التعليم في اليمن على أعتاب ثورة طال انتظارها

 على اعتاب ثورة يقف التعليم في اليمن راميا بسنارته ما بعد الحصار ، لعقود فرض دول بعينها وصايتها على التعليم في اليمن عبر ماعرف في الثمانينيات بالمعاهد العلمية ، وحين جرى الغاؤها عبر الوحدة عجز القطاع التربوي عن تعديل المسار التربوي ليواكب التقدم والتغير في البيئة ، فظل التعليم في اليمن اسير فترة السبعينيات ، اذ لم تحدث مناهج بعينها كمناهج اللغة الانجليزية من العام 77م .

وبالتقدم الى فترة العدوان على اليمن فقد استهدفت القطاع التعليمي في اليمن بشكل قاس فقطعت رواتب المعلمين منذ منتصف 2016م ، ومنذ لحظة العدوان الاولى اتخذ تحالف العدوان المدارس ضمن بنك الاهداف فقصف 1242 مدرسة ومنشاة تعليمية ، وقتل نحو 4061 طفلا ، وجرح 4739 طفلا اخرين جلهم منخرطون في سلك التعليم .

استطاعت الحكومة في صنعاء وبتعاضد شعبي من ابقاء المدارس مفتوحة على الرغم من قطع رواتب الموظفين وفي مقدمهم المعلمين ، واستمر الطلاب في الذهاب الى المدارس رغم بقاء استهداف المدارس قائما ، كانت روح التحدي لدى الشعب كبيرة جدا .

منذ انطلاقها في ال 21 من سبتمبر 2014م وضعت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر اصلاح المنظومة التعلمية منظومة بلغ العبث بها اقصاه عقب احداث العام 2011م واستيلاء الاصلاح على السلطة وتقاسم الحقائب الوزارية حيث كانت التعليم من نصيب الاصلاح الذي عمل على تحوير مناهج التعليم وجعلها اكثر جمودية مما كانت عليه سابقا .

مابين العام 2014م و 2011م شهدت اليمن تخرج جيلين تقريبا ضمن مايمكن وصفه بالجهل المقنع ، اذ تباينت مخرجات التعليم مع حاجة التنمية في البلاد وكبرت الفجوة الى حد كبير ، استطاع الاصلاح الذي ارتبط بالوهابية استعادة نفوذه على قطاع التعليم بعد ان فقد عقب الغاء المعاهد العلمية المرتبطة بالفكر الوهابي الاجرامي بضغط من الحزب الاشتراكي عقب الوحدة اليمنية .

اخذت ثورة ال 21 من سبتمبر على حين غرة بالعدوان على اليمن واتسغرقت المواجهة كل فكرها وجهدها ، وفي القطاع التربوي كان الهم بقاء العملية التربوية وهو مانجحت فيه الى بشكل مقبول خاصة بالنسبة الى تعليم الاناث .

بعد ثماني سنوات من الصمود قال وزير التربوية والتعليم يحي بدر الدين الحوثي ان المرحلة الاولى من صمود البجهة التربوية في اليمن قد مرت بنجاح ، وان الخطوة التالية على وشك ان تبدأ .. فماهي الخطوة التالية .

كلام الوزير الحوثي اغاظ تحالف دول العدوان الذي صب جام حنقه وجند وسائله الاعلامية والاجتماعية لمهاجمة خطط الوزارة بشان اصلاح المنهج التعليمي ومسار التعليم في اليمن .

يقر الخبراء التربويون وحتى خبراء التنمية بان النظام التعليمي في اليمن بلغ الحائط المسدود ، وبات عقبة امام التنمية ، اذ باتت مخرجات الثانوية عقيمة ولاتقدم للبلد أي اضافة ، ووصل الطلاب الى قناعة بان الثانوية مجرد ممر اجباري لايستفاد منه الى الجامعة .

المؤتمر الوطني الاول الذي اختتم اعماله الاثنين في صنعاء بعد مايقرب من اسبوع عمل مكثف في مختلف المواد العليمة على وجه التحديد ، بالاضافة الى وضع مسارات تعليم جديدة تواكب العصر ، يمكن وصف مخرجاته بالثورة التي ستحدث انقلابا في واقع التعليم في اليمن لصالح ربط التعليم الثانوي بالجامعي وتنويع مساراته التخصصية ، اضافة الى اعادة تقويم وتحديث المناهج التربوية وخاصة العلمية لتتواكب مع العصر الذي نعيش فيه .

وفقا للجنة خبراء المنهج الانجليزي فالمنهج اليمني المأخوذ من مناهج دول اخرى لم يطرأ عليه تحديث فعلي منذ السبعينيات ، والامر ينحسب ولو بدرجة اقل على المناهج العلمية الاخرى ، فمثلا مادة الفيزياء لايزال الطالب اليمني في مرحلة الثانوية يدرس تركيب التلفاز ذو اشعة الكاثود والذي اندثر ولم يعد مستخدما في العالم الذي يتحدث اليوم عن ثورة ونقلات في شاشات التلفاز عبر تقنيات الليد والكيو ليد والنانوسيل وماشابه ، ويقر خبراء العلوم بان الطالب في مرحلة الثانوية يمر بتجهيل متعمد بالمقارنة الى البيئة من حولة والتي تطورت في الاونة الاخيرة بشكل كبير .

وبالاضافة الى تحديث المناهج العلمية تحديدا كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وخلافه ، ناقش المؤتمر الوطني لتطوير مناهج التعليم ووسائله في صنعاء مسار لايقل اهمية عن تحديث المناهج وهو تنويع مسارات التعليم الثانوي .

وفي هذا السياق اقرت اللجنة رؤية متوسطة وبعيدة المدى تقوم على ربط التعليم الثانوي بالجامعي بحيث يحدد الطالب مساره الجامعي ومسار التعليم العالي الذي ينتهجه وفق رغباته ابتداء من الثانوية .

ووفقا لخبراء مسار التعليم فقد اقر الخبراء المشكلون من كافة القطاعات الاكاديمية وضع خمسة مسارات تتنوع بين المسارات العليمة والعلوم الانسانية والعوم الدينية بحيث تتكثف المواد للطالب في الاختصاص الذي يهواه ويرغب به بدل تحميله كامل المواد  خلال الصفين الثاني والثالث الثانوي تحديدا وبناء على هذا المسار يكون التحاقه الجامعي ، كما فتحت للطالب خلال هذه المرحلة باب التراجع والنقل بين المسارات عند تغيير الرغبة .

ومن شان اقرار المسارات احداث نقلة نوعية في التعليم الثانوي العلمي بدل الجمود الذي يعيشه منذ عقود بتوزعه قسمين منتشرين وهما ادبي وعلمي ، وقسم لايكاد يذكر ثانوية تجارية .

التطوير الذي يقف على اعتابه التعليم في اليمن لايمكن المرور منه دون الاشارة الى توفر الارادة السياسية التي مكنت من كسر حواجز النفوذ الخارجي والوصاية التي منعت وفقا لوزراء تربية سابقين من احداث تعديل في المسار التعليمي في اليمن ، ماجعله احد ابرز الانظمة التعليمة المتخلفة في الوطن العربي ، ومن هذه الزاوية يمكن فهم الهجوم السعودي والمرتزقة التابعين لها على خطط التطوير الذي ستغير واقع التعليم في اليمن وتمنع ضياع الاجيال المستقبلية .

 

تقرير / ابراهيم الوادعي

 

قد يعجبك ايضا