اليمن يفتح شهية المستعمر القديم

الحقيقة/هبا علي أحمد:

لا يزال الموقع الاستراتيجي المهم لليمن يُسَيّل لعاب الدول صاحبة الإرث الاستعماري في منطقتنا، لذلك شكل العدوان السعودي على اليمن فرصة ذهبية للعديد من الدول من بينها بريطانيا لإعادة إيجاد موطئ قدم لها وإعادة التموضع في المنطقة بحيث لا تبقى ثرواتها وممراتها المائية الدولية المهمة حكراً على الأمريكي دون غيره يتحكم بها تبعاً لمصالحه وغاياته.

واليوم يأتي الكشف الجديد للصحافة البريطانية عن مشاركة قوات بريطانية حكومية في العدوان على اليمن ضمن عملية سرية تتشاركها مع الولايات المتحدة، بالتزامن مع مقتل تسعة بريطانيين في عملية نوعية للقوى اليمنية، ليعيد تسليط الضوء على الدور البريطاني في العدوان، فإذا كان الأمريكي موجوداً وبقوة في كل مفاصل العدوان على اليمن فإن ذلك لا يلغي الدور البريطاني الحاضر كذلك سياسياً وميدانياً من حيث تقديم الدعم المادي واللوجستي لقوى العدوان أو من حيث وجوده في التحركات السياسية بخصوص الأزمة اليمنية من دون أن تقدم تلك التحركات شيئاً سوى أنها ساهمت في إطالة أمد العدوان، وهنا يمكن الإشارة إلى أن المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث من أصل بريطاني، أي إن بريطانيا تريد الإمساك بالتفاصيل السياسية، لعل الحلول تأتي كما تشتهي وبالتالي تضمن لها يداً في المستقبل اليمني.

في الحقيقة، زج بريطانيا نفسها في العدوان على اليمن طريقة للعودة إلى مستعمراتها القديمة وأمل في السيطرة على الجزر والسواحل اليمنية بحيث تضمن مكاناً عند تقاطع المنافذ الاستراتيجية المائية من حول باب المندب، من هنا يمكن فهم السعي البريطاني الحثيث لإقامة قاعدة دائمة لها في محافظة عدن إلى الجنوب من اليمن وبالتالي السيطرة والتحكم بمينائها الاستراتيجي الذي يحتل موقعاً جغرافياً يمثل قلب العالم وشريان الملاحة الدولية، لذلك فالعدوان السعودي على اليمن فرصة لبريطانيا لترميم خسارة نفوذها ومكانتها على خريطة العالم السياسية لمصلحة الولايات المتحدة.

ولتحقيق ما سبق، أشار أحد المحللين إلى أن بريطانيا وظفت ثقلها السياسي في مجلس الأمن الدولي واستصدرت عدة قرارات أممية لمصلحة قوى العدوان، لتوفير الغطاء السياسي له مع استمرار تصدير الأسلحة للنظام السعودي على الرغم من وجود تحركات بريطانية داخلية ومطالبات بوقف تصدير الأسلحة، ومن جانب آخر حاولت سابقاً التأثير على ألمانيا للعدول عن قرار منع تراخيص تزويد سلاح للرياض، حيث كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية حينها عن قلق بريطاني بالغ من تأثير القرار الألماني على قطاع الصناعات العسكرية البريطانية والأوروبية.

بمقاربة بسيطة، فبريطانيا التي زرعت الكيان الصهيوني ليكون قاعدة لها في منطقتنا العربية تمارس عبره التخريب والتقسيم والشرذمة، تجد اليوم في قوى العدوان قاعدة لها في اليمن، حيث إن العدوان يعمل على تكريس التقسيم والتجزئة وهو تماماً ما يخدم المصالح البريطانية وتحقيقها.

مرة جديدة يأتي العدوان السعودي على اليمن والمشاركة الغربية فيه لتعري المزاعم الغربية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وتكشف الازدواجية الغربية في إدارة الملفات، والأخص أنها تكشف القذارة الغربية في منطقتنا العربية.

 

قد يعجبك ايضا