الدكتور مصباح الهمداني يكتب عن :القائد الإنسان

 

كم كنت أتوقف متأملاً أمام شعر بعض الشعراء، وهم يصفون تعلقهم بعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأعجب أشد العجب، حين أجد ذلك الحُب محاطًا بسيوف بنو أمية الظالمة…

فمثلاً قول الكميت بن زيد الأسدي المولود سنة 60 هجرية في بائيته المشهورة:

فمالي إلا آل أحمد شيعة.. ومالي إلا مشعب الحق مشعبُ

ومن غيرهم أرضى لنفسي شيعةً.. ومن بعدهم لا من أجل وأرجَبُ

بني هاشمٍ رهط النبي فإنني.. بهم ولهم أرضى مرارًا وأغضبُ

وكأنه يعيش معنا حين قال:

ألم ترني من حب آل محمدٍ.. أروحُ وأغدو خائفًا أترقبُ

بأي كتابٍ أم بأية سنةٍ.. ترى حُبهم عارًا علي وتحسبُ

يعيبونني من خبثهم وضلالهم.. على حبكم بل يسخرون وأعجبُ

ولقد دمعتْ عيني، ووجل قلبي، وأنا أشاهد اليوم القائد الحفيد، يُقبل يد مجاهد.. في ظل حرب كونية…

لقد كانت الصورة؛ أبلغ من ألف قصيدة …

هذا القائد الذي عرفه العالم في رجاله، في أشبال الإبرامز، ورماة قاصف، ومهندسوا بركان، ومصنعوا بدر، ومبرمجوا قاهر، ومقتحموا نجران وجيزان وعسير، ومنزلوا الهزيمة في جيوش التحالف من ميدي إلى الدريهمي ، ومن صرواح إلى الجوف…

هذا هو القائد المطلوب رقم واحد، أو واحد مكرر لقوى الشيطان الكبرى في هذا العالَم…

هذا هو القائد الذي أوقف جيوش أكثر من عشرين دولة على فواصل الملح والتراب، وجعلها تغرق بين رمال ميدي والمخا تارة، وعلى شواطئهما تارة أخرى…

عرفته في أحاديث المؤمنين، وسلسبيل المجاهدين، فما إن يحدثك أحدٌ عنه، إلا وتترقرق عيناه بالدمع شوقًا ومحبةً وولاء.. وكأنما يحدثك عن فضائل الحسن أو مناقب الحسين…

ومازلتُ أتذكر حديثًا لأحدهِم وهو يقول:

“أتحِبُّ أهل الكساء بصدق”

قلتُ:

بجوارحي كلها، وبكل نسمة هواءٍ أتنفسها، وفي كل قطرة دماء أحملها.

قال:

“إن القائد منهم لحمًا ودما، وخلقًا وسلوكا، وجهادًا وصبرا، وفضلاً وعلما”

لن أستطيع في هذه الأسطر وصف حبِّ اليمنيين المدافعين عن أرضهم وعرضهم ووطنهم ودينهم لقائدهم..

وإنني متأكد أشد التأكد أن ما قاله الشعراء المُحبون السابقون..

في القرن الأول الهجري: كحسان بن ثابت وأبو الأسود الدؤلي..

وفي القرن الثاني: كالكميت الأسدي، والشافعي والفرزدق..

وفي القرن الثالث: كأبي تمام الطائي، ودعبل الخزاعي..

وفي القرن الرابع: كأبي فراس الحمداني، والصاحب بن عباد، والناشئ الصغير، والشريف الرضي.

وفي القرن الخامس: كأبي العلاء المعري، وزيد الموصلي، ومهيار الديلمي..

وفي القرن السادس: كسعيد بن مكي النيلي، وصفوان بن إدريس،والحسين الطغرائي.

وفي القرن السابع: كابن أبي الحديد المعتزلي،وابن نما الربعي ،وعلي الأربلي، ومحمد بن طلحة، وأبو المحاسن الدمشقي.

وفي القرن الثامن: كابن الوردي، وعلاء الدين الشفهيني، وعلاء الدين الوادعي،وجمال الخلعي، وصفي الدين الحلي.

وفي القرن التاسع:كابن العرندس، ومحمد العليف، وأحمد البحراني، ومغامس الحلي.

وفي القرن العاشر:كالحسين بن مساعد، وإبراهيم الكفعمي، ومحمد السبعي.

وفي القرن الحادي عشر:كالحسن بن جابر الهبل وفخرالدين الطريحي،وابن أبي شاقين،وزيد الدين الحميدي.

وفي القرن الثاني عشر:كأحمد الدمستاني، وأحمد الحلي، ومحمد الرياحي..

وفي القرن الثالث عشر:كابن الخلفة، وهاشم الكعبي، وباقر العطار، وصالح الكواز،ومحمد نصار.

وفي القرن الرابع عشر:كحبيب شعبان، وإبراهيم الطباطبائي، ورضا الهندي، وحيدر الحلي، ومحمد الأصفهاني، وأحمد شوقي.

وفي القرن الخامس عشر:كإبراهيم الحضراني، وعبد السلام الكبسي، ومعاذ الجنيد…

لن يصِلَ إلى وصف تلك المودة المعمدة بالدم والمال والأهل والولد القائمة بين رجال وجبال وأشبال اليمن بقائدهم الحفيد المقدام السيد عبد الملك الحوثي.

وكم سمعتُ من مصادر مؤكدة عن زيارات القائد التي تبقى طي الكتمان، وفيها من الدروس والعبر والقدوة والهدى الكثير الكثير، إلاَّ أن هذه الصورة حفزت القلم على خلط المداد بالدمع، ورسم بعض الحروف المبعثرة، من وحي وهج الصورة…

فسلام الله على القائد العلم المجاهد التقي الورع؛ عدد قطر المطر وأوراق الشجر، وعدد ما خلق الخالق وما سيخلق إلى يوم القيامة..

وسلام الله على المجاهد المحظوظ وعلى كل بطل وشبل في ساحات الوغى الممتدة من المهرة إلى نجران، ومن نهم إلى الغيل…

وسيدرك العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه أنَّا بهذا القائد ورجاله منتصرون، وقريبًا سيعلمون.

 

قد يعجبك ايضا