمساك العصا من الوسط. وكان دخول رئيس وزراء العدوّ على الخط ليرجو ترامب للحفاظ على وجود محمد بن سلمان في الحكم والدفاع عنه في قضية خاشقجي.

وهذا يذكرنا بتصريحات ترامب “بأن بن سلمان قدّم خدمات جليلة للكيان الغاصب” دون أن يذكُرَ ماهية تلك الخدمات. بالإضافة إلى تصريحات أُخْـرَى بأنهم كانوا ينتظرون وصول بن سلمان إلى الحكم منذ 50 عاماً. فعمد ترامب وبسرعة قياسية إلى سياسة التأطير ليغيّرَ بوصلة الاهتمام إلى اليمن بدلاً عن خاشقجي ليقينه بأن قضية اليمن هي آخر اهتمامات العالم، فأمر وزيرَي دفاعه وخارجيته بالحديث عن وقف الحرب مباشرةً بين الأطراف المتحاربة في اليمن وفرض وقف إطلاق نار خلال شهر. وقد تلقف الطُّعم فرنسا وبريطانيا، وفي نفس الوقت أعطى أوامره إلى السعوديّة بتكثيف الغارات على صنعاء ومحيطها والتركيز على قصف مطار صنعاء المعطّل أصلاً، ليقضيَ على “مبادرة السلام” في مهدها. وفي نفس الوقت يبيد أي بصيص أمل لسفر أي وفد من صنعاء للمفاوضات المزعومة.

فالتأريخ لن يرحم جنون عظمة وغطرسة المهفوف وزُمرته، فهذا العدوان على اليمن لم يكن نهائياً لإعادة الشرعية لرئيس قدم استقالته وانتهت مدة تعيينه بل لاحتلال اليمن وما يحصل على الأرض من مد أنابيب النفط في المهرة واحتلال الموانئ البحرية ومناطق وجود النفط في حضرموت وغيرها واحتلال سقطرى وجزرها يؤكّـد النوايا العدوانية لاحتلال كُـلّ اليمن.

فاليوم تقوم العديد من الدول بدراسة علاقتها مع المهلكة ونوع العقوبات التي ستتخذها بانتظار نتائج التحقيقات. وتعهدت صحيفة واشنطن بوست بمحاربتهم حتى كشف سوءاتهم للعالم؛ لأن جرائمهم فاحَ ريحها وكان خاشقجي هو القشة التي أيقظت صميرهم بالرغم من كونها نقطةً في بجر مجازرهم وجرائم الحرب التي اقترفوها خلال 1300 یوم‌ من ‌العدوان المتواصل على اليمن. وارتفعت أصوات المعارضين السعوديّين وباتوا يتحدثون بثقة وجرأة عن ممارساته المهلكة اللاإنْسَانية؛ لأن الكيل قد طفح وزاد عن حده.

فغاراتهم الهستيرية مؤخراً لا تفسر سوى تخبطهم كثور هائج مجنون في حلبة مصارعة الثيران.

اليمنُ الغالي سينتصر لا محالة وسيدون التأريخ مرغماً قصته مع تحالف العدوان الهمجي، ولن تجديَ هذه الغارات المجنونة في تثبيط عزيمة المجاهدين الذين أقسموا وعقدوا العزمَ على تحرير كُـلّ ذرة تراب من تراب الوطن اليمني دنسها جنود ومرتزِقة التحالف. ولن يستطيعوا طمسَ مجازر ضحيان، سنبان، الصالة الكبرى، الدريهمي، الطفلة إشراق، طفل الميزان، الأزرقين ومشفى الحديدة للطفولة والأمومة ومئات المجازر التي تغاضى عنها المجتمع الدولي.

لن تجدي المحاولات اليائسة كتابة الفصل الأخير للعدوان فكُلُّ الفصول الماضية سطّرها مجاهدو اليمن من الجيش واللجان الشعبيّة وأبناء القبائل وبرزت أيقونات للفداء والشجاعة تفوقُ تصوّر وفهم العقل البشري، قصدتُّ بطل الفداء في الخطوط الأمامية الذي نقل رفيقه الجريح غير آبه بإطلاق النار الكثيف عليه وبطل الحجارة الذي واجه بكل بطولة مجموعة من جنود العدوّ بالحجارة بعد أن تعطل رشاشه فأخذ سلاح رفيقه السهيد وتابع المعركة واستطاع أن يرغبَهم برمي الحجارة ليعودَ إلى نقطة انطلاقه.

فمهما كانت النوايا الخبيثة لكل المشاركين في هذا العدوان وخفايا مبادرة السلام المزعومة فلن يجدي كُـلّ ما يسعون به لإماتة الحق ولتغيير الوعد الإلهي بالنصر المبين.

فبطولةُ اليمنيين وصبرهم واستبسالهم وإقدامهم وإيْمَانهم وعدالة قضيتهم هي التي ستكتب الفصل الأخير؛ لأنهم يؤمنون بأن النصر حليفهم دائماً، فمعركتهم هي معركة الحق ضد الباطل. واللهُ وعد بزهق الباطل حيثُ قال في محكم كتابه الكريم:- {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (الإسراء-81).

 

قد يعجبك ايضا