توقّعات بارتفاع الكلفة إلى 20 ملياراً: إسرائيل تعاين آثار حربها

انقشع غبار المواجهة، وسرى اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؛ لكنّ الأضرار التي خلّفتها الصواريخ الإيرانية في الكيان لا تزال ماثلة، بل ويزداد حجمها وثقل تداعياتها يوماً بعد آخر، خصوصاً أنها لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية، بل تطاول جوانب عسكرية واستراتيجية وسياسية واجتماعية. ووفقاً لصحيفة «غلوبس» الاقتصادية العبرية، فإن كل صاروخ إيراني سقط في إسرائيل، نتجت منه في المتوسط 4,000 طلب للتعويض على الأضرار. ولفتت الصحيفة إلى أن الصواريخ الإيرانية تسبّبت بأضرار كبيرة نتيجة موجات الانفجار الهائلة الناتجة من سقوطها، ودفعت إلى إجلاء حوالى 18 ألف إسرائيلي من منازلهم خلال أيام الحرب الـ12.

وفي الإطار نفسه، قال صندوق التعويضات في سلطة الضرائب الإسرائيلية، إنه تلقّى نحو 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية مباشرة، من جرّاء الضربات الإيرانية داخل المدن المحتلّة. وتوزّعت تلك الطلبات على 30 ألفاً و809 طلبات للتعويض عن أضرار لحقت بمبان، و3713 طلباً عن أضرار بمركبات، و4085 طلباً عن أضرار بمعدات وغيرها. ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، في هذا الجانب، إلى أن هناك تقديرات بتضرُّر آلاف المباني الأخرى، وأنه لم تُقدَّم أيّ طلبات للتعويض عنها إلى الآن، وهو ما يعني أن الرقم المذكور متحرّك وليس نهائياً. كذلك، أفاد موقع «بحديري حريديم» الإلكتروني العبري، بأن قرابة 25 ألف طلب تمّ تقديمها في مدينة تل أبيب (وسط) وحدها، تليها مدينة أشكلون (عسقلان/ جنوب) بـ10 آلاف و793 طلباً.

وبصورة أعم، تشير تقديرات عبرية أولية إلى أن الحرب على إيران كلّفت الخزينة الإسرائيلية حوالى 22 مليار شيكل (6.2 مليارات دولار) بشكل مباشر، بينها 10 مليارات شيكل لتمويل إنفاق الجيش الإسرائيلي الذي يشمل الذخيرة وصواريخ منظومات الاعتراض والساعات الطويلة لتحليق الطائرات الحربية وتجنيد قوات احتياط؛ و5 مليارات شيكل لتمويل تعويضات للمصالح التجارية والعاملين الذين اضطروا إلى التوقّف عن العمل، وتعويض حوالى 15 ألف شخص من الذين تمّ إخلاؤهم من منازلهم؛ و5 مليارات شيكل لتمويل الأضرار اللاحقة بالمباني والبنية التحتية.

لكنّ تقارير اقتصادية إسرائيلية، كشفت أن الحرب كلّفت الاقتصاد الإسرائيلي خسائر مباشرة تُقدَّر بـ12 مليار دولار، تشمل النفقات العسكرية، والأضرار الناجمة عن الضربات الصاروخية، وتعويضات الشركات والأفراد، وتكاليف إعادة الإعمار. وتوقّعت أن ترتفع الكلفة إلى 20 مليار دولار، إذا استكملت تقديرات الأضرار غير المباشرة وتعويضات الجبهة الداخلية. وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في هذا الإطار، إلى أن الجيش الإسرائيلي تقدَّم بطلب للحصول على 40 مليار شيكل إضافية (نحو 11.7 مليار دولار) لتعويض خسائره، بعدما سبق له طلب 10 مليارات ثم 30 ملياراً قبل اندلاع الحرب، موضحة أن تلك المطالب تشمل شراء صواريخ اعتراضية وذخائر هجومية وإعادة ملء مخزون التسليح.

وبحسب الصحيفة، لا تشمل هذه الأرقام تكاليف استمرار إقامة آلاف الإسرائيليين في الفنادق، أو استئجار مساكن بديلة لهم بعد انتهاء فترة الإيواء المؤقّت، أو كلفة تعويض العمّال والمصالح المتوقّفة عن العمل. كما لم تُحدَّد بعد الخسائر الدقيقة في نحو ثلث العقارات المتضرّرة، وسط تقديرات بأن إعادة تأهيلها ستتطلب ما بين 1 و1.5 مليار شيكل إضافية.

لا تزال الرقابة العسكرية الإسرائيلية تفرض رقابة مشدّدة على حجم الخسائر والأضرار

وبيّنت التقارير أنه من أجل تمويل تكاليف الحرب على إيران، سيتعيّن تنفيذ خطوات تشمل رفع نسبة العجز في موازنة الدولة، بعدما تمّ رفعها بسبب الحرب على غزة، ويُتوقّع أن تصل إلى 6%، مشيرة إلى تراجع النموّ الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة 0.2% على الأقل، الأمر الذي سيخفّض دخل خزينة الدولة من الضرائب. لكنّ حكومة الاحتلال تحاول التقليل من تداعيات الخسائر والأضرار مقابل ما تقول إنها مكتسبات كبيرة حقّقتها في مواجهة إيران.

ولذلك، استعرضت إذاعة جيش الاحتلال الأضرار التي وصفتها بـ»المحدودة نسبيّاً»، والتي اقتصرت على الجبهة الداخلية فقط. وكانت الضربات الإيرانية أسفرت عن مقتل 28 إسرائيلياً، وإصابة 1319 آخرين، بينهم 17 في حالة حرجة، و29 بحالة متوسطة، إضافة إلى دمار واسع شمل مئات الشقق السكنية، وخسائر مادية لم يتمّ حصرها بعد.

ولا تزال الرقابة العسكرية الإسرائيلية تفرض، من جهتها، رقابة مشدّدة على حجم الخسائر والأضرار، ولا سيما في المواقع العسكرية والبنى التحتية الحيوية والاستراتيجية التي استُهدفت في الهجمات الصاروخية الإيرانية. واستعرضت إذاعة جيش الاحتلال ما سمّته الأضرار التي لحقت بإسرائيل، وهي إطلاق إيران ما بين 500 و550 صاروخاً باليستياً وأكثر من ألف مُسيّرة.

وأضافت: «تسبّبت الصواريخ بأضرار جسيمة لعشرات المواقع في العمق الإسرائيلي، وألحقت دماراً بمئات المنازل، ما أدى إلى تشريد مئات العائلات، كما أسفرت عن مقتل 28 إسرائيليّاً، بينما أسقطت الدفاعات الإيرانية طائرتين مُسيّرتَين تابعتَين لسلاح الجو الإسرائيلي». كذلك، اعترفت بتعرُّض مواقع استراتيجية في إسرائيل للقصف، من بينها منشآت شركة «بازان» (المسؤولة عن إدارة مصفاة تكرير النفط في حيفا)، ومعهد «وايزمان» في رحوفوت.

وكتب الخبير الاقتصادي يهودا شاروني، في موقع «واللا»، عن التكلفة الباهظة للحرب مع إيران، قائلاً: «في موازنة تبلغ حوالى 600 مليار شيكل، وناتج محلّي إجمالي يبلغ تريليونَي شيكل، حتى قوّة مثلنا تجد صعوبة في خوض حرب طويلة مع إيران، التي تبعد عنّا مسافة حوالى ألفي كيلومتر».

أيضاً، عانت الأسواق المالية في إسرائيل من جرّاء تصاعُد التوتّرات العسكرية، والتي أصابت شراراتها بورصة الألماس الإسرائيلية، وهي قطاع يُمثّل نحو 8% من إجمالي صادرات إسرائيل. وتسبّبت تلك الضربة التي تلقّاها سوق الأسهم، بذعر المستثمرين، ما أدّى إلى عمليات بيع مكثّفة، سرّعت من وتيرة تباطؤ السوق، وعرّضت الاستقرار الاقتصادي للخطر على المدى القصير.

وتضع هذه التكاليف والخسائر، الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحدّيات صعبة، خاصة في ظلّ استمرار الحرب على غزة، والتي كلّفت الاحتلال حوالى 40 مليار دولار حتى نهاية عام 2024 فقط، فيما تكبّدت قطاعات عديدة، وفي مقدّمها البناء والسياحة والطيران، خسائر فادحة أيضاً منذ السابع من أكتوبر 2023.

أحمد العبد الخميس 26 حزيران 2025

قد يعجبك ايضا