جرائم أمريكا في اليمن . انتقادات لا تصل لمسامع واشنطن

 

انتقادات جديدة تطال الولايات المتحدة الأمريكية على أثر دعمها للتحالف السعودي الذي يشن عدوانًا داميًا على اليمن منذ ما يقرب من سنتين، وعلى الرغم من أن هذه الانتقادات طالما كررها العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية وبعض الدول العربية والغربية والأوروبية، حتى إن هذه الحرب لعبت دورًا كبيرًا في تشويه صورة الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما، إلا أن واشنطن وكعادتها لا تتوقف عن النفخ في نار الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط، لتعود بعد ذلك، وتتباكى على المدنيين وحقوق الإنسان.

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش قوات التحالف العربي، بقيادة السعودية، باستخدام قنابل أمريكية الصنع في ضربات جوية غير قانونية في اليمن، أوقعت عشرات القتلى بين المدنيين، وقالت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أمس الخميس، إن التحالف في اليمن بقيادة السعودية أوقع عشرات القتلى من المدنيين في ثلاث غارات تبدو غير قانونية في سبتمبر وأكتوبر 2016، واستخدم أسلحة زودته بها الولايات المتحدة في اثنتين من الهجمات، بما في ذلك قنبلة سلمت للسعودية بعد أشهر من بدء النزاع، ما يضع الولايات المتحدة في خطر التواطؤ في هجمات غير قانونية.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن الهجمات تؤكد الحاجة الملحة إلى تعليق الحكومات الأجنبية كافة مبيعات الأسلحة للسعودية، وأن يبعث مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان محققين إضافيين إلى اليمن؛ لإجراء تحقيقات ذات مصداقية في الانتهاكات المفترضة التي يرتكبها التحالف والحوثيون وحلفاؤهم، وكل أطراف النزاع الآخرين.

وأضافت المنظمة الحقوقية أنه منذ بداية الحملة العسكرية بقيادة السعودية في مارس 2015، ومن خلال تحقيقات، تم العثور على بقايا أسلحة أمريكية في مواقع 23 ضربة جوية يفترض أنها غير قانونية، بما فيها أكثر من 12 هجومًا باستخدام ذخائر عنقودية أمريكية الصنع، وتابعت “هيومن رايتس ووتش” أن توفير الولايات المتحدة الأسلحة للسعودية باستمرار قد يجعلها شريكة في بعض انتهاكات التحالف في اليمن، فضلًا عن تقديم واشنطن معلومات استهداف وتزويد الطائرات بالوقود خلال الغارات الجوية، كما أكدت المنظمة أن بريطانيا تبيع الأسلحة للسعودية، رغم ضغوطات البرلمان البريطاني المتصاعدة بشأن وجود أدلة على استخدام أسلحة بريطانية في العدوان السعودي على اليمن، وثقتها المنظمة في هجمات غير قانونية.

في ذات السياق ذكر مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان أن 4125 مدنيًّا على الأقل قتلوا، بينما أصيب 7207 آخرون في اليمن ما بين مارس 2015 وأكتوبر 2016، إذ شهد اليمن أخطر هجومين بغارات جوية أحدهما وقع في مارس 2015 استهدف سوق مستباء خلف 97 قتيلًا مدنيًّا، وهجوم آخر عنيف وقع في 8 أكتوبر 2016 استهدف قاعة جنازة بصنعاء، خلف 100 قتيل وأكثر من 500 جريح.

هذه الانتقادات لم تكن جديدة على مسامع الإدارة الأمريكية، فلا يكاد يمر شهر دون خروج تقارير تدين تواطؤ واشنطن مع التحالف الذي تقوده السعودية لشن عدوان على اليمن، الأمر الذي يؤكد أن أمريكا أصبحت لاعبًا أساسيًّا في الحرب على اليمن، من خلال المساعدات العسكرية والمالية والاستخباراتية الأمريكية للسعودية منذ بداية العدوان في مارس 2015.

في ذات الشان كشف موقع ويكيليكس، في 25 نوفمبر الماضي، أن الولايات المتحدة سلمت اليمن السلاح على مدى سنوات قبل اندلاع النزاع بين جماعة أنصار الله وقوات الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، وتضمنت المنشورات 500 وثيقة من مراسلات السفارة الأمريكية في صنعاء، تثبت أن الولايات المتحدة قامت بتسليح وتدريب وتمويل القوات المسلحة اليمنية في السنوات الماضية عندما جرى التحضير للحرب الحالية، وتضمنت قائمة الأسلحة الطائرات والسفن ووسائط النقل، وقامت الولايات المتحدة بتزويد اليمن كذلك بأجهزة بيومترية لتحديد الهوية.

اللافت والمثير للدهشة والاستفزاز بهذا الشأن أيضًا أن هذه التقارير الحقوقية التي تحمل انتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية لتواطُئها مع المملكة السعودية في حرب اليمن لابد وأن يتبعها أنباء بشان تزويد السعودية وبعض دول الخليج بأسلحة نوعية، وكأن واشنطن تتعمد إظهار تعنتها في مواجهة هذه التقارير الحقوقية والإنسانية، أو تُصر على توريط نفسها أكثر فأكثر في المستنقع اليمني الذي لم تعد تستطيع الخروج منه، أو أن هذه التقارير لم تصل إلى مسامع الإدارة الأمريكية.

بالتزامن مع خروج تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، وافقت الولايات المتحدة على سلسلة صفقات تفوق قيمتها سبعة مليارات دولار لتوريد مروحيات عسكرية وطائرات وصواريخ لأربع من الدول العربية، هي السعودية والإمارات وقطر والمغرب، ووفقًا للصفقة فإن الرياض ستحصل على 48 مروحية شحن من طراز “شينوك سي إتش-47 إف” مع محركات احتياطية وأسلحة رشاشة بقيمة 3.51 مليار دولار، وستكون شركتا “بوينغ” و”هانيويل إيروسبايس” المتعهدتين الرئيسيتين، وسيعمل ما يصل إلى 60 أمريكيًّا من موظفي القطاعين الحكومي والخاص في السعودية لصيانة الطائرات.

فيما ستنفق الإمارات 3.5 مليار دولار لشراء 27 مروحية هجومية من طراز “أباتشي آي إتش-64 إي”، بالإضافة إلى معدات دعم مصنعة من قبل “بوينغ” و”لوكهيد مارتن”. أما قطر فطلبت ثماني طائرات شحن عسكريين من طراز “سي-17” إلى جانب محركات احتياطية، في عقدين تبلغ قيمتهما 781 مليون دولار.

قد يعجبك ايضا