صنعاء تتلألأ بالأنوار المحمدية.. اليمن يكتسي الأخضر استعدادًا لأعظم احتفال بالمولد النبوي الشريف

منذ أن تخطو قدماك خارج بيتك في العاصمة صنعاء أو أي محافظة من محافظات اليمن، يبهرك المشهد: اللون الأخضر يكسو الطرقات، الإضاءات الزاهية تزين الجسور وأعمدة الإنارة، ورايات تحمل اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله ترفرف في كل زاوية، وكأن الأرض والسماء تتسابقان لإعلان الولاء والحب لصاحب الذكرى.

ها هو اليمن، يمنُ الإيمان والحكمة، يستعد لاحتضان أعظم فعالية دينية وشعبية على الإطلاق: ذكرى المولد النبوي الشريف.

الجميع هنا يتحرك بروح واحدة، في خدمة “ضيوف رسول الله”، فشوارع صنعاء تحولت إلى خلايا نحل لا تهدأ، والفعاليات التحضيرية طوال الأيام الماضية ـ من ندوات وأمسيات ثقافية، ومسرحيات مدرسية، وإذاعات صباحية ـ كانت مقدمة روحية تمهد للفعالية المركزية التي ستقام في ساحة السبعين بالعاصمة وفي عواصم المحافظات.

في ميدان السبعين، الذي تحوّل إلى لوحة خضراء مهيبة، اكتمل التنظيم إلى أدق تفاصيله: تقسيم الميدان إلى مربعات منظمة، تحديد مداخل رئيسية بحسب مديريات طوق صنعاء، نشر الشاشات العملاقة والأعلام الخضراء، وتوفير مسارات واضحة للحشود لتجنب أي اختناق. أما الجانب الإنساني فلم يُغفل، فالفرق الطبية منتشرة على امتداد الطرقات ومداخل الساحات، واللجان التنظيمية تغمر العاصمة بحضورها، فيما تنتشر القوى الأمنية بأكثر من خمسين ألف فرد لحماية المشاركين وضمان سلامتهم.

جهوزية كاملة لإحياء الفعالية المركزية

وكيل وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي، وعضو اللجنة العليا للفعاليات، هادي عمار، أكد أن الاستعدادات بلغت أوجها، وأن آلاف الكوادر والمتطوعين عملوا ليلاً ونهاراً ليكون يوم المولد يوماً استثنائياً يليق بعظمة النبي وقدسية المناسبة. وأوضح أن كل لجنة من اللجان العاملة ـ التنظيمية، الأمنية، الإعلامية، والاستقبال ـ تكمل الأخرى في لوحة متناسقة من الجهد والإيمان. وأضاف: “هذه ليست مجرد ترتيبات، بل جهاد في سبيل الله، وخدمة لصاحب الرسالة الخالدة.”

من جانبه، كشف مسؤول ساحة السبعين، علي السقاف، أن الإجراءات هذا العام جاءت مضاعفة لاستيعاب الأعداد الكبيرة المتوقعة، من توسعة المواقف إلى استحداث منافذ إضافية لتفويج الجماهير. وأشار إلى أن نحو 50 ألف عنصر من مختلف اللجان يعملون على مدار الساعة، وهو جهد بشري ضخم يعكس مكانة النبي في وجدان اليمنيين.

ولم تقف التحضيرات عند الجانب الميداني فحسب، بل شملت تقييماً لتجارب الأعوام السابقة، حيث تم تجاوز الاختناقات المرورية والازدحام عبر توسيع المداخل وتنظيم مواقف السيارات بالتنسيق مع إدارة المرور، إلى جانب حملات توعوية للمشاركين للتعاون مع اللجان وضمان انسيابية الحشود.

 

عهد يتجدد، وولاء يتأصل

إنها ليست مجرد احتفالية، بل شهادة حية على أن الشعب اليمني، رغم العدوان والحصار والمعاناة، يزداد حباً وتعظيماً لرسول الله، ويجعل من هذه المناسبة إعلاناً متجدداً للولاء والإيمان. فمنذ أن بزغ نور الإسلام من مكة، كان اليمنيون أنصار الدين الأوائل، ومن الأوس والخزرج الذين نصروا الرسول وآووه، إلى أحفادهم اليوم الذين يواصلون النهج ذاته، بالتمسك بالقيم، وتعظيم الرسول، والاحتفاء به رغم كل التحديات.

لقد حاولت قوى الاستكبار أن تطفئ نور الاحتفال وأن تثني اليمنيين عن تعظيم هذه الذكرى العظيمة، لكنهم اصطدموا بشعب يزداد إيماناً كلما اشتدت المحن. فالمولد بالنسبة لليمن ليس مجرد ذكرى، بل هو عهد يتجدد، وولاء يتأصل، ورسالة يبعثها للعالم أن محمداً صلى الله عليه وآله، سيبقى قائداً وقدوة ونوراً أبدياً.

ولذلك، فإن يوم المولد في صنعاء وسائر المحافظات ليس مجرد فعالية جماهيرية، بل هو لوحة من الإيمان، تكتبها الرجال التي تتوافد إلى الساحات، والأصوات التي تهتف بحب النبي، والقلوب التي تعلن للعالم أن اليمن، يمن الإيمان والحكمة، لا يزال حاملاً لراية الإسلام، وسيبقى وفياً لرسول الله مهما عظمت التضحيات.

إنها رسالة اليمن للعالم أجمع: نحن شعبٌ لم تنكسر عزيمته أمام العدوان، ولم يركع للحصار، بل خرج من رحم المعاناة أكثر صلابةً وأشد حباً للرسول. وهذه الساحات الممتلئة بالخضرة والنور ما هي إلا انعكاس لعظمة المناسبة، وعظمة صاحبها، وعظمة الشعب اليمني الذي صدق فيه قول النبي: “الإيمان يمان والحكمة يمانية.”

قد يعجبك ايضا