اليمن يُخضع أمريكا
لم يكن هناك من يصدق أنّ الولايات المتحدة بأساطيلها، ستُخضع اليمن وأنصار الله، إلّا النفط وقنوات النفط، هذه الجوقة التي ترى سيدها دائمًا على حق، ومقتدرًا أبدًا، في المقابل لم نكن نصدق نحن، أنّ أمريكا ستخضع بهذه السرعة وفي وقتٍ قياسي.
دخلت أمريكا معركتها مع اليمن معتمدةً إستراتيجية الصدمة، واعتقد ترمب أنّ التهويل المصحوب بالترويع، سيجعل الخوف هو صاحب القرار في اليمن، وأنّ استجلاب أحدث آلات القتل في الترسانة الأمريكية، سيؤدي بالقطع لتراجعٍ يمنيٍ على الأقل، إن لم يكن استسلامًا.
وهذا بحدّ ذاته يدل على قصور معرفي بطبائع اليمن، كما دلّت مجريات العدوان على قصور بل عمى استخباري، حيث من الواضح أنّ جميع المواقع التي استهدفتها الأساطيل الأمريكية، كانت عبر مصادر مفتوحة.
كذلك كانت البيانات العسكرية الصادرة عن الجيش الأمريكي، حافلة بالأكاذيب الصارخة، خصوصًا تلك الكسور العشرية التي حاول البنتاغون من خلالها التعبير عن مدى دقة استخباراته ودقته في احتساب خسائر اليمن، لكنها تحولت لمثار سخرية وتندر.
وكذلك البيانات عن إسقاط الطائرة”F18″ التي انزلقت عن سطح الحاملة في آخر البيانات، وكذلك المصادر الخاصة لقنوات النفط، والتي أبلغتهم بتدمير80% من قدرات”الحوثيين”، فلم تكن بعيدة عن إثارة السخرية والتندر.
وقبيل بدء جولة ترمب في المنطقة، أعلن بشكلٍ مفاجئ عن توقف العدوان على اليمن، حتى”إسرائيل” تفاجأت حدّ الصدمة، حيث إنّها علمت بالاتفاق عبر جهاز “التلفاز”، وهذا سيكون له تبعات على كل المشاريع التي كان يهجر بها نتن ياهو وجناحاه سموتريتش وبن غفير في حكومة المنفصلين عن الواقع.
حيث إنّ الخطوة الأمريكية بالعدوان على اليمن كانت خطوة متهورة جدًا، فقد كان إخراج وقف العدوان أكثر تهورًا، خصوصًا لجهة تأثيراته المعنوية والإستراتيجية السلبية في الكيان، والإيجابية في حرب غزة ومحور المقاومة عمومًا.
فالولايات المتحدة كقوةٍ عظمى تتربع على عرش عالم القطب الأوحد، بدأت العدوان على اليمن عبر درة تاجها في أحدث الأسلحة، واعتبرت ذلك رسالة للأعداء في حالة حافزية قصوى كإيران والصين وروسيا، ولكن تبدى العجز الأمريكي عن إعادة الملاحة نحو الكيان، فضلًا عن إخضاع اليمن وأنصار الله، فأصبحت الرسالة عكسية، بأنّ هذا العجز العسكري أمام اليمن، كيف سيكون أمام إيران أو الصين مثلًا.
فآثرت الولايات المتحدة الخروج بماء الوجه، مع استخدام الصلف الترامبي الفارغ والشهير، عبر الإعلان عن “استسلام الحوثيين”، رغم أنّ بنود الاتفاق هي خضوع أمريكي شامل لليمن، فهو وقفٌ للنار بين اليمن وأمريكا بعيدًا عن سياسة اليمن القاضية بإغلاق الملاحة البحرية أمام الكيان، واستهداف الكيان ذاته، فقط هو وقف العدوان الأمريكي، مقابل وقف استهداف البحرية الأمريكية والسفن الأمريكية.
من هنا نستطيع الاعتقاد بأرجحية توقف العدوان على غزة، قبل أو خلال زيارة ترمب للمنطقة، لأنّ خروج أمريكا من معادلة المواجهة اليمنية مع الكيان، سيجعل الكيان في حالة ضعف شديد، خصوصًا إذا استمر وترسخ الحصار الجوي بموازاة الحصار البحري، إلّا في حالة كان وقف العدوان هذا، مجرد مقدمة وغطاء للعدوان على إيران.
موقع العهد