على وقع النهب التريليوني
سند الصيادي
بعيداً عن مسميات الصفقات والاستثمارات التي ذهبت برأس المال الخليجي كله إلى أمريكا، وحقيقة كونها استثمارات أو لا، لماذا كل هذه الهدايا الشخصية لترامب؟ وما هي دوافع منحها له؟.. هل حباً له أو خوفاً منه وشراءً لرضاه؟
تساؤلات قد لا تبدو مهمة للكثير رغم وضوح إجاباتها، خصوصاً أولئك الذين أضاعوا بوصلة المشروع العربي والإسلامي، أو الذين ينظرون إلى الحياة بمنطق المادة والفوائد من منظور مرحلي، لكن بالنسبة لنا هذه التساؤلات والإجابات مؤسفة لعدة اعتبارات، نكتفي بذكر اعتبارين رئيسيين، أولهما ان الرجل ودولته يقفون وراء معاناة غزة، ويحتقرون العرب جميعاً.. ومن الواجب الديني والأخوي والإنساني أن لا نمنحهم كل هذه الحفاوة، وآخرها أن أمريكا التي يتسلحون بها لم تعد ذلك الحامي القوي الذي يرعب العالم ويمكن الاعتماد عليه، وأنها تتخلى عن أتباعها بدم بارد، وبالمنطق السياسي والاستراتيجي فإن هذا الدعم المقدم لهم مبالغ فيه وجاء في الوقت والمرحلة الخاطئة.
يصف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي هذا الوضع في خطابه الأخير، إلى جانب إيضاحه المتكرر على طبيعة السياسة الأمريكية تجاه الأنظمة العربية، القائمة على الابتزاز المالي والسياسي، والإكثار من الترهيب والتخويف للأنظمة العربية بهدف ابتزازها وتصوير حمايته لها بأنها حتمية، ولولاه لانتهت وتلاشت تلك الأنظمة.
وبالمقابل يكشف القائد حقيقة تشارك الإسرائيلي كل هذه المكاسب الأمريكية المالية والسياسية من الأنظمة العربية، وهذه الأموال الهائلة يقدم جزء كبير منها بسخاء للإسرائيلي سواء سلاحاً أو أموالا نقدية، توظف لقتل العرب وتغذية مشاريعه الخبيثة في المنطقة.
حقيقة يبدو استمرار الحديث عن هذه الحقائق، والمحاولة الحثيثة لإيضاحها ضربا من الإسهاب، وعلى قاعدة تفسير الماء بالماء، إذ أن العقد الأخير بأحداثه الكاشفة كانت كفيلة بإزالة ما بقي من غشاوة في عيون العامة والخاصة، غير أن التذكير ينفع في كل الأحوال، والمسؤولية الإعلامية والفكرية تفرض على كل الأقلام الحرة والواعية أن تستمر في تسليط الضوء على هذا المشهد المعاش، الذي لا يعكس صورة للتحالفات النمطية، وإنما يعكس واقعاً مختلاً، عناوينه العبودية والامتهان والخيانة، التي يقابلها الأمريكي بالنكران والسخرية والازدراء.
وما بين احتقار أمريكا لهذه الأنظمة، رغم كل ما تقدمه لها من خدمات، بما تأخذه منها من أموال، وبما توظفها لها من مشاريع تخدمها، وبين احتقار الأنظمة لمحيطها ومجتمعها العربي والإسلامي، فإن النهج السلبي العدواني للأمريكي والإسرائيلي تجاه أمتنا لا يتغير، كما أن سياسة الاسترضاء لهذا العدو، فاشلة وخاسرة، كما قال السيد القائد.
وبقدر ما تشعل أمريكا الحرائق (الحروب والصراعات والخلافات) في بلدان أخرى لكي توظفها في خدمة الأجندة البعيدة المدى والمصالح الخاصة بها، فإن هذه الأنظمة تشعل الحرائق بدافع الأحقاد أو التبعية وحسب، دون حساب لتداعياتها عليها، وتأثيرها على اقتصادها وأمنها واستقرارها، ولكم أن تتأملوا في مسار الصراع التاريخي بين السعودية واليمن، كم استنزفت موارد وجندت طاقات بغرض التدمير .. وأحدثت فجوة ثقة في إقليم يكاد يكون متناغما في العرق والمعتقد والهوية، وكيف كان سيكون الوضع لو استثمرت تلك الموارد والطاقات في تمتين العلاقة ووحدة المصير .