لقد كانت الهندسة الشيطانية ضد هذه الدولة الشامخة والذي أصبح العدوان الإسرائيلي نتيجة لهذه الهندسة تقوم على ثلاث ركائز أَسَاسية:

1. خنق إيران اقتصاديًّا عبر حصار خانق وطويل الأمد كوسيلة لاستنزاف طاقتها الداخلية وشلّ قدرتها على التوسع والدعم.

2. تفجير إيران من الداخل عبر خلق اضطرابات سياسية واجتماعية من خلال دعم مجموعات انفصالية وتيارات شاذة تسعى لهدم النظام من الداخل.

3. وضع إيران في مرمى النار المباشر عبر تصعيد أمني وعسكري في المنطقة، بدءًا من ساحات الاشتباك في سوريا والعراق، وُصُـولًا إلى عدوان مباشر كما نراه الآن.

وبالتالي ما يجري ليس مُجَـرّد نزاع عابر بين دولة إيران والكيان الصهيوني بل مشروع متكامل تقوده واشنطن وتل أبيب وتشارك فيه لندن وتدعمه باريس وتصفّق له عواصم عربية تخلّت عن كُـلّ ما يمتّ للكرامة والاستقلال بصلة.

دول في الخليج قامت بدور تمويلي واستخباري كبير في استهداف إيران عبر التنسيق الأمني وفتح الأجواء والمشاركة الفعلية في غرف العمليات ولو من خلف الستار.

والهدف من كُـلّ هذا ليس فقط ضرب إيران كدولة بل إسقاط فكرة الاستقلال الحقيقي في المنطقة وإنهاء النموذج الذي استطاع أن يجمع بين السيادة الوطنية والعداء المبدئي للصهيونية.

أيضًا العدوّ لا يُخفي أن إيران تقف حجر عثرة أمام مشروع (إسرائيل الكبرى) و(الشرق الأوسط الجديد).

فهي الداعم الأقوى للمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا، وهي من كسرت احتكار أمريكا للسلاح والتكنولوجيا وهي من كشفت أن بإمْكَان شعوب المنطقة أن تبني قرارها بعيدًا عن واشنطن وتل أبيب.

ولذلك فَــإنَّ رأس الحربة في المؤامرة هو تحطيم هذه القوة سواء عبر الحصار أَو الحرب أَو بالتورط المباشر في ضربات عسكرية كما يحدث الآن.

كل هذا التحشيد والتآمر لم يُفلح في عزل إيران بل على العكس زادها صلابة ووسّع من دائرة أصدقائها وفتح أبواب التنسيق العسكري والسياسي مع دول ومحاور كانت يومًا ما خارج نطاق هذا الصراع.

اليوم إيران ليست وحدَها. ومن ورائها جبهة صُلبة تتشكّل من اليمن ولبنان والعراق ومجاهدي المقاومة في فلسطين وأحرار الأُمَّــة الذين يرون فيها قلعة صمود بوجه الطغيان.

وهنا يأتي بيان القوات المسلحة اليمنية الأخير ليعلن بوضوح: إن تمادت أمريكا وتورطت في العدوان، فَــإنَّنا سنفتح جبهة البحر الأحمر، ونستهدف البوارج والسفن، ونقلب الطاولة.

وهذه ليست تهديدات دعائية، بل رسائل عملياتية مستندة إلى قوة فعلية وتجربة أثبتت قدرتها في السنوات الماضية.

إنهم أرادوا كسر إيران… لكنهم يوقظون أُمَّـة؛ فما بعد العدوان الشامل على إيران لن يكون كما قبله.

والحريق الذي أشعلوه في غزة ولبنان واليمن، يحاصرهم الآن من كُـلّ الجهات.

فليعلموا جميعًا أن (الشرق الأوسط الجديد) لن يُرسم في تل أبيب ولا في البيت الأبيض… بل في صنعاء وطهران وبيروت وغزة، حَيثُ ترسم المقاومة بدمها ووعيها خريطة الكرامة.