YNP:هل أهدرت قوى تحالف العدوان على اليمن “الفرصة الأخيرة” ؟

لم يستغل التحالف السعودي الإماراتي فترة الهدنة الأممية في اليمن بفتراتها الثلاث، في البحث عن مخرج لغرقه في المستنقع اليمني، على الرغم من معرفته بأنه فقد كل أوراقه وخياراته المتاحة وغير المتاحة للتجديف مجدداً في البلاد، لكنه ذهب تحت طائلة الوصاية الأمريكية الغربية لمزيد من المراوغة والمماطلة في تحقيق الإستحقاقات الإنسانية التي ظل يستخدمها بقذارة “المحارب الجبان” كورقة ضغط في الحرب منذ وهلتها الأولى.. لكن هل ستستمر مغالطات التحالف هذه؟ وهل يخشى التحالف من “العقاب المنتظر” في ظل خيارات صنعاء لحسم ما تبقى من تفاصيل المعركة التي تُحِكم السيطرة عليها كليا؟.

من الواضح أن التحالف السعودي الإماراتي، يراوغ ويماطل بهدف تأجيل إنتصار صنعاء الكاسح في المعركة القائمة، وكذلك تأجيل “العقاب المنتظر” الذي يتوقعه كنتيجة حتمية لما خلفته حربه العدوانية على الشعب اليمني أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وهذه إستراتيجية أمريكية صهيونية واضحة، إلا أنها قديمة ومملة ولا تجدي نفعاً أمام صنعاء التي كسرت جل رهانات التحالف وأفشلت مخططاته المتوالية، ناهيك أن مراوغة قوى التحالف يمكن أن تضاعف من حجم “العقاب المنتظر”.

صنعاء كانت حاسمة منذ اللحظة الأولى بخصوص شروطها للمفاوضات وعلى رأسها وقف كافة العمليات العسكرية ورفع الحصار الكامل وصرف مرتبات كافة موظفي الجمهورية ودفع التعويضات. ومن خلال ما شاهدناه عن صنعاء وما يدركه التحالف ذاته، فإن أي محاولات للقفز على هذه الشروط، لن تنطلي على صنعاء، في ظل تأكيدها الدائم على التمسك بشروطها الكاملة ومنها الإستحقاقات الإنسانية التي تتنصل قوى التحالف ببجاحة عن تنفيذها.

النقاط التي طرحها قائد أنصار الله في اليمن عبدالملك الحوثي، في خطابه الأخير، والتي أكد فيها عدم تفريطهم بالحرية والإستقلال أو التنازل عن المرتبات والإستحقاقات الإنسانية، كانت إجابة شافية وواضحة للمطالب التي يطرحها التحالف خلال المفاوضات الجارية في مسقط بخصوص مصير الهدنة ووقف الحرب في اليمن. الحوثي أكد أنهم لن يقبلوا مطلقاً أن تتحكم قوى التحالف بالوضع السياسي في اليمن أو أن تنهب ثرواته، وهذه رسائل تحذيرية واضحة لا مناص لقوى التحالف إلا بإلتقاطها والقبول بها فهي لم تعد تمتلك أي خيارات لأي مرحلة قادمة سوى التسليم لشروط صنعاء، وفقاً للواقع والمعطيات المنظورة.

لا شك، أن التحالف يسعى جاهداً لتصعيد جديد، من خلال محاولة القوى الغربية المساندة للتحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكيان الإحتلال الإسرائيلي، توسيع نشاطها وانتشارها في المواقع الحيوية اليمنية، وأبرزها الجزر الإستراتيجية والبحرين الأحمر والعربي، ومحاولاته البائسة لإعادة نهب النفط والغاز اليمني، إلى جانب الإمعان في تشديد الحصار على الشعب اليمني بإستمرار قرصنته لسفن الوقود والغذاء والدواء.

ولكن أي تصعيد جديد للتحالف في اليمن، سيكون مكلفاً للغاية بالنسبة لقوى التحالف، خصوصاً في ظل ما حققته صنعاء من انتصارات عسكرية وسياسية واسعة، وما تمتلكه اليوم من قوة حربية هائلة ومنظمة، وهو ما أشار إليه أيضاً قائد أنصار الله في اليمن عبدالملك الحوثي، في كلمته الأخيرة، وتأكيده بأن أي تصعيد للتحالف سيلاقى بردع كبير ومراحل أكبر وأوسع، وهي دلالة على مدى جهوزية صنعاء لأي معركة قادمة، في ظل ما تفرضه أيضاً من معادلات الردع والرعب على إمتداد المواجهة المفتوحة مع قوى التحالف.

وإذا ما تمعنا في المستجدات والمتغيرات الأخيرة، سنجد أن صنعاء تتحكم كلياً بتفاصيل المعركة، فبعد فرضها معادلة تأميم الثروات النفطية والغازية والتي عجزت قوى التحالف عن مواجهتها، فإنها تقترب من فرض معادلات جديدة، ربما لتأميم الجزر والسواحل والبحار اليمنية شمالاً وجنوباً، غرباً وشرقاً، وهو ما يعكس إعلان صنعاء مؤخراً، إجبار بارجة أمريكية عن الإبتعاد من المياة الإقليمية اليمنية، بعد ساعات قليلة من إطلاقها جملة تحذيرات على لسان نائب وزير خارجيتها حسين العزي، والذي حذر القوات الأمريكية من التواجد في المياه اليمنية، ودعا في الوقت ذاته القوات الإماراتية لمغادرة جزيرة سقطرى.

على كلاً، أياً كانت محاولات التحالف للالتفاف على جهود السلام والتصعيد في اليمن، فإنه من الواضح بعد ثمانية أعوام من العجز السعودي الإماراتي، أن قوى التحالف لم تعد قادرة على أي تأثير يذكر في جدار المعادلة التي فرضتها صنعاء، لمعركة محسومة لصالحها منذ مدة طويلة مع وقف الإعلان، ومن الطبيعي في أية حرب أن يفرض المنتصر شروطه على كافة الميادين السياسية والعسكرية.. وصنعاء منتصرة بحكم الواقع والوقائع وباعتراف التحالف نفسه، وستفرض شروطها عاجلاً أم آجلاً لا محالة.

 

YNP _ حلمي الكمالي

قد يعجبك ايضا