السعودية 2018… من القيادة الى العزلة

العهد الاخباري: محمد يونس

يمكن القول إن السعودية لم تشهد زمنا كذلك الذي مر عليها في العام 2018، حيث تدرجت الرياض في الأزمات وصولا إلى وضع وجد المسؤولون السعوديون أنفسهم معزولين عن العالم إن لم نقل منبوذين. فالعنجهية والتعجرف التي طبعت تصرفات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان انتهت به في أواخر العام إلى حد استجداء رؤساء الدول (حتى العربية) من أجل استقباله ولو من الأبواب الخلفية.

لم يخض بن سلمان قضية هذا العام الا وكانت الخسارة نتيجتها من الاقتصاد إلى السياسة إلى الحروب والعلاقات الدولية، وصولا إلى حقوق الانسان التي حاول تجميل نظامه بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة لكن الطبع غلب التطبع فانتهى العام بإحدى أبشع جرائم القتل التي يمكن أن تمارسها دولة بحق مواطن لها.

حاول في الاقتصاد وفشل (مؤتمر دافوس الصحراء، قضية طرح شركة أرامكو للاكتتاب، وصولا إلى الميزانية، محاولة رفع سعر النفط)، حاول في السياسة وفشل (كندا، قطر، الكويت، سوريا، العراق، واليمن) حاول في التطبيع مع العدو وفشل (صفقة القرن)، حاول في العلاقات الدولية فكان فشله الأكبر (مشاركته في مؤتمر قمة الدول العشرين)، هكذا خطى بن سلمان ببلاده عام 2018، ربما نجح في الخضوع للابتزاز الذي مارسه الرئيس دونالد ترامب إن كان بالتحكم بسعر النفط أو بمئات ملايين الدولارات التي دفعتها السعودية ودخلت في جيوب الإدارة الأميركية.

في الإقتصاد

نبدأ من الاقتصاد حيث بدأت السعودية عام 2018 بفرض ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5 % على غالبية البضائع والخدمات ورفع أسعار الوقود على وقع وعود اقتصادية وردية من ضمن رؤية المملكة 2030 التي اطلقها بن سلمان وجعلها سببا وحجة لكل الإجراءات التي اتخذها (اضطر الملك سلمان إلى الإعلان عن المزيد من المخصصات المالية لامتصاص النقمة الشعبية)، ومن الوعود التي قطعت وعد بن بطرح شركة أرامكو (شركة النفط الوطنية السعودية) للاستثمار والاكتتاب ضمن رؤية 2030، لكن وكالة رويترز نقلت في آب المنصرم أن السعودية ألغت هذا الاجراء وقامت بتسريح المستشارين الماليين الذين عينتهم الرياض للمساعدة في عملية الادراج، وأضافت الوكالة أنه “كان من المنتظر أن يصبح إدراج أرامكو في البورصة الركيزة الأساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الموعود في المملكة، إذ كان من المستهدف أن تبلغ حصيلته 100 مليار دولار، ويمثل أكبر طرح عام أولي من نوعه على الإطلاق”.

وذكرت أن “الخطة من بنات أفكار محمد بن سلمان (32 عاما) ولي عهد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، إلا أنه بعد أن واجه المشروع انتكاسات على مدار شهور تقرر إلغاء الشقين الدولي والمحلي من عملية الطرح العام الأولي للأسهم”. مشيرة إلى أن السبب وراء ذلك هو أن الملك سلمان تدخل لوقف الخطة بعد أن التقى بأفراد في الأسرة الحاكمة ومصرفيين ومديرين كبار في قطاع النفط من بينهم رئيس تنفيذي سابق لشركة أرامكو”، وأضافت المصادر أن “الشخصيات التي حاورها الملك أبلغته أن الطرح الأولي لن يكون في صالح المملكة بل إنه قد يؤثر سلبا عليها”، مشيرة إلى أن “الهاجس الرئيسي لدى هذه الشخصيات تمثل في أن الطرح العام الأولي سيدفع أرامكو للإفصاح الكامل عن كل تفاصيلها المالية”.

الضربة الثانية كانت انسحاب العشرات من كبار قادة الأعمال من جميع أنحاء العالم من مبادرة الاستثمار المستقبلية التي أطلق عليها السعوديون (دافوس الصحراء) ومن أبرزهم رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، ورؤساء التنفيذيين لـ “جي بي مورجان”، و”أوبر”، و”سيمنز”، وبنوك HSBC وكريديت سويس وستاندرد تشارترد، وذلك على خلفية الغضب الدولي الذي أعقب جريمة قتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا.

وقد أخفقت السعودية في رفع سعر برميل النفط للحد من خسائرها نزولا عند رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لم يألو جهدا في ابتزاز الرياض ماليا فكانت مئات المليارات من الدولارات تنهال على رأسه كلما أشار بإصبعه.

ومن الأحداث الاقتصادية البارزة في هذا العام:

قيام صندوق الاستثمارات العامة السعودي في أيلول/ سبتمبر 2018 باقتراض 11 مليار دولار وذلك لأول مرة في تاريخه.

بلوغ العجز في الميزان التجاري 195 مليار ريال سعودي بمعدل تضخم بلغ 2.9%.

اعتماد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خطة تنفيذ “برنامج التخصيص”، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، الذي يهدف إلى زيادة حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40% إلى 65% بحلول عام 2030.

في السياسة

أما في السياسة فحدث ولا حرج حيث بلغت عزلة ولي العهد ذروتها في مؤتمر قمة العشرين في الأرجنتين حيث شاهد العالم أجمع انزواء بن سلمان واهمال رؤساء العالم له. وقد بدأ بن سلمان عامه بزيارات واعدة إلى الخارج وضعها في إطار تحسين العلاقات الاقتصادية وحضور السعودية في المحافل الدولية فكانت أولى جولاته الخارجية زيارات إلى مصر وبريطانيا وواشنطن حيث استغلها الرئيس دونالد ترامب بالحديث عن استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة على شكل صفقات أهمها صفقات السلاح، لتنقطع الزيارات بعدها حتى نهاية العام حيث تبدلت الأحوال حين راح الأمير المتغطرس يستجدي لقاء هنا واستقبالا هناك على وقع مظاهرات شعبية عارمة رافضة لاستقباله في أكثر من دولة حتى تلك التي كانت تدور في فلك السعودية وبات الرؤساء يخجلون من التقائه علنية ويتجنبون حتى القاء التحية عليه.

البداية كانت بالحديث عن صفقة القرن وأن السعودية بمكانتها الدينية والعربية ستستطيع تمرير هكذا صفقة والتي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتسليم فلسطين المحتلة للكيان الصهيوني، وقد بدء بتنفيذ أولى مدرجات هذه الصفقة بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو ونقل سفارة واشنطن إليها، ثم تبعها سياسات انفتاح سعودية على العدو الصهيوني لعلها بدأت بالسماح للطائرات الهندية المتجهة إلى فلسطين المحتلة بالعبور ولأول مرة فوق الأراضي السعودية في شهر آذار/ مارس من العام 2018، كما فتحت الصحافة السعودية صفحاتها أمام المحللين والعسكريين الصهاينة واصبح الحديث عن “إسرائيل” وكأنها دولة شقيقة تجمعها والسعودية المصالح المشتركة والعدو الواحد، إلا أن ذلك كله لم يمكن السعودية من المضي قدما في تنفيذ الصفقة رغم الضغوط التي مارستها على الفلسطينيين فتوقفت عند هذه الحدود بانتظار المزيد من التعامل والتآمر لتمرير ما تبقى من بنود.

وهنا أبرز المحطات السياسية السعودية في العام 2018:

جولة خارجية لبن سلمان في شهر آذار/ مارس قادته إلى مصر وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.

زيارة رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في دولة الفاتيكان الكاردينال جان لويس توران للرياض ولقائه الملك سلمان في نيسان/ أبريل.

قطع السعودية علاقاتها السياسية والاقتصادية مع كندا في شهر آب/ أغسطس على خلفية انتقاد أوتاوا للرياض بسبب اعتقال ناشطين معارضين.

زيارة سريعة ومقتضبة وربما فاشلة لبن سلمان إلى الكويت في أيلول/ سبتمبر كان هدفها الاتفاق على استثمار الحقول النفطية المشتركة بين الجانبين في منطقتي الوفرة والعبدلي إضافة إلى الأزمة الخليجية والوقف من طهران لكن أي من ذلك لم يحدث واستغرقت الزيارة ساعتين فقط.

فشل الحصار الذي فرض على قطر في تحقيق أهدافه.

خروج السعودية كليا من الميدان السوري وفشلها في الميدان اليمني حيث عجزت رغم استخدام كل أنواع الهمجية والعنف في السيطرة على مدينة الحديدة واضطرارها للموافقة على جلوس مرتزقتها إلى طاولة الحوار في السويد.

 

انعقاد القمة العربية في الظهران في نيسان/ أبريل.

انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض في كانون الأول/ ديسمبر.

اعلان الرياض في كانون الأول/ ديسمبر عن تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، المجلس يضم كل من: والأردن ومصر والسودان وجيبوتي والصومال واليمن، إضافة للسعودية.

في الوضع الداخلي

أما داخليا فاستهلت السعودية عام 2018 على وقع اعتقالات الأمراء في فندق الريتز والذي كان هدفه إعادة تجميع ثروة العائلة المالكة في يد بن سلمان لوحده، تبعها حملة اعتقالات وكم أفواه للمعارضين والناشطين السعوديين كان أبرزها اعتقال 11 أميرا تجمهروا أمام قصر الحكم في الرياض في كانون الثاني/ يناير وجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بعد استدراجه إليها في تشرين الأول/ أكتوبر.

.. وإخفاق في الرياضة أيضاً

كما سجل للرياض اخفاق رياضي في مونديال روسيا حيث خرجت من الدور الأول بعدما سجلت أول هزيمة في المونديال أمام المضيف الروسي بنتيجة 5 – 0 في حزيران / يونيو.

 

ومن أبرز الأحداث الأخرى:

 

18 نيسان/ أبريل: إطلاق أول سينما سعودية في الرياض.

24 حزيران/ يونيو: السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات.

7 كانون الأول/ ديسمبر: إطلاق قمرين صناعيين هما “سعودي سات 5أ” و “سعودي سات 5ب” على متن صاروخ صيني من قاعدة جيوغوان بالصين

 

 

قد يعجبك ايضا