نتنياهو في واشنطن: رهانات التصعيد وخيارات الهروب

في خضم أزمة سياسية داخلية وضغوط عسكرية متراكمة، يحطّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتن ياهو رحاله في واشنطن، حاملاً أجندة تتخطى الحديث عن التهدئة في غزة، نحو رسم مسارات تصعيد إقليمي أوسع، يضع إيران ومحور الجهاد والمقاومة في قلب الاستهداف.

 

زيارة ما بعد العدوان على إيران: ما الذي يريده نتنياهو؟

رغم ما يُعلن عن أن الزيارة تدور حول ترتيبات وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن مصادر قريبة من القرار الأميركي والإسرائيلي تؤكد أن الملفات الحقيقية أكثر خطورة وتعقيدًا. نتن ياهو يسعى للحصول على غطاء سياسي واستراتيجي من إدارة ترامب يمكن تلخيصه في أربعة محاور رئيسية:

  • تفويض غير معلن لتوسيع العمليات ضد إيران، تحت ذريعة مواجهة “التهديد الوجودي”، خاصة ما يتعلق بالقدرات الصاروخية الإيرانية في الداخل الإيراني أو عبر الحلفاء.
  • حماية قانونية ودبلوماسية في المؤسسات الدولية، في ظل تنامي الضغوط للمحاسبة على جرائم الحرب في غزة، ومنع أي تحرك أميركي في مجلس الأمن يقيّد العمليات الإسرائيلية.
  • استمرار تدفق الدعم العسكري والاستخباراتي دون شروط، خاصة في ظل الحديث عن شحّ الذخائر والاحتياج المتزايد للأنظمة الدفاعية والهجومية.
  • كبح أي توجه أميركي نحو العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران أو الدخول في ترتيبات إقليمية لا تمر من بوابة تل أبيب.

لماذا إيران الآن؟

في تقييم نتن ياهو، فإن الضربة السابقة التي شاركت فيها “إسرائيل” ضد أهداف داخل إيران لم تحقق النتيجة المرجوة، لكنها فتحت الباب أمام مرحلة جديدة يمكن استغلالها. وهو يعتقد أن الفرصة السياسية مناسبة الآن، خاصة مع انشغال العالم بحرب غزة، وانخراط واشنطن بشكل مباشر في المواجهة، وتزايد الحديث في الأوساط اليمينية الأميركية عن ضرورة ضرب إيران قبل أن تستعيد كامل قدراتها النووية والعسكرية.

لبنان واليمن أخفّ

يعرف نتن ياهو أن ضرب إيران مباشرة يحمل تبعات ثقيلة، لذلك لا يُمانع في توجيه ضربات على جبهات تبعاتها أخف وطأة عليه. ويحاول الحصول على غطاء سياسي لأي ضربة مستقبلية ضد حزب الله أو أنصار الله.

الداخل الإسرائيلي والرهان على الخارج

الزيارة أيضًا أداة دعائية لنتنياهو، يقدّم فيها نفسه كصانع قرار قادر على التأثير في البيت الأبيض، رغم تآكل شعبيته وتزايد الدعوات إلى استقالته. ومن خلال تلك الصورة، يسعى لاستعادة ثقة المؤسستين الأمنية والسياسية في الداخل.

تحالف استراتيجي يعاد تنشيطه

يعوّل نتنياهو على عودة ترامب إلى المشهد كفرصة ذهبية لإعادة إحياء الشراكة التي منحته خلال فترة رئاسته السابقة أقصى درجات الحرية السياسية والعسكرية (من الاعتراف بالقدس عاصمة، وكذلك الجولان، فصفقة القرن).

بدوره، يدرك ترامب أن العلاقة مع “إسرائيل” ونتنياهو ورقة انتخابية رابحة أمام قاعدته اليمينية والإنجيلية. ومن المرجح أن يقدم دعمه على طبق من التحالف الانتخابي، خاصة إذا ما تم تبرير أي تصعيد بأنه جزء من حماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

قد يعجبك ايضا