إلى أين يمضي التوتر بين فصائل المقاومة والكيان الإسرائيلي؟

 

مضى يومان على المواجهة التي تحصل بين فصائل المقاومة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي، اذ تمكنت الفصائل الفلسطينية من ايقاف العنجهية الصهيونية عند حدها ومنعتها من التطاول على قطاع غزة وغيرت قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني على عكس آمال الصهاينة الذين كانوا يعتقدون أن تكالب بعض الانظمة العربية معهم فيما يخص مسألة “صفقة القرن” وتصفية القضية الفلسطينية، سوف يمنع الفلسطينيين من الرد على اي اعتداء يقوم به الاسرائيليون لكن الصدمة جاءت قبل يومين عندما امطرت فصائل المقاومة العدو الصهيوني برشقات صاروخية شلت حركته، وما كان منهم إلا التوجه نحو التصعيد الكلامي خوفا على أصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة وحرصا على انجاح هذه الانتخابات التي ستكون بمثابة امتحان صعب بالنسبة لرئيس الوزراء الاسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو.

المقاومة الفلسطينية انفجر غضبها بعد ان قام كيان العدو بالتنكيل بالشهيد محمد الناعم، وحاول الصهاينة رمي فتنة بين الفصائل الفلسطينية بأن المستهدف فقد “الجهاد الاسلامي”، لكن المقاومة هذه المرة أخذت وقتها وتشاورت ونسقت الرد ليكون أولاً من دون إعلان، ثم بتبنّي “الجهاد”، تتبعها قوى أخرى. ثم ردّت “حماس” بوضوح أمس بعدما زاد منسوب تهديدات العدو، بالقول إن ما قامت به المقاومة يأتي ضمن “استراتيجية الفهم الموحد لدى الفصائل بأن الدم الفلسطيني خط أحمر، وأن تهديدات العدو بتوسيع العدوان ستواجه بمقاومة لم يعهدها من قبل، ولن يتحمل ثمنها ونتائجها”، فيما أكدت “الجهاد” أن “أي فعل مقاوم في أي وقت وأي مكان وتحت أي ظرف أو تعقيد سياسي هو فعل مشروع ويحظى بإسناد شعبي وإجماع مقاوم”.

الانتخابات ونتنياهو

كان رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتمنى أن ينجح في تظليل الأيام الفاصلة عن الانتخابات، مطلع الشهر المقبل، بالتهديد والوعيد، مقابل ارتداعٍ فلسطيني عن الردّ على اعتداءات جنوده وضباطه وهمجيّتهم. كان يأمل أن يبدو كزعيم نجح في أن يفرض الأمن جنوب فلسطين المحتلة، وأن تبدو المقاومة خاضعة لسياسة الابتزاز التي يحاول ممارستها مقابل تخفيف المعاناة عن قطاع غزة. لكن حركة “الجهاد الإسلامي” أسقطت هذه الرهانات، ووضعته وجيشه أمام اختبار ميداني انقلبت فيه الصورة، وبدت معها إسرائيل حريصة على ألّا تدفع نحو معركة متدحرجة يُضرب فيها العمق الإسرائيلي. ومع إدراك نتنياهو الرسائل السلبية التي حملتها صواريخ “الجهاد”، حاول أن يعوّض بتوسيع نطاق اعتداءاته باتجاه الساحة السورية، على أمل أن يسهم في ردع الحركة، لكن النتائج جاءت مُخيّبة أيضاً له ولجيشه.

وأراد نتنياهو من وراء التصعيد الذي انطوى على أكثر من رسالة، أن ينعكس ذلك في صناديق الاقتراع، لكن المقاومة نجحت في أن تسلب منه هذا الإنجاز الذي يطمح إليه، وجَبَت منه أثماناً في أمن المستوطنات الجنوبية. كذلك، نجحت في أن تُبدّد آماله في أن تبدو المقاومة كَمَن يسارع إلى الهدوء بأيّ ثمن، وهو ما برز في كلام رئيس أركان جيش العدو، أفيف كوخافي، خلال حديثه مع جنود الاحتياط أمس، حيث قال: “لا أعرف متى ستنتهي الحادثة (الجولة مع “الجهاد”). جزء من الحروب بدأ بالضبط كما يحدث (الآن)”. القلق من انعكاسات ردّ “الجهاد” دفع نتنياهو إلى رفع منسوب التهديد، قائلاً إن “القصف سيستمرّ حتى يعود الهدوء”، ملوّحاً باستهداف قادة “الجهاد”: “إذا لم يعد الهدوء، فسيأتي دوركم”. وفي محاولة لرفع منسوب القلق والتوتر بين الغزّيين والمقاومة، توعّد بأن “المعركة المقبلة ستكون واسعة النطاق، وستتخلّلها مفاجآت لم يُكشف عنها في المواجهات السابقة”، مشيراً إلى أن إسرائيل نفّذت هجمات أمس في غزة ودمشق، وأنها مستعدّة لعمل ذلك في المستقبل، في محاولة منه لإضفاء مصداقية على تهديداته، التي تُظهّر – من ضمن ما تُظهّر – موقع العاصمة السورية في معادلة الصراع، وكونها عمقاً استراتيجياً للمقاومة الفلسطينية.

ومساء الاثنين، أعلنت السلطات الإسرائيلية التي تفرض منذ 13 عاما حصارا على قطاع غزة أنّ معبر بيت حانون (إيريز) المخصص لانتقال الأفراد بين القطاع وإسرائيل ومعبر كرم أبو سالم المخصص لنقل البضائع تم إغلاقهما “حتى إشعار آخر”. كما أعلنت الإغلاق التام للمنطقة البحرية لقطاع غزة ما يعني منع صيادي القطاع من الخروج للصيد.

المواجهة الأخيرة وأبرز التحديات

بدا واضحاً خلال هذه المواجهة التطورُ الكبير في قدرات الوحدة الصاروخية للسرايا التي نجحت في إطلاق عشرات الصواريخ على الأراضي المحتلة من دون أن يستطيع الاحتلال استهداف أي من عناصرها، خلافاً للمواجهة السابقة التي استشهد فيها 15 من عناصرها، في وقت كشفت فيه مصادر في الحركة أنه حتى المجموعة التي قصفها الاحتلال أول من أمس وأصيب اثنان منها هي من “المرابطين” وليست من “الوحدة الصاروخية”. وضمن تكتيكات تشمل رشقات كثيفة في وقت قصير، وبالتزامن مع مواعيد الأذان، تواصل أمس إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون تجاه مستوطنات “غلاف غزة” ومدينة عسقلان، رداً على جريمة التنكيل شرق خانيونس ومن ثم الاستهداف لمقر يتبع لـ”الجهاد” في العاصمة السورية دمشق نتج عنه استشهاد كادرين في الحركة دُفنا أمس، بعدما شُيّعا من مخيم اليرموك.

في المحصلة، اعترف العدو بأن أكثر من ستين صاروخاً أُطلقت حتى الخامسة مساءً (على الأقل)، زاعماً أن “القبة الحديدية” اعترضت 90% منها. لكن مصادر إعلامية عبرية أفادت بوقوع إصابات في عدد من المنازل في المستوطنات، إضافة إلى سقوط صاروخ من نوع “بدر” المطوّر، على مصنع في المنطقة الصناعية بعسقلان، ما تسبّب في أضرار واسعة، كما سقط أحد الصواريخ على سكة الحديد التي تربط مستوطنة “سيديروت” بعسقلان. وأطلقت “سرايا القدس” اسم “بأس الصادقين” على عملية الرد، وكان لافتاً أنها أعلنت انتهاء الرد قبيل السابعة مساءً، لكن ما إن واصل الاحتلال غاراته الجوية، حتى أكملت السرايا الرد، قائلة إنه “قد أعلنا إنهاء ردنا على جريمتي الاغتيال في خانيونس ودمشق، لكن العدو لم يلتزم وقصف مواقعنا ومقاتلينا، لذلك نعلن أننا قمنا بالرد تأكيداً على معادلة القصف بالقصف”، وذلك قبيل أن تُثبّت التهدئة في تمام الـ11.30.

الوقت التحليلي

قد يعجبك ايضا