أميركا تعترف: الرياض أخفقت في إدارة معركة اليمن طوال سنوات الحرب

وفق ما كشف عنه ناطق القوات المسلحة في المؤتمر الصحفي الثلاثاء فان مأرب أو ما تبقى منها أصبحت تحت السيطرة النارية للجيش واللجان الشعبية، إذ باتت محاصرة من جهة الجوف والبيضاء والمناطق المحاذية لها من شبوة،  الأمر الذي يجعل من استكمال تحريرها من قبل الجيش واللجان الشعبية قاب قوسين أو أدنى.

 بالإنجاز العسكري الذي حققه الجيش واللجان وكشف عنه ناطق القوات المسلحة العميد يحي سريع، في ٢٣ سبتمبر ٢٠٢١، دخلت معركة التحرير للأراضي اليمنية انعطافة هامة واستراتيجية لجهة سهولة المضي قدما نحو باقي المناطق المحتلة.

 إعلان العميد سريع تضمن تحرير كلي لما بقي من محافظة البيضاء، عقب تطهير مركز مديرية الصومعة الممتدة بين محافظتي البيضاء وشبوة، وكذا تحرير مسورة ومكيراس في إطار عملية “فجر الحرية”، لتصير المحافظة كاملة تحت سيطرة القوات المسلحة اليمنية.

 وتحتل هذه المحافظة أهمية استراتيجية بالغة لكونها تتوسط عدة محافظات، فمن الشمال أجزاء من محافظتي مأرب وشبوة، ومن الشرق أجزاء من محافظتي شبوة وأبين، ومن الجنوب أجزاء من محافظات أبين ولحج والضالع، ومن الغرب أجزاء من محافظات الضالع وإب وذمار ومن الشمال الغربي جزء من صنعاء، ولذلك راهن تحالف العدوان على هذه المحافظة كثيرا كقاعدة تنطلق منها عمليات أدواته الى المحافظات الشمالية من جهة، وتؤمّن محوري مارب والجوف من جهة أخرى.. الا ان المخطط انكسر، وفقد التحالف اهم مواقعه ومعاقلة.

 اثار هذا الإنجاز ردود فعل غاضبة ومتوترة في وسط العملاء ومن وراءهم القوى الداعمة امريكا والسعودية، الذي شعروا أو أدركوا أن الرياح عصفت بسفينتهم في الاتجاه المعاكس للمخطط وباتوا في كل مرة في موقع الدفاع عن المساحة التي يتواجدون فيها.

 الفشل في قراءة المعطيات على النحو الذي يفضي إلى تقدير الأمور وفق حجمها ودلالاتها، هو الذي كان عادة ما يتسبب بمفاجئة العدو من سعودي او امريكي بما يحبط حساباتهم. في ١٦ سبتمبر استبعد ليندركينغ المبعوث الأمريكي أي انتصار يمكن أن يحققه الجيش واللجان، معتبراً أنهم وصلوا إلى “طريق مسدود”، رجح البعض أنها ردة فعل غير متزنة لإعلان ناطق القوات المسلحة اليمنية العميد يحي سريع قبل ذلك بأيام عن تحرير ماهلية ورحبة في مارب، وما ان بدأت تتسرب اخبار عن دخول القوات المسلحة المناطق المحاذية لمارب من محافظة شبوة وهي عسيلان وعين وبيحان حتى نشطت أكثر الحركة الدبلوماسية الأمريكية مصحوبة بالعويل نتيجة ما اسماه “تصعيد حوثي”.

 اخفاق وهروب صار الحسم أقرب لصالح الجيش واللجان، فبعد تحرير الجوف في إطار العملية التي أطلق عليها “فأمكن منهم” وأعلن عنها في ١٨ مارس ٢٠٢٠، استمرت عملية التحرير وصولاً إلى مأرب التي فقد فيها عملاء العدوان ٩٠٪ من جغرافيا المحافظة ولم يتبقى الا مديرية مارب عاصمة المحافظة، ومع المتغيرات العسكرية تصير المسألة وقتية لبلوغ الهدف بتحرير المحافظة التي تمسك بها العدوان ومن خلفه امريكا وبريطانيا لما يختزنه باطنها من ثروات نفطية وغازية.

 كل مخططات العدو ذهبت أدراج الرياح ولم يتبقى إلا المكابرة الإعلامية في محاولة الإبقاء على ما يمكن إلا أن واقع حال قوى العدوان لا يبدو أنه مؤهلاً لذلك.

ويحاول العملاء كما يبدو صرف هذه الحقائق عن أذهانهم ليصيروا بذلك كمن يدس رأسه في التراب، فكل المعطيات بما في ذلك الزعيق الأمريكي والبريطاني والفرنسي ومعهم الأمم المتحدة تشير إلى إدراك ما بات يمثل خطرا على واقعهم في هذه المحافظة.

مع ذلك فإنهم على أرض الواقع يعيشون حالة استنفار تحسباً لقدوم الجيش واللجان، تزيد مع وقع المتغيرات الميدانية وتسارعها حد الانهيار الداخلي، فخلال وقت قياسي دخل الجيش واللجان أربع مديريات في شبوة كما سيطروا على مديريتين جديدتَين في محافظة مأرب، والاقتراب من حقول صافر النفطية.

 الإثنين اعترفت وسائل إعلام التحالف، بعجز قوات العملاء للسعودية عن صد التقدم الذي يحرزه الجيش واللجان في محيط أسوار مدينة مأرب، ما يؤكد على اقتراب سقوط آخر معاقلهم في المحافظة الغنية بالثروات.

 وأكد خبير عسكري لقناة العربية هو ياسر صالح أن الجيش واللجان “يستخدمون تكتيك عسكري في غاية الدقة، يمكنهم من تقليل الخسائر البشرية في عملياتهم الهجومية في مأرب.”، محملا قيادات هادي مسؤولية الهزيمة”، واعتبرها “غير مؤهلة لقيادة معارك من هذا النوع”.. فيما قال آخر أن هناك تشكيلات عسكرية لا تتبع هادي وهي من تتحمل مسئولية الهزيمة، في إشارة إلى القوات المحسوبة على حزب الإصلاح..

 في هذا الوقت، أكدت أمريكا، أنها غير مستعدة لتحمل تداعيات فشل التحالف السعودي في اليمن، واقرت بان الرياض أخفقت في إدارة الأمور العسكرية طوال السبع سنوات الماضية. المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جيرالدين غريفيث وفي تصريحات صحفية حول مشروع قرار الكونغرس لوقف الدعم العسكري عن الرياض، قالت إن بلادها قدمت كل أشكال الدعم للسعودية، لكنها لم تحقق أي تقدم في الملف اليمني. وأوضحت أن الإدارة الأمريكية مستاءة من الوضع العسكري لقوات التحالف وهادي في مأرب، عقب سيطرة قوات صنعاء على معظم مديريات المحافظة النفطية. هي إذن مسألة بات على الموالين للتحالف السعودي ـ الإماراتي التعامل معها بموضوعية، غير أن الظاهر أن هذا التسارع للأحداث ولّد حالة من الارباك، أثرت حتى على مستوى الثقة ما بين عملاء العدوان، والتفافهم حول كلمة سواء.

فهذا القيادي البارز في حزب الإصلاح الموالي للتحالف محمد ناصر الحزمي، يشن هجوما على هادي ونائبه علي محسن واصفا اياهما بالفاشلين. وأكد بأنهما فشلا “في إدارة المعركة السياسية والعسكرية والاقتصادية.”، وتوقع أن يصبحا في خبر كان بعد انهيار قواتهما في شبوة ومأرب، حسب قوله.. داعياً إلى إعادة النظر في ما أسماه ب “الشرعية” التي اعتبرها لا تفقه شيئاً..

 كما أكد ب “أن غالبية اليمنيين على قناعة بفشل هادي وعلي محسن، وأن ذلك ليس رأيه وحده فيهما”.

في وقت متأخر من يوم ٢٥ سبتمبر كانت مدينة مارب تشهد تفجيرات، فسرها محللون بأنها تأتي في سياق تصفية حسابات بين قيادات محسوبة على السعودية تتهم بعضها بالتسبب في الإخفاقات التي تشهدها الجبهات العسكرية والتي كان آخرها الضربات التي تلقاها مرتزقة العدو في حريب والجوبة بمارب، وهي اخر مساحة تطل على الجولة الأخيرة لتحرير كامل مارب الأبية.

 والسبت ٢٥ سبتمبر هزت انفجارات ضخمة مدينة مارب نتج عن استهداف مخازن أسلحة تابعة للعدوان، وقد كشف الحادث عن خلافات عميقة بين قيادات المرتزقة التابعة لهادي وحزب الاصلاح في مدينة مأرب، حيث خونت القيادات بعضها البعض، خصوصا أن المخازن كانت في موقع سري ولا يعرف بها سوى عدد محدود من القيادات، حسب ما نقلت مصادر عن سلطان العرادة الذي اجتمع بعدد من قيادات الاصلاح غداة الاستهداف وقال فيه أن ما حدث كان بسبب اختراق واسع داخل الصف القيادي.

 مع حالة الانهيار وانكسار قوات العدوان من العناصر التكفيرية في الجبهات، انفلتت قدرات الدولة التي انخدعت بوعود قوى خارجية وظنت انها مانعة عنهم غضب الشعب على ما يُمارس ضده من الويلات، وأثناء كتابة هذا التقرير تأتي الاخبار عن عمليات إخلاء البنك المركزي في مأرب من الأموال، والذي سبقه إخلاء المعسكرات من السلاح، والشق الاخير مسألة مستمرة بدأتها السعودية قبل أسابيع عندما وجهت بسحب القطع العسكرية الثقيلة من جبهة مارب الى الوديعة.

 في الأسبوع الماضي، اعترضت قبائل مأرب شاحنة محملة بالعملة الصعبة أثناء مغادرتها لمدينة مأرب.. وهي الحادثة التي حاول اعلام العدو إشاعة أن مسلحين قبليين قاموا بنهب أموال تتبع البنك المركزي في المحافظة. ليتبين أنها عملية احباط تهريب للأموال إثر الشهور باقتراب نهاية المعركة في مارب، فقبائل “آل عوشان” اعترضوا الشاحنة التي كانت في طريقها عبر خط صافر باتجاه منفذ الوديعة الحدودي ورفضت مرورها باعتبار الأمر نهباً للخزينة العامة. مصادر قريبة ذكرت أن عملية نقل الأموال تأتي بإشراف مباشر من سلطات مأرب التابعة للإصلاح والموالية للعدوان وقيادات تتبع الفار هادي من بينهم “خالد العرادة” و”عبدربه مفتاح”، وأشارت هذه المصادر إلى أن الأمر يأتي في إطار ترتيبات لترك المحافظة مع اقتراب قوات الحوثي من السيطرة عليها.

المصدر :مرآة الجزيرة

قد يعجبك ايضا