الحصارُ اليمني على الصهاينة يمتدُّ إلى المحيط الهندي: الطرقُ الرئيسيةُ والبديلة مغلقة

اليمنُ يتجاوزُ توقعات الجميع بمعادلة جديدة ضاغطة لوقف الإبادة الجماعية والتجويع في غزة:

– انهيارُ كُـلّ حسابات العدوّ لـ “التكيف” مع الحظر المفروض في البحرَينِ الأحمر والعربي

– أزماتٌ كبيرةٌ في الواردات تلوحُ في أفق الاقتصاد الصهيوني وقفزاتٌ إضافية للأسعار

فجَّرَ قائدُ الثورةِ، السيدُ عبدُالملك بدر الدين الحوثي، الخميس، مفاجأةً صادمةً للعدو الصهيوني ورعاته، بالإعلانِ عن توسيعِ الحظر البحري على السفن المرتبطة بـ “إسرائيل”؛ لتشمل المحيطَ الهنديَّ؛ لمنعها حتى من الدوران حول قارة إفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح الطويل والمكلف؛ الأمرُ الذي يمثِّلُ صاعقةً لما تبقى من حركة الشحن بين كيان العدوّ وقارة آسيا؛ وهو ما سيدفعُ الآثارَ الكبيرة والواسعة التي يواجهُها العدوُّ بالفعل منذ أشهر نتيجة الحصار البحري اليمني إلى مستوى آخر أشد إيلاما، حَيثُ سيؤدِّي التصعيدُ الجديدُ إلى زيادةِ شحةِ الوارداتِ إلى كيان العدوّ وارتفاع الأسعار بشكل أكبر.

المفاجأةُ الكبرى التي أعلنها قائدُ الثورة جاءت بعد وعيده في خطابَينِ سابقَين بأن هناك تطوراتٍ تفوقُ توقعاتِ الأعداء والأصدقاء، وهو ما حدث بالفعل؛ ففيما اتجهت كُـلّ الأنظار نحو ميدان التصنيع العسكري؛ ترقُّبًا لإعلان أسلحة جديدة، جاء الإنجاز الذي أعلنه القائد متجاوزًا لهذا الميدان بكثير، فبالرغم من الإعلان عن توسيع الحظر البحري ليشملَ المحيط الهندي يتضمن بالضرورة تأكيدًا على تطوُّرٍ كبيرٍ وهائلٍ في القدرات العسكرية اليمنية؛ فَــإنَّ المفاجأة لم تقتصر على هذا التطور، بل تركز الجزءُ الأكبر منها في المعادلة الاستراتيجية الجديدة المبنية على القدرات المتطورة، وهي معادلة – كما قدَّرنا في تحليل سابق – لم تأتِ منفصلةً عن سياق الهدف الرئيسي للمعركة؛ وهو إحداثُ تأثير مباشر وضاغط على العدوّ لوقف الإبادة الجماعية في غزة ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.

إن فرضَ حظر على السفن المرتبطة بالعدوّ الصهيوني في المحيط الهندي يمثل ضربة حقيقية سيشعر بها اقتصاد العدوّ بسرعة؛ لأَنَّه وبعد اليأس من المرور عبر البحرين الأحمر والعربي، كان قد بدأ بمحاولة التكيف على الطريق الجديد من رأس الرجاء الصالح، برغم التكاليف المرتفعة التي يتحملها على هذا الطريق، ولا يعني التكيف هنا تعويض الخسائر التي لحقت به جراء الحصار اليمني في مرحلته السابقة؛ لأَنَّه من غير الممكن أن يكونَ طريقُ رأس الرجاء الصالح “بديلًا” عن طريق البحر الأحمر، بل التكيُّفُ هنا معناه محاولةُ الإبقاء ولو على جزءٍ يسيرٍ جِـدًّا من الإمدَادات القادمة من آسيا ولو بكلفةٍ مرتفعةٍ وبكمياتٍ أقلَّ بكثير.

وكانت شركةُ “زيم” الصهيونية على سبيل المثال والتي كانت من أولى الشركات التي توقفت عن عبور البحر الأحمر، قد بدأت محاولات التكيف هذه، بل حاولت استغلالها لتحقيق أرباح، من خلال المبالغة في رفع تكاليف نقل البضائع إلى كيان العدوّ، خُصُوصاً مع امتناع العديد من الشركات الآسيوية عن الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلّة حتى عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وبالتالي فَــإنَّ توسيعَ الحظر اليمني إلى المحيط الهندي سيشكِّلُ “كارثةً” على هذه الشركة والكثير من الشركات أمثالها.

وإذا كان حظرُ الملاحة الصهيونية عبر البحرَينِ الأحمر والعربي قد أضرَّ بحوالي 25 % من واردات السلع الاستهلاكية، و21 % من واردات مواد الإنتاج، بحسب ما كشف تقرير سابق لوزارة الصناعة “الإسرائيلية” فَــإنَّ توسيع الحظر إلى المحيط الهندي سيرفع هذه الأرقام بشكل كبير؛ وهو ما سيرفع بدوره أرقامًا أُخرى؛ فارتفاع الأسعار سيصل إلى نِسَبٍ قد تقترب من الضعف، مع مراعاة أن الشحة التي شهدتها أسواقُ العدوّ في بعض المنتجات القادمة من آسيا ستتحول إلى انعدام كامل؛ وهو ما سيخلق أزمة في العديد من المنتجات.

وتشمل واردات العدوّ الصهيوني من آسيا مجموعةً كبيرةً من السلع الهامة والمتنوعة، بدءًا بالمواد الغذائية، وُصُـولاً إلى الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، بالإضافة إلى السيارات التي أكّـدت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية العبرية قبل أَيَّـامٍ قليلة أن سوقَها في كيان العدوّ شهد هزةً كبيرةً؛ نتيجةَ الحظر اليمني في البحر الأحمر وباب المندب.

وستطال تأثيراتُ اتساع مدى الحصار البحري اليمني أَيْـضاً موانئَ العدوّ التي كانت قد تضررت بشكل واضح خلال الفترة الماضية، حَيثُ تم إغلاقُ ميناء “إيلات” بشكل كامل، فيما انخفضت حركة السفن في موانئ حيفا وأشدود وعسقلان بنسب متفاوتة؛ نتيجة رفض العديد من شركات الشحن الوصول إليها عبر طريق رأس الرجاء الصالح، والتأخيرات الكبيرة للسفن التي أصرت الوصول إليها عبر هذا الطريق الطويل والمكلف؛ فمع إغلاق طريق المحيط الهندي نحو رأس الرجاء الصالح، تصبح المشكلة أكبر؛ إذ ستقل إمْكَانية استخدام هذا الطريق نحو موانئ العدوّ الصهيوني بغض النظر عن مواقف الشركات وتوفر السفن؛ فالمسألة الآن ليست مسألة تكاليف أعلى وتأخير زمني فقط، بل مسألة خطر أمني مباشر.

وليس الأمريكيون والبريطانيون بمعزلٍ عن هذه الصفعة التي تلقاها العدوُّ الصهيوني؛ فاتساع رقعة الحصار اليمني على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” يمثل فضيحة مُهينةً للتحَرّك الأمريكي البريطاني العسكري الذي كان هدفه الرئيسي هو محاولة إنقاذ حركة الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر وباب المندب؛ فمطاردة السفن المرتبطة بالعدوّ إلى المحيط الهندي يعني ببساطة أن قيمة التحَرّك الأمريكي البريطاني هي “صفر” بل يمكن القول إنها قيمة سالبة؛ نظرًا للضربات التي أصبحت تطال السفن والبوارج الأمريكية والبريطانية.

وحقيقة أن مسارَ استهدافِ السفن المرتبطة بالعدوّ الصهيوني في المحيط الهندي قد بدأ بالفعلِ بثلاثِ عمليات نوعية شهدها الأسبوع الماضي، كما كشف قائدُ الثورة، تؤكّـدُ أن المعادلةَ اليمنيةَ الجديدةَ قد فُرِضت على الواقع وأن كُـلّ ما بوسع الأمريكيين والبريطانيين هو التفرجُ؛ لأَنَّ أية ردة فعل محتملة لن تؤدِّيَ إلا إلى زيادة ورطتهم وتوسيع نطاق فشلهم الذي لم يستطيعوا تجاوزَه في البحر الأحمر حتى يفكِّروا بالذهاب إلى المحيط الهندي لحمايةِ سفن العدوّ.

ولا يخفى أن الإعلانَ عن القدرةِ على استهداف سفن العدوّ الصهيوني في المحيط الهندي ينطوي على رسالةٍ ستصلُ بوضوحٍ إلى الأمريكيين والبريطاني بخصوص احتمالات استمرار التصعيد؛ لأَنَّ وصولَ الأسلحة البحرية اليمنية إلى هذا المدى الصادم وإن كان محصورًا على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” يشكّل تهديدًا إضافيًّا للوجود الأمريكي والبريطاني في المنطقة، ويعني أنه لن يكون هناك مكانٌ آمنٌ للبوارج وحاملات الطائرات والقطع العسكرية المعادية في حال ارتفاع وتيرة الصراع.

ومن نافلة القول أن المفاجآتِ العسكريةَ اليمنيةَ لا يبدو أنها تنتهي عند هذا الحد؛ فحديثُ قائد الثورة الأسبوعَ الماضيَ عن الوصول إلى إنجازات تجعلُ اليمنَ في مَصَافِّ دول معدودة في العالم، سيظلُّ يثيرُ الكثيرَ من التساؤلات حول المستوى الذي وصلت إليه القدراتُ اليمنيةُ ونوعيةُ التقنيات والأسلحة التي باتت بحوزةِ القواتِ المسلحةِ اليمنية.

 

المسيرة| ضرار الطيب

قد يعجبك ايضا