YNP :”سلاح الحوثيين”.. الصدمة التي لا يزال التحالف يتخبط بحثاً عن تفسيراتها

قضيةٌ أصبحت الأكثر إثارة للجدل في الأوساط السياسية والعسكرية لدول التحالف وأدواتها المحلية في الداخل اليمني، هي قضية سلاح الحوثيين وقدراتهم العسكرية، التي غيرت معادلات المعركة على الأرض سواء بما يجترحه المقاتلون من انتصارات وتقدمات في الجبهات الداخلية أو بما أطلق عليه الحوثيون بعمليات توازن الردع التي وصلت إلى مرحلتها الثامنة وهي ما يخص استهداف العمق السعودي بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية تحقق أهدافها بدقة عالية.

حين اتخذت دول التحالف بقيادة السعودية قرار الحرب وبدأت عملياتها العسكرية صبيحة السادس والعشرين من شهر مارس عام 2015م، كانت نظرتها ضيقة الأفق، وحساباتها لم تكن منطقية، إذ اعتمدت على منطق القوة بما تمتلكه من ترسانة حربية حديثة وكبيرة، وكذلك بما تضخه من الأموال لتحشيد المقاتلين وشراء الولاءات، الأمر الذي أوجد حالة من الغرور والاستخفاف بالطرف الآخر وبما يمكن أن يحدثه من فرق في الواقع، كونه يتحرك بدافع أنه صاحب قضية وحق، وهو ما لم يتوافر عليه التحالف، ولكنه كان سبباً كافياً لتتغلب الإمكانات البسيطة على الترسانات المهولة.

التعاطي مع التطورات الميدانية، وسلاح الحوثيين وقدراتهم القتالية والتكتيكية والتطويرية، حسب ما تنقله وسائل إعلام التحالف بأنواعها، من تصريحات قيادات كبيرة في دول التحالف وسياسيين ومحللين عسكريين، يتكشف تباعاً عن تخبط مثير للشفقة، فكل واحد منهم يفسر امتلاك الحوثيين للأسلحة بطريقة مختلفة، الأمر الذي يعدّه مراقبون تخبطاً ناتجاً عن صدمة لا تزال مؤثرة في التحالف ومحلليه وخبرائه، كونهم لم يكونوا يتوقعون أن تتغير المعادلات على الأرض لمصلحة الحوثيين الذين طالما نظروا إليهم بدونية واستخفاف، إضافةً إلى حسرتهم على ضياع الأموال التي ينفقونها ويمولون بها أتباعهم من القادة العسكريين الموالين لهم، والآليات العسكرية الحديثة المكلفة التي يغتنمها مقاتلو قوات صنعاء أو يحرقونها في مختلف الجبهات.

آخر التخبطات بشأن سلاح الحوثيين الذي يصل إلى العمق السعودي، وينجز الكثير في مختلف مناطق المواجهات، ما صرح به أحمد الميسري، وزير داخلية الشرعية السابق، في مداخلة مع قناة الجزيرة، مساء الثلاثاء، حيث قال إن السلاح الذي يمتلكه الحوثيون الآن وصل إليهم عبر ميناء عدن بإشراف الإمارات، وهو الاكتشاف الذي لم يسبقه إليه أحد من قبل، وهو ما يتنافى مع أي منطق ولا يتسق مع أيٍّ من معطيات الواقع.

تصريح الميسري واكتشافه الخطير لطريقة حصول الحوثيين على السلاح، سبقه تقرير لقناة الحدث السعودية ذكر أن ذلك السلاح جاء عبر مطار صنعاء الدولي قادماً من إيران، وهو ما يعتبره مراقبون مجرد مبرر لاستمرار إغلاق المطار واستهدافه بغارات طيران التحالف بشكل متواصل، وهو يدرك أيضاً أن كل ما يدخل إلى اليمن أو يخرج منها يقع تحت المراقبة الدقيقة من الأقمار الاصطناعية التي يستأجرونها بملايين الدولارات.

فريق آخر من نظري ومفسري طريقة حصول الحوثيين على السلاح، يقول إن هناك خبراء عسكريين إيرانيين متخصصين في تطوير الأسلحة وصناعتها، وهم من يقومون بتطوير سلاح الحوثيين وتصنيعه، وهو الفريق الذي يُعدّ أكثرهم اعتدالاً، بينما تقول فئة أخرى إن السلاح الذي يمتلكه الحوثيون وصل إليهم عن طريق سلطنة عمان عبر منفذي شحن وصرفيت، وهؤلاء يعتبرون فئة متحدثة باسم السعودية التي تتركز أطماعها في محافظة المهرة بشكل كبير، ومن مصلحتها التحكم بمنافذ المحافظة البرية، ومطارها الدولي “الغيضة”، وهو ما حدث فعلاً فما زالت تلك المنافذ تحت سيطرة الرياض، والمطار لا يزال مقراً لقواتها، والقوات البريطانية والأمريكية التي نسقت لجلبها.

لكن الواقع يؤكد أن كل تلك التنظيرات ناتجة عن الصدمة التي لم تستوعبها دول التحالف حتى اللحظة، فلم يكن في حسبانها أن تصبح قوات صنعاء عصيةً على ترسانة أسلحتها الحديثة وطيرانها المتطور والجيوش التي حشدتها من مختلف الجنسيات، حتى وصل الأمر إلى عجزها عن الدفاع عن حدودها ومنشآتها الحيوية التي تصلها صواريخ صنعاء وطائراتها المسيّرة في متوالية الاستهدافات التي أطلق عليها عمليات توازن الردع، الأمر الذي يجعل كل تلك التفسيرات والتنظيرات عبارة عن وسيلة يضطر لاستخدامها العاجزون الذين لا قضية ولا مشروع لهم، أمام من يملكون حقاً مشروعاً في الدفاع عن أرضهم وسيادتها واستقلال قرارها.

 

YNP –  إبراهيم القانص :

قد يعجبك ايضا