دعوات الإضراب بجامعة صنعاء.. تحركات تخدم العدوان أم خطوات تنفيذية لمخططاته؟

عين الحقيقة / إبراهيم السراجي

قبل معرفة أي تفاصيل، توضح التغطية الإعلامية الكبيرة من قبل وسائل قوى العدوان والمرتزقة، لدعوات الإضراب التي يطلقها بعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء، أن تلك الدعوات لا تحقق خدمة جانبية للعدوان، بل إنها جزء من الأجندة العدوانية التي ترى في انهيار مؤسسات الدولة والمؤسسات التعليمية والصحية وسائل هامة لتركيع الشعب اليمني.

تتولى نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء التي يرأسها “عبدالله الفقيه” المعروف بولائه للفار علي محسن الأحمر والذي مكنه هو وعدد من هيئة التدريس الآخرين، في فترة سيطرة حزب الإصلاح على الدولة، من تحويل النشاط الجامعي والتعليمي إلى صراع سياسي.
دعوات الإضراب التي أطلقتها تلك الهيئة المعروفة بانتماء أعضائها المسيطرين عليه، جاءت بحجة عدم تسلمهم المرتبات، ولكن وقبل مناقشة ما إذا كان هذا النوع من الاحتجاج مشروعاً ومجرداً من الأجندة السياسية، فإن ما يجب معرفته أن تلك النقابة خلقت العديد من الذرائع طوال فترة العدوان لتقوم بالدعوة في عدة مناسبات للإضراب، في فترة انتظام صرف الرواتب قبل نقل مقر البنك المركزي، في سلوك يؤكد أن تعطيل العملية التعليمية هو الهدف الرئيسي لتلك الدعوات.

وعندما تصدر دعوات الإضراب في جامعة صنعاء من قبل مجموعة تنتمي لهيئة التدريس، فإنه لا يمكن وصف أسباب سلوكها بأنه ناتج عن جهل أو سوء معرفة للأسباب الحقيقية التي أدت لتعثر صرف المرتبات، فتلك الهيئة ينتمي إليها أستاذة في علوم الاقتصاد والسياسة والقانون، وهم يعرفون تماماً أنه وإلى جانب الجهود التي تبذلها حكومة الإنقاذ الوطني لصرف المرتبات وتوفير الإيرادات قبل ذلك، أن المسؤولية القانونية والإنسانية عن صرف مرتبات موظفي الدولة قد انتقلت إلى عاتق حكومة المرتزقة التي التزمت مراراً وأقرت بمسؤوليتها، لكن ذلك لن يحدث لأن قرار نقل البنك وصف في تقارير دولية بأنه كان خطوة استخدمت كورقة من أوراق الحرب.
وإذا كان من البديهي وبالتخصص أن الجهة الداعية للإضراب في جامعة صنعاء، تدرك تماماً أنها تحتج على عدم صرف المرتبات ضد الجهة الخطأ وفي المكان الخاطئ أيضا وتعاقب الطلاب، الذين تعرضوا للكثير من المعاناة والآلاف منهم نازحون من مناطق ومحافظات دمرها العدوان.

• لماذا التجاهل لقصف العدوان للجامعات؟

وفي وقت يعرف الجميع فيه أن النقابة التي دعت للإضراب بجامعة صنعاء تنتمي لجهة سياسية موالية للعدوان السعودي الأمريكي، غير أنه وبغض النظر عن تلك المعطيات الراسخة، فإن سؤالا مشروعاً يجب طرحه، ويقول لماذا لم تشهد مواقع التواصل الاجتماعي، التي ينشط فيها أعضاء نقابة هيئة التدريس، أي انتقادات صادرة من أحد أعضائها، توجه ضد قرار نقل مقر البنك المركزي وما ترتب عليه من أزمة إنسانية ومجاعة في مناطق مختلفة من اليمن؟

خلال 21 شهراً من العدوان السعودي الأمريكي، ووفقا لتقارير منظمات دولية محايدة، دمر طيران العدوان العديد من الجامعات وقصف عشرات المرافق والمعامل الجامعية، غير أن تلك النقابة ذاتها لم تتخذ أي موقفٍ ولو رمزياً للاحتجاج على استهداف الجامعات اليمنية، سواء من منطلق أن الاعتداءات تلك استهدفت جامعات ينتمون إليها، أو من منطلق المسؤولية الوطنية والإنسانية باعتبارهم ينتمون للمجتمعات المتضررة من العدوان.
أيضاً، وخلال مدة العدوان الطويلة والمستمرة، أطلقت الجهة ذاتها في جامعة صنعاء عدة دعوات للإضراب، وفي كل مرة كان لديها ذرائع واهية، إلا أن تعرض الجامعات للعدوان لم يكن أحد تلك الأسباب، وهذا يضع سؤالاً آخرا يقول لماذا توجه تلك الجهة احتجاجاتها ضد الداخل وتمتنع عن الاحتجاج ضد الجهات المتسببة والمنفذة للحصار الاقتصادي برا وبحرا وجواً منذ قرابة عامين؟

وفقاً للمعطيات السابقة، ولثبات الدعوات الساعية لشل العملية التعلمية في جامعة صنعاء، وتبات الجهة التي تدعو إلى ذلك، فإن ما يمكن استنتاجه بوضوح ان تعطيل التعليم الجامعي هو الهدف من كل تلك التحركات.

وإذا كان قرار نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن بضوء أخضر أمريكي، هو السبب الوحيد لعدم صرف مرتبات موظفي الدولة، واستخدامه كورقة حرب، لتجويع اليمنيين وتعطيل البنك الذي كان يوصف على المستوى الدولي بأنه أحد المؤسسات التي حافظت على حيادها وتمكنت من القيام بدورها إلى أن جاء القرار الذي سعى لتعطيل البنك كهدف ضمن أهداف تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدام التبعات الإنسانية كورقة عسكرية، كما تقول تقارير دولية أيضا، فإن مسار ما حدث مع البنك ينطبق تماماً على المساعي الرامية لتعطيل التعليم في جامعة صنعاء وتعطيلها كمؤسسة من مؤسسات الدولة.
ففي الوقت الذي توقف في صرف مرتبات الدولة مع أول استحقاق له بعد نقل البنك المركزي اليمني، سعت قوى العدوان لتفعيل تلك الورقة، رغم إقرار حكومة المرتزقة وتأكيدات الأطراف الدولية بمسؤولية تلك الحكومة التابعة للمرتزقة عن صرف الرواتب، إلا أن الإعلام التابع لهم ولقوى العدوان حاول توجيه اللوم لحكومة الإنقاذ بصنعاء، ودعم الأطراف المشبوهة التي كانت تدعو لإحداث اضطرابات في العاصمة احتجاجا على عدم صرف المرتبات.
إذن وفي الوقت الذي تدرك فيه نقابة هيئة التدريس المسيسة بجامعة صنعاء، من هو المسؤول عن صرف مرتبات أعضائها ومرتبات موظفي الدولية، ومن هي الجهات التي تنهب إيرادات النفط والغاز، إلا أنها تسعى لتعطيل العملية التعليمية أولاً، وتوجيه اللوم مجددا لحكومة الإنقاذ.

وكما حظيت الدعوات التي سعت لإحداث اضطراب في العاصمة صنعاء، بتغطية ودعم إعلامي كبير من قبل قنوات وصحف ومواقع قوى العدوان ومرتزقتها، فإن دعوات الإضراب في جامعة صنعاء تحظى بنفس القدر من الاهتمام الإعلامي، في وقت تؤكد التقارير الصحفية والحقوقية الدولية أن المدارس والجامعات كانت وما زالت هدفاً استراتيجياً للعدوان السعودي الأمريكي.

صدى المسيرة

قد يعجبك ايضا