السلطة الفلسطينية شريكة للكيان الصهيوني.. هل باتت السلطة مجرد “حجر شطرنج”؟

 من الواضح أن سلطة رام الله مسؤولة مباشرة عن الجرائم التي يرتكبها العدو، في الوقت الذي تمنع فيه إطلاق يد المقاومة لتقوم بدورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، رغم أن هذه الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة ستكون دائماً وقوداً لثورة الشعب الفلسطينيّ التي لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، حيث إنّ رد الشعب الفلسطينيّ على هذه الجرائم سيكون بالفعل مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة، وفقاً لوجهة نظر المقاومين.

ففي الوقت الذي تقتحم فيه قوات العدو مخيم جنين كل فترة وتقتل وتعتقل كما تشاء، مع وجهة نظر إسرائيليّة بأنّ السلطة الفلسطينية في رام الله فقدت السيطرة التامة على شمالي الضفة، وعما تدعى أنها فوضى وكميات كبيرة من السلاح، يعيش الكيان الصهيوني الغاصب والأجهزة الأمنية الصهيونية ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، وذلك نظرًا لكثافة عمليات المقاومة ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة ضد كيان الاحتلال الصهيوني، فجميع الشواهد والأحداث الاخيرة تدل وبشكل قاطع أنّ المُقاومة في الأراضي المُحتلّة عائدة بقوة، ويُستدل على ذلك بالتقارير التي تصدرها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية سنوياً.

وفي هذا السياق يتضح أن المقاومة في الضفة هي الآن على أشدها حيث سبق وأن اعترف الجِنرال غانتس في تصريحاتٍ صِحفيّة سابقة أن مدينتيّ نابلس وجنين تُشَكِّلان تحدّيًا خطيرًا مُعقّدًا “للجيش الإسرائيلي”، بسبب الدّعم الشّعبي الكبير الذي يحظى به الشّباب النّشطاء فيهما في إشارةٍ إلى الخلايا المُسلّحة في المدينتين، وخاصَّةً مجموعة “عرين الأسود” التي تأسّست في مدينة نابلس القديمة ومُخيّم بلاطة للاجئين كرَدٍّ على المجزرة التي ارتكبتها قوّات إسرائيليّة لتصفية ثلاثة شُبّان استَشهدوا بإطلاق 500 رصاصة على سيّارتهم، وكانَ يُمكن اعتِقالهم أحياء.

من جهة اخرى من الواضح أن الشباب المقاومين من أبناء الشعب الفلسطيني يحظون بدعم شعبي كامل فالتصريحات التي تصدر من ممثلي حركات المقاومة هي تصريحات داعمة للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، فجميع التصريحات تؤكد أن ما يجري بالضفة يتطلب من حركات المقاومة استثمار هذه العمليات وتوظيفها بشكل مناسب يسهم باسترجاع دورها إلى صدارة العمل المقاوم والبناء عليها وتشييد كيان مقاوم يقف على أسس صلبةٍ لا تهتز ولا تتزعزع لو أحسنا أفراداً وتنظيمات فهمه والتعامل معه، لقد فتحت تضحيات هؤلاء الفدائيين الشجعان الباب أمام مرحلة جديدة في الكفاح الفلسطيني المهم، لذلك فإن المراكمة على هذه العمليات، وتراكمها سيقود إلى ثورة وليس إلى انتفاضة لو تم تحصينها وأحسن البناء عليها، والانتقال بها إلى مرحلة قادمة نحو الخلاص من الاحتلال الصهيوني.

وفي هذا الصدد نجد أن الإسرائيليين اليوم يعترفون بشكل كامل بمواجهة انتفاضة ذات صفات مختلفة ونتائج مذهلة، حيث إنّ الدوائر الأمنية الإسرائيلية تخاف اليوم من العمليات التي تحدث بالضفة الغربية، بل إن عمليات أبناء المقاومة وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة، ولا بد من القول إن توسع الاستيطان على نحو غير مسبوق، وانتهاكات الاحتلال في القدس ساهم في زيادة التفاف الشباب الفلسطيني والالتحاق بالكتائب المقاومة، وأبرزها كتيبة “عرين الأسود”، كما عزّز هذا المسار إحصائيات سابقة تعكس أرقاماً حقيقية لتنامي الفعل المقاوم، إذ سجلت إحصائية رصدت فيها عمليات المقاومة خلال العامين المنصرمين.

وصمة عار على جبين سلطة عباس

تتزايد الجرائم الصهيونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني يوماً بعد اخر، حيث أعلن الكيان موخراً أنّ الآلاف من الفلسطينيين، سُكّان مُخيَّم اللاجئين جنين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، قد نزحوا بسبب العملية العسكريّة الإسرائيليّة، فيما أعلنت وزارة الصحّة الفلسطينيّة أنّ عدد الشهداء الذين ارتقوا جرّاء العدوان المُستمِّر وصل إلى 10.

في السياق نفسه ونقلاً عن محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في جيش الاحتلال الإسرائيليّ كشفت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ النقاب عن أنّ الأجهزة الأمنيّة التابِعة للسلطة الفلسطينيّة في رام الله، أقدمت على اعتقال مقاومين فلسطينيين كانوا في طريقهم من نابلس إلى جنين بهدف مساعدة المخيّم الذي يتعرَّض لعدوانٍ عسكريٍّ وحشيٍّ من جيش الاحتلال، فيما أكّدت المصادر عينها، كما قال محلل الشؤون الفلسطينيّة في القناة المذكورة، أوهاد بن حيمو، أنّ العملية العسكريّة في مخيم جنين ليست ضدّ السلطة الفلسطينيّة، إنّما ضدّ من أسماهم بالمُخربين في المخيّم.

في السياق نفسه سعى الكيان الصهيوني لتحقيق انتصارات على أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم الا الواقع أثبت عكس ذلك فهناك شهادات إسرائيلية تؤكد حالةً الإحباط واليأس من القدرة على القضاء على المقاومة. حيث قال مدير مركز أبحاث الأمن الإسرائيليّ، اللواء في الاحتياط تامير هايمان، الذي شغل منصب قائد شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، في بيانٍ رسميٍّ إنّ العملية العسكريّة التي قام بها الكيان الصهيوني تختلِف جوهريًا عن عملية (السور الواقي)، والتي نفذّها الاحتلال في العام 2002 وأعاد احتلال الضفّة الغربيّة، كما أكّد أنّه لا يُمكِن بأيّ حالٍ من الأحوال الحديث عن أنّ هدف العملية إعادة الردع الإسرائيليّ الذي تآكل.

وأوصى اللواء هايمان بإعادة الأمور إلى نصابها وعدم الدخول في مزايداتٍ لا تُسمِن ولا تُغني عن جوع، مُشدّدًا على أنّ الأهداف الصحيحة للعملية تكمن في استنزاف المقاومة، وضرب مختبرات صناعة الصواريخ والمقذوفات، كما قال إنّ جنين ليست عاصمة الإرهاب، لأنّ للإرهاب لا توجد عاصمة، وأنّ الإرهاب موجود في القلوب والجاهزية والحافزيّة، أيْ إنّ القضاء على بؤرةٍ ما لا يعني بتاتًا التخلّص من الإرهاب، لأنّ الواقع أكثر تعقيدًا ممّا نعتقد، على حدّ تعبيره.

العملية العسكريّة الصهيونية ليست ضدّ السلطة الفلسطينيّة

 اللواء هايمان أوضح أيضًا أنّ العملية العسكريّة الجارية الآن هي ليست ضدّ السلطة الفلسطينيّة، إذْ إنّ المصلحة الاستراتيجيّة الإسرائيليّة تقضي بالحفاظ عليها، وذلك على الرغم من تصريحات عددٍ من المسؤولين الإسرائيليين، وخلُص إلى القول إنّ السلطة الفلسطينيّة، على كلّ مساوئها، هي جزءٌ من الحلّ، وليست جزءًا من المشكلة، طبقًا لأقواله.

يوحاي عوفر الخبير العسكري الإسرائيلي بصحيفة (مكور ريشون) زعم أنّ “جنين ما زالت عاصمة الهجمات المسلحة، لأنّ العمليات الأخيرة ذكّرت أجهزة الأمن كَمْ أنّ هذه المدينة والمخيم قابلة للانفجار وخطرة، وجعلها تتحوّل إلى أحد الأهداف الأكثر سخونة للمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، ورغم كلّ التعزيزات الأمنية فقد نجحت المقاومة في كلّ مرّةٍ من الإفلات من قبضة الجيش الإسرائيليّ”، زاعمًا “أنّنا ما زلنا في بداية الطريق، ولم ننتهِ بعد من مهمة القضاء على هذه الخلايا المسلحة”.

السلطة الفلسطينية سبب معاناة الشعب الفلسطيني؟

في الحقيقة إن ثقة الشعب الفلسطيني بالسلطة الفلسطينية، أو بالنهج الذي تسير عليه معدومة، ومع ذلك ، فالجميع يعلم ان السلطة الفلسطينية لديها تنسيق أمني ​​مع الاحتلال الإسرائيلي ولطالما كانت تصريحات عباس التي تصدر بين فترة واخرى مجرد أخبار للاستهلاك الاعلامي فقط. حيث إن عباس يبيع الحزن والتسول بدلاً من اتخاذ قرارات شجاعة وجريئة يمكن أن تحرج دول الاستكبار ، ومن جهةٍ أخرى لا يخفى على احد أن محمود عباس هو جزء أساسي من معاناة الشعب الفلسطيني حيث إن السلطة الفلسطينية وخلال كل السنوات الماضية لم تقدم للمقاومة الفلسطينية شيئاً يذكر بل انها ضاعفت معاناة الشعب الفلسطيني وخانت قضيته، حيث إن حالة العدوانية التي مارستها سلطة محمود عباس ضد قطاع غزة المحاصر تدل على أن سلطة عباس هي سلطة متفردة بالقرار الفلسطيني قامعة للثورات والحريات غير جديرة بالقيادة ولا تؤتمن على شعب يضحي منذ أكثر من 70 سنة.

السلطة الفلسطينية شريكة للكيان الصهيوني

إن سلطة عباس عملت خلال السنوات الماضية على معاقبة الشعب الفلسطيني عقابا جماعيا وسعت إلى إهانة الكرامة الفلسطينية التي وقفت في وجه الاحتلال الإسرائيلي ولم يتنازل شعبها عن حقوقه، فهذه السلطة فاقدة الشرعية والمنتهية الولاية الدستورية ساومت الشعب الفلسطيني على لقمة عيشه. وبنت السلطة الفلسطينية علاقتها مع الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني اللاجئ المشرد في أصقاع الأرض، الذي تضربه النوائب في كل مكان حيث ان هذه السلطة لم تهتم أو تحاول إنقاذ هذا الفلسطيني المكلوم، بل على العكس تكون عبئا على كاهل اللاجئ المقهور.

وفي هذا الصدد اذا استمر هذا الانزلاق المريع في مواقف السلطة الفلسطينية ومواقف الرئيس عباس المهادن والمستسلم للعدو الاسرائيلي، وهنا يمكن القول إن الشعب الفلسطيني يجد اليوم نفسه أمام مفترق طرق ومرحلة حساسة، حيث إن هذا الشعب يعيش معتركا تتخبطه المؤامرات الدولية والدسائس السلطوية التابعة لمحمود عباس، ولا بد أن يكون هناك حراكاً فلسطينياً موحداً يضم مختلف فئات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات والفصائل والنخب للخروج من الحالة الفلسطينية الراهنة واستكمال مشروع التحرر وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.

محاولات خبيثة من الاحتلال لتقوية السلطة

يعمل الاحتلال في الوقت الحالي على تقوية السلطة في غزة والضفة وإضعاف حركة حماس، ومحاصرتها والتضييق عليها، من خلال محاولة منح السلطة صلاحيات كبيرة، وكذلك التحكم في دخول الأموال وغيرها، وهو يأتي أيضاً في ظلّ الرغبة الأمريكية في إحياء دور السلطة من جديد، لإعادة المفاوضات مع الاحتلال، بعد حالة الجمود التي شهدتها خلال فترة الرئيس السابق ترامب، وخاصة أن حركة حماس تمرّ الآن في مرحلة صعبة ويتم العمل على إضعافها وتحجيم دورها، وهو أمر قد يدفع إلى توجّه إقليمي ودولي للضغط على حلفاء الحركة الإقليميين، كتركيا وقطر، لإبعادهم عن دعمها، بهدف تقييد نفوذها، والضغط عليها لتقديم تنازلات في العديد من القضايا، بشروط أقلّ من التي تطرحها المقاومة في غزة.
فمنذ انتهاء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة لم تتوقف مساعي السلطة الفلسطينية في كل الاتجاهات من إعاقة أي عملية إدخال أموال إلى قطاع غزة وهي تتلقى الأوامر بهذا الشأن من ولي الأمر الأمريكي والصهيوني وتمنع وصول هذه الأموال إلى الفئة الأشد فقراً في القطاع.بالتزامن مع تشديد “إسرائيل” حصارها على قطاع غزة عقب انتهاء العدوان الأخير، لم تصرف السلطة الفلسطينية أي مخصصات للشؤون الاجتماعية، أو لذوي الأسرى والشهداء والجرحى، ما فاقم من معاناة الناس عامة، والفئات الأكثر احتياجاً خاصة.

هل يدرك الصهاينة والسلطة الفلسطينية أن “جنين” مقبرة المحتلين؟

سبب خوف الصهاينة من بلدة جنين الصغيرة، إضافة إلى كونها قاعدة مقاومة في الضفة الغربية، يعود إلى الموقع الجغرافي الخاص لهذه المنطقة.جنين التي تعرف أيضاً بمخيم اللاجئين تقع شمال الضفة الغربية، وتعتبر هذه المدينة نقطة وصل لطرق الاتصال المؤدية إلى مدن حيفا والناصرة ونابلس والقدس.والنقطة المهمة بالنسبة لمدينة جنين هي أنها على مدار تاريخ فلسطين تعتبر القاعدة الأساسية للمقاومة ضد احتلال القوى الغربية وخاصةً بريطانيا، وبعد ذلك الکيان الإسرائيلي. أيضًا، في عام 1935، تم تشكيل الحلقة الأولى للمقاومة المسلحة المنظمة في فلسطين على يد الشيخ “عزالدين قسام”، أحد أبرز رموز المقاومة ضد الاحتلال البريطاني، في جنين.

يذكرنا الهجوم على جنين بالمعركة الشهيرة للمقاومة الفلسطينية عام 2002، والمذبحة المروعة التي ارتكبها الکيان الإسرائيلي في مخيم جنين في ذلك الوقت. حيث شكّل مقاتلو المقاومة غرفة عمليات مشتركة، وقاموا بتجهيز 200 من المقاومين المسلحين بالأسلحة والعبوات الناسفة.في ذلك الوقت، تمكن المقاومون من قتل 13 جنديًا إسرائيليًا وإصابة 15 آخرين بنصب كمائن ناسفة في الأزقة الخلفية للمخيم، وربما يعيد التاريخ نفسه هذه المرة. ولا شك أن أي عمليات ضد الكيان الصهيوني ستنفذ بقرارات غرفة العمليات المشتركة للمقاومة، التي زادت تعاونها مؤخرًا من أجل مهاجمة الاحتلال بشكل أكثر تنسيقًا.

في الختام.. تعمل المقاومة في الضفة الغربية على استنزاف العدو الصهيوني من خلال العمليات المتنوعة والمنتشرة في نقاط مختلفة ممتدة وتعزيز دور المطاردين وحمايتهم وستعمل على تقويض القوة العسكرية للعدو عبر استنزاف مقدراتها وتكبدها خسائر مادية وتدمير معنويات الجنود الصهاينة من خلال جرهم إلى دائرةٍ مفرغة من المواجهات المتقطعة.

ما يجري بالضفة يتطلب من حركات المقاومة استثمار هذه العمليات وتوظيفها بشكل مناسب يسهم باسترجاع دورها إلى صدارة العمل المقاوم والبناء عليها وتشييد كيان مقاوم يقف على أسس صلبةٍ لا تهتز ولا تتزعزع لو أحسنا أفراداً وتنظيمات فهمه والتعامل معه، لقد فتحت تضحيات هؤلاء الفدائيين الشجعان الباب أمام مرحلة جديدة في الكفاح الفلسطيني المهم، لذلك فإن المراكمة على هذه العمليات، و تراكمها سيقود إلى ثورة وليس إلى انتفاضة لو تم تحصينها وأحسن البناء عليها، والانتقال بها إلى مرحلة قادمة نحو الخلاص من الاحتلال.

 

الوقت

قد يعجبك ايضا