المتخاذلون أعداء للمجوَّعين
شعفل علي عمير
على مدى عقود، يعاني سكان غزة من حصار خانق وظروف معيشية قاسية لا تُطاق.
ومع مرور الزمن، تزداد الأوضاع تفاقمًا، وتُظهر كُـلّ عملية عسكرية أَو تصعيد من قبل الكيان الصهيوني حقيقة مؤلمة؛ حقيقة لم يكن يتصورها عربي أَو مسلم.
فهناك من يتجاهل واجبه الديني والأخلاقي تجاه أهل غزة، ويلتزم الصمت حيال معاناة شعب يخضع للحصار والتجويع والقتل الجماعي، ويتعرض لأبشع صور القمع.
إن التخاذل عن نجدة غزة لا يُعد موقفًا سلبيًّا فحسب، بل يشكل انحيازًا للظالم وتواطؤًا في انتهاكات حقوق الإنسان.
فكل صمت يُقابل معاناة غزة يُعتبر خيانة لقيم الدين وتنصُّلًا عن أوامر الله، وهو يساهم في معاناة كُـلّ طفل يُحرم من حقه في الحياة والأمان، وكل مريض يُحرم من العلاج، وكل عائلة تتعرض للتدمير جراء القصف الصهيوني المُستمرّ على كُـلّ مقدرات وأرواح الشعب الفلسطيني في غزة.
لقد أصبح جليًّا أن الذين يتساهلون في دعم غزة خصوم لكل جائع يتألم تحت وطأة الحصار، وهم أعداء لكل مريض يسعى للحصول على العلاج، وهم أَيْـضًا خصوم للأُمهات اللاتي فقدن أبناءَهن نتيجة للهجمات العشوائية التي لا تفرّق بين مدني ومقاتل. إنهم خصومٌ للدين وأعداء للإنسانية.
هؤلاء المتخاذلون يتجاهلون تعاليم كُـلّ الديانات وكل قيم الإنسانية، ويغضون أبصارهم عن صرخات الأيتام والثكالى.
فبينما تظل غزة واقفة وصامدة رغم كُـلّ المآسي، لا يتجه البعض نحو الصمت والمراقبة البعيدة فحسب، بل هناك من يسعى إلى تشويه كُـلّ من يساند المظلومين في غزة، وكأن هذا الصمت والتماهي مع مجازر العدوّ الصهيوني قادر على كتمان أصوات الجوعى أَو إخفاء جثث الضحايا أَو حتى إعادة بناء المنازل المدمّـرة.
لقد بات من الواضح أن التخاذل عن نجدة غزة يُعتبر جريمة لا تُغتفر، ناهيك عن مساعدة القاتل الصهيوني وتسخير موارده وإعلامه لخدمة هذا الكيان. ولا يمكن للتاريخ مسامحة أُولئك الذين اختاروا أن يقفوا في صف خصوم الجوعى والمحاصرين. فشعب غزة ليسوا مُجَـرّد أرقام في تقارير الأخبار، بل هم أفراد يحمل كُـلّ منهم قصة من الألم، يتعرضون للقتل اليومي أمام أعين عالم لا يبالي.
يحتاج هؤلاء إلى كُـلّ صوت حر يدعمهم، وكل يد تمتد لإنقاذهم من خطر الغرق في محيط من العُزلة والقهر.
وليعلم كُـلّ مسلم بأن العدل الإلهي قادم، وأن السكوت أَو التخاذل عما يحصل من ظلم وقتل بالآلة الصهيونية لن يقف عند حدود غزة أَو فلسطين، بل إن كُـلّ متخاذل سوف يكتوي بالنار التي أحرقت أهلنا في غزة، وهذه سُنة إلهية.
إن للعدل صوتًا سيعلو فوق كُـلّ صامت وخائن، وفوق كُـلّ قيد يهدف إلى محاصرة الأمل في قلوب أهل غزة. على كُـلّ من يحمل قدرًا من الضمير أن يتحَرّك لدعم غزة، لا أن يكون خصمًا يُضاعف من معاناتها ويزيد من آلامها.