الشعوب العربية تصفع أنظمة التطبيع.. موقف ثابت يُزعزع الخيانة
Share
بعد مرور عامين على اتفاقات الخيانة أو ما تعرف بـ “ابراهام” والتطبيع بين كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي سلب عدّة أراض عربيّة وكل من الامارات والبحرين، بدأت نسبة مؤيدي التطبيع بالتراجع نسبيا عن معدلاتها المنخفضة أساساً لما كانت عليه عام 2020، ما يفسد احتفاء الكيان الصهيونيّ المستمر بتوقيع اتفاق التطبيع التي ضمت أيضا كلاً من المغرب والسودان إلى الحلف الخانع إضافة إلى السعودية التي تقترب من إعلان ذلك إعلان ذلك، تعكس استطلاعات الرأي حالة الإرباك الشديد في حكومة الاحتلال من “ثمار” اتفاقيات التطبيع وخاصة على المستوى الشعبيّ العربيّ، ويظهر هذا الأمر جليّاً في التقييمات التي تُنشَر إسرائيليّاً وغربيّاً وأمريكيّاً، في ظل تفاخر الكيان بخيانة بعض الدول العربيّة التي وقّعت اتفاقية للاستسلام مع العدو العنصريّ.
لم يخف استطلاع الرأي الذي أجراه معهد واشنطن للأبحاث الأمريكي، حول التطبيع في كل من السعودية والبحرين والإمارات، أن أكثر الغالبية العظمى من المواطنين في البحرين والسعودية والإمارات، باتوا غير مؤيدين لاتفاقية التطبيع من أنظمتهم، في ظلّ خيانة فلسطين والعرب عبر اتفاقات تدخل الخنجر في خاصرة هذه الأمة التي تعاني من مشكلات جمة، ازدادت بعد أن تحالف حكام بعض الدول العربيّة مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كل القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، برعايةٍ أمريكيّة، وذلك بالتزامن مع معلومات تؤكّد أنّ السعودية في طريقها للتطبيع العلني مع العدو الصهيونيّ القاتل.
وفي الوقت الذي تعول فيه تل أبيب على أنّ تكون فوائد التطبيع مع بعض العواصم العربية كبيرة للغاية، إلا أنّها بالفعل كانت منخفضةً بالمقارنة مع التوقعات التي كانت لديها، حيث علقت جميع الأطراف كثيراً من الآمال على هذه الاتفاقيات التطبيعيّة، لكنّها وكما تقول المعلومات انحصرت بين حكومات لا أكثر ولم تخترق أبداً المجتمعات العربيّة التي تنظر للعدو الإسرائيليّ ببغض واشمئزاز، وقد أظهر الاستطلاع الأمريكي الجديد، أن 25% فقط من الإماراتيين يدعمون التطبيع، فيما عارضه أكثر من 71%، بينما أيده في مملكة البحرين 20٪ وعارضه 76٪ من الشعب البحرينيّ.
وما يؤكّد ذلك، إلى أنّ كل السياسيين والمحللين والخبراء والمختّصين في الكيان الصهيونيّ وحتى في دول التطبيع يتجاهلون بشكل كامل ومقصود في تحليلاتهم مواقف الشعوب العربيّة الرافِضة للتطبيع مع الصهاينة، وخير مثال على أنّ هذه الشعوب لا يمكن أن تغير عقيدتها تجاه قاتل الأطفال ومشرد الملايين أنّ الشعب العربيّ في مصر ورغم مرور أكثر من 40 عاماً على توقيع اتفاقية “السلام” مع العدو ما زال يرفضه بشكل مُطلق، ويُطالِب بإلغاء أي ارتباط مع سالبي الأرض وقاتلي الأبرياء.
ومن الجدير بالذكر أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أجري استطلاع ممائل للرأي أظهر أن غالبيّة السعودين معارضين للتطبيع مع الصهاينة، فيما أظهر الاستطلاع الأمريكي الجديد انخفاضًا حادًا في نسبة المؤيدين في السعودية بنسبة 19٪ فقط مقابل 75٪ من المعارضين، وإن مخاوف محمد بن سلمان وفقا لمتابعين سعوديين نابعة من داخل القصر، وليس من أبناء شعبه فقط، حيث إن تاريخ العائلة الحاكمة في السعودية حافل بصراعات تؤججها اعتداءات على مساحات النفوذ والتقاليد المتوارثة، والقضية الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام مطروحة على طاولة الخلافات الداخلية بين أفراد العائلة المالكة، لكن ابن سلمان أجج بأفعاله الصبيانية الغضب ضده داخل القصر، وكل شيء في صالح الاحتلال وداعميه.
وبالفعل، تدرك تل أبيب أنّ علاقاتها مع أنظمة التطبيع لا ترتبط أبدا مع شعوب تلك الدول، فهم غير معنيون بخيانة حكامهم الخانعين، وجميعنا شاهدنا أنّ السودانيين يرفضون بالمطلق التطبيع مع الكيان الصهيونيّ المُحتل، ويرونه عدواً كبيراً للمسلمين والعرب والفلسطينيين لأنّه من أكثر الكيانات إجراماً في العالم، ويؤمنون بأنّ خيانة حكومتهم محض صفقة مذلة معزولة تمت في الظلام، وتم استدراج بلادهم إليها رغم أنفهم، في خيانة حكوميّة تحقق نصراً معنوياً وسياسياً لكيان محتل ظالم، وخذلاناً قاسياً لشعب مظلوم.
وبما يخص المملكة المغربية ، يدرك الشعب المغربيّ جيداً حجم التكالب على فلسطين وداعميها من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير “صفعة القرن” التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة، ويرفض الشارع المغربيّ أيضا إقامة علاقات مع الكيان الغاصب، ناهيك عن مناهضة عشرات الأحزاب من تيارات مختلفة للتطبيع مع تل أبيب تأكيدهم على أن أيّ تطبيع مع الكيان الصهيونيّ هو “اعتداء على مشاعر الشعب المغربيّ، وإهانة لا يمكن تغطيتها بأيّ حديث عن المصلحة الوطنيّة”.
وهنا لابدّ من الإشارة إلى ما تُسمى “اتفاقيات السلام” التي وقّعها العدو الغاصب مع مصر عام 1979، ومع المملكة الأردنيّة عام 1994، فإنّ الاتفاقيات لم تنفذ بعد على أرض الواقع، ما يبرهن من جديد أنّ الرفض الشعبيّ العربيّ للإساءات التي قامت بها بعض الحكومات كان ولا يزال وسيبقى قائماً، ليمنع تحقيق المخططات الصهيونيّة العدوانيّة، ويقف في وجهها على الدوام، ولا ننسى أن قضيّة فلسطين هي قضية العرب جميعاً، وبالأخص بعد أن خضعت الدول المُطبعة الخانعة لإرادة الإدارة الأمريكيّة التي تُمثل “وتين” الكيان الصهيونيّ الذي خُلق ليفصل العرب عن بعضهم ويمثل مصالح واشنطن والدول الغربيّة في دولنا.