العلاقة السعودية الإسرائيلية أصبحت علنا وعيانا

علاقات وثيقة بين يهود السعودية ويهود إسرائيل لتدمير الشعوب الإسلامية

السعودية استخدمت أسلحة إسرائيلية في حربها ضد اليمن

 

تقرير / محمد محسن الحمزي

 

تجاوزت في الشهور الأخيرة مرحلة الإعلان عن العلاقات السعودية الإسرائيلية علنا وعيانا كما أنها لم تعد سراً, والتي بدأت أوائل عام 2012 إلى محاولة إيجاد شرعية وقبول شعبي لمثل هذا النوع من العلاقات بين أحد أكبر الدول العربية والإسلامية والكيان الصهيوني، حتى أن وتيرة الأنباء عن تطور العلاقة بين تل أبيب والرياض بلغت سرعة غير مسبوقة، سواء من ناحية اللقاءات بين مسئولين من الجانبين ومشاركتهم في الحرب ضد اليمن أو سيل التصريحات على لسان سياسيين ومحللين وكُتاب لهم وزنهم في كل من الدولتين تتبنى نفس المواقف السياسية وتحبذ المزيد من التنسيق والعمل المشترك تجاه التحديات السياسية الإقليمية التي تواجه السعودية وإسرائيل بناء على وحدة الموقف تجاه إيران وبرنامجها النووي وتجاه اليمن وسوريا، كذا سياستها الداعمة لما يسمى بالمقاومة وما يشمل ذلك من تطورات الأزمة اليمنية والسورية ودعم كل من الدولتين للفصائل المسلحة بما فيها تنظيم القاعدة والمرتزقة، وصولاً إلى إيجاد تصفية نهائية للقضية الفلسطينية لتثبت الرياض- التي تزعمت وقدمت المبادرة الشهيرة 2002- أنها مع الكيان الصهيوني يمثلوا الداعمتين الرئيسيتين للسياسيات الأميركية في المنطقة والقائمين على رعايتها وحمايتها، وهو الأساس الذي رسم ملامح العلاقة بين واشنطن بحليفتيها في المنطقة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وإن لم يمنع ذلك بعض الخلافات الثانوية طيلة هذه العقود،  فكان أخرها انتقاد الرياض وتل أبيب لسلوك إدارة أوباما تجاه الملف النووي الإيراني، انتقاد وصل إلى حد التلميح ومنذ 2012 باللجوء إلى عمل عسكري مشترك ضد طهران، وهو ما يعني أن حافزاً هاماً – ولو بشكل مؤقت- أضيف إلى قائمة دواعي وحوافز التوافق والتقارب بين الدولتين.

وأستمر ذلك الأمر الذي أتخذ منحنى صاعد طيلة الأعوام الماضية، حيث شهد 2010 لقاء الفيصل مع داني إيالون على هامش مؤتمر للأمن في مدينة ميونخ الألمانية، وتميزت هذه المرحلة بإيفاء شئون الأمن ومكافحة الإرهاب أولوية تجمع بين الدولتين وستار لتنمية علاقات علنية ما بينهما، ولكن سرعان ما تغير الخطاب منذ 2011 وبات رسمياً الجامع الأهم بين السعودية وإسرائيل هو كيفية مواجهة الخطر الإيراني”الدولة الإسلامية”، وتميزت هذه المرحلة بوتيرة سريعة تصاعدية في مسألة التقارب بين الدولتين، وما تبع ذلك من خطاب متداخل بين السياسي والطائفي في الإعلام السعودي هدفه بالحد الأدنى إبراز مسألة أن إيران أخطر على السعودية من إسرائيل. ذلك بالإضافة إلى بدء السعودية في تزعم دول الخليج بشأن التقارب والعلاقات مع تل أبيب، حيث كان الوسيط الخليجي فيما سبق قطر، وتخلت للسعودية عن هذا الدور نتيجة لعوامل أبرزها الخلافات السعودية/الخليجية-القطرية، بعبارة أخرى أرادت السعودية أن تحدد سقف ومدى عمق علاقات الدول الخليجية بإسرائيل وتحديد بوصلة دواعي هذا التقارب، وهو ما أنعكس في الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي الذي أصبح يتحدث بصيغة تربط التقارب والتطبيع مع السعودية بدول الخليج بالكامل ويتم التوصية بفتح مجالات إستراتيجية مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة السعودية.

كذلك لم يمضى عام 2013 دون أن تتبلور الرؤية السعودية تجاه التقارب مع إسرائيل وتخرج إلى العلن على لسان الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، الذي صرح في حوار له مع شبكة “بلومبرج” الأميركية بنقاط التلاقي الضروري من وجهة نظره بين بلاده وبين إسرائيل.

أيضاً تشهد هذه الفترة ليس فقط التأكيد على ضرورة علانية العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ولكن أيضاً على عمقها التاريخي، الممتد بحسب وثائق سرية أفرج عنها مؤخراً بمقتضى قانون الوثائق الإسرائيلي إلى الستينيات، حيث تعاونت الدولتين ضد اليمن، وهو الأمر الذي جعل بعض الخبراء يرجحوا أن هذا التلاقي القديم قد تكرر هذه الأيام التي تشهد عدوان سعودي على اليمن، تلاقي ليس سياسياً فقط حيث أيد هذا العدوان ونُظر له بإيجابية من جانب تل أبيب، ولكن تلاقي عسكري رُجح خلاله أن تكون الرياض استخدمت أسلحة إسرائيلية في قصف اليمن.

وبالنسبة للخطوة الأخيرة المنتظرة في سياق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وهو اللقاءات الرسمية بين مسئولين في الدولتين، أتى اللقاء العلني بين مسئولين أمنيين في العاصمة الأميركية واشنطن في مؤتمر للمجلس الأميركي للعلاقات الخارجية، ونقلت شبكة “بلومبرج” الأميركية أن اللقاء الذي جمع اللواء في الاستخبارات السعودية، أنور ماجد عشقي، ودوري جولد، المسئول السابق في الموساد والذي يشغل منصب مستشار أمني ضمن طاقم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أتى كتتويج لخمسة لقاءات سابقة “سرية” عقدت في عواصم إيطاليا والتشيك والهند، شملت تبادل معلومات استخباراتيه .

وفي الوقت الحالي وبحسب ما قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن ضابط المخابرات السعودي السابق اللواء أنور عشقي، زار الدولة الصهيونية، مع وفد من الأكاديميين ورجال الأعمال السعوديين، وعقد عدة اجتماعات مع مسؤولين بوزارة الخارجية ومع نواب بالكنيست الإسرائيلي.

كل ما سبق، وخاصة مع زيادة وسرعة وتيرة مفاعيل التقارب بين إسرائيل والسعودية، فأنه من غير المستبعد أن تتجاوز العلاقات بين الدولتين مرحلة التنسيق الأمني واللقاءات السرية والعلنية الرسمية وغير الرسمية إلى مرحلة التطبيع العلني بين حكومة الرياض وتل أبيب، حتى من دون شرط قبول الأخيرة بالمبادرة السعودية للسلام، التي من الواضح أن عدم تنفيذها لم يعد يشكل عقبة في تطوير العلاقات بينهم، وخاصة مع تهيؤ ظروف داخلية في كل من الدولتين يمهد لهذا في ظل ظرف إقليمي حتم على كل منهما الإسراع في السير تجاه الأخر ومد يد الشراكة السعوصهيونية.

قد يعجبك ايضا