القول السديد :صحيفة الحقيقة العدد”344″:دروس من خطابات ومحاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله

 

القول السديد 

لا يمكن للإنسان أبدًا أبدًا أبدًا أن يكون عميلًا لأمريكا وإسرائيل، أو يكون خانعًا مستسلمًا، وخاضعًا ومسلِّمًا للسيطرة الأمريكية والإسرائيلية؛ إِلَّا وينفك وينفصل عن مبادئ الإسلام وقيم الإسلام وأخلاق الإسلام؛ لأن مبادئ الإسلام العظيمة، وقيمه وأخلاقه الكريمة، ومشروعه في الحياة لا ينسجم بأي حالٍ من الأحوال مع ما تريده أمريكا، وما تسعى له إسرائيل

مصير المسارعين في تولي اليهود والنصارى.

   كل من يسارع في خدمة أمريكا، وفي الولاء لأمريكا، وفي التبعية لأمريكا وإسرائيل، كلما خطى خطوةً في ذلك الاتجاه، ابتعد بتلك الخطوة مسافات وأميالًا عن مبادئه، عن قيمه، عن أخلاقه بحكم انتمائه للإسلام، هذا الإسلام الذي تنتمي إليه، لا تنطلق خطوة في المسارعة في الولاء لأمريكا، والتبعية لأمريكا، والولاء لإسرائيل، إلا وأنت ابتعدت بتلك الخطوة وخرجت بها عن مبادئك كمسلم، وقيمك كمسلم، والقرآن أكَّد على هذه، حينما قال الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: الآية51]، (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) بهذا التعبير العجيب والمهم، والذي يحوي هدايةً عظيمة وهدايةً مهمة، وهو في نفس الوقت زاجر كبير وعظيم ومهم، يدل على خطورة المسألة، وعلى ما يترتب عليها، يؤكِّد هذه الحقيقة (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، انخلع وانسلخ وخرج عن مبادئ قيمه، عن انتمائه، عن هويته، فهو في الوقت الذي يعبر عن نفسه وعن انتمائه بأنه مسلم، وأحيانًا بأنه حامل الراية الإسلامية، كما يفعل النظام السعودي، هو في واقعه وحينما خطى خطوات المسارعة في الولاء والتبعية لأمريكا وإسرائيل، هو خرج عن مبادئ هذا الإسلام، وأصبح من أولئك، هو في طريقهم الذي رسموه له، هو في مسارهم الذي حددوه له، وهو منفصلٌ كل الانفصال، وبعيدٌ كل البعد عن هذا الإسلام الحق، عن ديننا العظيم.

خطورة التبعية لليهود والنصارى

فالتبعية والولاء لأمريكا وإسرائيل، وإمكانية استحكام السيطرة علينا كأمة إسلامية يهدد -بكل ما تعنيه الكلمة- هذه الأمة في انتمائها الإسلامي الحق، وفي هويتها الإسلامية الصحيحة والصادقة، تتحول هذه الهوية إلى هوية ممسوخة، إسلام لكن تحته نفاق، الإسلام شكلا ، الإسلام عنوانًا، لم يعد له واقع، لم يعد له مضمون، كما قال الله: {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، تتحول هذه المسألة، أو يتحول الواقع هكذا بمثل ما حكاه، ووفق ما حكاه الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- {إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، تصبح في طريق الظلم، وأي ظلم أكبر من ظلم اليهود الصهاينة وظلم الأمريكيين؟! هل في العالم -في هذه الساحة العالمية بكلها- أظلم من أمريكا وإسرائيل، إلا من يحذو حذو أمريكا وإسرائيل، من يوالي أمريكا وإسرائيل، تراه تحوَّل إلى إنسان متوحش، حتى ولو كان ينتمي للإسلام، إلى إنسان مستهتر بالقيم والأخلاق، إلى إنسان لا يتورع من ارتكاب أبشع الجرائم وأفظع الانتهاكات وممارسة أقبح السلوكيات، وشاهدنا ذلك، شاهدنا مصاديق هذا النص القرآني في واقع الحياة في سلوك النظام السعودي، في سلوك النظام الإماراتي، في سلوك الدواعش والتكفيريين، الذين يرتبطون بمشاريع وأجندات ومخططات ومؤامرات أمريكا وإسرائيل، ظهروا على هذا النحو متجرِّدين من قيم الإسلام، من مبادئ الإسلام، من أخلاق الإسلام، وأصبحوا متوحشين بكل ما تعنيه الكلمة في سلوكهم الإجرامي الذي لا يختلف عن السلوك الأمريكي والسلوك الإسرائيلي، الاستباحة للدماء بما في ذلك قتل الأطفال والنساء باستباحة واسترخاص وتجويز وتسويغ، القتل الجماعي للناس حتى في المدن، والقرى، والأسواق، والمساجد، والطرقات، وفي أي مكان، استباحة عامة لدم الإنسان، لحياة الإنسان، هذا هو النهج الأمريكي الإسرائيلي، استباحة لممارسة الاغتصاب وجرائم الاستباحة الجنسية للناس، سواءً الرجال والنساء والأطفال، هذا هو سلوك أمريكا، مثلما فعلته في سجن أبو غريب وغيره.

ترى الدواعش على نفس المنوال، ترى النظام الإماراتي يحذو حذوهم في ذلك، حذو بني إسرائيل في هذا الزمن، حذو اليهود الصهاينة في هذا العصر، حذو الأمريكيين، ثم ترى النظام السعودي يحذو حذوهم كذلك، يتجرد الإنسان في تبعيته، في ولائه لأمريكا وإسرائيل، وهي حالة غير سليمة، ولا صحيحة، مخالفة للإسلام، ومخالفة للفطرة، عندما يتجه الإنسان هذا الاتجاه.

العمالة مسار منفصل عن الإسلام تماماً

مؤدى هذه السيطرة أن يفصلنا الأمريكي والإسرائيلي عن انتمائنا وهويتنا الإسلامية، وهذه مسألة من أخطر المسائل على الإطلاق، وتلقى تجاهلًا كبيرًا لدى الكثير من أبناء هذه الأمة، وتُهمش في الحديث عن الخطر الأمريكي والإسرائيلي، وهي نقطة جوهرية وحسَّاسة وفي غاية الأهمية، لا يمكن للإنسان أبدًا أبدًا أبدًا أن يكون عميلًا لأمريكا وإسرائيل، أو يكون خانعًا مستسلمًا، وخاضعًا ومسلِّمًا للسيطرة الأمريكية والإسرائيلية؛ إِلَّا وينفك وينفصل عن مبادئ الإسلام وقيم الإسلام وأخلاق الإسلام؛ لأن مبادئ الإسلام العظيمة، وقيمه وأخلاقه الكريمة، ومشروعه في الحياة لا ينسجم بأي حالٍ من الأحوال مع ما تريده أمريكا، وما تسعى له إسرائيل، المسار والطريق الذي يدفعك فيه الأمريكي، ويدفعك نحوه الإسرائيلي، وتتحرك فيه مسارعًا لاسترضائهم، والتودد إليهم، والتقرب إليهم، هو مسار ينفصل كليًا عن المبادئ الإلهية، عن تعاليم الله، عن إسلامه العظيم، إسلامه الأصيل، إسلامه الحقيقي الذي جاء به رسول الله محمد بن عبد الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- وأتى في القرآن الكريم.

هناك إسلام من نوعٍ آخر، إسلام تعرَّض لبرمجة كثيرة، تعرَّض لحالة من التزييف والتغيير، ليس هو الإسلام الحقيقي، بقي فيه بعضٌ من الشكليات، وحرِّفت فيه كثيرٌ من المفاهيم والمعارف، وقُدِّم ليكون توليفة مختلفة عن الإسلام في حقيقته، الإسلام كما هو في القرآن، والإسلام كما كان عليه رسول الله خاتم النبيين محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-.

الإسلام السعودي هو توليفة تتناسب مع ما تريده أمريكا، ومع ما تريده وتسعى له إسرائيل، ويخضع دائمًا للمزيد والمزيد من عمليات التغيير، ومن عمليات البرمجة التي تحذف وتعدِّل وتضيف وتقرر وتزيد وتنقص… وهكذا. إسلام من نوعٍ آخر، إسلام يدجِّن أبناء الأمة ليس في التسليم لله والاتباع لرسول الله والاتباع للقرآن الكريم، بل الاتباع لترامب ونتنياهو، لأمريكا وإسرائيل، الخنوع والطاعة لأمريكا وإسرائيل، والولاء والتبعية المطلقة لأمريكا.

هذا هو إسلامٌ آخر، ليس إسلام محمد، ليس الإسلام الذي هو دين الله الحق، الإسلام الأمريكي السعودي الإماراتي نموذج مختلف، هو النموذج النفاقي، هو النفاق وليس الإسلام، وليس من الإسلام في شيء، له الاسم وبعض الشكليات، أما الجوهر والمضمون والأساس والمسار فهو مسار النفاق لخدمة أمريكا وإسرائيل.

مصير المجتمع إذا تمكن الأمريكي من السيطرة

على مستوى واقعنا كمجتمعٍ مسلم: إذا تمكَّن الأمريكي من السيطرة التامة علينا، ماذا ينتج عن ذلك؟ نتحول إلى مجتمع خاسر وسيء، مجتمع مليء بالمشاكل السياسية، والأزمات الاقتصادية، ومفكك ومبعثر، تنشأ مشاكل تحت كل العناوين، تساعد كلها على بعثرته، على تمزيق حتى نسيجه الاجتماعي: عناوين مناطقية، عناوين طائفية، عناوين عنصرية، عناوين… كل العناوين التي تمزق المجتمع، تبعثر المجتمع، تعزز التباينات والنزاعات والصراعات بين أبناء المجتمع، كلها تنزل ضمن تلك السياسات، تلك الأنشطة، تلك البرامج التي يشتغل عليها الأمريكي والإسرائيلي في منطقتنا، ثم نتحول إلى مجتمع مليء بالأزمات والعاهات الاجتماعية، مجتمع غارق في المخدرات، في الفساد الأخلاقي، في الميوعة وخسران الشرف والضمير والقيم، مجتمع مليء وموبوء بالإيدز والمشاكل الصحية، والآفات الرهيبة والفظيعة في كل شيء، مجتمع محطَّم، فَقَدَ كل عناصر القوة، كل عناصر المَنَعَة، كل العناصر والعوامل التي تساهم في بناء واقعه، في تقويته، في حمايته، في النهوض به، كلها يجرد منها؛ فيتحول إلى مجتمع بئيس، ومجتمع فاقد لكل حالات الوعي، مجتمع غبي، مجتمع ضال، مجتمع منحرف، مجتمع منحل، مجتمع مائع، مجتمع فاسد، يطغى عليه الفساد في كل شيء، هذا ما تريده أمريكا وإسرائيل، هذا ما تسعى له أمريكا وإسرائيل، هذا ما تعمل من أجله الكثير والكثير من الخطط والأنشطة والبرامج التي تدخل إلى ساحتنا العربية والإسلامية تحت عناوين مخادعة ومسميات مخادعة، وكلها للتضليل والخداع، عنوان براق، لكن وراءه أنشطة تدميرية وهدَّامة ومفسدة، وتأتي تلك العناوين، يروج لها في هذه الساحة -الساحة العربية والإسلامية- سياسيون ومسؤولون من موقع المسؤولية في تلك الحكومة أو تلك، في تلك الدولة أو تلك، وإعلاميون، وعلماء سوء، ومثقفون أغبياء يشتغلون لصالح العدو، وآخرون كثر وكثر، فيروِّجون لعنوان معين، أو لنشاط معين، أو لموقف معين، ولكن خلفيته تدميرية، كارثية، تفسد واقع هذا المجتمع وتحطِّمه، وهذا ما يسعى له الأمريكي، وما يعمل من أجله الإسرائيلي.

الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1439هـ

قد يعجبك ايضا