كاتب واكاديمي فلسطيني:كل الشكر للحوثيين والسيد عبد الملك الحوثي

 

د. عبد الستار قاسم

في خطوة طيبة ومباركة والأولى من نوعها طرح السيد عبد الملك الحوثي مبادرته لتبادل الأسرى، ليس كل الأسرى بين اللجان الشعبية والمملكة السعودية. عرض السيد الحوثي على السعودية إطلاق سراح طيار سعودي وأربعة ضباط سعوديين أسرى لدى اللجان الشعبية مقابل إطلاق السعودية أسرى حماس المصنفين إرهابيين من قبل السلطات السعودية. فشكرا له وللحوثيين جميعا، آملين التعاون مع المقاومة الفلسطينية على اتساع المجالات.

مبادرة السيد الحوثي يقابلها الفلسطينيون بالشكر والامتنان والتقدير، وبالتأكيد ليس كل الفلسطينيين. الفلسطينيون القابضون على الجمر الأوفياء لقضيتهم وحقوق شعبهم والرافضون للاعتراف بالكيان الصهيوني هم الذين يعون تماما أهمية المبادرة الحوثية التي تعلن التزامها بدعم القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وتقول للشعب الفلسطيني “إنكم في عقولنا وقلوبنا وخلجات نفوسنا” على الرغم من إدارة أغلب العرب ظهورهم لكم. والمبادرة واضحة في رسالتها للنظام السعودي من حيث أنها تخاطبهم بحقيقة المقاومة الفلسطينية التي تتصدى للعدوان والاعتداءات الصهيونية المستمرة. إنها تقول للسعودية إن هؤلاء الذين تصفونهم بالإ رهابيين ليسوا إلا مقاتلين من أجل الحرية ومدافعين عن شعبم وعن كرامة الأمتين العربية والإسلامية. هؤلاء ينتمون لحراس القضية الذين صدوا الجيش الصهيوني في عدة حروب متتالية ومنعوه من التقدم داخل قطاع غزة.

هناك من يقول إن الحوثيين يقدمون هذه المبادرة كنوع من المزايدة السياسية وإحراج السعودية. الحوثيون ليسوا بحاجة للمزايدة السياسية  على أحد أو من أجل أحد فهم صمدوا على مدى خمس سنوات، وها هم في السنة السادسة من العدوان عليهم وقد امتلكوا زمام المبادرة العسكرية وأصبحوا على قدرة عسكرية متطورة جدا يخشاها أعداؤهم ويتجنبون كفاءتها القتالية. وهناك من يقول إن الحوثيين يتنفسون إيرانيا ولولا إيران لما استطاعوا الاستمرار في القتال. من المحتمل أن إيران تقدم دعما علميا وتقنيا للحوثيين وهذا ليس عارا، وإنما العار اأن تكون صديقا لأمريكا على مدى أكثر من خمسة وسبعين عاما ولا تستطيع هزيمة قبيلة يمنية. والعار أن تستمر في شراء أسلحة بالمليارات ولا تتقن استعمالها في أرض المعركة.

وما الذي يضير الفلسطينيين إذا تقدم لهم الحوثيون بالدعم السياسي أو العسكري أو الأمني؟ الأنظمة العربية وعلى رأسها السعودية تحاصر الفلسطينيين وتستجدي الرضا الصهيوني وتطعن الفلسطينيين في ظهورهم. الشعب الفلسطيني بحاجة لدعم كل قوى المقاومة في المنطقة، وهم بالتأكيد ليسوا بحاجة لدعم المتساقطين المعترفين بالكيان الصهيوني. الشكر قائم باستمرار لكل الذين يشدون على أيدي المقاومة الفلسطينية في غزة ويقدمون لها الدعم مهما كان بسيطا أو كبيرا.

الشعب الفلسطيني يركز اهتمامه على قضيته وحقوقه الوطنية الثابتة، وقلة قليلة منه مشغولة بالفتنة الطائفية وبرامج التكفير والموالاة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة. ومن كان له غيرة على فلسطين والوطن العربي يجد الصدر الفلسطيني مفتوحا للتعاون.

هل ستحرج المبادرة الحوثية السعودية؟ لا، لن تحرجها، وليس من المتوقع أن تستجيب لها السعودية. الذين يصفون المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، ويعتقلون مقاومين فلسطينيين بتهمة العمل لصالح منظمات إرهابية لا يُحرجون. الحرج يصيب الذين يستحون ويشعرون بالخجل من سوء صنائعهم، أما الذين لا  يستحون تبقى عيونهم وقحة ومستعدة للتطاول على الشرفاء الحريصين على أوطانهم وشعوبهم. الذي يقول إن للكيان الصهيوني حقا في فلسطين، وينفي حق الشعب الفلسطيني في العودة لا يُحرج ولا يندى له جبين. الأمريكيون انتهكوا حرمة القدس وهي مسرى رسول الله عليه السلام، ومنها عرج إلى السماء، وبقي أغلب العرب صامتين دون أن يتخذوا أي إجراء نصرة للقدس ومسجدها المبارك.

أكبر إنجاز في مبادرة الحوثيين هو رفع معنويات الفلسطينيين وإشعارهم بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة الصهاينة. وقد تتطور المبادرة يوما ، ويجب أن تتطور، إلى معونة علمية وتقنية وتسليحية. وفي المبادرة رسالة للشعوب العربية مفادها أن لا تتخلى الشعوب عن شعب فلسطين ومطلوب منها الوقوف بوجه حكوماتهم التي تطبع مع الصهاينة وتدير ظهرها للقضية الفلسطينية. والرسالة تصل أيضا إلى الكيان الصهيوني ورعاته الأمريكيين بأن الفلسطينيين ليسوا يتامى على موائد اللئام.

قوى المقاومة قادرة على تحقيق إنجازات عظيمة إن هي وحدت جهودها تحت استراتيجية واضحة متكاملة.

 

قد يعجبك ايضا