الصمود الأسطوري في مواجهة العدوان

تقرير / محمد محسن الحمزي

هي معركة وجود بالنسبة للشعب اليمني وحريته واستقلال قراره الوطني التي تجري اليوم مع مملكة داعش ومن ورائها أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني والغرب ودويلات النفط العربية ، لذلك تلقي مملكة الشر والعدوان بكل ثقلها في العدوان على اليمن ، الذي كانت ولا تزال تعتبره ملكا لها وتتصرف في شؤونه على هذا النحو ، وتوظف كل إمكاناتها وأوراقها في سبيل تحقيق أهدافها الإجرامية المتمثلة في إعادة فرض هيمنتها ووصايتها على القرار السياسي ، وإعادة إنتاج رموز الفساد والعمالة والإرهاب داخل السلطة في صنعاء ، وتمرير مشروع تفتيت وتمزيق اليمن إلى كيانات متناحرة لكنها تدين لها وأمريكا بالولاء والتبعية ، وتضع مقدرات الشعب وموارده رهينة في أيدي شركات الغرب الرأسمالية ، ولقد أدت إستراتيجية النفس الطويل في إدارة المعركة مع العدوان الأمريكي السعودي التحالفي لنتائج لم تكن في صالح العدوان ورهاناته على الحسم السريع للمعركة في أيام وأسابيع ، ومثل له طول أمد العدوان عامل إضعاف لهيبته ، واستنزاف لموارده، وتظهير الصراعات الداخلية بين أمرائه، وإلى انكشاف حقيقة جرائمه وظهوره بمظهر المجرم أمام الرأي العام الغربي ، وعلى هذا ترتب خضوع الحكم السعودي لسلسلة من عمليات الابتزاز المالي والسياسي الأمريكي والغربي حدا جعلته يسرع الخطى نحو الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني, ويمثل إفشال مشاورات الكويت من قبل السعودية أحد الخيارات الصعبة للسعودية وتحالفها ، بفضل يقظة وحنكة المفاوض اليمني ، لكن الأصعب من ذلك الخيار هو الذهاب إلى شن العدوان الواسع جوا وعلى مختلف الجبهات عاجزا – بفضل الله – عن أحداث اختراق ، بل عاجزا عن الحفاظ على ورقة الهدنة في الحدود ، لتغرق في رمال ووديان اليمن كل أحلام محمد بن سلمان وإضرابه من المتطرفين الدواعش والمتصهينين , وإذا كانت الحال هذه في مشهد الإخفاق السعودي الممتد من نهم اليمنية إلى حلب إلى الفلوجة إلى ….الخ, فإنه بتصعيده لهذا العدوان مسكون بالرغبة في الخروج من مربع الإخفاق والفشل المستمر منذ عام وسبعة أشهر ؛ المؤكد أن هذا العدوان لن يتورع عن ارتكاب أية جريمة تخطر على البال بحق اليمنيين ، طالما والأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون ، ومبعوثها إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ مجيرة لإضفاء الشرعية مع العدوان ، ومنحه صكوك البراءة من جرائمه ومجازره بحق الأطفال والنساء وعامة الشعب اليمني , ولا شك بأن التاريخ وعم قريب سيكتب الثمن الذي تقاضاه أولئك في الأمم المتحدة وغيرها ثمنا لصمتهم وتواطؤ هم مع جرائم السعودية وتحالفها المجرم ضد أبناء الشعب اليمني .. الصورة في المجمل الوطني اليوم مطمئنة لحد يسمح بالقول أننا قد تجاوزنا أصعب فصول العدوان ومراحله , فالوضع في الداخل الوطني سياسيا وعسكريا واجتماعيا وأمنيا وإعلاميا أفضل منه بكثير عند أن بدأ العدوان ، والثقة المجتمعية بالله وبعدالة معركة الدفاع عن اليمن والاستعداد المتعاظم للتضحية والصبر والصمود وتعزيز الوحدة الوطنية تكون اليوم معادلة المستقبل ؛ أهداف العدوان الأمريكي السعودي لا تزال هي ذاتها التي يسعى إلى تحقيقها ، إن بالعدوان العسكري المباشر والحصار والتجويع ، وإن بالمشاورات التي تفضح العدوان وأدواته ، وتؤكد لليمنيين كل يوم صوابية ما يقومون به من تصد للعدوان ومرتزقته المنافقين , وبالطبع فإن الرهان يجب أن يكون رهانا ذاتيا على القدرات والطاقات الكامنة في الشعب اليمني وقواه الوطنية ، وهمة وشجاعة الجيش واللجان الشعبية , وما من رهان على العامل الخارجي ومن أي طرف كان , لقد كان لوضوح أهداف العدوان أثر كبير لدى الغالبية من اليمنيين في فهم كيفية التعامل معها وبحمد الله وفضله وبحكمة وحنكة وشجاعة قيادة ثورة 21سبتمبر والقوى الوطنية ، وبفضل صبر وصمود الشعب اليمني العظيم وتلاحمه تم إفشال معظم تلك الأهداف وأخطرها , فالعدوان الهمجي يسعى اليوم ومن خلال تصعيده الإجرامي لتحقيق ما عجز عنه في الكويت وجنيف ، وما عجز عنه من خلال عدوانه العسكري السابق لمشاورات الكويت ، وسيفشل بإذن الله .

 

صمود الشعب اليمني

519 يوم من العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني الغاشم كانت أعجوبة هذا الزمان في صمود أهل اليمن في وجه العدوان الكوني الذين لم يهزموا عبر التاريخ بل كانت أرضهم المباركة مقبرة للغزاة والمحتلين ومنذ الوهلة الأولى من عدوانهم الغاشم كانت قوى الاستكبار وقرن الشيطان ومن سار معهم تضن أن اليمن قد ركع وخضع لهم ولكن وجدوا أنفسهم انه دنى قليلاً لكي يربط خيوط حذائه العسكري استعداداً لمعركة النفس الطويل وانه لا ولن يخضع أو يركع فهم كما وصفهم الله عز وجل في محكم كتابة (نحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ).

وأن بأسهم الشديد الذي ذكره الخالق جل شأنه في القران الكريم قد برز في ثباتهم أمام صلف العدوان على اليمن فلم تلن لهم قناة أو يكسر لهم عود على الإطلاق , رغم فقرهم وقلت عتادهم وانعدام وسائل الدفاع الجوية ضد مئات الطائرات التي شنت آلاف من الغارات على المكونات البشرية والجغرافية للجمهورية اليمنية واتت على الإنسان والحيوان والحجر والشجر وفتكت بكل مقومات الحياة، وفوق تلك القلقة وتلك الندرة في العتاد فرض العدوان الهمجي على مرأى ومسمع من العالم الغافل حصاراً برياً وبحرياً وجوياً واستهدف مخازن التموين وأبار مياه الشرب والمستشفيات والمراكز والوحدات الصحية وكل وسيلة تنقل الماء والكلاء والدواء من أجل مضاعفة المعاناة الإنسانية لأبناء اليمن , وللعالم الحر أن يدرك كم من الناس الذين حرموا من حق الحياة وكم من الناس الذين ماتوا بسبب نقص الدواء والماء والغذاء .

وكان يعتقدُ تحالُفَ العدوان أن الشـعـب الـيَـمَـني سيستسلم في الشهر الأول أَو الثاني أَوْ ربما في الأُسْبُـوْع الأول أَوْ الثاني من العُـدوان، لكن الشعب اليمني سجل صموداً أُسطُورياً تجلى ، وما يزال ، يوماً بعد يوم ، ربما هو الأعظم في تأريخه ، والذي أذهل العالَمَ بوقوفِه ومواجهتِه لأَكْبَـر تحالف عُـدْوَاني أجتمعت فيه أَكْثَـرُ من ثلاثين دولة، وشاركت فيه عشرُ دول عربية بقيادة النظام السعودي وبدعم ومشارَكة إسْرائيْل وأَمريكا وأثبت الشعـب الـيَـمَـني طيلةَ هذه الفترة التي مرّ بها أنه شعب عزيز وصامد يستمد قوتَه، وعزمه، وإباءَه من اعتماده على الله، وأنه يمن الأَنْصَـار والأوس والخزرج، يمن الحكمة والإيمان .

قد يعجبك ايضا