ما الذي يحصل للأمة التي تفقد ثقافة الشهادة؟

 

إن الأمة المؤمنة الحاضرة دائمًا والمستعدة على الدوام لتقديم الشهداء، الأمة التي فيها رجال مؤمنون، باعوا أنفسهم من الله، وهم حاضرون على الدوام لتقديم أنفسهم في سبيل الله وابتغاء مرضاته، دائمًا ما تكون أمة قوية، أمة يحسب لها العدو ألف حساب، أمة في مستوى المسؤولية، أمة في مستوى مواجهة كل التحديات، وكل الأخطار، وكل الأعداء.

لكن لو فقدت الأمة هذا الشهادة، هذه الثقافة، ثقافة الشهادة، ثقافة التضحية، البذل بلا حدود في سبيل الله سبحانه وتعالى لكانت أمة ذليلة ولصارت أمة مستعبدة مقهورة، تقدِّم من القتلى أضعاف أضعاف ما ستقدِّمه من شهداء وهي في سبيل الله سبحانه وتعالى.

ما تحقق بفضل الشهداء وبفضل تضحياتهم وثباتهم واستبسالهم في سبيل الله سبحانه وتعالى هو الشيء العظيم، نصرًا وعزَّةً وقوَّةً، دفعًا لكثير من المخاطر وفي مقدِّمتها الإبادة الجماعية، كانوا بالنسبة للطغاة والمجرمين في النظام الظالم الجائر، والقوى الإقليمية المتآمرة والظالمة والمتعاونة معه، والقوى الدولية وفي مقدِّمتها أمريكا، كانوا يريدون – وذلك واضح حتى في خطابات مجرميهم وأكابر مجرميهم – ينادون باستئصال الأمة، بالقضاء عليها، وفعلاً وممارسة وسلوكًا كانوا يستهدفون كل شيء، بطائراتهم، براجمات صواريخهم، بمدفعيتهم، كانوا يستهدفون كل شيء الكبير والصغير، الرجل والمرأة، يستهدفون الناس حتى في الاجتماعات الكبيرة، في الأسواق وفي غير الأسواق، يعني: كان لديهم من نيَّة واضحة، ومن خلال الممارسة والسلوك أثبتوا ذلك أنهم يريدون الإبادة الجماعية للناس، كانوا يستبيحون تحت كل العناوين، يستبيحون الناس جميعًا، عناوين سياسية، عناوين حتى دينيَّة، من مجرميهم الذين يقدِّمون أنفسهم وكأنهم أصحاب دين وتحت عناوين دينيَّة.

لكن لتلك التضحيات والجهود والمصابرة الأثر العظيم في أن يحقق الله نصرًا يدفع به عن أُمتنا الاستئصال والجرائم التي هي جرائم الإبادة الجماعية وما إلى ذلك، فما تحقق هو شيء كبير، وما سيتحقق في المستقبل – إن شاء الله – ثمرة لهذه الجهود وهذه التضحيات هو أكثر وأكبر وأرقى وأسمى وأعظم بإذن الله سبحانه وتعالى.

عندما نستذكر الشهداء؛ نستذكر ما حكاه الله عنهم: أنهم أحياء. هم أحياء في وجداننا، أحياء في قلوبنا في مشاعرنا، لن ننساهم، ولن ننسى مآثرهم، لن ننسى مواقفهم، لن ننسى صبرهم ومصابرتهم، لن ننسى ما كانوا عليه من الروحية العالية والبذل والتضحية والإيثار والفداء للإسلام وللمستضعفين، والصدق، لن ننسى مآثرهم في ميادين العمل.

(من كلمة للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الذكرى السنوية للشهيد 1433هـ)

قد يعجبك ايضا