تثبيت وقف إطلاق النار كمطلب وطني لإطلاق حوار ناجح في الكويت ( تحليل )
تعثرت مفاوضات الكويت بين الأطراف اليمنية التي كانت مقررة اليوم الأثنين، فيما لم يتضح إن كانت ستنعقد خلال الأيام المقبلة أم لا.
وإذ لم يعلن الوفد الوطني عن موقف نهائي بشأن المشاركة في المفاوضات، فقد استبق وفد الرياض وحط رحاله في الكويت، معلنا عن أجندة توحي وكأن العملية التفاوضية المرتقبة مجرد إعلان استسلام من القوى الوطنية، مقابل فرض إملاءات الرياض ومرتزقتها.
الساعات الماضية كانت ساخنة وحبلى بالمواقف التي اعتمدت على الثوابت الرئيسة بالنسبة لوفد الداخل، حيث أعلن الناطق الرسمي لأنصار الله قبل ساعات أن مفاوضات الكويت تتطلب تثبيت وقف إطلاق النار وإيضاح أجندة المفاوضات، حتى ينطلق الحوار في اجواء سلام وهدوء، حسب تعبيره.
فيما تناقل اعلام العدوان تصريحات لولد الشيخ قال فيها إن تأخير المفاوضات جاءت نظرا لبعض المستجدات التي حصلت في الساعات الأخيرة، واضاف من المرتقب أن ترتكز المحادثات على اطار عملي يمهد للعودة إلى مسار سلمي ومنظم بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، ووجه شكره لوفد (حكومة اليمن) متمنيا على انصار الله والمؤتمر ألا يضيعوا هذه الفرصة التي قد تجنب اليمن خسارة المزيد من الارواح.
لم يعلن ولد الشيخ عن هذه المستجدات ، وهو ما أضاف غموضا لطبيعة المفاوضات، والأهداف الخفية لها، غير أن قناة روسيا اليوم نقلت تصريحات عن السفير الروسي في اليمن فلاديمير دويدوشكين قال فيها ان عدم انعقاد المفاوضات جاءت بسبب عدم وصول الوفد القادم من صنعاء ، وقال ديدوشكين “يخطط لبدء المفاوضات مساء اليوم أو صباح الغد الكل ينتظر وفد صنعاء الذي لم يصل بعد لأسباب تنظيمية”.
تجاهل ولد الشيخ لخروقات العدوان والمرتزقة لإعلان وقف إطلاق النار، دفع الناطق الرسمي لانصار الله إلى دعوة المجتمع الدولي لـ ” دعم مسار السلام حتى نتجنب انعقاد جولة حوار فاشلة”، مؤكدا الحرص الدائم والمستمر على إجراء حوار سياسي يكون فيه خير ومصلحة الشعب اليمني وعموم المنطقة.
في السياق قالت القيادية بالمؤتمر الشعبي فايقة السيد أن الوفد الوطني لن يتحرك من العاصمة صنعاء لحضور المفاوضات في الكويت ما لم يتم الزام الطرف الأخر بوقف إطلاق النار وإيقاف الغارات وأضافت في تصريح خاص لـ” السياسة ” الكويتية قائلة ” نحن عندما نذهب إلى الكويت فلن ننقل حقيبة من فندق إلى فندق بل سنذهب حاملين ملف وطن وأهم بنوده وقف الغارات ونأمل أن لا تتحول الكويت إلى بيئة طاردة لأجواء الحوار”, مشيرة إلى أنه قد تم إبلاغ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بهذا الكلام ومطالبته بإلزام الطرف الآخر باتفاق وقف إطلاق النار وإيقاف الغارات الجوية قبل الدخول في أي مباحثات.
هذا التصريح المتناغم يؤكد على وحدة الموقف بالنسبة لقوى الداخل، ويدحض إفتراءات إعلام العدوان التي زعمت أن تأخر وصول وفد صنعاء مرده الخلاف بين المؤتمر وأنصار الله.
وتأكيدا على وحدة الموقف المنسجم مع مطلب الشارع اليمني، نقل موفد بي بي سي إلى الكويت أنور العنسي للقناة عن قياديين في انصار الله والمؤتمر قولهما في اتصال هاتفي معهما من صنعاء، إن حضورهما إلى الكويت مرتبط بالتزام العدوان بوقف غاراته الجوية ، وبالاتفاق على جدول عمل واضح لهذه المشاورات.
وفي لقائه اليوم بعلماء ومشايخ محافظة ذمار أوضح رئيس اللجنة الثورية العليا أن مفاوضات الكويت تتطلب “الوقف الكامل للعدوان ولا يمكن القبول بشروط ومطالب قبل الوصول إلى حل سياسي يتبعه تفاهم وحوار على التفاصيل وضمان عدم انتهاك الطائرات سيادة الجمهورية اليمنية وألا يستمر العدوان في دعم المرتزقة والإرهابيين في اليمن”، موضحا أنه ومنذ (إعلان الاثنين ١١ ابريل) لم يتوقف العدوان حيث استمر القصف الجوي على مناطق مختلفة، وتعرضت لجنة الجوف المحلية لغارتين جويتين، وظلت الزحوفات متواصلة في أكثر من جبهة.
وأضاف ” كنا نتطلع ولا زلنا أن يغادر الوفد إلى الكويت لحل الإشكال وإيقاف العدوان والدمار على الشعب اليمني، مقدمين المبادرات تلو المبادرات من جانبنا من أجل ذلك، وقد جربنا الذهاب إلى مفاوضات على أمل توقف العدوان ثم لا يتوقف كما حصل في مفاوضات جنيف ثم في بييل بسويسرا “.
وكان ولد الشيخ قد حث الاطراف على احترام وقف اطلاق النار وخلق بيئة مواتية للتفاوض. جاء ذلك في بيان صحفي نشره موقع الامم المتحدة بتاريخ 2016/4/11 ،وأضاف إن الطرفين قد التزما ببنود وشروط وقف الأعمال القتالية الذي تم طرحه، وطالب جميع الأطراف والمجتمع الدولي بدعم هذا الاتفاق بحزم، حتى يشكل وقف الأعمال القتالية الخطوة الأولى لعودة السلام إلى البلاد. وأشار مبعوث الأمين العام إلى أن هذا الأمر يعد حاسما وعاجلا وتشتد الحاجة إليه، قائلا إن اليمن لا يستطيع خسارة المزيد من الأرواح.
ما يعني أن موقف القوى الوطنية المناهضة للعدوان يأتي انسجاما مع ضرورات ومتطلبات الحوار الناجح، وليس كما يريد مرتزقة الرياض: جولة أخرى من المفاوضات تتوازى مع خداع ينعكس سلبا على الميدان، ويفضي إلى جولة ثالثة فاشلة لا يمكن للشعب اليمني تحمل تبعاتها.